لا غرابة في أن يتربع رجل مسلم كـ”آليكو دانغوت” رأس أثرياء إفريقيا، فالرجل ينتمي لنيجيريا التي تعتبر أول قوة اقتصادية بالقارة السمراء كما أنه ينحدر من أسرة مسلمة تنتمي لمدينة كانو التي ظلت أحد أهم شرايين الحياة الاقتصادية والتجارية والعلمية ومراكز الإشعاع الثقافي الإسلامي بمنطقة غرب إفريقيا منذ عدة قرون من الزمن.
ارتباط المسلمين بالتجارة في منطقة غرب إفريقيا ارتباط عضوي، فقد كانت قوافل التجارة من أهم أدوات ووسائل نشر الإسلام في القارة السمراء، و مع مجيء الاستعمار لإفريقيا ظل المسلمون يحافظون على نشاطهم التجاري و كانوا في شبه قطيعة مع الاستعمار مما أثر في حضورهم السياسي و نفوذهم في الإدارة بعد رحيل الاستعمار عن إفريقيا.
المثير في قصة صعود دانغوت في عالم الثراء والمال يعود إلي رحلة الرجل الشاقة مع صعاب التجارة والتي بدأها ببيع الحلوى، وهو ما زال على كراسي الدراسة، فالرجل الذي تُقدر مجلة فوربيس المتخصصة في عالم الأثرياء ثروته بحوالي 25 بليون دولار، ويحتل الترتيب الأول في قائمة أثرياء إفريقيا والترتيب 23 في قائمة أثرياء العالم بدأ حياته المهنية من الصفر رغم كونه ينتمي لأسرة ميسورة الحال.
ولد آليكو دانغوت يوم 10 ابريلحزيران 1957 لأسرة مسلمة محافظة، و كان جده لأمه الحاج حسن دانتاتا الذي توفي سنة 1955 أغنى رجل في نيجريا، درس دانغوت في المدارس العربية والإسلامية بنيجيريا ثم التحق بالأزهر، وبعد عودته لبلاده دخل عالم التجارة.
عاد الرجل إلى نيجيريا سنة 1970 وعمل مع أحد أقاربه في التجارة بمدينة كانو. اكتسب في هذه الفترة الخبرة كما حاز ثقة مشغله، إلا أن دانغوت اختار أن يشق طريقه بنفسه، وأن يبني ثروته بطريقته الخاصة، فاقترض سلفة من دون فوائد في حدود 3000 دولار، وشد الرحال إلى مدينة لاغوس لتبدأ رحلته مع عالم الثراء.
و كما ابتعد آليكو عن الأهل في نشاطه التجاري الجديد، فإنه ابتعد في بداية مسيرته كذلك عن الاستثمار في قطاع المحروقات والنفط – الذي يعتبر عصب اقتصاد نيجيريا ومصدر ثراء العديد من رجالات أعمالها، فاختار الاستثمار في مجالات تجارية متنوعة: السكر، الأرز، الملح، الزيوت، القطن والنسيج.
اعتمد إستراتيجية تجارية بدأت بالتوريد وتوسيع شبكة التوزيع التجاري، ثم انتقل بعدها إلى مرحلة التصنيع المحلي، ليتحول من مورد إلى منتج رئيسي بالبلاد.
استفاد من الظروف السياسية التي عاشتها نيجيريا في الفترة ما بين 1983 و1998 بفعل موجة الانقلابات العسكرية التي عرفتها البلاد في تلك الحقبة لبناء امبراطوريته المالية، حيث تعرض الكثير من كبار رجال الأعمال للاعتقالات بسبب علاقاتهم بالأنظمة المتعاقبة، مما أتاح لطبقة جديدة من رجال الأعمال الظهور للواجهة.
مع مرور الوقت توسعت استثماراته جغرافيا فتخطت حدود نيجيريا لتصل إلي أزيد من 16 بلد إفريقي، و تنوعت مجالات أنشطته التجارية فانضاف لها الاسمنت، الذي أصبح لاحقا أهم مجال استثماري للرجل يستحوذ على 85% من نشاطه.
فسر أسباب نجاحه التجاري وتحصيله لهذه الثروة الطائلة بـ”حرصه الدائم علي توجيه أمواله في مشاريع استثمارية بدلا من إيداعها في البنوك كما يفعل العديد من رجال الأعمال الأفارقة”، حسب مقابلة مع الجزيرة الإنكليزية، وتُشغل شركات دانغوت ومؤسساته التجارية حوالي 25 ألف شخص في نيجيريا لوحدها.