يحتفل العالم بين السادس والعاشر من كل عام بـ “اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية”، ويأتي تخصيص هذه الفترة لتسليط الضوء على الدور الهام الذي يؤديه العلم في المجتمع والحاجة إلى إشراك جمهور أوسع في المناقشات المتعلقة بالقضايا العلمية الجديدة كما إن هذا اليوم يؤكد على أهمية العلم في حياتنا اليومية.
يأتي اليوم العالمي للعلم من أجل السلام والتنمية في العاشر من نوفمبر من كل سنة، وذلك ضمن احتفالية بالأسبوع الدولي للعلم والسلام تبدأ في السادس من نوفمبر، والتي انطلقت للمرة الأولى في عام 1986 بوصفه جزءا من الاحتفال بالسنة الدولية للسلام. ونظمت فعاليات ذلك الأسبوع بوصفها مبادرة غير حكومية، وأُعلمت أمانة السنة الدولية للسلام بأنشطة تحضيرية وملخص نهائي للفعاليات التي أقيمت في أثناء الأسبوع. وسعى المنظمون إلى تشجيع أكبر مشاركة دولية ممكنة في تلك المناسبة.
وحثت الجمعية العامة الدول الأعضاء والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية على تشجيع الجامعات وغيرها من مؤسسات الدراسات المتقدمة، والأكاديميات والمعاهد العلمية، والروابط المهنية وأفراد المجمع العلمي، على القيام، خلال ذلك الأسبوع، بتنظيم محاضرات وحلقات دراسية، ومناقشات خاصة، وأنشطة أخرى تفضي إلى دراسة الصلات القائمة بين التقدم المحرز في مجال العلم والتكنولوجيا وصون السلم والأمن وإلى نشر المعلومات عن ذلك.
كما حثت الجمعية العامة على تشجيع التعاون الدولي في ما بين العلماء عن طريق تيسير عمليات تبادل الخبراء والمعلومات. كما طلبت من الأمين العام أن يوجه انتباه الدول الأعضاء والمنظمات المهتمة بالأمر إلى أهمية الأسبوع الدولي للعلم والسلام، وأن يدعوها إلى إبلاغه عن أنشطتها ومبادراتها المرتبطة بهذه المناسبة، وأن يقدم تقريرا عن ذلك.
أهداف اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية
يتيح هذا اليوم الفرصة لتعبئة الأطراف الفاعلة كافة، من المسؤوليين الحكوميين إلى وسائل الإعلام وطلبة المدارس، إلى الاحتفاء بالعلوم من أجل التنمية والسلام. فإن تعزيز الصلة بين العلم والمجتمع على نحو أوثق يتيح انتفاع الجميع به ويعمق فهمنا لكوكبنا المميز والضعيف، ويمنحنا سبيلاً لجعل مجتمعاتنا أكثر استدامة.
وبعد أن اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية في عام 2001، ما انفك ينتج عنه مجموعة من المشاريع البرامج وأنشطة التمويل الملموسة في المجالات العلمية في العالم. ويتمحور اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية حول مجموعة من الأهداف هي:
- تعزيز الوعي العام بدور العلوم في بناء مجتمعات مستدامة يعمها السلام
- تعزيز التضامن الوطني والدولي لتبادل العلوم بين البلدان
- تجديد الالتزامات الوطنية والدولية في إطار تسخير العلوم لخدمة المجتمعات وخيرها.
- تسليط الضوء على التحديات التي تواجه العلم وتعزيز الدعم في إطار البحث العلمي.
وبحسب الأمم المتحدة يهدف اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية، من خلال ربط العلم على نحو أوثق مع المجتمع، إلى ضمان اطلاع المواطنين على التطورات في مجال العلم، كما أنه يؤكد على الدور الذي يقوم به العلماء في توسيع فهمنا لهذا الكوكب الهائل والملقب ببيتنا الكبير، وفي جعل مجتمعاتنا أكثر استدامة.
العلم من أجل المجتمع ومعه
يساهم الاحتفال بالأسبوع الدولي للعلم والسلام مساهمة هامة في تعزيز السلام. فالأسبوع يشجع على تبادل أكاديمي أعظم في موضوع الأهمية العالمية وفي نفس الوقت زيادة أعظم في الوعي بالعلاقة بين العلم والسلام في أذهان العامة. وبناء على الاحتفالات بالأسبوع الدولي للعلم والسلام حتى الآن، فمن المتوقع أن تزيد المشاكرة فيه زيادة مطردة في كل سنة، مما يساهم في تكوين تفاهم دولي أعظم وإتاحة فرصة للتعاون بين تطبيقات العلم لتعزيز السلام على مدار السنة.
ويحتفل العالم في كل عام في العاشر من نوفمبر، باليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية، بسبب الضوء الذي يسلطه على الدور الهام الذي يؤديه العلم في المجتمع والحاجة إلى إشراك جمهور أوسع في المناقشات المتعلقة بالقضايا العلمية الجديدة. كما إن هذا اليوم يؤكد على أهمية العلم في حياتنا اليومية.
ويهدف اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية، من خلال ربط العلم على نحو أوثق مع المجتمع، إلى ضمان اطلاع المواطنين على التطورات في مجال العلم. كما أنه يؤكد على الدور الذي يقوم به العلماء في توسيع فهمنا لهذا الكوكب الهائل والملقب ببيتنا الكبير وفي جعل مجتمعاتنا أكثر استدامة.
كورونا واعتناق نهج العلم المفتوح
كما في عام 2020، أبرزت جائحة كورونا في عام 2021 الدور الحاسم الذي تضطلع به العلوم من أجل تذليل التحديات العالميّة. ومن هذا المنطلق، يركّز اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية على موضوع “العلوم من أجل المجتمع ومعه” لمواجهة جائحة كوفيد-19، حيث يتم الاحتفال باليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية لهذا العام في ظروف غريبة، بعد أن ابتُليت مجتمعاتنا بفيروس كورونا.
وفي هذا الصدد ازدادت الدعوات إلى ما يمكن تسميته “اعتناق نهج العلم المفتوح” لاتخاذ منه وسيلة لفتح باب العلوم على مصراعيه للجميع وجعل العملية العلمية أكثر شمولية وجعل الاطلاع على الاستنتاجات والنتائج التي تخلص إليها أكثر يسراً!
وتضطلع اليونسكو بدور ريادي في الحوار العالمي بشأن العلم المفتوح. ويتمثل الهدف من هذه الجهود في ضمان إطلاق العنان للإمكانيات الكامنة في ممارسات العلم المفتوح كي تتحقق كل الأهداف المرجوّة منها والمتمثلة في سدّ الفجوات القائمة في مجالات العلم والتكنولوجيا والابتكار على مستوى العالم وتمكين تحقيق التنمية المستدامة.
ثلاث ركائز للمواجهة
وفي هذا الإطار تسعى المنظمات الدولية وفي مقدمتها “اليونسكو” خلال هذه الأزمة الصحية التي لم يسبق لها نظير فيما مضى من تاريخنا إلى مزاولة العلوم مزاولة تكون أقرب إلى احتياجات المجتمع وتوطيد أشكال التعاون العلمي على الصعيد الدولي في ظل الحاجة الشديدة إليها. وتستند اليونسكو إلى العلوم في استجابتها لجائحة كوفيد-19 والتي تتمحور حول ثلاث ركائز أساسية، هي:
1- تعزيز التعاون العلمي على الصعيد الدولي
إذا أردنا التغلّب على جائحة كوفيد-19، لا بدّ من تعزيز التعاون العلمي على الصعيدين الدولي والوطني، فضلا عن الارتقاء بالحوار بين العلماء وصناع القرار والعاملين في القطاع الخاص والعاملين في مجالي الصناعة والرعاية الصحية والمجتمع المدني وعموم الجمهور. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، لا بدّ من ضمان الانتفاع الحرّ بالمعلومات والمعارف العلمية، وتقاسم البيانات، والاستناد إلى الأدلة والبراهين في عمليتي وضع السياسات واتخاذ القرار، والانتقال العالمي إلى العلم المفتوح على وجه العجلة.
2- تحسين إمكانية الحصول على المياه والانتفاع بالمرافق الصحية
لا بدّ من توفير مياه ومرافق صحية نظيفة وصالحة، إذ لا مفرّ من ذلك من أجل كبح تفشي الفيروس ومواجهة جائحة كوفيد-19. ومن هذا المنطلق، تُسدي اليونسكو المشورة العلميّة والتقنيّة وتبني القدرات من أجل صياغة سياسات مائية شاملة وقائمة على الأدلة والبراهين وإدارة الموارد المائية إدارة مستدامة من أجل ضمان حصول الجميع على مياه وخدمات صحية نظيفة وصالحة.
3- دعم إعادة إعمار النظم الإيكولوجية
يسهم الضغط الذي يتعرض إليه التنوع البيولوجي وموائله الطبيعية في ظهور الأمراض الحيوانية المصدر مثل كوفيد-19. وفي ضوء ذلك، نشهد اليوم حاجة لم يسبق لها مثيل لإعادة التفكير في الروابط بين البشر والطبيعة. وفي هذا السياق، تجسّد مواقع اليونسكو مثل محميات المحيط الحيوي والحدائق الجيولوجية العالمية أدوات فعّالة لتقصير المسافات بين البشر والطبيعة من خلال اختبار نهوج متكاملة والعمل بها لصون التنوع البيولوجي واستخدامه على نحو مستدام، فضلاً عن تحقيق التنمية المستدامة.
تقول المديرة العامة لليونسكو السيدة أودري أزولاي في رسالة لها: “ينبغي للأزمة الراهنة أن تؤدي ﺑﺎلتالي إلى إيجاد قناعة ﺗﺎمة تقطع الشك ﺑﺎليقين بضرورة تلبية الحاجة العاجلة إلى تحسين تمويل ودعم البحث العلمي والتعاون في الميادين العلمية. ويشمل هذا الأمر ﺑﺎلتأكيد العلوم الطبيعية، وكذلك العلوم الاجتماعية والإنسانية. فقد أفضى انتشار هذا الفيروس إلى إيجاد واقع اجتماعي جديد تماماً يمكن اختزاله في البيانات الوﺑﺎئية فقط على الرغم من الأهمية الكبيرة لهذه البيانات.”
لا تقتصر العلوم على مجتمع البحث فقط فيما يتعلق بـ «الوصول السهل» و «البيانات المتاحة» ولكنها تشير إلى العلم المتاح امام المجتمع. فعلى الرغم من التقدم المحرز في السنوات الأخيرة، ما زلنا نشهد تباينات كبيرة في مختلف المناطق وداخلها وفي بلدان مختلفة عندما يتعلق الأمر بالوصول إلى العلوم والتكنولوجيا والابتكار والتمتع بفوائدها، ولمعالجة هذه التباينات وإغلاق ثغرات الأمراض المنقولة جنسياً الحالية، يعتبر اتاحة العلوم أمام الجميع خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح.
وتكمن الاتصالات المفتوحة للبيانات العلمية والنتائج والفرضيات والآراء في صلب العملية العلمية. ففي هذا السياق، انتشر مفهوم « اتاحة العلوم أمام الجميع» كحركة عالمية متنامية لجعل البحوث العلمية والبيانات متاحة للجميع.
وتتمتع هذه الحركة بالقدرة على زيادة التعاون والاكتشاف العلمي بشكل كبير وتسهيل اعتماد التقنيات المجهزة جيدًا. وبالتالي يمكن تغيير اللعبة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما في أفريقيا والبلدان النامية والدول الجزرية الصغيرة النامية.
الإسلام دين العلم و السلام
إن ديننا الإسلامي هو دين التسامح والمحبة والسلام. كما هو دين العلم والتربية والتعليم. فهو عقيدة قوية تضم جميع الفضائل الاجتماعية والمحاسن الإنسانية، والسلام مبدأ من المبادئ التي عمق الإسلام جذورها في نفوس المسلمين، وأصبحت جزءاً من كيانهم، وهو غاية الإسلام في الأرض.
الإسلام والسلام يجتمعان في توفير السكينة والطمأنينة ولا غرابة في أن كلمة الاسلام تجمع نفس حروف السلم والسلام، وذلك يعكس تناسب المبدأ والمنهج والحكم والموضوع وقد جعل الله السلام تحية المسلم، بحيث لا ينبغي أن يتكلم الإنسان المسلم مع آخر قبل أن يبدأ بكلمة السلام، حيث قال رسولنا الكريم ﷺ “السلام قبل الكلام” وسبب ذلك أن السلام أمان ولا كلام إلا بعد الأمان وهو اسم من أسماء الله الحسنى.
كما أن الرسول ﷺ جاء سلاماً ورحمةً للبشرية ولإنقاذها وإخراجها من الظلمات الى النور حتى يصل الناس جميعاً إلى أعلى مراتب الأخلاق الإنسانية في كل تعاملاتهم في الحياة.
إن السلام بمفهومه السلمي هو أمنية ورغبة أكيدة يتمناها كل إنسان يعيش على هذه الارض، فالسلام يشمل أمور المسلمين في جميع مناحي الحياة ويشمل الأفراد والمجتمعات والشعوب والقبائل، فإن وجد السلام انتفت الحروب والضغائن بين الناس، وعمت الراحة والطمأنينة والحريّة والمحبة والمودة بين الشعوب.
أثر الإسلام في تحقيق السلام العالمي
إن أثر الإسلام في تحقيق السلام العالمي يتجلى في تعزيز التعايش السلمي وإشاعة التراحم بين الناس ونبذ العنف والتطرف بكل صوره ومظاهره، وكذلك في نشر ثقافة الحوار الهادف بين أتباع الأديان والثقافات لمواجهة المشكلات وتحقيق السلام بين مكونات المجتمعات الإنسانية وتعزيز جهود المؤسسات الدينية والثقافية في ذلك.
إن للسلام العالمي شأنا عظيما في الاسلام، فما كان أمرا شخصيا ولا هدفا قوميا او وطنيا بل كان عالميا وشموليا، فالسلام هو الأصل الذي يجب أن يسود العلاقات بين الناس جميعا، فالمولى عز وجل عندما خلق البشر لم يخلقهم ليتعادوا أو يتناحروا ويستعبد بعضهم بعضا، وإنما خلقهم ليتعارفوا ويتآلفوا ويعين بعضهم بعضا، فالإسلام يدعو الى استقرار المسلمين واستقرار غيرهم ممن يعيشون على هذه الأرض، ويكشف لنا التاريخ أن جميع الحضارات كانت تواقة من أجل تحقيق السلام العالمي.
السلام ضرورة حضارية طرحها الإسلام منذ قرون عديدة من الزمن باعتباره ضرورة لكل مناحي الحياة البشرية ابتداء من الفرد وانتهاءً بالعالم أجمع فبه يتأسس ويتطور المجتمع.
الإسلام والعلم..تاريخ وحضارة
في الإسلام، لا ينظر إلى الطبيعة كشيء منفصل ولكن باعتبارها جزءا لا يتجزأ من النظرة الكلية إلى الله والإنسانية والعالم والكون. هذه الروابط تعني الجانب المقدس من سعي المسلمين للمعرفة العلمية، حيث كانت الطبيعة في القرآن تعد تجميعا للعلامات المفضية إلى معرفة الله الواحد. إنه كان مع هذا الفهم كان السعي وراء العلم، وذلك قبل عصور الاستعمار للعالم الإسلامي كان هذا السعى محترماً، في الحضارات الإسلامية.
كثيرون من علماء الغرب يعتقدون أن المنهج العلمي الحديث كان إنجازا رائدا من قبل ابن الهيثم المعروف في العالم الغربي، والذي كان قد حقق إسهامات شبيهة لتلك التي أنجزها إسحاق نيوتن. ويؤكد روبرت بريفولت، في كتاب “صنع الإنسانية”، أن وجود العلم، كمفهوم بالمعنى الحديث، كان متجذرا في الفكر العلمي والمعرفة التي ظهرت في الحضارات الإسلامية خلال هذه الفترة.
إن تاريخ العلم والعلوم في العالم الإسلامي يشير إلى العلوم التي ازدهرت تحت الحضارة الإسلامية بين القرون 8 و16، خلال ما يعرف باسم العصر الذهبي للإسلام. فبينما كانت أوروبا غارقة فى العصور المظلمة كانت الحضارة الإسلامية تزدهر وتشهد عصرها الذهبي. ويفتخر العرب والمسلمون بالعصر الذهبى للإسلام – الذى استمر قرابة 500 عام، ويستخدمونه كدليل إثبات على عدم وجود صراع بين الإسلام والعلم، وهو تاريخ وإرث حضارى لا ينكره أحد.
وفى كتابه “الإسلام والعلم وتحدى التاريخ” يدرس د.أحمد دلال أهمية المعرفة العلمية ويرصد العلاقة بين الثقافة العلمية والقوى الثقافية الأخرى فى المجتمعات الإسلامية ضمن سياقها الثقافى الأوسع، متتبعا الفروق المعرفية بين العلم والفلسفة من ناحية ، والعلم والدين من جهة أخري.