في الفقه الإسلامي، يُعتبر المذهب المالكي أحد الأصول الفقهية الرائدة التي تأسست على كتابي الموطأ والمدونة الكبرى. وقد اتفقت كلمة أهل العلم الأجلاء قديماً وحديثاً على مكانة مالك بن أنس وإمامته في الحديث والسنة والفقه. شهد بذلك أبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من الأئمة العظام. وله مناقب جمّة، وفضائل شريفة، وآثار مباركة، ومقام محمود راسخ في العلم، منقطع القرين.
مناقب الإمام مالك
قال الحافظ الذهبي: “وقد اتفق لمالك مناقب ما علمتها اجتمعت لغيره”:
- طول العمر وعلوم الرواية.
- الذهن الثاقب والفهم وسعة العلم.
- اتفاق الأئمة على أنه حجة صحيح الرواية.
- تجمعهم على دينه وعدالته واتباعه السنن.
- تقدمه في الفقه والفتوى وصحة قواعد[1].
من أمعن النظر والبحث، أدرك أن لهذه الخصال العلمية الفريدة أثر بارز في صبغة أصول المذهب المالكي وتنظيم قواعده وترسيخ المنهج الاستدلالي الصحيح الصالح لكل زمان ومكان. من أشهر تلك الأصول هي: الكتاب، السنة، الإجماع، عمل أهل المدينة، القياس، قول الصحابي، المصلحة المرسلة، سد الذرائع، العرف، مراعاة الخلاف، مراعاة مقاصد المكلف، الاستصحاب، الاستحسان، شرع ما قبلنا، وغيرها. ويلاحظ أن النمط العام البديع في هذه الأصول هو السعة، التيسير، والواقعية.
تقييم العلماء للمذهب المالكي
قال أبو العباس ابن تيمية الحنبلي: “ومن تدبر أصول الإسلام، وقواعد الشريعة، وجد أصول مالك وأهل المدينة أَصح الأصول والقواعد”[2]. ويقدم الإمام الذهبي نصيحة لمن يريد التقليد أو التمذهب قائلاً: “وبكل حال فإلى فقه مالك المنتهى؛ فعامة آرائه مسددة، ولو لم يكن له إلا حسم مادة الحيل ومراعاة المقاصد لكفاه، ومذهبه قد ملأ المغرب والأندلس وكثيراً من بلاد مصر وبعض الشام واليمن والسودان وبالبصرة وبغداد والكوفة وبعض خراسان[3]“.
هذا لا يعني إضفاء القداسة على شخصية مالك أو إيهام الناس بإثبات أفضلية مطلقة للمذهب المالكي، بل لكل مذهب من المذاهب الفقهية مميزاته وخصائصه التي لا تنكر. لكن بالنظر إلى أن أهل المدينة في عهد الصحابة وتلاميذهم كانوا فوق جميع الأمصار في العلم والديانة، وكان الإمام مالك قد ورث منهم ذلك التراث رواية ودراية، حتى أصبح أعلم الناس بدقائقه ويتفيأ من ظلاله حيث لا يكاد يستقل بالرأي الخاص به إلا النادر. بهذا النظر إلى أصل الانطلاق والنشأة والأصول يتجه التفضيل، لا ما عليه تفاصيل المذهب اليوم.
أهم مصادر المذهب المالكي
أوثق وأدق مصدر ومرجع لأقوال الإمام مالك كتابان مشهوران: الموطأ والمدونة الكبرى. فيهما علم مالك وقاموس آرائه الفقهية، وهما بمثابة الوالدان للمذهب المالكي من حيث الاحترام والتقدير، وعليهما بني تقرير أصول المذهب، وتخرج منهما الفروع، وإليهما المرجع عند الخلاف.
الموطأ هو الأصل واللباب من حيث النظر إلى فضل الأسبقية لانتقاء الحديث الصحيح المتصل، وإلا فإن صحيح البخاري مقدم عليه فيما بعد
كتاب الموطأ: مصدر الفقه المالكي الأول
الطابع العام المنوه به كتاب الموطأ هو طابع حديثي وأثري. مكث في تأليفه الإمام أربعين سنة يجمع فيه الطيب من صحاح الأحاديث المسندة بعناية فائقة، مما جعل الإمام الشافعي يزكي الموطأ ويرفع من شأنه غير مرة، بعبارات متنوعة في الثناء، مثل قوله: “ما على وجه الأرض بعد كتاب الله تعالى أصح من كتاب مالك[4].
وحسبك بتزكية الشافعي وثنائه العطر، وإنها تزكية ثمينة جدة في ذلك الزمان، أزمنة نقاد وجهابذة المحدثين، ولا يستبعد أن يكون قد تداولها الناس وشاعت بينهم نظراً لمكانة القائل وإمامته. ومع ذلك، لم يرد أن أحداً انتقد الشافعي في هذه التزكية، لا قديماً ولا حديثاً، ودل ذلك على أن الثناء في محله، لا سيما واقع الكتاب شاهد الوجود، وكل حديث مسند في الموطأ صحيح إلا ما ندر.
قال القاضي أبو بكر بن العربي: “الموطأ هو الأصل واللباب، وكتاب البخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب، وعليهما بنى الجميع كمسلم والترمذي”[5]. يعني الموطأ هو الأصل واللباب من حيث النظر إلى فضل الأسبقية لانتقاء الحديث الصحيح المتصل، وإلا فإن صحيح البخاري مقدم عليه فيما بعد، لأن البخاري أبان قصده من خلال عنوان كتابه أنه أراد الحديث الصحيح المجرد، بينما ضم الموطأ إلى جانب الحديث الصحيح أغراضا فقهية أخرى. وصار صحيح البخاري منذ تأليفه أصح كتب البشر على وجه الأرض والذي تلقته الأمة بالقبول قبولا لا نظير له على الإطلاق، وإن كان جمهور حديث الموطأ قد رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن طريق تلاميذ الإمام مالك، مما يبقي للإمام مالك فضل سبق القصب.
تراجم وأبواب الموطأ
من المعروف أن فقه أئمة الحديث المصنفين في تراجمهم وتبويباتهم، وكل ترجمة يعنون بها المحدث في كتابه تدل على عمق علمه وقوة فهمه واستنباطه للمعاني والأحكام والفوائد. ورب حديث واحد عليه تراجم كثيرة، ولذا عني الشراح بتبويبات كتب الحديث عناية كبيرة لما فيها من نفائس أنواع الدلالات الظاهرة والخفية، بل أفردت بعضها بالتصنيف وخاصة تراجم الإمام البخاري.
قال شيخ الإمام البخاري علي ابن المديني: “أشرف العلم الفقه في متون الأحاديث، ومعرفة أحوال الرواة”.
سار الإمام مالك في منهج تأليفه للموطأ على تصنيف الحديث وتنويعه حسب أقسام الأحكام الشرعية وأبواب الفقه، فجعل كل قسم على حدة، بحيث يتميز ما يتعلق بقسم العبادات عن ما يتعلق بالمعاملات. يذكر في كل كتاب عنوان الباب، ويروي فيه أدلة الحكم الملائمة للترجمة، إثباتاً أو نفيًا، فيقدم الحديث المرفوع ثم يردفه بالآثار أو بعمل أهل المدينة واختياراته وما استنبطه بفهمه. وهذا هو الغالب في صياغة تراجم الكتاب.
مثال في قسم العبادات: كتاب الزكاة، ما تجب فيه الزكاة، وذكر فيه بسنده حديث: “ليس فيما دون خمس ذود صدقة…” ثم ذكر أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله على دمشق في الصدقة: “إنما الصدقة في الحرث، والعين، والماشية”. ثم قال مالك: “ولا تكون الصدقة إلا في ثلاثة أشياء: في الحرث، والعين، والماشية.
هذا المثال يعبر عن مدى حضور ذهن الإمام مالك الفقهي عند وضع عناوين الكتاب، حيث تجد في الكتاب عبارات مثل: “سمعت مالكًا يقول”، أو “سئل مالك”، أو ما شابه ذلك، ثم اجتهاداته واختياراته.
تقرير الحكم الشرعي من خلال التراجم
تراجم الأبواب التي أودعها الإمام مالك في الكتاب هي الأحكام الشرعية التي اهتدى إليها باجتهاده من خلال النظر إلى عموم الأدلة من جهتي الرواية والدراية. إذا كان المسمى بها جائزاً يقول: “ما جاء في جواز كذا”، وإن كان ممنوعاً قال: “تحريم كذا”. وإذا احتمل الأمرين عنده وأراد إخراج ما روي فيه، أطلق القول كما قال: “باب الاستمطار بالنجوم”.[6]
عناية الموطأ بفقه الواقع
عناية الإمام مالك بالمسائل الواقعية والنوازل كانت حاضرة وظاهرة في الكتاب، فالتراجم لها صلة واضحة بالواقع المعاش، وتجد عناوينها لا تنفك عن الجانب العملي التطبيقي. كذلك أجوبة الإمام مالك في الكتاب عن أسئلة الناس كانت منسجمة مع الواقع، بل كان يربط الروايات بالأعراف والعادات. وقد عرف عنه الرفض للمسائل المتوقعة والقضايا المفترضة، تأسياً بمن سبقه من أهل المدينة كعبد الله بن عمر رضي الله عنها.
يقول الإمام الدهلوي:” وكتاب الموطأ أصح كتب الفقه وأشهرها وأقدمها وأجمعها، وقد اتفق السواد الأعظم من الملة المرحومة على العمل به، والاجتهاد في روايته ودراسته، والاعتناء بشرح مشكلاته ومعضلاته، والاهتمام لاستنباط معانيه وتشييد مبانيه، ومن تتبّع مذاهبهم ورزق الإنصاف من نفسه علم لا محالة أن الموطأ عدة مذهب مالك وأساسه، وعمدة مذهب الشافعي وأحمد ورأسه، ومصباح مذهب أبي حنيفة وصاحبيه ونبراسه، وهذه المذاهب بالنسبة للموطأ كالشروح للمتون، وهو منها بمنزلة الدوحة من الغصون[7]
كتاب المدونة الكبرى وترسيخ أصول المذهب المالكي
كانت سمة الفقه المدرسي هي الطابع العام الذي تميز به كتاب المدونة، وإنما ضمَّ إلى جانب ذلك الآيات القرآنية ذات الصلة بموضوع الباب، والأحاديث، والآثار السلفية، لتكون أدلةً للمسائل الفقهية التي اشتمل عليها الكتاب، وقد تم تدوينها على أيدي كبار العلماء الأمناء.
تراجم الأبواب التي أودعها الإمام مالك في الكتاب هي الأحكام الشرعية التي اهتدى إليها باجتهاده
بدأ تأليف كتاب المدونة بأسئلة أسد بن الفرات التي طرحها على الإمام مالك فأجاب عن بعضها وأعرض عن البعض، لما فيها من المسائل المتوقعة. ثم التقى أسد بمحمد الشيباني ولازمه وأخذ عنه المسائل في الفقه الحنفي، ثم عزم على معرفة أقوال الإمام مالك فيما أخذها عن الأحناف بعد أن فوجئ بموت مالك وهو في العراق. فمرَّ بتلاميذ مالك بمصر، وذهب أولاً إلى ابن وهب، ثم أشهب، ولم يجد بغيته إلا عند عبد الرحمن ابن القاسم، أشهر وأوثق الناس بفقه الإمام مالك. فجالسه وناقشه في مسائله التي أتى بها، ثم دون أجوبة ابن القاسم في ستين بابًا من أبواب الفقه طبقًا لمذهب الإمام مالك، وسميت بالأسدية، وقد جاءت الأجوبة فيها على أربع مراتب:
- المرتبة الأولى: ما جزم فيه ابن القاسم بقول مالك.
- المرتبة الثانية: ما بناه على الترجيح بقوله: “أخال أو أحسب أو أظن”.
- المرتبة الثالثة: ما بناه على التخريج، أي تخريج على قول مالك وفتاويه.
- المرتبة الرابعة: ما بناه ابن القاسم على اجتهاده.
ثم جاء عبد السلام سحنون إلى ابن القاسم لتصحيح وتهذيب المدونة الأسدية لعدم ارتياح أهل القيراون لكل ما فيها، فتم التهذيب والاستدراك على الأسدية، فأصبحت مدونة سحنون هي المعتمد والمقدم عند ابن القاسم والمالكية. وقد قام سحنون بترتيب معظم محتواها ترتيبا فقهيًا، بأبوابها وعناوينها وأدلتها. وثمة بعض فقرات في المدونة لم يتم تهذيبها وهي التي تسمى بالمختلطة.
قيمة المدونة العلمية
اشتهر كتاب المدونة الكبرى عند المالكية بلقب “أم الدواوين” أو “الأم” أو “الكتاب” لسعة ما فيه من المسائل الفقهية التي بلغت ستة آلاف ومائتين (6200) مسألة، الحاوية لأبواب الفقه كلها من العبادات حتى الديات. المؤسسة على أقوال الإمام مالك وفتاويه واجتهاداته وتخريجات كبار تلاميذه، لتكون مرجعية موسوعية فقهية موثوقة في المذهب المالكي. فأصبحت المدونة عمدة المذهب من حين تهذيبها حتى يومنا هذا، وتلقاها المالكية بالقبول في التدريس والتأصيل والإفتاء والقضاء. وأقاموا عليها المشاريع العلمية المتنوعة على مدار التاريخ، مثل الشروح والاختصارات والتهذيب والتنقيح والتخريج.
نقل عن سحنون قوله: “عليكم بالمدونة فإنها كلام رجل صالح وروايته، أفرغ الرجال فيها عقولهم وشرحوها وبينوها”. وكان يقول: “ما اعتكف رجل على المدونة ودراستها إلا عرف ذلك في ورعه وزهده”[8]. وشبهوا كتاب المدونة بمنزلة سورة الفاتحة من الصلاة، وككتاب سيبويه عند أهل النحو في علوه بين كتب الفقه.
موارد كتاب المدونة الكبرى على الأصلين
- الأصول النقلية: وهي الكتاب، السنة، الإجماع، قول الصحابي، وعمل أهل المدينة.
- الأصول الاجتهادية: وهي القياس، المصالح المرسلة، مراعاة الخلاف، الاستصحاب، سد الذرائع، وغيرها.
الموازنة بين الموطأ والمدونة
الكتابان كالجسد الواحد، هما تراث الإمام مالك، وكل ما فيهما عند مآلات النظر يرجع إلى مالك وينسب إليه. من حيث التصنيف، فإن كتاب الموطأ أقرب إلى كتب الحديث من كتب الفقه المحض، ولا يذكر الموطأ إلا في رأس قائمة الكتب المصنفة في الحديث الشريف. على عكس كتاب المدونة، فإنه يعد من كتب الفقه أصالة.
الترجيح بين الموطأ والمدونة عند التعارض
قد طال نقاش الناس قديماً وحديثاً حول الموضوع دون الوصول إلى نتيجة ملموسة مثمرة. من قدم الموطأ لأسباب منها:
- أن الموطأ من تدوين الإمام مالك وبخط يده خلافاً للمدونة التي دونت بعده.
- مكث الإمام مالك طول عمره – أكثر من أربعين سنة – وهو يقرأ أو يقرأ عليه الموطأ تلاميذه في المسجد وفي البيت، ويراجع ويهذب ويقرر ما فيه، وهذا وحده يكفي لتقديمه على جميع مصنفاته الأخرى فضلاً عن كتاب صنف بعده.
- تقديم كتاب الموطأ على المدونة كتقديم الخبر المتواتر على الآحاد عند التعارض، وكتاب الموطأ أشهر وأضبط من المدونة، لأن رواته عن الإمام جماعة ثقات، ولا يمكن أن ينهض ويقوى ما انفرد به ابن القاسم على ما نقله الجماعة، وإن كان ابن القاسم ثقةً ثابتة.
من قدم المدونة لأسباب منها:
1. شدة ملازمة عبد الرحمن ابن القاسم للإمام مالك ليلاً ونهاراً أكسبته علم الإمام، وصار أعلم الناس بفقه مالك، وأدرى بأصول المذهب، حتى قال رفيقه ابن وهب لأبي ثابت:” إن أردت هذا الشأن – يعني فقه مالك – فعليك بابن القاسم، فإنه انفرد به، وانشغلنا بغيره”[9].
2. أن المدونة تمثل آخر تقريرات الإمام مالك الفقهية التي شهدها ابن القاسم، لأن مالك مجتهد قد يتراجع عن بعض الأقوال والآراء حسب اجتهاده فيروي عنه ابن القاسم آخر الأمرين في المسألة. ولذا تجده في المدونة يكثر مثل هذه العبارة: “ثم كان آخر ما فارقناه عليه” أو عبارة: “ثم كان آخر قوله” المشعرة بتراجعات الإمام في بعض المسائل.
3. قد ترد في المدونة تقييد لما أطلقه الإمام في الموطأ، فيقدم المقيد على المطلق والخاص على العام، نظراً لتراخي كتاب المدونة عن الموطأ.
ومن العلماء من نظر نظرة التوسط وقال بتقديم كتاب الموطأ فيما يتعلق بقضايا صناعة حديثية، وأما في الأمور الفقهية فإنه يقدم المدونة.
رأي العلماء في قوة الموطأ والمدونة
والحقيقة أنه من الصعوبة بمكان أن يسير الموطأ خلف المدونة عند وجود التعارض الحقيقي، وهيبة الموطأ في النفوس تأبى ذلك، ومكانته عند العامة والخاصة أعلى بمراحل من منزلة كتاب المدونة، ألم تر ابن عبد البر – أكبر محرري المذهب بلا النزاع – كيف اعتنى بالموطأ في كتابيه التمهيد والاستذكار بعناية فائقة لا تكاد توجد لها نظير في أي كتاب الدين، وما ذلك إلا لمنزلة الموطأ، وهكذا اعتنى به كبار علماء المالكية وغيرهم فوق عنايتهم بالمدونة، مع أن المدونة من أفيد كتب الفقه بلا شك.
قال الإمام الدهلوي: “لا يوجد الآن كتاب ما في الفقه أقوى من موطأ الإمام مالك، لأن الكتب تتفاضل فيما بينها إما من جهة فضل المصنف، أو من جهة التزام الصحة، أو من جهة شهرة أحاديثها، أو من جهة القبول لها، من عامة المسلمين أو من جهة حسن الترتيب، واستيعاب المقاصد المهمة، ونحوها. وهذه الأمور كلها موجودة في الموطأ على وجه الكمال بالنسبة إلى جميع الكتب الموجودة على وجه الأرض الآن”.[10]
الخلاصة
على كل حال، فإن كتاب المدونة بمثابة الشرح لآراء الإمام مالك في الموطأ، وما قيل فيهما من المسائل المتعارضة أقل بكثير من المتفق عليها، مثل قضية القبض في الصلاة وغيرها. حيث ورد في الموطأ ما يدل على سنية القبض، وفي المدونة ما يدل على الكراهة. يمكن للمحقق أو الباحث أن يثبت عدم وجود التناقض الحقيقي بين الكتابين فيما قيل فيهما من القضايا المتناقضة.