منذ عقود وللآن ما زال الطفل العربي منذ طفولته يُسْتَخفُ بعقله من قبل أهله والناس من حوله، وهذا أمر سيء بحقه قد يتراكم في داخله خلال طفولته حتى بلوغه فيكون عقله مهيأً للدمار الكلي ليتهاوى بين براثن الاضطرابات النفسية من قلق واكتئاب وغيرها.
فالطفل حين يولد، يولد ورقة بيضاء، وفي تنشئته لا يتعلم ولا يفكر بل يتلقى التلقين المباشر لأجل اختبارات مستويات الدراسة أو أي أمر آخر يلزمه بالدراسة ليس حبا وشغفا بالعلم والابداع والسبق الحضاري بل لأنه إلزام فقط؛ وبذلك يكون هذا الفعل تدمير عملي لعقل وابداع وحب العلم لجيل بعد آخر بشكل غير مقصود منذ الطفولة.
ولابد للناس أن يستوعبوا أمرا مهما وهو أن الطفل له عقل مبدع بنسبة ١٠٠% منذ ولادته؛ وذلك بديهي جدا وواضح لو اهتممت به ولاحظت تصرفاته الطبيعية وردات فعله دون توجيه منكم له، وسترون العجب من التركيز والقدرة على فهم ما حوله والتفاعل معه بشكل مذهل؛ ولكن للأسف غالب الأطفال عندنا في تنشئتهم الأولى بالمنزل ومن ثم المدرسة يحدث لهم هبوط عالي في إبداعهم وحبهم للاستكشاف وللعلم بسبب سد الباب على فضولهم وحب الاستطلاع وكسر مجاديفهم حين يرغبون بالسؤال أو عمل فعل جديد خارج عن المألوف لخوف أهلهم عليهم من أن يكون السؤال وكثرته قلة أدب عند الطفل وسوء تربية أهله له وخوفهم على طفلهم من الجديد المجهول دون حتى الولوج بالتفكير به أو تجربته حتى؛ وبهذا ينشأ لدى الطفل حينها أسلوب تفكير سيء جدا لا يستطيع التفكير بمنطقية وبطريقة نقدية استراتيجية لأجل الحاضر والمستقبل، وسيبقى في حالة خوف وقلق من فعل أي شيء خارج المألوف لئلا ينبذه أهله قبل الغير.
فكن عونا رجاءا لابنك وابنتك؛ فهم أطفالك وإن لم تعتني بهم فسيعتني العالم بهم أو يضيعهم ويدمرهم فلا تكن السبب في تدمير عقول أطفالك بيديك عبر رفضك لفضولهم وحيويتهم وحركيتهم وحبهم للاستطلاع والاستكشاف وطرح الأسئلة وتجربة كل ما هو جديد وخارج عن المألوف؛ وحينها سينشأ قادة حقيقيين يقودون الأمة لنهضتها بنهضة فكر الفرد فيها.
وكلنا مسؤولون عن أرواح سنسأل عنها يوم القيامة، فلا تفرض أمرا على أطفالك جبرا وكرها وترهيبا ولا ترفض لهم أمرا ما قبل سماع ما لديهم حول ذلك الأمر، والتحاور حوله.