سأتحدث انطلاقا من هذا المقال وسلسلة مقالات قادمة بإذن الله عن الحضارة في القرآن وكيف عالج القرآن هذا الموضوع ليكون منطلقا لنا لفهم أبعاد الحضارة وكيفية بنائها.
لن تجد كتابا من الكتب السماوية ولا كتابا من الأديان الأخرى تناول مواضيع الحضارة والتاريخ والعلاقات الانسانية كما أشار اليها القرآن، فلو جمعنا عدد آيات القرآن في هذا الموضوع لأدهشنا بالفعل عددها وكثرتها !!
يشير شيخ الاسلام ابن تيمية في كتابه ” تفسير سورة الاخلاص ” إلى هذا الموضوع فيذكر أن القران يتناول ثلاثة محاور رئيسية وهي :
1- العقيدة والتوحيد وما يتعلق بها من ذكر الآخرة والأنبياء والقدر
2- التشريعات
3- القصص القرآني واخبار الأمم السابقة
ويذكر أن كل موضوع من هذه المواضيع الثلاثة يأخذ مايقارب من ثلث القرآن.
تأمل أن قصص القرآن وأخبار الأمم السابقة وهذا ما نسميه بمصطلح العلوم الانسانية ” التاريخ” يأخذ حيزا يقارب ثلث القران بحسب ماذكره شيخ الاسلام ابن تيمية !!!
مالذي يعنيه أن يتناول القرآن التاريخ الانساني بهذا الكمية، وهو كتاب الله المعجز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟؟
وهل أعطى المسلمون هذا الموضوع ما يستحقه من البحث والاهتمام كما أعطاه القران، أم أنهم صرفوا أوقاتهم وجهودهم وأبحاثهم ونقاشاتهم في أمور الغيب والبحث في صفات الله بتفاصيل ربما زائدة عن الحد قد تصيبنا بالتعقيد وتشعرنا بعدم الفهم لأساس ديننا؟؟!!
لا نعرف في تراثنا الاسلامي عبر تاريخنا من بحث في التاريخ وفلسفته والمجتمعات الانسانية وحركتها سوى ابن خلدون، لكننا نعرف العشرات ممن كتبوا في العقيدة والفقه وغيرها.
لا أقلل من قدر وأهمية الفقه ولكن أشير إلى أهمية علم التاريخ والحضارة الانسانية وأهميتها كما ذكرها القرآن وكم أننا كمسلمين أهملنا النظر في التاريخ الانساني والحضارة الانسانية واستخلاص العبر والقواعد منها كما أرادها القران وديننا الحضاري.