في هذه المقالة تعريف بكتاب النفس في القرآن الكريم ، من تأليف أ.د. محمد أمحزون.

النفس جمعها أنفس، هي ذات الإنسان المسؤولة عن أفعاله واهتماماته وطبيعة شخصيته، وتسيطر على حركاته وسكناته، وهي القوة العاقلة المدركة فيه.

ولذلك كان من أهم وظائف النفس البشرية الإدراك العقلي، وهو الذي يجعل الإنسان يدرك الأمور الحسية والمعنوية، ويفهم القضايا الجوهرية في الحياة كقيم: العدل،  والحق، والخير، والمساواة، والشورى. والأخلاق: كالعفة، والنزاهة، والوفاء، والصدق، والحكمة… إلخ.

وقد جاءت النفس في القرآن الكريم على أوجه ومعاني كثيرة تم إلقاء الضوء عليها، و بيان معانيها ودلالاتها في الفصل الأول من هذا الكتاب.

إن الله جلت عظمته هو الذي خلق” النفس”، وهو سبحانه الأعلم بالنفوس، وهو سبحانه الذي بيَّن للنفس طريق الهداية وطريق الضلال. لأجل ذلك ينبغي الرجوع إلى الوحي لمعرفة كيفية التعامل مع النفس البشرية، وكيفية توجيهها، وعلاجها من الأمراض، وتربيتها وتزكيتها، والسعي في خلاصها ونجاتها في الآخرة من العذاب وفوزها بالجنة.

صفات النفس الإنسانية

ولقد أبرز القرآن العظيم صفات النفس الإنسانية في عدد كثير من الآيات القرآنية منها:

  • أن النفس تعرف الخير والشر، لأنها تميِّز بينهما، إذ منحها الله تعالى القدرة لمعرفة الخير والشر، قال تعالى: }ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها{ [الشمس: 7-10].
  • أن النفس هي التي توسوس لصاحبها وتحدِّثه بالخير والشر، وهذه الوساوس لا يحاسب الإنسان عليها ما لم يقلها أو يفعلها. قال تعالى: }ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد{ [ق: 16].
  • أنها تظلم ذاتها وتظلم غيرها. قال تعالى: }ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به{ [يونس: 54]، وقال تعالى: }وقد خاب من حمل ظلما{[طه: 111].
  • أنها تأمر بالسوء؛ لأن النفس تميل بطبعها إلى الشر أكثر من ميلها إلى الخير قال تعالى على لسان امرأة العزيز: }إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي{[يوسف:53].

وإذا نظرنا إلى النفس نجد أنها في تقلباتها تَمُرُّ عبر نزعات وغرائز وميول تتمثل في قوة الشهوة، وقوة الغضب وقوة العقل. وهذه القوة تحتاج إلى من يوجهها ويهذبها؛ فبالعفة والصبر تهزم الشهوة، وبالحلم والأناة يهزم الغضب، وبالعلم والحكمة يسمو العقل.

وحسب استخدام هذه القوى المذكورة أعلاه، تمر النفس الإنسانية بمراحل تتصف فيها بثلاث صفات هي: النفس اللوامة، والنفس الأمارة بالسوء، والنفس المطمئنة.

ومن اللافت للنظر أن النفس البشرية تعاني من أمراض متنوعة، جُلُّهَا يتعلق بالناحية المعنوية والأخلاقية تم إلقاء الضوء عليها في ثنايا الكتاب. وهي في مجملها تؤذي الناس في الدنيا، وتؤول بهم إلى الخسارة في الآخرة. ولذلك تحتاج إلى علاج، وعلاجها في اتِّباع أوامر ونواهي الوحي التي تضمنها الكتاب والسنة.

وتأسيساً على ما سبق، فلابد لمن يريد النجاة والفلاح من محاسبة نفسه وتعهدها وتزكيتها لتستقيم على أمر الله تعالى. وتعمل وفق مقاييس وموازين الشرع الحنيف، ومن هذه الضوابط والمقاييس:

  • التعرف على عيوب النفس وأمراضها، والسعي الدؤوب لإصلاحها. قال تعالى: }والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين{[العنكبوت: 69].
  • مجاهدة أمراض النفس وصفاتها الذميمة، علاجها بالتزكية والمجاهدة.
  • ضبط أصول الشهوات (النساء والبنين والأموال) بالاقتصار على المباح وهو الحلال الطيب الذي أباحه الشرع. قال تعالى: }ولا تنس نصيبك من الدنيا{[القصص:77]. أي: طلب الحلال.
  • اليقظة والتذكر الدائم، ويعني ذلك طرد الغفلة والتفريط الذي يحصل للنفس البشرية }أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين{[الزمر: 56-58].
  • وضع برنامج يومي للعبادة، ومن ذلك: الصلاة، والذكر، وقراءة القرآن، والصيام، والصدقة، وقيام الليل، وغيرها من أعمال البر.

محتويات كتاب النفس في القرآن الكريم

في هذا الكتاب مقدمة وأربعة فصول وخاتمة وفهرس المصادر والمراجع.

  • يتناول الفصل الأول معاني النفس و مشتقاتها في القرآن الكريم وعددها مائة وسبعون.
  • يتحدث الفصل الثاني عن آفات علم النفس الحديث وفيه ثلاثة مباحث الأول:
  1. علم النفس الحديث يقوم على أساس الإلحاد.
  2. معضلة الغيب في الغرب.
  3. العوامل التي أسهمت في تخلف علم النفس في الغرب.
  • يبحث الفصل الثالث في النفس من المنظور الإسلامي، وفيه اثنى عشر مبحثا.
  1. يتحدث المبحث الأول عن أحوال النفس عند العرب،
  2. والثاني: عن المعرفة الصحيحة بالنفس التي جاء بها الأنبياء،
  3. والثالث: عن علم النفس الإسلامي،
  4. والرابع: عن النفس الأمَّارة بالسوء،
  5. والخامس: عن النفس اللوامة،
  6. والسادس: عن النفس المطمئنة،
  7. والسابع: عن أحوال النفس وعلاقتها بالملك والشيطان،
  8. والثامن: عن التفكير في النفس الذي أمر به القرآن الكريم،
  9. والتاسع: عن تزكية النفس بتوجيه القرآن الكريم،
  10. والعاشر: أن حفظ النفس من مقاصد القرآن الكريم،
  11. والحادي عشر عن أمراض النفس وعلاجها،
  12. والثاني عشر: عن تزكية النفس بأعمال القلوب. على أن هذا المبحث ينقسم إلى قسمين، الأول: العلاقة بين النفس والقلب، والثاني: أثر القلب في حياة الإنسان.
  • أما الفصل الرابع فيلقي الضوء على رؤية الإسلام في مكونات النفس الإنسانية، وفيه توطئة وتسعة مباحث.
  1. يتحدث المبحث الأول عن أثر القرآن في توجيه الدوافع النفسية إلى حيث المصلحة،
  2. عن توجيه الغرائز إلى ما ينفع الإنسان والمجتمع،
  3. عن الصفات النفسية لمن لا يهتدي بالوحي،
  4. عن حرية الإنسان ومسؤوليته عن أفعاله،
  5. أن التدين نزعة فطرية في الإنسان،
  6. عن العنصر الروحي وأثره في حياة الإنسان،
  7. عن العنصر المادي وأثره في حياة الإنسان،
  8. عن تطهير النفس من العيوب وتخليتها من الرذائل،
  9. عن تزكية النفس بالتربية والتعليم.

خلاصة القول

إنَّ الذي يتَّبع تعاليم الإسلام وشرائعه وأحكامه، سوف يرى بأنها تولي اهتماما خاصا لمعرفة “النفس”، وتدعو إلى تربيتها وتزكيتها، وتهذيب طباعها، وتقويم ما فيها من اعوجاج، وذلك لكبح جماحها عن الشر انتهاء واستسلاماً، ودفعها إلى الخير امتثالاً واستجابة.


معلومات الكتاب

  • العنوان : النفس في القرآن الكريم
  • المؤلف : أ. د. محمد أمحزون
  • الناشر : دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت
  • تاريخ النشر : الطبعة الأولى – 2025
  • عدد الصفحات : 168