بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أُجبرت ألمانيا على توقيع معاهدة فرساي بعد هزيمتها في تلك الحرب وكانت تلك المعاهدة مذلة ومجحفة وقاسية على ألمانيا اذ حملتها مسؤلية الحرب ومسؤلية تعويض خسائر الحرب للدول المتضررة (132 مليار مارك في ذلك الوقت).
ضُربت ألمانيا في صميم كرامتها وكبريائها فخسرت الحرب وخسرت معها أراضيها ومستعمراتها وأموالها….ولكنها…..لم تخسر روحها ولا إرادتها ولا اعتزازها بنفسها.
أثناء التوقيع قال أحد قادتها ، ممن مثلوا ألمانيا في التوقيع، مقولة خالدة تهز الأعماق وتفسر لك فعلا سر هؤلاء الألمان ” إن أمة تعدادها سبعين مليون نسمة يمكن أن تتألم ولا يمكن أن تموت “.
استوقفتني هذه الجملة كثيرا، وأخذتني في رحلة الى أعماق التاريخ أُقلّب صفحاته وأبحث في ماضي الأمم الخالدة والشعوب الفتية فأخبرني ذلك التاريخ بصوت يجلجل أعماق النفوس بأن “الأمم لاتموت بموت ابنائها وسقوط قتلاها ونزف دمائها ولكنها تموت بموت ارادتها وأملها وثقتها بنفسها” .
تموت الأمم عندما تستسلم لليأس .. تموت الأمم عندما تخشى الألم .. تموت الأمم عندما تذعن للمصاعب وتخسر التحديات ، أما ألمانيا فلم يصبها من ذلك شيء ولذلك عادت أمانيا من جديد.
وعندما برز فيها ذلك الفتى الثائر الطامح لمجد أمته من جديد ” هتلر ” سرعان ما لقى صوته صدى في ضمير أمته وبدأت دورة الحياة من جديد ، تحركت عجلة الصناعة الألمانية المتقنة وتنفس اقتصادها اكسجين الحياة ووقف التعليم قويا على رجليه ..بنى هتلر ألمانيا مرة أخرى ولكن لم يُكتب لهتلر البقاء والاستمرار اذ تعدت طموحاته وتعدى اعتزازه بأمته حد المعقول فاصطدمت تلك الطموحات بواقع العقل والمنطق، خسرت المانيا الحرب من جديد ومات هتلر منتحرا كما يروي التاريخ.
ولكن لم يمت في المانيا نظامها وعلمها وتقنيتها وجديتها التي بناها هتلر ومن سبقه فترى أثر ذلك اليوم جليا في كل ما صنعته اليد الألمانية.
هذا الدرس الألماني وهذا السر في هذه الأمة هو الذي يجب أن نستوعبه وهذا ما يفسر لنا قوله سبحانه “ان الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم “.
التغيير والنهوض يبدأ من الداخل ، يبدأ من أعماق النفوس ومالم تمتلك أية أمة أولا إرادة قوية للتغيير والنهوض فلن يحدث التغيير على أرض الواقع ،
فسر الألمان في أرواحهم.