بالتعاون مع اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، وضمن فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي، وبمشاركة نخبة من المتحدثين الأكاديميين من جامعات عربية وإسلامية، نظمت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر  الملتقى الدولي: “مقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات..تحديات الواقع وآفاق التطوير”.

كان الملتقى فرصة للتأكيد على أهميــة الثقافــة الإسلامية بالجامعات في المساهمة ببناء الهوية الإنسانية، وتعزيز الشخصية الإسلامية المتوازنة، خاصة وأن المشاركين فيه نخبة من رموز الفكر والثقافة والمهتمين بمسألة تدريس المقرر وتطويره

وفي هذا الإطار، أكد الأكاديميون والمختصون المشاركون في الملتقى من كلية أن الملتقى يهدف إلى جعل الثقافة الإسلامية مستمرة وفعالة حول العالم رغم كافة التحديات، كما أكدوا على ضرورة الاهتمام بهذه المسألة في بناء الهوية الإنسانية، وتعزيز الشــخصية الإسلامية المتوازنــة.

تشخيص واقع تدريس الثقافة الإسلامية

ركز الملتقى، الذي عقد عبر تقنية الاتصال المرئي، على تشخيص واقع تدريس الثقافة الإسلامية في الجامعات الإسلامية، ومناقشة التحديات التي تواجه مقررات الثقافة وطرائق تدريسها، فيما تم تخصيص جلسة لتجارب علمية للعاملين في مجال تدريس هذه المقررات.

شارك في الملتقى نخبة من خبراء تدريس الثقافة الإسلامية في العالم الإسلامي، منهم الدكتور عدنان محمد زرزور ، والدكتور عبد المجيد النجار، إلى جانب مختصين من عدد من الجامعات العربية والإسلامية.

الدرهم: حريصون على تطوير المقررات

وقال الدكتور حسن بن راشد الدرهم رئيس جامعة قطر إن الملتقى يبرز حرص كلية الشريعة على مواكبة مسألة تطوير المقررات واستراتيجيات التعلم الجديد وهو اهتمام نابع من اهتمامات الجامعة التي تبادر إلى طرح مبادرات التميز. وقال الدرهم أن مقرر الثقافة الإسلامية على قدر كبير من الأهمية للطلاب والدارسين، بالنظر إلى المضامين التي تحمل الكثير من الأمور المهمة حول الدين الإسلامي وشموليته ومبادئه السامية والتحديات التي تواجه الأمة وأهم الوسائل الممكنة لمواجهتها.

الأنصاري: تحدي الثقافة الإسلامية مهمة الجميع

من جهته، قال الدكتور إبراهيم الأنصاري عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، في كلمة له خلال جلسة الافتتاح، إن تنظيم هذا الملتقى يؤكد سعي الكلية لتبادل الخبرات مع شركاء المصلحة في أنحاء العالم.. مشيرا إلى أن تحدي الثقافة الإسلامية اليوم هو التحدي الذي يجب أن يخوضه الجميع لضمان بقاء الثقافة الإسلامية مؤثرة وفعالة ضمن منافسة الثقافات المختلفة، ولكي نستطيع أن نوصل رسالة هذه الأمة إلى العالم وهذا التحدي لابد أن نفوز به.

المصلح:مقرر للثقافة الإسلامية يستجيب لتحديات العصر

ومن جانبه، قال الدكتور محمد المصلح، العميد المساعد للشؤون الأكاديمية بكلية الشريعة، إن الملتقى يسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف، تتمثل في جمع المهتمين والقائمين على مقرر الثقافة الإسلامية للبحث والتشاور في آفاق تطوير هذا المقرر بما يستجيب لتحديات العصر، وتبادل الخبرات العلمية بشأنه بين جامعة قطر والجامعات الأخرى، وتحفيز الجهود المؤسسية والفردية في جهود التطوير.

كما أشار إلى الجهود التي تمت بجامعة قطر في مجال تطوير مقرر الثقافة الإسلامية مضمونا ومنهجا وتدريسا، وتعزيز الفكر النقدي، لتمكين الطلبة من فهم كليات الإسلام ومرئياته، وبناء قدارتهم المعرفية لمواجهة التحديات الثقافية الراهنة.

برنامج ثري ومحاور على مستوى التحديات

تضمن برنامج الملتقى، عدة جلسات على رأسها الجلسة الافتتاحية التي شملت الاستفتاح بالقرآن الكريم، وكلمة ترحيبية لعميد الكلية الدكتور إبراهيم الأنصاري، ومقطع فيديو تعريفي بالملتقى تضمن كلمة لرئيس الجامعة الدكتور حسن الدرهم، وبعدها محاضرة افتتاحية من الدكتور محمد أبو بكر المصلح بعنوان “مقرر الثقافة الإسلامية: التاريخ – التطوير – الآفاق جامعة قطر نموذجا”.

ودار النقاش في الجلسة الأولى التي أدارها الدكتور عبد القادر بخوش رئيس قسم العقيدة والدعوة في كلية الشريعة بجامعة قطر، حول “واقع مقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات”، تناولت 3 أوراق: الأولى “فكرة الثقافة الإسلامية في الجامعات والواقع المعاصر” للدكتور عدنان زرزور (أستاذ سابق في عدد من الجامعات العربية)، وقدم الورقة نيابة عنه الدكتور محمد عياش الكبيسي ، الثانية بعنوان “الهدف التوعوي لمقرر الثقافة الإسلامية” للدكتور عبد المجيد النجار الأستاذ السابق في عدد من الجامعات العربية، والورقة الثالثة “رؤية المفكر محمد المبارك لمقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات” للدكتورة فتيحة دوار من جامعة الجزائر.

تحديات تطوير مقرر الثقافة الإسلامية

الجلسة الثانية ركزت على محور “تحديات تطوير مقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات”، و قٌدمت فيها 4 أوراق، الأولى حول “مناهج الثقافة الإسلامية في جامعاتنا بين التأطير والتطوير” قدمها الدكتور سالم رحيل من جامعة طرابلس بليبيا، و الثانية بعنوان “أهم التحديات العقدية والفكرية المعاصرة لمقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات”قدمها كل من الدكتور جمال الكيلاني، والدكتور عامر جود الله من جامعة النجاح الوطنية بفلسطين، بينما الورقة الثالثة “تنقية مقررات الثقافة الإسلامية من الأحاديث المتوهم صحتها” فقدمها الدكتور محمد سعيد حوى من جامعة مؤتة بالأردن، والورقة الأخيرة حول “المسلمات المعرفية من التخصصات الطبيعية والإنسانية وأثرها في تطوير مقرر الثقافة الإسلامية” قدمها الدكتور عبد القادر جدي من كلية الشريعة من جامعة قطر، وأدار الجلسة الدكتور عبد الجبار سعيد رئيس قسم الكتاب والسنة في كلية الشريعة بجامعة قطر.

وناقش الجلسة الثالثة محور “تجارب عملية وخبرات في تدريس وتطوير مقرر الثقافة الإسلامية”، من تقديم الدكتور محمد المجالي العميد المساعد للدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة قطر، وعُرضت خلالها 3 أوراق، الورقة الأولى حول “تطوير مقرر الثقافة الإسلامية بجامعة قابوس” باللغة الإنجليزية شارك فيها كل من الدكتور أنكه بوزينته، والدكتور محسن السليمي، والدكتور صالح البوسعيدي، والدكتورة زينب المحمد من جامعة قابوس بسلطنة عمان، والورقة الثانية حول “تجربتي في تدريس النظام الأخلاقي ضمن مقرر الثقافة الإسلامية” قدمتها الأستاذة سارة الصديقي من كلية المجتمع في قطر، والورقة الثالثة حول “مقرر الثقافة الاسلامية: دراسة مقارنة مع مقررات الثقافة اليهودية” للأستاذ الدكتور محمد خليفة حسن من كلية الشريعة في جامعة قطر.

الدوحــة عاصمــة الثقافــة فــي العالــم الإســلامي

يأتي انعقاد ملتقى مقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات في إطار احتفاء دولــة قطــر باســتضافة الحــدث الثقافــي الدولــي “الدوحــة عاصمــة الثقافــة فــي العالــم الإســلامي 2021” حيــث وقــع عليهــا اختيــار منظمــة العالــم الإسلامي للتربيــة والعلــوم والثقافــة (الإيسيســكو) لمــا تتميــز بــه الدوحــة مــن عراقــة التاريخ، ومــا تحتضنــه مــن معالــم إسلامية، ومــا تقدمــه مــن إســهامات حضاريــة، وهــو مــا جعلهــا منــارة إسلامية ثقافيــة.

وتســهم كليــة الشــريعة والدراســات الإسلامية فــي جامعــة قطــر مــع غيرهــا مــن مؤسســات الدولــة فــي رســم فسيفســاء المعالــم الثقافيــة للدوحــة فــي هــذا الحــدث التاريخــي، وإبــراز الصــورة المشــرقة للثقافــة الإسلامية ضمــن فعاليــات متعــددة تنــدرج ضمــن شــعار التظاهــرة “ثقافتنــا نــور”.

ونظــرا لأهميــة الثقافــة الإسلامية بالجامعــات بالإسهام فــي بنــاء الهويــة الإنســانية، وتعزيــز الشــخصية الإسلامية ًالمتوازنــة، وضمــن حراكهــا التطويــري الاســتراتيجي المســتمر بالتعــاون مــع اللجنــة الوطنيــة القطريــة للتربيــة والثقافــة والعلــوم أطلقت كليــة الشــريعة والدراســات الإسلامية هذا الملتقــى بجمــع المهتميــن وأهــل الاختصــاص للتفاكــر والتشــاور فــي واقــع مقــرر الثقافــة الإسلامية وآفــاق تطويــره فــي جامعاتنــا العربيــة والإسلامية مــن خــلال تبــادل الخبــرات، وعــرض تجربــة الكليــة، واســتعراض التجــارب الأخــرى، والوقــوف علــى أبــرز التحديــات وكيفيــات الاســتجابة لهــا.

أهداف سامية من أجل الثقافة الإسلامية

يعــد هــذا الملتقــى حلقــة مــن حلقــات مســيرة تطويــر مقــرر الثقافــة الإسلامية الــذي أوصــت بــه المنظمــات ذات الصلــة، ولا ســيما اتحــاد الجامعــات العربيــة، ورابطــة الجامعــات الإسلامية، ومنظمــة العالــم الإسلامي للتربيــة والعلــوم والثقافــة.

ومن خلال أوراقه والمواضيع التي خاض فيها، سعى الملتقى الذي عُقد عبر تقنية الاتصال المرئي، بسبب الظروف الدولية المتعلقة بتفشي وباء كورونا في العالم، إلى تحقيق العديد من الأهداف نذكر منها مايلي:  

  1. جمــع المهتميــن والقائميــن علــى مقــرر الثقافــة الإسلامية للتفاكــر والتشــاور فــي آفــاق تطويــره بمــا يســتجيب لتحديــات العصــر.
  2. تبادل الخبرات العملية بين جامعة قطر والجامعات الأخرى حول تطوير مقرر الثقافة الإسلامية.
  3. تحفيز الجهود المؤسسية والفردية في تطوير مقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات.

هذا، وقد صُمم برنامج الملتقى بصورة احترافية، حيث جمع أصحاب الأوراق العلمية في صفحات معدودة، بالإضافة إلى توفير الروابط المختصة بالدخول إلى المنصة بشكل مباشر وهو ما يسّر على المشاركين الوصول إلى الملتقى دون عناء.

توصيات الملتقى

بعـد انتهـاء أعمـال جلسـات الملتقـى واجتمـاع لجنـة التوصيـات مـع مديـر الملتقـى، وتباحـث نواتـج الملتقـى فـي ضـوء الأوراق المقدّمـة ومناقشـاتها، توصَّـل المشـاركون فـي الملتقـى إلـى التوصيـات التاليـة:

  1. التوصيـة الأولـى: ضـرورة طـرح مقـرر الثقافـة الإسـلامية فـي الجامعـات ضمـن المتطلبـات العامـة الإلزاميـة لجميـع الطلبـة؛ نظـرًا لأهميـة هـذا المقـرر فـي تعزيـز الهُويـة، والاسـتجابة لأخطـر تحديـات الجيـل، تأكيـدًا للتوصيـات المؤسسـية الدوليـة السـابقة(كالتوصيـات الصـادرة مـن منظمـة الإيسسـكو، واتحـاد جامعـات العالـم الإسـامي، ورابطـة الجامعـات الإسلامية، واتحـاد الجامعـات العربيـة.)
  2. التوصيـة الثانيـة: اسـتحضار السـياق التاريخـي للمقـرر، فـي تحديـد طبيعتـه وخصوصيتـه، باعتبـاره مقـررًا جـاء اسـتجابة لتحديـات الجيـل، وكذلـك اسـتحضار طبيعـة المقـرر، وكونِـه متطلبًـا عامًـا، وليـس مـادة شـرعية تخصصيـة، وهـذا يتطلـب طـرح موضوعاتـه بمنظـور ثقافـي كلـي، لا بمنظـور العلـوم التخصصيـة الدقيقـة.
  3. التوصيـة الثالثـة: اعتمـاد منهجيـة تشـخيص التحديـات المسـتجدة، التـي ينبغـي أن يسـتجيب لهـا المقـرر، مدخـاً للتطويـر المسـتمر لـه.
  4. التوصية الرابعة: الوعي بتفاقم المشـاريع المناوئة للأمة، ولهُويتها الحضارية، وثوابِتها التي تلقتها الأمة بالقبول، مع اسـتيعاب خطـورة تهديـد الخصوصيـة التاريخيـة والفكريـة، والتعاطـي معهـا فـي مضاميـن مقـرر الثقافـة الإسـلامية وتطويـره، مـع ضـرورة التفريـق بيـن المشـاريعِ الكليـة الممنهجـة، وبيـن الاتجاهـات المنحرفـة فـي قضايـا جزئيـة.
  5. التوصيـة الخامسـة: الاهتمـام بفحـص المشـكات فـي واقـع مقـرر الثقافـة الإسـلامية، والعمـل علـى تمحيـص محتويـات الكتـب والوثائـق المعتمـدة فيـه، وذلـك فـي ضـوء طبيعـة المقـرر وخصوصيتـه.
  6. التوصية السادسة: إخضاع مقرر الثقافة الإسلامية لمعايير الفاعلية والجودة الأكاديمية.
  7. التوصيـة السـابعة: السـعي إلـى تطويـر منهجيـة تدريـس مقـرر الثقافـة الإسلامية ، والإسـتفادة مـن المنهجيـات التدريسـية والوسائل التعليمية الحديثة، مع مراعاة الإطار المنهجي التربوي الإسلامي بمقاصده ووسائله.
  8. التوصيـة الثامنـة: الاهتمـام بتطويـر كفايـات أسـاتذة مقـرر الثقافـة الإسـلامية فـي الجامعـات، واختيـار أسـاتذة أكفـاء للمقـرر، لحيويتـه وأهميته.
  9. التوصيـة التاسـعة: الانتباه – فـي طريـق بنـاء المقـرر وتطويـره – إلـى مشـكلات ضعـف التعليـم العـام، وحالـة التغـرب، والتأثـر بالمدارس والمناهج الأجنبية، وذيـوع الأفـكار الخطيـرة مـع الانفتـاح التقنـي.
  10. التوصية العاشرة: تنبيه القيادات التربوية إلى أهمية بناء مواد دراسية، تتناول قضايا في الثقافة الإسلامية، تطرح للناشئة في التعليم ما قبل الجامعي، مع مراعاة خصوصية كل مرحلة، وذلك تمهيد  لدراستهم مقرر الثقافة الإسلامية في الجامعة.
  11. التوصيـة الحاديـة عشـرة: طـرح مسـارات مقـرر الثقافـة الإسلامية، فـي شـكل مقـررات دوليـة مفتوحـة، عاليـة الاسـتقطاب، مـع مراعـاة طبيعـة هـذه المقـررات.
  12. التوصيـة الثانيـة عشـرة: توسـيع دائـرة الاسـتفادة مـن مضاميـن مقـرر ِ الثقافـة الإسلامية بتنزيلهـا فـي المجتمـع، عبـر وسـائل الإعلام، ووسـائط التواصـل الإجتماعـي.
  13. التوصيـة الثالثـة عشـرة: تبـادل الخبـرات بيـن المؤسسـات الأكاديميـة المعنيـة بمقـرر الثقافة الإسلامية إدارة وتدريسا وتطويرا، عبر عقد ورش عمل وحلقات دراسية وملتقيات دورية.
  14. التوصيـة الرابعـة عشـرة: اقتـراح تشـكيل لجنـة مشـتركة مـن الجامعـات الأعضـاء فـي اتحـاد جامعـات العالـم الإسلامي ومنظمـة الإيسيسـكو، تعنـى بتطويـر مقـرر الثقافـة الإسـلامية، مـع الاسـتفادة مـن التجـارب التاريخيـة فـي الـدول الأعضـاء.