ذهب الإمام أبو العباس المبرد– رحمه الله- إلى القول بتناوب الصيغ الصرفية، من ذلك في سياق تفسيره لقوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) الروم27.

إذ يقول المبرد : ” فإنما تأويله وهو هيَّن عليه: لأنه لا يقال: شيء أهون عليه من شيء” (المقتضب).

ونجد هنا أن أبا العباس قد أول اسم التفضيل (أَهْوَنُ) بمعنى الصفة المشبهة (هَيِّنٌ) ، والذي دعاه إلى ذلك أن التفاوت في القدرة على الفعل لا يليق في حق الله عز وجل، فكل الأفعال في حقه هيَّنة.

والحقيقة أن البيان القرآني دقيق في استعمال الألفاظ لمقصد دلالي يعمد إليه ، ولو قصد البيان القرآني كلمة (هَيِّنٌ) لذكرها ، كما استعملها في قوله تعالى (قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً) مريم21، فاستعمالها هنا وعدم استعمالها هناك دليل على أن كل صيغة في موضعها المناسب.

وقد استعمل البيان القرآني كلمة (هَيِّنٌ) في حق مريم، لما هو ابتداء في الخلق على غير سابق نظير، وهو إيجاد مولود من غير أب، واستخدم لفظ (أَهْوَنُ) في سورة الروم؛ للإشارة إلى أن الإعادة أهون من الابتداء بالنسبة إلى عقول الناس ، والكلام جاء على سبيل المحاججة ، فهي باقية على أصلها في المعنى من غير تناوب في الصيغة.