مقدمة :  من خلال مطالعة كتب الفكر الإسلامي المعاصر نقف على ظاهرة تدعو للدهشة من جهة وتستدعي التوقف والتحليل، ثم الاختبار والتحقيق بعدها، إذ نجد الكثير من المفكرين – وقد أخذوا مكان المخاطب للجماهير والصانع لوعيهم- يطلقون أحكاما بطابع افتراضي، وبذلك يزيدون من سبات وعي الأمة الإسلامية، ومن هذه الأحكام المجملة والمبهمة قولهم: إن العلم الحديث يتوافق كل الاتفاق مع الدين، وإن الدين والعلم أحدهما يأخذ بيد الآخر، وأنقل مثالا واحدا كلام وحيد الدين خان:” وإن ما جاء في القرآن داخلا في النظر العلمي يصبح للمؤمن براهن يقينية، وبهذا يصبح العلم كله ” علم كلام قرآني ” (1) ،قد يكون هذا الكلام صحيحا في نفسه، ولكن واقع الخطاب الديني الإسلامي ينقضه، حيث إن علاقة الخطاب الإسلامي بالعلم الحديث لم تكن بهذا الانسجام والوفاق، بل كانت متوترة وقلقة طول الفترة الأخيرة، ورغم هذا يمكنني أن أفترض في هذه التوطئة:الذي عالج به المفكرون المسلمون مسائل العلم؟

 1- جدل الثنائيات في تراثنا

قبل أن أتناول الثنائية هنا وهي العلم والدين، يحسن أن أشير إلى أن جدل الثنائيات ليس غريبا على تراثنا الطويل، فمنذ القديم كانت هناك ثنائيات متشاكلة ومتجادلة فنجد التوحيد وضده الشرك، والتنزيه في مقابلة التشبيه، والجبر يقابله الاختيار، والوعيد ينقضه الرجاء، والإيمان يقابل الكفر والشك ومعه اليقين، والعقل والنقل، وتبرز ثنائية الجسد والروح، وأهل الرأي وأهل الأثر… وغيرها من الثنائيات التي وجدناها في تراثنا مجتمعة لتتفق أو لتفترق.

وبالنسبة للدين فقد ارتبطت به مصطلحات متعددة وبخاصة في عصرنا الحالي فيقال الدين والدولة ، الدين والدنيا ، الدين والحياة ، ومما كثر ارتباطه واجتماعه مؤخرا ثنائية الدين والعلم “.

ونظرة على الماضي وفي علم الكلام الإسلامي كان الجدل دائرا وبحدة حول ثنائية مشابهة لما ذكرنا ألا وهي ثنائية العقل والنقل، فقد حاول المتكلمون – بكل الطرق- التوفيق وإزالة الجدل والإشكال بين المجالين المعرفيين، مجال المعقول من جهة والمنقول من جهة ثانية، وكل الطوائف قد ادعت أن المعتقدات الدينية التي تتنباها لا تتعارض مع العقل ، وحتى التوجه التأصيلي السلفي لا ينكر اتفاقها مع العقل، فنجد الشيخ ابن تيمية مثلا يكتب كتابا ضخما ويطلق عليه اسم ” بيان موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول”، أو “درء تعارض العقل والنقل” كما عليه التسمية الثانية.

ومع دخول البشرية – ومعها عالمنا الإسلامي- مرحلة فكرية جديدة، ألا وهي مرحلة العلم أو عصر العلم، حل مصطلح العلم محل مفهوم العقل، فالعلم صار بالنسبة للعالم الجديد أصلا أصيلا ومرجعا أساسا في المعرفة والإدراك وصناعة الوعي بالنفس والعالم.

2- الدين والعلم وقفة مع المفهوم

عندما نطلق العبارة التالية:”إن العلم يؤيد الدين” لابد وقبل تحقيق صدق هذه القضية أن  نحدد ماهية الدين وماهية العلم ثم نحقق النسبة بينهما؛ وإلى هذا المعنى أشار وحيد الدين خان : “إن الدين والعلم كلمتان فضفاضتان، إن الدين نظرة إلى الحياة، وهو يعني نظاما محددا يقوم على أساس تلك النظرة المعينة إلى الحياة ، والعلم ” Science ” هو دراسة العالم المحسوس الذي يخضع أو يمكن أن يخضع لتجاربنا ومشاهداتنا. وبهذا الاعتبار فالدين والعلم كلاهما مجال لموضوعات واسعة ودائرة كل منهما تختلف كثيرا عن الآخر” (2).

أ- مفهوم الدين

حينما نطلق لفظة الدين ماذا نقصد؟ هل نقصد الدين بالمعنى العام ، والذي يعني الاعتقاد بامتداد ميتافيزيقي للوجود المادي، أي الاعتقاد بوجود الروح (في مقابلة المادة)، تلك الروح التي يقول عنها محمد فريد وجدي:” التي أوجدت الكون وأخذت في تربيته وإعداده للحياة وتكميله على سنة التدرج حتى تبلغ به وبكائناته أوج الكمال الذي أعدته له”( 3)، هذا النموذج للدين باعتباره ظاهرة إنسانية عامة.

أو نقصد الدين بالمعنى الخاص، أي الدين الإسلامي ، والذي يعني مقررات العقيدة الإسلامية، فحينما يقال:” إن هذا الكشف سيعزز الإيمان”، هل قصد الإيمان بالقضايا العقدية الإسلامية، التي يقول فيها القرآن الكريم : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } آل عمران : 85 ويقول : { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } آل عمران : 19

إن التدقيق مهم للغاية وخاصة عندما يكون الحديث عن الدين، التدقيق يجعلنا نوظف المصطلحات توظيفا صحيحا، ونفهمها فهما صحيحا، فإذا ما وقفنا على عبارة هنا أو هناك تتكلم عن الدين، فعلينا دائما وأبدا طرح السؤال التالي عليها:

ما المقصود “بالدين”؟. لا بد أن نشير إلى أن الدين يرتبط بالمقدس في كثير من نماذجه وحقوله، لكن أحيانا للمقدس مجال خارج الدين بمفهومه المتداول، لأنه يرتبط أيضا بطبيعة المجتمعات وحدوده فيها. والمقدس وجه جوهري للين وعماد أساسي من أعمدته والمؤمن يتمثل هذا المعنى تمثلا دقيقا شاملا ويخضع له على وجه التبجيل والاحترام والمحبة والخوف والرهبة والطاعة وفي الإيمان الإسلامي يدخل في باب المقدس الموجود الأول، الله، العلي أو المفارق .

والحقائق العلمية لا تعترف بأي قداسة، لأن أي نشاط معرفي لا يتمثل القداسة تمثلا نهائيا، وبالتالي فإن جوهر الدين لا يتضمن تلك الأبعاد المتعلقة بالنشاط العلمي باعتبار أن وظيفته هي الهداية وتنظيم حياة الجماعة بما يتوافق مع المقاصد الإلهية، ويعرّف عبدالجبار الرفاعي الدين بوظيفته حيث يقول  :” يمكن أن نعرّف الدين بوظيفته، وظيفة الدين هي إنتاج المعنى، والدين يضيء ما هو مظلم في حياتنا، ويكشف عن الجمال في الأشياء.. ونمط إنتاج الدين روحي يرتبط بالمعنى أي إنه يخلع معنى لا يمكن أن تمنحه الوسائل والأدوات الأخرى التي يمتلكها الإنسان ويتنوع هذا المعنى بسبب تنوع الظروف والأحوال واستعداد الأشخاص الروحي ومستوى اطلاعهم على الفكر الديني” ( 4).

وفي موضع آخر يشير الرفاعي إلى أن ” روح الدين، باطن الدين، جوهر الدين، يتلخص في إرواء الظمأ الأنطولوجي للشخص البشري ..حين يرتوي الظمأ الأنطولوجي يكف الدين عن أن يكون أداة للصراع على الثروة والقوة والسلطة، و تتكرس وقتئذ الحياة الروحية الأخلاقية للشخص البشري.. من دون أن يتمدد الدين فيهدر الدنيا عبر الاستيلاء على ما هو دنيوي خارج عوالم الروح والذات.. فالدين هو ذلك الإيمان الغاطس المتوحد بالذات”( 5) .

والإيمان دفقة روحية تستأنس بالعاطفة الإنسانية، ويمكن أن نقول بأن الدين هو الإيمان الذي تتسامى فيه المُدركات الحسية إلى عوالم تترج فيها الذات من طور إلى طور، عن طريق تهذيب للباطن وفق ممارسات شعائرية وأحكام ناظمة لأعمال المؤمنين.

و الدين في الرؤية الإسلامية يستند إلى مبدأ التكامل و التكامل يستند إلى معنى “الوحدانية “، ويطرح طه عبدالرحمن سؤالين :

– الأول في أفق فهم طبيعة هذا التكامل: كيف يتجلى تكامل  الدين؟

-والثاني في غاية هذا التكامل-: لماذا يجب أن يكون هذا الدين متكاملا؟ ويوضح طبيعة هذا التكامل بقوله أنه ” لا بد من من التفريق بين معنيين اثنين للتكامل؛ أحدهما الاتساق؛ والمقصود به أن أحكام الدين مترابطة فيما بينها ومتماسكة في منطقها، والثاني الاتساع؛ والمقصود به أن أحكام الدين تتعلق بأفعال الإنسان كلها وبكل الوقائع التي لها صلة بهذه الأفعال، نهوضا بتعبّده..” ( 6) ” والتعبّد لله هو الغاية من خلق الإنسان لزم أن تهيمن هذه الغاية العظمى على جملة أفعاله بحيث لا يحصل منه الفعل إلا وهو يقصد أن يسير به قدما إلى تحقيق هذه الغاية”( 7).

فغاية الدين في الإسلام هو إفراد الله بالعبادة وتوحيده، وتسوية النفس وبذل الجهد في إصلاحها، وجوهر الدين هو التصوف في أبعاده السلوكية. وبالتالي فإن مقولة “حقائق الدين متناسقة مع مقتضيات العلم” هي مقولة ناشزة عن فهم الدين وأصله، وهي مقولة مستوردة عن ما راج في بعض الأدبيات الغربية التي ترى أن العلم يميل إلى تأييد حقائق الدين.

يقول برتراند راسل في كتابه النظرة العلمية : ” لقد أعلن معظم أساطين الطبيعة وعدد من علماء الأحياء البارزين في الأزمنة الحديثة أن تقدم العلم حديثا قد أثبت بطلان المادية القديمة، ومال إلى تأييد حقائق الدين “( 8).

فالنقل السابق من راسل – وبغض النظر هل اتفق هو معه أم لم يتفق- يبين لنا أن المتدينين في الغرب قد انتشوا نسبيا لبعض مقررات العلم الذي مال إلى تأييد حقائق الدين، ونجد علماء متخصصين ألفوا كتبا علمية كثيرة نصرة لبعض مقررات الدين وحقائقه الكلية، مثل مجموعة كتاب” الله يتجلى في عصر العلم”( 9) أوكتب الفيزيائي الفلكي بول ديفيز:”الجائزة الكونية الكبرى”و ” الاقتراب من الله” ( 10 ) أو ما كتبه عالم الأحياء مايكل بيهي وغيرهم كثير. ولكن هذا الطرح المؤيد للدين لا يعني تماما أن هذا الموضوع يخص مضامين الدين الإسلامي الخاصة، حتى يستعيره المفكرون المسلمون، فللإسلام قضاياه المميزة والخاصة كمسألة النبوة والكثير من مقررات النصوص القرآنية، والتي كثيرا ما يضمها المفكرون المسلمون عند نقلهم بعض تأييدات العلم للدين، دون فصل أو تمييز حقيقي وجاد. ونظرا لعدم فرز المفهوم المراد من الدين عند الكلام عن علاقته بالعلم، راج اعتقاد ما في الأدبيات الإسلامية أن العلم المعاصر متفق تمام الاتفاق مع ديننا، وأنه يجلي الكثير من حقائقه ويبينها بل ويبرهنها ويدلل عليها، بحيث صار له خادما مطواعا وناصرا قويا، فغديا يتفقان ولا يختلفان، توأمان لا ينفصلان.

فالعلم عند الكثيرين دين، والدين علم، وصار هذا الحكم الدوغمائي الجاهز والجذاب، يتنقل على الألسنة الإسلامية بلا تحليل ولا نقد، ويطلق إطلاقا لا يسلم به النظر الموضوعي للأشياء.

ب-مفهوم العلم

الجزئية الثانية هي (العلم)، والعلم كمفهوم يختلف حسب الزمان والثقافة، ونحن لابد أن نوضح ماذا يقصد بالعلم، فحين يعنون الشيخ مصطفى صبري كتابه :” موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين” عن أي علم يتكلم؟ وحين يكتب الأستاذ الموسوعي محمد فريد وجدي بك كتابا يسميه:”الإسلام في عصر العلم”فماذا يقصد هو الآخر؟

العلم في التراث الإسلامي

العلم في تراثنا الإسلامي أخذ استخدامات مختلفة، فأطلق بمعنى التخصص المعرفي والذي يطلقون عليه أحيانا لفظ” الفن” كما فعل مصنفوا العلوم مثل محمد علي التهانوي في كتابه” كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم” وغيره من المشتغلين بتصنيف العلوم الدينية والدنيوية. ولكن العلم في استخدامات المتكلمين والفلاسفة اتجه نحو إيجاد مفهوم منطقي بحيث يشمل كلا من العلمين البشري والإلهي، فجعلوا العلم في أعلى مراتب الإدراك فوق الظن والشك والوهم والجهل، فهو ضد الجهل، ومرتبة من مراتب اليقين،( 11 ) وهو هنا معنى نفسي بالأساس وقد صرح بعضهم بهذا مثل القاضي عبد الجبار الذي اعتبره :” اعتقاد الشيء على ما هو به مع سكون النفس” (12) فالعلم هو حالة نفسية مريحة، ” يقتضي سكون النفس وثلج الصدر وطمأنينة القلب”( 13 ) وهو معنى مرتبط بالنفس أساسا، ومن جملة العلم حسب المتكلمين حقائق العقيدة حيث هي يقينية وثابتة في نفس المعتقد، وصاحبها يوصف بالعلم.

ومن التعاريف :( 14 ) “هو حصول صورة الشيء في العقل ، أو الصورة الحاصلة عندالعقل، وفيه أنه يتناول الظن والشك ، والوهم ، والجهل المركب”. وهو: ” اعتقاد الشيء على ما هو به عن ضرورة أو دليل، وفيه أن الاعتقاد المذكور يعم الجازم ، وغير الجازم وعلى تقدير تقييده بالجازم، يخرج عنه العلم بالمستحيل ، فإنه ليس بشيء اتفاقا”.

وعرفه”صديق خان”(ت 1307 هـ) بأنه”الإدراك مطلقا تصورا كان أو تصديقا أو غير يقيني”( 15 ).وعند المتكلمين :” العلم يطلق على إدراك المسائل، وعلى نفسها،وعلى الملكة الحاصلة منها ، والعلوم المدونة تطلق على هذه المعاني، ومنها : ملكة يقتدر بها على استعمال موضوعات ما، نحو غرض من الأغراض ، صادرا عن البصيرة ، بحسب ما يمكن فيها، ويقال لها الصناعة أيضا”( 16 ). وقال “الجرجاني”(ت 471 هـ ):” العلم هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع،وقال الحكماء هو حصول صورة الشيء في العقل”( 17 ).

ومع أن تعاريف العلم ،لم تتعدد تعددا يعيق ضبط مفهوميته، فقد كان العلم إلى وقت قريب هو” المعرفة البسيطة ، سواء أكانت تلك المعرفة فطرية أم مكتسبة ، وسواء أكانت تتناول فرعا واحدا من فروع العلم أم تتناول فروعا كثيرة “( 18 ). فهو مجموعة متنوعة من فروع المعرفة ، أو مجالات فكرية تشترك في جوانب معينة ، والعلم هو ذلك المجال الواسع من المعرفة الإنسانية، يكتسب بواسطة الملاحظة والتجربة، ويتم توضيحه عن طريق القواعد، والقوانين والمبادئ والنظريات، والفروض. وهو مجموعة المعلومات المنظمة المكتسبة بالملاحظة، واختبار حقائق عالم الطبيعة والمجتمع، أي العلوم الطبيعية والعلوم الفيزيائية والعلوم الاجتماعية .

ج-العلم بالمعنى الوضعي الحديث

العلم بالمعنى الفلسفي الغربي الحديث، يأخذ مجالا محددا ودقيقا، بحيث يبتعد قليلا أو كثيرا عنه في دائرة التراث الإسلامي ، ومقصودنا المصطلح بالإنجليزي ،”Science” وفي هذا الصدد يقول ألبرت إنشتاين:”ليس من العسير أن نتفق على المعنى المقصود بكلمة ” علم ” “Science” ، فالعلم هو السعي عبر القرون عن طريق التفكير المنظم نحو تجميع كل الظواهر الممكن إدراكها حسيا في هذا العالم من ارتباط شامل بقدر الإمكان” أي أن العلم هو التفكير المنهجي الذي نوجهه نحو اكتشاف الارتباطات التي تنتظم وفقا لها مختلف تجاربنا الحسية ، ولو حفرنا أكثر في المعنى المراد حديثا من مصطلح علم لوجدناه يتلخص ويتخصص في العلوم التي تسعى للكشف عن الطبيعة، الطبيعة بمعناها المادي الحسي، وهو ما يفرز لنا علوما تجريبية بالأساس، ويمكننا ملاحظة سمات هذا المفهوم واستعمالاته في أطروحات فلسفية كثيرة مثل ما عرضه باشلار في كتابه الفكر العلمي الجديد أو أطروحة العلم القياسي عند توماس كوهن( 19 ) أوالشروط التي وضعها كارل بوبر في كتابه منطق البحث العلمي، أو ما وضحه برتراند راسل في القسم الأول من كتابه:”النظرة العلمية” وغيرها كثير من خلال أعمال فلاسفة العلم في العصر الحديث، حيث حاولوا بكل المناهج الإبيستمولوجية التمييز بين العلم  “Science ” واللاعلم  “Non-science ” وشبه العلم (20 ) “Pseudoscience ” .

ومنذ القرن 18 م ؛ أصبح تعريف العلم بأنه :” دراسة تتعلق إما بمجموع من الوقائع المبرهنة أو مجموع من الوقائع الملاحظة التي ترتب، ثم يجمع بعضها إلى بعض على نظام مخصوص، ليستخرج منها قوانين عامة،على أن يقوم ذلك كله على أساليب موثوقة، تمكن الدارس من اكتشاف حقائق جديدة في الناحية التي يوليها اهتمامه”( 21 ).

فالعلم ليس مجرد مجموعة من الحقائق والمفاهيم والأفكار المفيدة عن الطبيعة، وليس العلم استكشافا منظما للطبيعة ، ورغم أن هذين التعريفين للعلم ، العلم هو منهج لاستكشاف الطبيعة وطريقة للتعرف عليها، تكشف لنا عن معرفة يمكن الاعتماد عليها عن الوجود، بعبارة أخرى العلم هو منهج لاستكشاف معرفة معتمدة عن الطبيعة، وهناك عدة طرق لاستكشاف وتعلم المعارف عن الطبيعة، ولكن العلم هو المنهج الوحيد الذي ينتج لنا محصلة معرفية معتمدة.

يقول توفيق الطويل:” يراد بالعلم في معناه الواسع الفضفاض ؛ أي فرع من فروع المعرفة البشرية يجري على نهج ونظام ، أما بمعناه الاصطلاحي الضيق، فيراد به العلم الطبيعي ، أي علم الفيزياء وما تفرع عنه من علوم تشاركه في مناهجه التجريبية”( 22 ).

وأول خطوة يبدأ بها العلم بالمعنى الحديث هو ملاحظة الواقع، الواقع بكل تجلياته ( الطبيعة/ المجتمع / الإنسان ) وحول هذا الواقع تفرز العلوم اختصاصاتها المختلفة.

3- أزمة المنهج بين العلم والدين

في النصف الأول من القرن العشرين، ألف الشيخ مصطفى صبري كتابه “موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين” وهو كتاب ضخم في أربعة أجزاء، اكتسب قيمة كبيرة في الفكر الإسلامي الحديث، إلى درجة أن قيل فيه بأنه كتاب القرن العشرين بلا منازع( 23 ) أي أهم كتاب إسلامي يدافع عن العقيدة الدينية بالأدلة العقلية، وكان الباعث على تأليفه هو موجة الإلحاد التي مست العالم بما فيها العالم الإسلامي، وحسب مؤلفها فقد تسبب فيها الفكر العلمي المادي، فأول تصفح للكتاب يبين مدى الأزمة التي سببها العلم الحديث، والذي يسميه بعلم الماديين، يقول:” و نحن سنثبت في غير موضع من كتابنا هذا -بعون الله، و توفيقه- أن العلم الذي يستند إليه الدين أفضل من علم الماديين “( 24 ) فالشيخ صبري يرى أن العلاقة ليست توافقية بالضرورة، لأن العلم بالمعنى الديني أفضل منه بالمعنى الوضعي أو المادي، وهذه الأفضلية تتضمن اختلافا بوجه من الوجوه.

والشيخ في كتابه قرر بأن الإسلام يتفق مع العلم الصحيح بل ويتفوق عليهمن حيث المضمون ومن حيث المنهج، وهو حينما يطلق لفظ العلم الصحيح يقصد به العلم الذي يستند أساسا إلى الميتافيزيقا، يقول:” إن النفس الناطقة التي هي مناط العلم ليس إلا أمرا ميتافيزيقيا كالعلم نفسه، يعجز الطبيعيون عن إدراك ماهيته، ولذا قال شاتوبريان:” إن الإنسان حيوان ميتافيزيقي”( 25 )، فهو ينتصر لمنهج البحث الميتافيزيقي القائم على الاستدلال العقلي أو على قياس الغائب على الشاهد وهي طريقة علماء الكلام منذ القديم.

وفي جهة أخرى، برز لنا موقف الأستاذ محمد فريد وجدي، الذي اشتهر في النصف الأول من القرن العشرين بعدة كتب ومقالات ينتصر فيها للعلاقة التوافقية بين العلم والدين، ومن أشهر كتبه:” الإسلام في عصر العلم” وهو كتاب ألفه ليبين فيه جملة آرائه حول العلاقة بين الإسلام والعلم منتصرا في الأخير بأن الإسلام والعلم متوافقان، وفي كتابه “الإسلام دين الهداية والإصلاح” يعقد فصلا بعنوان: الإسلام يعلن سلطان العقل والعلم ( 26 ).

قد يبدو موقف الأستاذ وجدي متفقا من حيث الغايات مع موقف الشيخ مصطفى صبري، ولكننا لو نعود للشيخ صبري سنجده يحمل على الاستاذ فريد وجدي حملة كبيرة ويشنع عليه تشنيعا شديدا، في مختلف أطوار كتابه سابق الذكر، رافضا رفضا تاما المنهج الذي يتبناه في إثبات العقائد الدينية، فيقول عنه:”وناقشني هذا الأستاذ بعد سنتين، منكراً لمعجزات الأنبياء، و مضيفاً إليهِ عند النقاش إنكار البعث بعد الموت. و قال: … ولد العلم الحديث، وما زال يجاهد القوى، التي كانت تساوره، فتغلب عليها، و دالت الدولة إليه في الأرض، فنظر نظرة في الأديان، و سرى عليه أسلوبه، فقذف بها جملة إلى عالم الميتولوجيا (الأساطير) (27 ). فالنتائج التي انتهى إليها الأستاذ وجدي بعد تقبل المنهج العلمي في أعماله هي مرفوضة لدى شيخ إسلام الدولة العثمانية الشيخ صبري، كيف لا وهو قد أنكر الكثير من المسلمات العقائدية. لم ينتقد فريد وجدي فحسب بل جماعة من الشيوخ المعروفين كمفتي الديار المصرية محمد عبده والمفسر محمد رشيد رضا وشيخ الأزهر المراغي والكاتب هيكل باشا وغيرهم ممن تبنوا منهجا هجينا قادهم إلى إنكار بعض المقررات العقائدية كخوارق العادات والكرامات وحتى معجزات الأنبياء، أوتأويلها بكونها من المتشابهات لا المحكمات،بسبب تلقفهم للعلم الحديث ومنهجه دون توقف مع ما قادهم إليه من مآلات( 28 ).

والشيخ صبري لا يتوقف عند النقد بل وصل وأن اتهم فريد وجدي بالإلحاد الضمني لأنه في منهجه لا يعترف إلا بالحس، والنهج الحسي، أي بالمنهج الاستقرائي. وبما أن أكثر قضايا العقيدة الدينية ليست حسية ففي هذا المنهج هدم لأساسها الميتافيزيقي، ولو نلاحظ منهجية فريد وجدي بك في كتابه “الإسلام في عصر العلم” سنجده يثبت الدين والقضايا العقائدية، من طريق مختلف تماما عن الطريقة العقلية التي يعتمدها أكثر المتكلمين القدماء والمعاصرين على السواء والتي تقوم على مبدأ قياس الغائب على الشاهد، فيقول على سبيل المثال ناقدا الماديين الملاحدة:” هذه الطائفة أنكرت الروح والخلود والبعث والحشر والعقاب والثواب وزعمت أن ذلك كله من خيالات الأفكار القديمة وبقية من بقايا السالفين، ستتلاشى مع العلم والعرفان…” إلى قوله:” وإذا بآية عظمى وقارعة كبرى…وإذا هم بالتنويم المغناطيسي والاستهواء ثم تلاه فن استحضار الأرواح وتجسدها، فهبوا ينابذون تلك الخوارق جريا على سنتهم السابقة مع كل ما يشم فيه عالم ماوراء المادة (29).

ويبدو أن الأستاذ وجدي مولع بهذا الدليل أي الاسبرتزم (استحضار الأرواح)، لأنه – في وجهة نظره – الدليل العلمي الاختباري الحسي الوحيد على وجود الروح، وبالتالي المدخل العلمي للدين، لأن الروح التي هي نقيض المادة، يقول :” نحن إن كنا نكتب في فن استحضار الأرواح وندافع عنه فإنما نكتب فيه لجملة أوجه مهمة: منها أنه أكبر هادم لمقررات العلم المادي الحاضر الذي قرر عدم وجود شيء في الوجود غير المادة وقوتها الذاتية، وأن كل هذا الإبداع في عالم الشهادة ناشيء من فعل نواميس الطبيعة القديمة كقدم المادة…” ( 30 ) ويستشهد لصحة مذهبه في الاسبرتزم بعديد العلماء من مختلف البلدان الغربية، وقد أطال في بحث هذه المسألة وتوسع فيها مستشهدا بعدد كبير من العلماء والأطباء والمهندسين والأدباء من دول أوربية مختلفة( 31 ).

والأستاذ فريد وجدي قد سعى جاهدا إلى إثبات وجود الروح بطريقة تجريبية، وهذا تأسيا بالمنهجية العلمية ومحاولة ربطها بالدين، وعلى افتراض صحة تطبيقه لهذا المنهج وصحة غاياته منه ، فإنه إن أثبت الدين من طريق علمية فهو لن يثبت إلا الدين بالمعنى الأعم، أي وجود عالم ما وراء المادة، بينما البحث الديني الإسلامي يسعى لتثبيت مسائل أخرى في غاية الأهمية، كالنبوات والنبوة المحمدية بخصوصها، ولا شك أن هذا المنهج التجريبي سيقف عائقا في وجه هذه الغاية الرئيسة للبحث الكلامي الإسلامي. وهذا المنهج يبين مقدار التخبط الذي وقع فيه هذا الخط من المفكرين، والذين ذكر منهم مصطفى صبري الشيخ محمد عبده والشيخ المراغي وغيرهما، حيث إن محاولة ربط العقيدة وهي تنتمي إلى عالم الميتافيزيقا بالعالم الحسي، هي عملية خطرة على الدين، فهي تغير من طبيعته القائمة على الإيماني الغيبي.

4 – أزمة العلم والدين من حيث المضامين 

بعد تأملنا لأحد أمثلة الجدل (الإسلامي-إسلامي) من حيث المنهج وكيف اضطربت نظرتها إلى العلم، نخوض الآن في المضامين أي المسائل التي هي موضع احتكاك بين العلم والدين، والتي تناولها اتجاهان كبيران في الفكر الإسلامي المعاصر: التفسير العلمي للقرآن الكريم، ومسألة الإعجاز العلمي.

أ. التفسير العلمي للقرآن الكريم: بعد الثورات العلمية الحديثة ومكتشفاتها، قد جعلت طائفة غير قليلة من الباحثين الإسلاميين تتوجه نحو العلم ومحاولة إلحاقه بتفسير القرآن الكريم، وهذا المنهج قديم في تراثنا والخلاف حوله أيضا قديم بين مؤيد ومعارض لهذا النهج 28 ، و من أشهر الأمثلة المعاصرة على التفسير العلمي للقرآن الكريم ما ألفه الشيخ طنطاوي جوهري، وهو تفسير كبير في 25 مجلدا، حشاه صاحبه بكل ما أدركه فكره من نتائج العلوم التجريبية المختلفة وسماه: “الجواهر في تفسير القرآن المشتمل على بدائع عجائب المكنونات وغرائب الآيات الباهرات ” 29 وقد جمع كما هائلا من المعارف العلمية ثم جعلها تحت عناوين الآيات القرآنية، فحينما تتحدث آية ما عن السماء يأتي بما قال علماء الفلك عن الكون، وفي الآية التي تتحدث عن الأرض يأتي بما قاله علم الجيولوجيا وهكذا، بحيث تصبح النصوص القرآنية مجرد عناوين للموضوعات، ولا تتضمن أية دلالة على المنقول تحتها، ولكن تفسيره لم يلق قبولا لدى الكثير من الهيئات والشخصيات الدينية، كشيخ الأزهر محمود شلتوت والشيخ المراغي وأمين الخولي وغيرهم ، حتى أن الكتاب قد صودر في المملكة العربية السعودية ( 30 ).

وبالجملة فهذا المنهج لا يقف على دلالات الألفاظ القرآنية وقوفا حقيقيا كأن يقارن بين ما تقرره النصوص وما يقرره العلم، بل مجرد ربط سطحي، مباشر ومتساهل. وعن ياسين كساب في كتابه ” الألف حقيقة علمية في القرآن الكريم” الذي افترض أن القرآن يشبه موسوعة علمية في الفيزياء والكيمياء وأيضا علم الأحياء بوصفه مصدرا للمعرفة العلمية يقول مراد هوفمان: ” ..وللأسف فبعض الأكاديميين المسلمين قد انحرفوا تحت تأثير الغواية “للبرهنة” على صحة ذلك مدعين على سبيل المثال أن القرآن احتوى على معرفة كل ما يتعلق بالكهرباء واستكشاف الفضاء ونظرية الانفجار العظيم وما شابه ذلك، في كل هذه الحالات؛ فهؤلاء المؤلفين قد استرجعوا من القرآن المعاني التي أودعوها إياه في أول الأمر بهذا الأسلوب من التفسير.. ينبغي أن لا نفقد على الإطلاق النظرة إلى القرآن على أنه ليس معجما علميا لكنه رسالة إلهية تتعلق بأسلوب ممارسة الحياة في تبني الإيمان بالله ..إن مايسبب الضرر البالغ للعقيدة الإسلامية الادعاء بأن مافي القرآن يتطابق مع النظريات العلمية وهو نوع من المخاطرة الشديدة، فماذا يمكن أن يحدث إذا تغيرت النظريات العلمية؟.. هل علينا عندئذ إعادة تفسير القرآن مع كل توجه علمي جديد؟..”( 31 ) في إشارة منه إلى موضوعات الإعجاز العلمي.

 ب. الإعجاز العلمي: بعد ظهور التفسير العلمي للقرآن برز إلى الساحة الإسلامية موضوع “الإعجاز العلمي في القرآن الكريم” ثم تلته السنة بعد ذلك ( 32 )، وقد تكاثرت المؤلفات بطريقة تدعو للدهشة، بلغت المئات وأكثر، من أشهرها كتابات وحيد الدين خان “الإسلام يتحدى” و”الدين في مواجهة العلم” وكتب عبد المجيد الزنداني” كتاب الإيمان” و”البنية العلمية في القرآن” و زغلول النجار له ” الإعجاز العلمي في القرآن” و” من آيات الإعجاز العلمي الأرض في القرآن” وداود سليمان السعدي له” أسرار الكون في القرآن” ، ومحمد عز الدين توفيق ” دليل الأنفس بين القرآن والعلم الحديث” وغيرها كثير جدا، لدرجة أن تأسست هيئة إسلامية تسمى الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، انتمى إليها العشرات من العلماء عبر كامل أنحاء العالم الإسلامي، وتتفق هذه العينة من الكتاب على أن العلم يقرر ما جاء به القرآن، بل إنه صار من أدلته وأدلة إعجازه، فالعلم كله أصبح ” علم كلام قرآني” لأن كل ما يعثر عليه العلم إنما هو نفحة من أعمال خالق هذا الكون كما قال وحيد الدين خان( 33 ).

وهذا الإطلاق من هذا الفريق من علماء الدين غير مسلم به لأحد أمرين:

لأنه قد يؤدي إلى تأويل الدين ، أو إلى تأويل العلم. أي المس بمقررات الدين أو المساس بحقائق العلم. ومن أشهر من شن حملة ضد فكرة الإعجاز العلمي الدكتورة بنت الشاطيء في أوائل السبعينات وخصوصا ضد الدكتور مصطفى محمود، في مقالات في مجلة الأهرام (34).

-أولا تأويل الدين : جنح بعض المفكرين المسلمين إلى تأويل بعض المقررات الدينية حتى تتوافق جزئيا أو كليا مع العلم، وهو نوع من الاجتهاد، وسأضرب لذلك مثالا بما فعله البعض بعد ظهور نظرية التطور لداروين في أصل الأنواع، فقد كتب الشيخ حسين الجسر مؤلفه “الرسالة الحميدية” وهي رسالة أعلن فيها قبوله لمذهب داروين واعتبره لا يتعارض مع القرآن الكريم، واتفق معه ابنه نديم الجسر في كتابه “قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن” فالقرآن حسبهما لا يتعارض مع التطور، والتطور لا يتعارض مع القرآن، بل بالعكس كلاهما يؤيد الآخر، يقول الشيخ نديم الجسر وهو مفتي طرابلس في وقته:”…وفي صميم هذه المعركة الهائلة، يا حيران، وجد في العالم كله عالم ديني واحد، تجاسر على أن يؤلف كتابا يقول فيه إن مذهب دارون عند ثبوته لا يتعارض مع أحكام القرآن ولا مع الإيمان بوجود الله الخالق العظيم… هو الشيخ حسين الجسر مؤلف الرسالة الحميدية…”( 35 ) ومنها أيضا ما كتبه الأستاذ عبد الصبور شاهين في كتابه الشهير “أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطور والحقيقة” وهو يقرر فيه” بأن التناقض بين القرآن وما توصل إليه العلم من حقائق نهائية مستحيل، وإنما يأتي التناقض من جهة أن العلم لم يستقر على بر الحقيقة الكاملة” ( 37 ) وفي كتابه هذا يقرر بأن آدم– عليه السلام-هو أبو  الإنسان وليس أبا البشر، فالبشر هم خلق حيواني كانوا قبل الإنسان ، فاصطفى الله منهم آدم ليكون أبا الإنسانية (8)، والكتاب أثار ضجة في العالم الإسلامي، لأنه وببساطة حاول التوفيق بين القرآن وإحدى مقررات علم الأحياء، بطريقة فيها تأويل للشائع من المقررات الدينية. ومن المؤلفين في هذا الاتجاه نجد الكاتب السوداني عماد محمد بابكر حسن في كتابه “آذان الانعام دراسة قرآنية علمية لنظرية داروين في الخلق والتطور”( 38 ).

-ثانيا تأويل العلم أو إنكاره : وفي الجهة الأخرى رفض جماهير علماء الإسلام المحدثين نظرية التطور، واعتبروها مطية للإلحاد والكفر والخروج عن الدين، ولا يمكنني هنا حصر الرافضين لهذه النظرية رفضا قاطعا، سواء في فتاوى أم في كتب مفردة، وأذكر على سبيل المثال محمد فتح الله كولن وعمر سليمان الأشقر وهارون يحي في الكثير من كتبه مثل هدم نظرية التطور في عشرين سؤالا وخديعة التطور وغيرها، والأكثر من هذا لم يكتفوا بنفي اتفاق القرآن مع نظرية التطور، بل راحوا بكل الطرق محاولين إثبات أن العلم قد بين انهيار هذه النظرية. ( 39 ) ويقرر عمر سليمان الأشقر في كتابه “العقيدة في الله” تحت عنوان :” عكس هذه النظرية هو الصواب” يقول : ” الذي يقرره العليم الخبير خالق الإنسان مخالف تماما لما قرره هؤلاء الجاهلون، فالله يخبرنا أنه خلق الإنسان خلقا مستقلا مكتملا” (40) وفي هذا إنكار واضح ومتعسف لمقررات العلم من أجل نصرة العقيدة الدينية، وهو من أوضح أوجه السجال والجدال وعدم الوفاق. وأضرب مثالا أخر بموضوع الكونيات، حيث يثبت العلم الحديث وفق نظرية الانفجار الكبير أن الكون قد نشأ من العدم ثم توسع، وقد يبدو خادعا للبعض أن هذه النظرية مقبولة الأسس لدى علماء الإسلام اليوم، والصحيح أن فئة غير قليلة رفضت الكثير من حقائق علم الكونيات رفضا قاطعا ونهائيا، والسبب في نظرهم أن مقررات علم الفلك المعاصر تتعارض مع حقائق القرآن، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن باز في الفتوى التي أصدرها سنة 1976 والتي يقول فيها بعدم دوران الأرض حول الشمس، ثم أردفها بكتاب وضعه سنة 1982 سماه:” الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس والقمر وسكون الأرض”وهو في كتابه هذا يعتبر أن الأرض ثابتة لا تدور حول الشمس وأن الشمس والقمر هما المتحركان يقول: ” أما بعد فإنه لما شاع بين الكثير من الكتاب والمدرسين والطلاب القول بأن الشمس ثابتة والأرض دائرة كتبت في ذلك مقالا يتضمن إنكار هذا القول وبيان شناعته وذكر بعض الأدلة النقلية والحسية على بطلانه وغلط قائله وأوضحت فيه أن القول بثبوت الشمس وعدم جريانها كفر وضلال “( 41 ).

وليس هذا هو الاضطراب الوحيد الذي يعانيه الخطاب الديني إزاء مقررات علم الفلك، حيث نجد جدلا كل سنة حول هلال رمضان وهلال شوال، في مسألة الأخذ بالرؤية البصرية حتى لو خالفت قطعيات العلم، ومن سنة إلى أخرى يصوم بلد ما أو يفطر على هلال يقول العلم إنه لم يولد أو لا يمكن رؤيته بالعين، ويقول القائمون على الفتوى إنه قد رآه العدول وبالتالي قد ولد، وهذه صفحة أخرى متكررة من الصراع.

ومن أشهر أمثلة الصدام مع العلم، ما نجده من جدل دائر منذ أكثر من نصف قرن، حول بعض مكتشفات العلوم الطبية، ونعني بها مسائل زرع ونقل الأعضاء، فالفقه الإسلامي المعاصر اضطرب أشد الاضطراب حول هذه المسألة، ومن أكثر الآراء الدينية شهرة وتأثيرا فتوى الشيخ محمد متولي الشعراوي بعدم جواز نقل الأعضاء الآدمية من إنسانإلى إنسان على اعتبار أن الأعضاء ملك لله ولا يجوز للإنسان أن يتصرف فيما لا يملكه، وقد سبقته فتوى شيخ الأزهر السابق جاد الحق على جاد الحق في فتوى نشرتها جريدة اللواء الإسلامي في 6 مايو 1993 ،جاء فيها: ” فإذا كان الله قد أمر بعدم قطع شيء من البهيمة قبل أن تموت وتبرد حركتها فأولى بذلك الإنسان الذي كرمه الله حيا وميتا”( 42 ).

ومن القضايا الطبية والبيولوجية التي تصدى لها الكثير من المفتين بالمنع والتحريم، مسائل الإخصاب الصناعي وأطفال الأنابيب و مسائل الاستنساخ والهندسة الوراثية. وفي الحقيقة إن قضايا الهندسة الوراثية والاستنساخ وأطفال الأنابيب في الحقيقة ليست علما إنما هي تقنية، لكنها تنتمي إلى العلم، فهي من صميم اختصاص الأطباء والبيولوجيين والمهندسين الوراثيين، ولكن أبى علماء الدين إلا حشر الفتوى فيها فعلى سبيل المثال: مؤتمرا الكويت ” الإنجاب في ضوء الإسلام” و” بداية الحياة الإنسانية ونهايتها في المفهوم الإسلامي”عامي 1983 و 1985 وقد ناقشوا مسألة متى تبدأ الحياة، فاختلفوا في أطفال الأنابيب، بل في مسألة جواز البحث العلمي في هذه المسائل من أساسها،وهو تدخل في أهم اختصاصات العلم والبحث العلمي.

-ثالثا اتهام العلم بالتحيز: ومن الأمثلة على اضطراب الخطاب الإسلامي المعاصر تجاه العلم وتردده في قبوله، اتهامه بالتآمر، ومن الأمثلة على ذلك ما قاله الشيخ سليمان الأشقر حول نظرية التطور بأنها جاءت لأسباب خارجة عن نطاق العلم ولأهداف غير بريئة وغير صادقة، يقول:”المؤيدون للنظرية وتأييدهم كان أكثره انتصارا لحرية الفكر الذي كانت تحاربه الكنيسة وتقاومه، فقد شن علماء الطبيعة حربا ضد قسس الكنيسة وأفكارهم بعد أن نشبت حرب طاحنة بين الفريقين “( 43 ) ويذكر الدكتورالأشقر أن الاستعمار قد أسهم في انتشار نظرية التطور وفرضها فرضا، يقول:”… وهكذا فرض التعليم الاستعماري هذه النظرية بعد أن حطم دينها في مناهج الدراسة وقدمها في ثوب علمي حتى يستطيع أن يقنع الطلاب بصدق هذه النظرية “( 44 ) وهذا الأسلوب هو عين أسلوب هارون يحي في أكثر كتبه، والتي يتهم فيها المجتمع العلمي الذي تبنى نظرية التطور بالخداع والتزييف. واتهام العلم في حياديته أخطر معركة يمكن أن يشنها أحد تجاهه، لأن منطقه استقر منذ مدة على هذا المبدأ أي الحياد والموضوعية، وجرأة علماء الدين هؤلاء على اتهام العلم، يعود في نظري إلى أحد سببين:

– إما لجهل علماء الدين بطبيعة العلم ومنهجه وكيفية عمل العلماء،والشروط المتشددة في قبولهم للنظريات عبر العالم كله وفي المجتمع العلمي خصوصا.

– وإما ليتجنبوا مأزق اصطدام معتقداتهم مع المقررات العلمية.

وأخف وطأة من هذا الاتجاه المتصادم مباشرة مع العلم، نجد الاتجاه الذي يصف العلم الحديث بالتحيز، هذا الاتجاه يحاول أن يثبت أن العلم ينبني على نموذج معرفي معين هو النموذج المادي، وأن علماء الطبيعة متحيزون إلى رؤية معرفية متحيزة لأسس المادية، وهي أسس فلسفية وليست علموية، وهذا الطرح هو امتداد في أحد جوانبه لطرح الشيخ مصطفى صبري الذي ذكرناه من قبل، والذي يرفض فيه اعتبار العلم المادي العلم الأكمل، ومن المدافعين على هذه الأطروحة نجد الدكتور عبد الوهاب المسيري 45 والدكتور أحمد فؤاد باشا  (46) ،حيث يعتبر المسيري مثلا أن العلم الغربي يتحيز لمركزية واحدية مادية صلبة على حساب مركزية إنسانية ثنائية، وفي نظري أن هذه الأطروحة جاءت لتبقي باب الاحتمالات مفتوحا في وجه الخطاب الإسلامي، في حالة ما جاء العلم بما يتعارض والدين، فوضع احتمال أن العلم قد تبنى نموذجا معرفيا ماديا ولذلك توصل إلى هذه النتائج الخاذلة والمخالفة، يعطي المتدين راحة نفسية وشعورا ما بتأجيل الحسم إلى جولة لاحقة!.

خاتمة

بعد هذا التطواف المختصر، والذي أعتبره انتقائيا في كثير من أحواله نظرا لضيق المقام، عرضت فيه لأهم السجالات التي تناولت بالدرس موضوعات يلتقي حولها العلم والدين، هذه العلاقة والذي توصف فيه العلاقة بين العلم والدين بأنها علاقة توافقية إلى أبعد الحدود ، بل ربما نجد الأمر في كثير من الأحيان يقف على العكس من ذلك، حيث اضطر مجموعة غير قليلة من المفكرين الإسلاميين إلى التدخل في المناهج المعرفية الدينية بالتأويل تارة وبالإنكار تارة أخرى حتى تنسجم المعتقدات مع مقررات العلم. وفي المقابل دفعت مجموعة أخرى من علماء الدين دفعا إلى إنكار حقائق العلم تارة أو اتهام المنهجية العلمية تارة أخرى في سبيل إثبات صحة الخطاب الديني الذي تتبناه.

هذا وأختم بأنه ليست تحقيقا لمدى اتفاق الدين كدين مع العلم، بل هي تحقيق لنقطة واحدة: أن العلم أدخل الخطاب الديني في أزمة منهجية ومعرفية، لم يتمكن الكثير من علماء الدين التعامل الجيد والجدي معها، وهذا النقد الذاتي حري بأن يجعلنا نعيد النظر في المقررات الجاهزة والأحكام الناجزة التي تنتشر المرة بعد المرة في أدبيات الخطاب الإسلامي. وعلى المشتغلين بالقضايا العلمية أن لا يتناولوا المسائل الدينية بإقحامها في مختبراتهم، لأن كل مكتشف علمي جديد سيؤدي لا محالة إلى إعادة طرح تفسير جديد لمقتضيات النصوص وتأويلها تأويلا قد يتصادم مع أصول العقيدة الإسلامية وانبنائها على القرآن الكريم ككتاب هداية في الأصل. وسواء توافقت المكتشفات العلمية مع القرآن أو ارتفع القرآن عن ذكرها؛ تبقى كل الحقائق نسبية والعقل البشري المحدود هو في سعي دؤوب لبحث الكون وتسخيره لغايات سامية رفيعة.


الهوامش :

1- وحيد الدين خان، قضية البعث الإسلامي، المنهج والشروط، ترجمة محسن عثمان الندوي، دار الصحوة للنشر، مصر، 1984 ، ط 1،ص 99 .

2- وحيد الدين خان، الدين في مواجهة العلم، ترجمة ظفر الإسلام خان، دار النفائس، بيروت، لبنان، 1407 ه، 1987 م، ط 4،ص 63 .

3- محمد فريد وجدي، الإسلام دين الهداية والإصلاح- تحليل دقيق لمبادىء الدين الإسلامي، دار الجيل، بيروت،لبنان، 1411 ه، 1991 م، ط 1،ص 7.

4- فهمي جدعان،تحرير الإسلام (ورسائل زمن التحولات)، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، 2014 ، ص 292 .

5- عبد الجبار الرفاعي،إنقاذ النزعة الإنسانية في الدين، دار التنوير للطباعة والنشر،بيروت 2013 م، ص 19 .

6- عبد الجبار الرفاعي،الإيمان والتجربة الدينية، مركز دراسات فلسفة الدين، بغداد، 2015 م، ط 1، ص 17 .

7- طه عبد الرحمن، روح الدين (من ضيق العلمانية إلى سعة الائتمانية)، دار التنوير للطباعة والنشر،بيروت 2013 م، ط 3،ص 71 .

8- المرجع نفسه،ص 80 .

9- برتراند راسل، النظرة العلمية، ترجمة عثمان نويه، دار المدى، دمشق، سوريا، 2008 ، ط 1،ص 93 .

10- جون كلوفر مونسما وآخرون، الله يتجلى في عصر العلم ،ترجمة الدمرداش عبد المجيد سرحان من تأليف نخبة من العلماء الأمريكيين بمناسبة السنة الدولية لطبيعيات الأرض، أشرف على تحريره، ، دار القلم، دمشق، سوريا، دط.

11- بول ديفيز، الاقتراب من الله، ترجمة منير شريف، المركز القومي للترجمة،القاهرة، مصر، ، 2010 ط 1، ص 112 .

12 – انظر: التهانوي، كشاف اصطلاحات الفنون،تحقيق: رفيق العجم – علي دحروج مكتبة لبنان، بيروت،ط 1،ص 1219 فما بعدها.

13 – مهرى أبو سعدي،الإتجاه العقلي في مشكلة المعرفة عند المعتزلة، ت د عاطف العراقي، دار الفكر العربي، القاهرة، 1413 – 1993 ، ط 1،ص 122 – 123 .

14 – القاضي عبد الجبار شرح الأصول الخمسة، ت عبد الكريم عثمان، مكتبة وهبة، القاهرة، مصر، 1996 ، 1416 ط 3،ص 6.

15 – علي جمعة وآخرون ، بناء المفاهيم دراسة معرفية ونماذج تطبيقية ، المعهد العالمي للفكر الإسلامي ومكتبة المعهد بالقاهرة، 1998 ، مج 1، ط 1،ص 291 .

16- صديق حسن خان القنوجي ،أبجد العلوم ،وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق ، 1987 ، ص 7.

17- عمر فروخ ،عبقرية العرب في العلم و الفلسفة ، المكتبة العصرية، بيروت 1989 ، ط 5،ص 28 .

18- الجرجاني علي بن محمد بن علي ، التعريفات، دار الكتاب العربي ، بيروت 1405 ه ، ط 1،ص 155 .

19 – حسين علي حسن، الأسس الميتافيزيقية للعلم، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة، 2003 . ص 27 .

20 – أنظر : توماس كوهن بنية الثورات العلمية ، ترجمة شوقي جلال، سلسلة عالم المعرفة عدد 168 ، الكويت، 1992  ص 53 فما بعدها.

21- ولعل أقرب مثال للأذهان عند الحديث عن شبه العلم – وأقدمه ربما – هوعلم التنجيم ” Astrology”

22 – عمر فروخ ،مرجع السابق ، ص 28 .

23 – توفيق الطويل ، قضايا من رحاب الفلسفة والعلم ، دار النهضة العربية ،القاهرة 1986 ، ص 128 ، ص 129 .

24  – القائل هو عبد الفتاح أبو غدة ، نقلها نديم الجسر في كتابه قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن، دار الهدى ، عين مليلة الجزائر، 2000 ، دط، ص 395 .

25 – مصطفى صبري، موقف العقل والعلم والعالم، دار التربية، دمشق، سوريا، 1427 ه، 2007 م، ج 1، ط 1،ص 7.

26 – المرجع نفسه، ج 1، ص 10 .

27 – الإسلام دين الهداية والإصلاح، ص 39 فما بعدها.

28 – موقف العقل، ج 1، ص 26 .

29 – يقول :”فمعجزات الأنبياء المعدودة من الخوارق، التي تستند إليها نبواتهم غير معترف بها عند المبرزين من العلماء، الذين اتخذتهم مصر الحديثة أئمةً في الدينِ؛ مثل الشيخ محمد عبده، و الشيخ رشيد رضا، و الشيخ الأكبر المراغي؛ و اقتدى بهم الكتاب من كبار المؤلفين؛ مثل: الدكتور هيكل باشا، و الأستاذ فريد وجدي بك الذي يعدُّ آيات المعجزات، بل آيات البعث بعد الموت أيضا من المتشابهات، غير المحكمات…”نفسه، ج 1، ص 27 .

30 – محمد فريد وجدي، الإسلام في عصر العلم، دار الكتاب العربي،بيروت، دت،ط 3،ص 31 .

31 – مراد هوفمان، خواء الذات والأدمغة المستعمرة،تعريب: عادل المعلم ونشأت جعفر، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2002 ، ط1،ص 98 .

32 – الإعجاز العلمي يعرفه عبد المجيد الزنداني بقوله:” هو إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي، وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يظهر صدقه فيما أخبر به عن ربه سبحانه وتعالى” أنظر: الإعجاز العلمي، مجلة الإعجاز، عدد 1، 1416 ه، 1995 م، ص 10 .

33 – وحيد الدين خان، قضية البعث الإسلامي، المنهج والشروط،مرجع سابق، ص 99 .

34 – خالد منتصر، وهم الإعجاز العلمي ،دار العين للنشر، 2005 ، ط 1،ص 13

35  – أنظر : نديم الجسر، قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن، دار الهدى،عين مليلة، 2000 ، دط، ص 76 . 165 ، وكتاب الجسر هذا قام بتقريظه جماعة كبيرة من المفكرين بينهم علماء الدين، من شتى البلدان الإسلامية.

36 – عبد الصبور شاهين، أبي آدم، الروافد الثقافية ، القاهرة، 1998 ، ص 49 .

37 – في مناظرة تلفزيونية- موجودة على الانترنت أيضا- واجه الدكتور زغلول النجار الدكتور عبد الصبور شاهين وجهاً لوجه، ووصف نظريته بأنها ترسبات للفكر الوجودي.

38 – عماد محمد بابكر حسن, علاء الدين محمد بابكر حسن،آذان الأنعام دراسة

قرآنية علمية لنظرية داروين في الخلق والتطور، دار عزة للنشر، الخرطوم 2007 ، ط 1،ص 18 .

39 – يزعمون هذا رغم أن نظرية التطور هي النظرية العلمية الوحيدة المعتبرة في المجتمع العلمي مفسرة لتنوع الكائنات الحية على الأرض.

40 – عمر سليمان الأشقر، العقيدة في الله، دار النفائس، عمان، الأردن، 1419 ه ، 1999 م، ط 12 ،ص 94 .

41 – عبد العزيز بن باز، الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس والقمر وسكون الأرض ،مكتبة الرياض الحديثة، 1402 هـ، 1982 م، ط 2،ص 17 .

42 – انظر: خالد منتصر، وهم الإعجاز العلمي،السابق، ص 56 .

43  – عمر سليمان الأشقر، العقيدة في الله، ص 91 .

44 – المرجع نفسه. ينقل الأشقر نقولات خاطئة عن العلم فيقول : “وهذه بعض آراء العلماء المعارضين كما نقلها الأستاذ إبراهيم حوراني:” إن العلماء لم يثبتوا مذهب دارون بل نفوه، وطعنوا فيه” وهذا خطأ بين لأن أغلب العلماء يؤيدون نظرية التطور.

45  – عبد الوهاب المسيري، إشكالية التحيز، العلوم الطبيعية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، القاهرة، 1998 ،ط 3، ص 112 .

46 – انظر كتابه: دراسات إسلامية في الفكر العلمي، دار الهداية للنشر والتوزيع، 1418 هـ ، 1997 م، ط 1،ص 162 .