لماذا يكذب الناس؟وما الدافع وراء كذب الإنسان، سواء كان هذا الكذب بسبب أو من غير سبب. الجميع يدركون أن الكذب شيء خاطيء من الناحيتين الأخلاقية والدينية ومع ذلك يكذبون. ما دفع العديد من الباحثين لتخصيص الكثير من الوقت في محاولة لحل لغز الكذب. للإسف الشديد أصبح الكذب خطأ شائعا، وغريزة طبيعية بالنسبة للبشر، على الرغم من أن عواقبه عادة ما تكون وخيمة. وقد نكتشف أن البعض يمارسون الكذب بسهولة شديدة، وكأنه عادة طبيعية مثل التنفس أو شرب الماء. فماهو الكذب؟ ولماذا يكذب الناس؟ وهل هناك علاج للكذب؟
الكذب ظاهرة إنسانية قديمة قدم التاريخ، وهو سلوك شائع يلاحظه الجميع في مختلف المجتمعات. يطرح هذا السؤال العميق: لماذا يكذب الناس؟، ويمثل مفتاحًا لفهم الكثير من السلوكيات الإنسانية الأخرى. فالكذب ليس مجرد خلل أخلاقي أو تصرف مشين بل يمكن أن يكون نتيجة أسباب نفسية، واجتماعية، وثقافية. يتناول هذا المقال الإجابة عن هذا السؤال من خلال تحليل الأسباب والدوافع المختلفة وراء الكذب، وكيف تؤثر هذه الدوافع على الإنسان والمجتمع ككل.
ماهو تعريف الكذب؟
يعرّف الكذب بأنّه القول المخالف لحقيقة الأمر والواقع، فعندما يقال كذب فلان على فلان فهذا يعني أنّه تكلّم معه بحديثٍ لا يمتّ للواقع بصلة. فالكذب يكون إما بتزييف الحقائق جزئيا أو كليا أو اختلاق روايات وأحداث جديدة، بنية وقصد الخداع أو حتى للمزاح لتحقيق هدف معين وقد يكون ماديا ونفسيا واجتماعيا وهو عكس الصدق، والكذب فعل محرم في أغلب الأديان. وقد يكون الكذب بسيطا ولكن إذا تطور ولازم الفرد فعند ذاك يكون الفرد مصاب بالكذب المرضي. وقد يقترن بعدد من الجرائم مثل الغش والنصب والسرقة.
وقد يقترن ببعض المهن أو الأدوار مثل الدبلوماسية أو الحرب النفسية الإعلامية. وعموما فإن الكذب خصلة سيئة جدا، لأن من خلالها يقدم الشخص نفسه لك على أنه إنسان آخر، بالتالي لا تجد أمامك إنسانا حقيقيا، في أفعاله وتصرفاته ولا أقواله، بل إنسانا “مزيفا”، مثلما يكذب عليك فإنه يكذب على غيرك.
أسباب الكذب .. أو لماذا يكذب الناس؟
من الأسباب الرئيسية التي تجعل الناس يلجأون إلى الكذب هي العوامل النفسية. بعض الأفراد يكذبون لحماية أنفسهم من المواقف المحرجة أو المؤلمة، بينما يلجأ آخرون إلى الكذب كآلية دفاعية لتجنب النقد أو الحكم السلبي. بالإضافة إلى ذلك، يلجأ البعض إلى الكذب للشعور بالتفوق أو تعزيز مكانتهم الاجتماعية. وقد أشارت الدراسات النفسية إلى أن الدوافع النفسية التي تدفع الإنسان إلى الكذب متنوعة، وتشمل الحاجة إلى الأمان، والتقدير، والاحترام.
وتلعب البيئة الاجتماعية والثقافة دورًا كبيرًا في تشكيل السلوكيات، بما فيها الكذب. فبعض الثقافات تُبرر الكذب الأبيض أو “الكذب اللطيف” كوسيلة لتجنب إيذاء مشاعر الآخرين أو للحفاظ على العلاقات الاجتماعية. كذلك، قد يتعرض الأفراد في بعض المجتمعات للضغط الاجتماعي الذي يجبرهم على الكذب ليظهروا بمظهر معين، أو لينسجموا مع معايير المجتمع.
الكذب في الإسلام
بداية يجب أن نقول أن الكذب فعل محرم في أغلب الأديان، والثقافات الاجتماعية والمعتقدات الدينية. وبالنسبة للإسلام فإن الإسلام يحرم الكذب. يقول الله تعالى: ﴿إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب﴾ [ سورة غافر: 28] ويقول في سورة الحج:30 (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)، وقال تعالى ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ﴾ [الزمر: 32].
وكان الكذب هو أبغض الأخلاق إلى رسول الله ﷺ، فعن عائشة بنت أبي بكر “ما كان خلق أبغض إلى النبي محمد من الكذب ولقد كان الرجل يحدث عند النبي بالكذبة فما يزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة. والكذب هو من خصال المنافق كما يقول النبي محمد ﷺ “أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهم كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر. وقال الرسول ﷺ : ” إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار.
أيضا روى مالك في موطئه من حديث صفوان بن سليم: أنه قيل للرسول عليه الصلاة والسلام: “أيكون المؤمن جبانًا؟ قال: نعم. فقيل له: أيكون بخيلاً؟ فقال: نعم. فقيل له: أيكون المؤمن كذَّابًا؟ فقال: لا”. ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم : “عليكم بالصِّدق، فإنَّ الصِّدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّة، وما يزال الرَّجل يصدق، ويتحرَّى الصِّدق حتى يُكْتَب عند الله صدِّيقًا. وإيَّاكم والكذب، فإنَّ الكذب يهدي إلى الفُجُور، وإنَّ الفُجُور يهدي إلى النَّار، وما يزال الرَّجل يكذب، ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا ” صدق رسول الله الكريم .
وورد لفظ الكذب ومشتقاتها في القرآن الكريم في مواضع متعددة وبصيغ متعددة، حيث وردت بعدد (251) موضعا، على (6) أوجه هي النفاق والقذف والرد والجحود التكذيب والافتراء.
أعظم أنواع الكذب
يعتبر أعظم أنواع الكذب في الإسلام هو الكذب على الله وعلى رسوله، ويكون الكذب على الله بتحليل حرام وتحريم حلال، يقول تعالى: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر-60]، ويقول عليه الصلاة السلام :”ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار”. يبيح الإسلام الكذب في ثلاث حالات فقط، ولا يعتبرها الإسلام كذبا، وهي:
- الكذب للإصلاح بين المتخاصمين.
- خداع الأعداء في المعركة.
- الكذب لإرضاء الزوجة.
وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: “ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيرا وينمي خيرا”، وقالت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها: “لم أسمع النبي ﷺ يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس، والحرب، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها“.
ففي الحرب لا مانع من الكذب الذي ينفع المسلمين، ولا يكون فيه خداع، ولا يكون فيه غدر للكفار، لكن يكون فيه مصلحة للمسلمين، كأن يقول أحدهم في للجيش: نحن راحلون غدًا إن شاء الله إلى كذا وكذا، أو يقول: نحن سنتوجه إلى الجهة الفلانية، ليعمي الخبر على العدو حتى يفجأهم على غرة إذا كانوا قد بلغوا وأنذروا ودعوا قبل ذلك فلم يستجيبوا وعاندوا، قد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها.
فالمقصود: أن الكذب الذي ليس فيه غدر ولا خداع ولكن فيه مصلحة للمسلمين لا بأس به في الحرب .
وهكذا في الإصلاح بين الناس، بين قريتين أو جماعتين أو قبيلتين أو شخصين يصلح بينهم بكذب لا يضر أحدًا من الناس ولكن ينفع هؤلاء، كأن يأتي إحدى القبيلتين فيقول: إن إخوانكم يعني: القبيلة الأخرى يدعون لكم ويثنون عليكم ويرغبون في الإصلاح معكم، ثم يذهب للأخرى فيقول مثل ذلك، ولو ما سمع منهم هذا، حتى يجمع بينهما، وحتى يصلح بينهما، وحتى يزيل الشحناء التي بينهما، وهكذا بين جماعتين أو أسرتين أو شخصين يكذب كذبًا لا يضر أحدًا من الناس، ولكنه ينفع هؤلاء، ويسبب زوال الشحناء، هذا هو الإصلاح بين الناس .
وأما الكذب بين الزوجين فالرجل مع زوجته فالأمر فيه واسع، إذا كان الكذب لا يضر أحدا غيرهما إنما فيما بينهما فلا بأس بذلك، أن تقول: أنا سوف أفعل كذا، وسوف لا أعصيك أبدًا، وسوف أشتري هذا الشيء، وسوف أعمل في البيت هذا الشيء، وهو يقول كذلك فيما سيتعلق بهما لإرضائها: سوف أشتري لك كذا وكذا، سوف أفعل كذا وكذا، يتقرب إليها بأشياء ترضيها وتنفعها وتجمع بينهما وهي كذلك في أشياء تتعلق بهما خاصة ليس في ذلك كذب على أحد من الناس، نعم.
هل الكذب مهارة؟
يدرس روبرت فيلدمان، أستاذ علم النفس في جامعة ماساتشوستس أمهيرست، ما يسميه “الخداع اللفظي”، ويحاول الإجابة على سؤال لماذا يكذب الناس؟ ويقول إن أكبر سبب لعدم نزاهة الناس هو اعتقادهم أن “الكذب تكتيك اجتماعي فعال للغاية“. ويضيف قائلا: “لا يتوقع الناس أن يكذب عليهم الآخرون، ويظنون عادة أنهم يسمعون منهم الحقيقة، مما يمنح الفرصة للأشخاص الذين يكذبون أن ينجحوا في كذبهم”. وللكذب دوافع عديدة، منها: الرغبة في الحصول على متعة ما، والخوف من فقدان بعض المكتسبات، ورغبة الإنسان في الوصول إلى القمة والتفوق على منافسيه، كما يمكن أن يتسبب عدم قبول المجتمع للفرد في اعتياده الكذب، كما يوضح مرسي.
7 أسباب لمعرفة لماذا يكذب الناس؟
لمعرفة لماذا يكذب الناس؟ والكشف عن الأسباب أو الدوافع التي تقف وراء فعل الكذب، يتحدث فيلدمان عن سبعة أسباب وراء تلاعب الناس بالحقيقة، وانتقالهم من قول الأكاذيب البيضاء إلى أكبر الكذبات والكذب بشكل قهري:
1-الكذب لإرضاء الناس: يقول فيلدمان إن الإطراء هو أحد أكثر أشكال الخداع شيوعا، وهو أمر لا يبدو مفاجئا، وعادة ما يشكك الناس في الإطراء لأنهم يعرفون أنه ليس صادقا دائما.فقد يمنحك شخص ما إطراء كاذب لمصادقتك، وتجنب الإحراج، وإقناعك بأن تقدم له خدمة، ويجعلك تثق فيه.
2-الكذب لتجنب الإحراج: ليس هناك مشكلة في إخبار أصدقائي المقربين أنك تفضل البقاء في المنزل في ملابس النوم بدلاً من الخروج إلى حانة في ليلة الجمعة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الذين لست مرتاحا معهم، ولتجنب الإحراج قد تضطر للكذب وإخبارهم على سبيل المثال بأنك مشغول، ويقول فيلدمان إن الكذب لتجنب الإحراج يعود إلى الرغبة في أن يحبه الآخرون وعدم تخييب أمل أي شخص. 3
3-الكذب للتأثير على الآخرين: يقول فيلدمان: “الناس يكذبون لجعل الآخرين يفعلون ما يريدون منهم أن يفعلوه”، فقد يكذب البائع لبيع بضاعته، وهو تكتيك فعال غالبا.
4-الكذب لتجنب نتيجة سلبية: يقول فيلدمان عادة ما يكذب الأطفال خوفا من العقاب، ولكننا مع تقدمنا في العمر، نتعلم كيف نكذب بشكل أفضل”، مما يعني أن الناس يستمرون في الكذب لحماية أنفسهم، أولحماية الآخرين. وقد لاحظ الباحثون أن الأطفال المتخوفين من العقاب هم الأكثر كذبا، كما كان المحفز لقول الحقيقة عند الأصغر سنًّا هو الحصول على رضا الكبار، أما عند الأطفال الأكبر فالهدف من وراء قول الحقيقة هو “فعل الصواب”.
5- الكذب لتحقيق نتيجة إيجابية: يقول فيلدمان قد يكذب الناس للحصول على النتيجة التي يريدونها لأنفسهم أو للآخرين، فالكذب في الخبرة في السيرة الذاتية أو في مقابلة العمل هي الطريقة الكلاسيكية التي يكذب بها الناس للحصول على ما يريدون. وينطبق الشيء نفسه على الشخص الذي يحاول مساعدة صديقه في التوظيف في شركته، فقد يبالغ في تجربة صديقه ونجاحه وشخصيته لمدير التوظيف، لزيادة فرصته في الحصول على المنصب. 6
6-الكذب لجعل لإثارة للإعجاب: يقول فيلدمان: “يريد الناس أن يعجبوا الآخرون، وأن يعجبوا بهم، وفي بعض الحالات، قد يرغب الشخص في تخويف الآخرين”. المدير، على سبيل المثال، قد يبالغ في نجاحاته السابقة لمنع الزملاء من تحدي قراراته.
7-الكذب للحفاظ على كذبة سابقة: يقول فيلدمان إن الكذبة تبدأ ككرة صغيرة من الثلج تكبر مع تدحرجها أكثر وأكثر، فإذا كذبت بشأن شيء صغير في البداية، عليك أحيانا أن تكذب بطرق أكبر وأكبر حتى لا يفتضح أمر كذبتك الأولى”. هذا شيء نراه في البرامج التلفزيونية والأفلام والكتب وحتى في الحياة الواقعية، ولأن الكذب حبله قصير كما يقال، فإن الصدق هو أفضل سياسة.
من يكذب ومتى؟
السمة العامة لأكثر الناس هو الصدق والصراحة في حديثهم. نحن نُفضل سماع الحقيقة من الآخرين، ونحاول كذلك تقديم الحقيقة لهم عموما. حيث يُعد التواصل الصادق أساسًا للحوارات والعلاقات الاجتماعية. ودون الصدق يكون التواصل بلا معنى، وتكون الحوارات الاجتماعية عديمة الفائدة. ولكن رغم ميلنا إلى الصدق، يكذب أكثرنا أحيانا. معظمنا يكذب، لكن البعض يكذب أكثر من اللازم! عندما تسأل الناس: “من يكذب؟”، فإن الإجابة ستكون غالبًا: “الجميع”.
قد لا يكون ذلك صحيحا أو مبالغا فيه، لكنه قريب جدا من الواقع. لا يكذب بعض الناس على الإطلاق، مثل الأطفال الصغار جدا. حتى عمر عامين يكون الأطفال صادقين بدرجة استثنائية، ومع تقدمهم في العمر يبدأ المجتمع بصقل مهاراتهم الخداعية، ويتعلمون الكذب. يتعلم الأطفال الخداع بحذر أكبر، ويتخذون عادة نمطا من استخدام الخداع في أوقات متفرقة، ويستبْقون الكذب للمواقف المهمة استراتيجيا.
تبلغ حدة الكذب ذروتها في سن المراهقة، ثم تنخفض مع بلوغ سن الرشد، ووصولا إلى الشيخوخة. لذلك يكذب المراهقون كثيرا مقارنة بالفئات العمرية الأخرى. لكن بعيدا عن الفئات العمرية، يميل بعض الناس إلى الكذب أكثر من سواهم. وعلى الرغم من ذلك، تشير بعض الدراسات أن 85% من الناس صادقون تماما. فقد أبلغت مجموعة فرعية صغيرة (نحو 1%) عن أكثر من 20 كذبة في اليوم الواحد! وتكررت هذه النتيجة في دراسة أخرى. الظاهر أن مجموعة صغيرة نسبيا من الناس في مجتمعنا هي المسؤولة عن أكثر الكذب وخيانة الأمانة.
إذن من هم كثيرو الكذب هؤلاء؟ وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الميكيافيلية (من يتلاعبون بالآخرين وغير عاطفيين ولا يبالون بالأخلاق) يميلون إلى قول أكاذيب أكثر بكثير من سواهم.
كيف نعالج داء الكذب؟
لماذا يكذب الناس؟ يمكن ان يكون هناك العديد من الاسباب الكامنة وراء الكذب، ولذلك من اجل وقف الكذب نحتاج إلى علاج السبب الجذري الذي يدفعنا لعدم قول الحقيقة او الكذب. وفيما يلي بعض تلك الاساليب. واحدة من الاسباب الشائعة للكذب هو عدم الثقة بالنفس، ولذلك يمكن بناء الثقة بالنفس عن طريق التحفيز الذاتي لتقديم صورة جيدة للمجتمع. الكذب القهري يجب التعامل معه بحساسية شديدة، حيث يجب ان يتقبل الشخص الذي يعاني من هذا الإضطراب انه اولا على خطأ، ثم يقوم بتصحيح ذلك، كما ان جلسات التنويم المغناطيسي، والإرشاد الذاتي فعالة لوقف الكذب القهري .
شرح عواقب الكذب للشخص، وسيلة فعالة، واكثر قابلية للتطبيق في حالة المراهقين والأطفال. وأخيرا وليس آخرا..هي جعل الشخص يفهم ان الإعتراف بالخطأ والإعتذار هو افضل وسيلة فعالة لبناء الثقة بالنفس وإحترام الذات وليس الكذب. عادة ما ينصب الاهتمام والتفكير في مسار علاج موضوع الكذب حول مسألة تربية الأطفال، وكذلك تعديل السلوك بالنسبة للصغار أو المراهقين، متغاضين عن السلوكيات الخاطئة لدى الكبار، والتي أحيانا تصبح سلوكيات ثابتة أو صفات ملاصقة للشخص.
ويرى اختصاصيون في علم النفس أن العلاقات الاجتماعية المبنية على كذب تعد هشة، والتعامل يكون صعبا يوما عن آخر، والأساس بأن يتم بالفعل المصارحة بين الأفراد والشخص الكاذب، مهما كانت صلة القرابة، وشرح أهمية الثقة لبناء علاقة صادقة بين أفراد الأسرة. ويلفت إلى أن هناك طرقا لعلاج الكذب الفسيولوجي، الذي يعد “الكذب المرضي”، والذي أصبح عادة حتى لو لم يتطلب الأمر “الكذب”، إذ ينصح بأهمية البدء في العلاج النفسي، لكن المشكلة أنه في أغلب الأحيان لا يتم الاعتراف بوجود مشكلة حقيقية، بحيث قد تصل بهم الحالة لعدم القدرة على التفريق بين الحقيقة والكذب في أقوالهم.
ويتم العلاج لهذه الحالات عن طريق العلاج السلوكي المعرفي، ومن خلال التواصل المباشر مع الشخص المريض، إذ يتمكن الأخصائي من معرفة السبب الرئيسي وراء الكذب، والعمل على إصلاح السلوك، ومعرفة السبب الذي يجعل هؤلاء البالغين مضطرين للكذب بصورة دائمة، ومعرفة المفاهيم الإدراكية الخاطئة عن الكذب، والآثار السلوكية، والعاطفية للكذب، والاضطرابات النفسية، أو الشخصية، أو الصحة العقلية التي تؤدي بهم لذلك.
علامات تظهر على الكاذب
لمعرفة لماذا يكذب الناس؟ هناك بعض العلامات التي قد تظهر على الكاذب، فينكشف أمره أو يشك فيه من حوله، وهي:
زيغ البصر: يتعمد الكاذب دائماً إزاغة بصره أثناء الحديث. استخدام كلمات قليلة: يستخدم الكاذب أقل عدد ممكن من الكلمات وهو في الحقيقة يفكر فيما يقول من أكاذيب وهناك أيضاً كاذبون ينهجون العكس ليربكوا المستمع ويثبتوا أنهم صادقون.
التكلف العصبي: يميل الكاذب إلى تكلف منظر الجاد لاسيما في وجهه، إلا أنه يكشف نفسه ببعض الحركات اللاإرادية كمسح النظارة ولمس الوجه…إلخ.
التكرار: الكاذب يميل عادةً إلى استخدام نفس الكلمات مرات متتالية وكذلك نفس المبررات.
التعميم: يحاول الكاذب تجنب مسؤلية أفعاله، باستخدام أسلوب التعميم.
تجنب الإشارة إلى الذات: يتجنب الكذاب عادةً استخدام كلمة (انا) ويقول بدلاً منها (نحن، الناس، معظم).
إطلاق كلمات الاستخفاف بالأخرين: يميل الكذاب إلى أن ينسب للآخرين تصرفات وأقوال رديئة خصوصاً رذيلة الكذب التي هو مصــاب بها كما أنه سريع النسيان وقد يفضح نفسه بنفسه من كثرة مواقف الكذب التي عاشها وتناقضها أحياناً.
تغيير وضع الرأس بسرعة. تغير وتيرة انتظام التنفس الوقوف بثبات مبالغ فيه دون أي حركة حيث أنه من المعروف أن الأشخاص العاديين يتململون كثيرًا من وضعية وقوفهم أو جلوسهم عند الشعور بالتوتر تكرار الجمل والكلمات، حيث أنه يحاول أن يقنعك بأنه صادق في كلماته وإدخال الكذبة لعقلك بشكل مريح لتقتنع بها بشكل تام.
يقوم بالتحدث عن الكثير من المعلومات يقوم بلمس أو تغطية فمه تتشابك القدمين: هذه حركة يحدثها الجسم بشكل لا ارادي عند الكاذب حيث أن الجسم يشعر بالتوتر وعدم الارتياح ويعطيك إحساس بأنها أو أنه يريد التخلص من هذا الموقف بسرعة يحدق إليه دون أن ترمش عيناه الحديث في تفاصيل في غير موضعها. بأن يتم سرد تفاصيل كثيرة كمقدمة لحكاية ما، ثم عندما يصل إلى لب الحكاية تجده يبخل في التفاصيل، ويحاول إغلاق الموضوع بشكل سريع.
تسطيح الأمر وترك الثغرات. أي ترك الجوهر الموضوع والكلام عما ليس مهمًّا؛ وذلك للحصول على ثغرة للتهرُّب وقت الضرورة، وذلك باستخدام عبارات نمطية متعددة. إذا وقع الانسان في موقف يتطلب منه ردا سريعا وههو يعلم انه مخطئ فيضطر الي الكذب وذلك لتحسين صورته امام شخص ما.
10 مقولات شهيرة عن الكذب
- أحد هذه المقولات ما تم نقله عن قائل مجهول، يقول فيها: “المنافق كاذب، لأن لسانه ينطق بغير ما في قلبه، والمتكبر كاذب لأنه يدعي لنفسه منزلة غير منزلته، والفاسق كاذب لأنه كذب في دعوى الإيمان ونقض ما عاهد الله عليه، والنمام كاذب لأنه لم يتق الله في فتنته فيتحرى الصدق في نميمته، والمتملق كاذب لأن ظاهره ينفعك وباطنه يلدغك”.
- أما الرئيس الأمريكي إبراهام لنكولن فله جملته الشهيرة التي تقول: “تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، لكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت”.
- يقول الأديب البريطاني الساخر جورج برنارد شو: “ليست عقوبة الكذب أنّ الناس لا يصدقونه بل أنهُ هو لا يستطيع أن يصدق الناس”.
- يقول نيتشه عن أحد الكاذبين: ” لست منزعجاً لأنك كذبت علي، لكنني منزعج لأنني لن أصدقك بعد هذه المرة”.
- “أخبر صديقك كذبة فإن حفظها سراً فأخبره الحقيقة”.(مثل شعبي)
- “الحقيقة العارية أفضل دوماً من أجمل كذبة لباساً”. (آن لاندرس)
- “اكذب كذبة كبيرة ثم حاول تبسيطها وكررها، في النهاية ستصدقها”. أدولف هتلر
- حول القدرة على خداع الشعوب بالكذب كذبة واحدة تدمر سمعة شخص بالكامل” (بالتسار غراسيان)
- الكذب يكون بالكلمات وكذلك بالصمت” (أدرين ريتش)
- حول اساليب الكذب – “البشر لا يصدقون الكذب لأنهم مجبرون على ذلك، لكن لأنهم يريدون ذلك”. (مالكولم ماغيريدج).
خلاصة
إذن، لماذا يكذب الناس؟ يتبين أن هناك عدة عوامل معقدة ومتداخلة تدفع الإنسان إلى الكذب، بدءًا من الأسباب النفسية والاجتماعية وصولاً إلى تحقيق المنافع الشخصية. ورغم أن بعض الأكاذيب قد تكون عابرة، إلا أن استمرار الكذب وتكراره قد يترك آثارًا سلبية على الفرد والمجتمع. يعتبر فهم دوافع الكذب خطوة نحو تعزيز الصدق والشفافية في المجتمع، وتحقيق توازن صحي في العلاقات الإنسانية.