كتاب “أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون” للكاتب مسلم تسابحجي هو مرجع تربوي قيم يقدم أسسًا حديثة في تربية الأطفال، مستندًا إلى تعزيز الجانب الإيجابي في شخصياتهم وتوجيههم نحو بناء الذات. يناقش الكتاب كيفية التعامل مع الأطفال بأسلوب يتجنب الأخطاء التربوية التقليدية التي قد تُضعف شخصياتهم وتؤثر سلبًا على مستقبلهم.
مقدمة كتاب “أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون”
يبدأ الكاتب بتسليط الضوء على بعض الأخطاء التربوية الشائعة التي يقترفها الآباء والأمهات عن غير قصد. يقدم مقارنة بين الماضي والحاضر، حيث كانت أساليب التربية أكثر صرامة وتعتمد على القسوة والسيطرة. وفي الوقت نفسه، يشير إلى أن الإفراط في حماية الطفل قد يؤدي إلى مشاكل أخرى مثل ضعف الثقة بالنفس أو الاتكال على الآخرين. يشدد الكاتب على أن الأطفال يعكسون البيئة التي نشأوا فيها، حيث يُظهرون في سلوكياتهم وتأملاتهم ما يتلقونه من تربية في المنزل.
من خلال تجربته الشخصية، يوضح المؤلف كيف انتقل من ارتكاب هذه الأخطاء إلى القناعة بأن التربية الفعّالة تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية: بناء الثقة، اصطياد الإيجابيات، وإعادة توجيه السلبيات.
الاستراتيجية المثلى للتربية
الخطوة الأولى في التربية السليمة، وفقًا للكاتب، هي إزالة الخوف من نفسية الطفل. عندما تظهر بعض السلوكيات الخاطئة من الأطفال، يجب أن يتذكر الآباء أنهم قد يساهمون بطريقة أو بأخرى في خلق المشكلة. يعتبر الأطفال مرآة تعكس بدقة نوعية الممارسات التربوية التي يتلقونها في البيت والمدرسة. عندما يتعرض الطفل للتسلط أو يراقَب في كل تفاصيل حياته، فإنه يصبح ضعيف الشخصية ويكون أكثر عرضة لمشاكل نفسية عديدة. كما أن الإفراط في الحماية قد يؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس، بينما يؤدي الإهمال إلى فقدان الحافز والدافعية للعمل والدراسة.
من ناحية أخرى، تشير التربية الصارمة والعقاب القاسي إلى خطر آخر يتمثل في نشوء الطفل خائفًا ومترددًا. ينتج عن هذا الرعب الكامن في نفسه حقد وكراهية تجاه من حوله. بينما يُظهر الطفل المفرط في التدليل أنانية ولا مبالاة، تنمو لدى الطفل الذي يتعرض للإهمال مشاعر الفقدان والتحقير.
في هذه المرحلة، يركز الكاتب على أهمية التوازن في التربية. يجب على الآباء توجيه أبنائهم بحب واحترام، دون إفراط أو تفريط في السلطة. فعندما يعتمد الآباء على محاولات الإقناع والحوار المفرطة دون تنظيم أو وضوح، يفقد الطفل معاني هذه المواعظ، مما يجعله يتعامل مع النصائح بازدراء أو سخرية.
بناء الثقة
في الفصل المخصص لبناء الثقة من “أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون”، يوضح تسابحجي أن بناء الثقة في الطفل يتطلب إزالة كل أشكال الخوف والضغط النفسي. إذا نشأ الطفل في بيئة مليئة بالخوف من العقاب أو التوبيخ المستمر، فإنه سيجد صعوبة في تطوير ثقته بنفسه أو اتخاذ قرارات مستقلة.
يعرض الكتاب مجموعة من الأساليب العملية التي تساعد الوالدين في بناء الثقة عند الأطفال:
- إزالة الخوف: التوقف عن استخدام العقوبات القاسية والاعتماد على الحوار المفتوح لتوضيح الخطأ.
- الكف عن محاولة التحكم الزائد: منح الطفل حرية اتخاذ قراراته، مع توجيهه عندما يكون ذلك ضروريًا.
- المرح واللعب: قضاء وقت ممتع مع الأطفال من خلال اللعب يعزز الثقة بينهم وبين آبائهم.
- المصادقة: بناء علاقة صداقة مع الأطفال تجعلهم يشعرون بالراحة للتحدث عن مشكلاتهم أو مخاوفهم.
- الحب غير المشروط: تقديم الحب والدعم المستمر للطفل بغض النظر عن أدائه أو سلوكه، مما يعزز ثقته في قدراته.
- الاحترام والتفهم: التعامل مع الطفل كشخصية مستقلة تستحق الاحترام والتفهم، وهذا يعزز شعور الطفل بالقيمة.
- القدوة الصالحة: الأبناء يتعلمون من تصرفات آبائهم، لذا يجب على الوالدين تقديم نموذج يحتذى به.
اصطياد الإيجابيات
في هذا الفصلمن كتاب “أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون”، يتناول الكاتب مبدأ اصطياد الإيجابيات، وهو الأسلوب الذي يعتمد على البحث عن الصفات الجيدة في الطفل وتعزيزها. يعتبر الكاتب أن العديد من الآباء يركزون على تصيّد الأخطاء بدلاً من التركيز على النجاحات الصغيرة التي يحققها الطفل يوميًا.
يشير تسابحجي إلى أن التركيز على الإيجابيات يمكن أن يعزز الثقة بالنفس لدى الطفل ويشجعه على تحسين سلوكه بشكل مستمر. من المهم أن يثني الوالدان على أبنائهم عند قيامهم بأفعال إيجابية، مهما كانت صغيرة، لأن هذه الأفعال تشكل أساسًا لتطوير سلوكيات جيدة في المستقبل. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الآباء أن يظهروا حبهم للأطفال حتى في اللحظات التي يرتكبون فيها أخطاء، لأن هذا الحب غير المشروط يعزز الروابط الأسرية.
إعادة توجيه السلبيات
يؤكد تسابحجي أن الأخطاء ليست شيئًا سلبيًا بالضرورة، بل يمكن تحويلها إلى فرص للتعلم. يقدم الكتاب استراتيجيات عملية للتعامل مع السلوكيات السلبية لدى الأطفال من خلال إعادة توجيه هذه السلبيات بطريقة بنّاءة. العقاب ليس الحل الأمثل، بل يجب التركيز على تعليم الطفل كيفية تجاوز أخطائه وتصحيح سلوكه.
يشير الكاتب إلى أن الأطفال يتعلمون من تجاربهم، وأن الأخطاء التي يرتكبونها هي جزء من عملية النمو. يجب أن يتعامل الوالدان مع هذه الأخطاء كفرص لتعليم الطفل وتحسين سلوكه. من خلال ذلك، سيتعلم الطفل كيفية تصحيح أخطائه بنفسه والتمييز بين الصواب والخطأ.
خاتمة الكتاب
يختم تسابحجي كتابه بنصائح عملية للآباء حول كيفية تحقيق تربية متوازنة وفعّالة. يشدد على أن التربية ليست مجرد مجموعة من الأوامر والقواعد، بل هي علاقة قائمة على الحب والاحترام المتبادل. الأطفال جواهر تحتاج إلى رعاية وصقل، وليس إلى قسوة أو عقاب صارم. “أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون” ليس مجرد كتاب تربوي تقليدي، بل هو دعوة للآباء والأمهات لإعادة النظر في أساليب تربيتهم وتعاملهم مع أبنائهم. يركز على بناء علاقة قائمة على الثقة والحب، وتقديم الدعم والتشجيع المستمر للطفل، مما يعزز شخصيته ويساعده على تحقيق إمكانياته الكامنة. يعتبر الكتاب مرجعًا هامًا لكل من يسعى إلى تربية جيل قادر على مواجهة تحديات الحياة بثقة وإيجابية.