ثبت بكتاب الله والسنة النبوية أن هناك علامات الساعة وأشراطا تسبق قيام الساعة، منها ما ظهر وانقضى، كبعثة النبي () وموته، وانشقاق القمر وغيرها، ومنها ما ظهر ولا يزال يكثر، كأن ترى الحفاة الرعاة يتطاولون في البنيان، وكثرة الهرج والمرج، وانتشار الزنا.  ومنها ما لم يظهر بعد كعلامات الساعة الكبرى، ومنها «نزول عيسى ابن مريم، وخروج المسيح الدجال، وطلوع الشمس من مغربها». 

وثبت وقوعها في كتاب الله والسنة النبوية الصحيحة الصريحة، وقد ذكر جمع من أهل العلم نقل الإجماع على صحة هذه الأخبار الواردة بأشراط الساعة الكبرى ووجوب تصديقها والإيمان بها. (المطرفي، آراء محمد رشيد رضا في أشراط الساعة الكبرى، ص 6). 

منتهى علم الساعة إلى الله وحده، ولهذا لما سأل جبريل 

علامات الساعة الصغرى: 

أولا: إخبار النبي () عن الغيوب المستقبلية 

أخبر النبي () بما يكون إلى قيام الساعة، وذلك مما أطلعه الله عليه من الغيوب المستقبلية، والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا، حتى بلغت التواتر المعنوي (المصري، رحلة إلى الدار الآخرة، ص 205)، فمنها: 

ما رواه حذيفة رضي الله عنه قال: لقد خطبنا النبي () خطبة ما ترك فيها شيئا إلى قيام الساعة إلا ذكره، علمه من علمه، وجهله من جهله، إن كنت لأرى الشيء قد نسيت، فأعرفه كما يعرف الرجل إذا غاب عنه فرآه فعرفه. (البخاري، الصحيح الجامع، رقم 6348). 

علامات الساعة في القرآن والسنة 
علامات الساعة في القرآن والسنة 

روى أبو زيد عمر بن أخطب الأنصاري رضي الله عنه، قال: صلى بنا رسول الله () الفجر، وصعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل، فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل، فصلى، ثم صعد، فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان، وبما هو كائن، فأعلمنا أحفظنا. فهذه أدلة صحيحة على أن النبي () قد أخبر أمته بكل ما هو كائن إلى قيام الساعة، فيما يخصهم. 

ولا شك أن أشراط الساعة كثيرة جدا، ورويت بألفاظ مختلفة لكثرة من نقلها من الصحابة رضي الله عنهم. 

ثانيا: علم الساعة 

غيب لا يعلمه إلا الله تعالى، كما دلت على ذلك الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، فإن علم الساعة مما استأثر الله به، فلم يُطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا، قال تعالى: ﴿يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ [الأعراف: 187] فالله تعالى يأمر نبيه محمدا () أن يخبر الناس أن علم الساعة عند الله وحده، فهو الذي يعلم جلية أمرها، لا يعلم ذلك أحد من أهل السماوات والأرض، وقال تعالى: ﴿يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا*﴾ [الأحزاب: 63] وقال تعالى: ﴿يسألونك عن الساعة أيان مرساها *فيم أنت من ذكراها *إلى ربك منتهاها *﴾ [النازعات: 42-44]. (الأشقر، اليوم الآخر، ص 103) 

فمنتهى علم الساعة إلى الله وحده، ولهذا لما سأل جبريل عليه السلام رسولَ الله () عن وقت الساعة -كما في جاء حديث جبريل الطويل- قال النبي (): «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل». فجبريل لا يعلم متى تقوم الساعة، وكذلك محمد (). 

ثالثا: قرب قيام الساعة 

تدل الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الصحيحة على قرب الساعة ودنوها، فإن ظهور أكثر أشراط الساعة دليل على قربها، وعلى أننا في آخر أيام الدنيا، قال تعالى: ﴿اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون﴾ [الأنبياء: 1]، وقال تعالى: ﴿وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا﴾ [الأحزاب: 63] وقال تعالى: ﴿إنهم يرونه بعيدا* ونراه قريبا﴾ [المعارج: 6-7] وقال تعالى: ﴿اقتربت الساعة وانشق القمر﴾ [القمر: 1] إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على قرب نهاية هذا العالم الدنيوي، والانتقال إلى دار أخرى، ينال فيها كل عامل عمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. 

وقال رسول الله (): «بعثت أنا والساعة كهاتين، ويشير بأصبعيه فيمدهما». (عياض، الشفا، 1/650) 

رابعا: مجمل أشراط الساعة الصغرى: 

تحدث العلماء عن أشراط الساعة، وإليك أهمها مما ثبت بالسنة النبوية منها: 

بعثة النبي (). 

موت النبي (). 

فتح بيت المقدس. 

طاعون عمواس

استفاضة المال، والاستغناء عن الصدقة

ظهور الفتن، كظهورها من المشرق، ومقتل عثمان رضي الله عنه، وموقعة الجمل، وموقعة صفين وظهور الخوارج، وموقعة الحَرَّة، واتباع سنن الأمم الماضية. 

ظهور مدعي النبوة. 

ظهور نار الحجاز. 

انتشار الأمن. 

قتال الترك. 

قتال العجم. 

ضياع الأمانة. 

قبض العلم، وظهور الجهل. 

كثرة الشُرَط وأعوان الظلمة. 

انتشار الزنا. 

انتشار الربا

ظهور المعازف واستحلالها. 

كثرة شرب الخمر واستحلالها. 

زخرفة المساجد، والتباهي بها. 

التطاول في البنيان. 

أن تلد الأَمَة ربتها. 

كثرة القتل. 

تقارب الزمان. 

تقارب الأسواق. 

ظهور الشرك في هذه الأمة. 

ظهور الفحش، وقطيعة الرحم، وسوء الجوار. 

تشبب المشيخة. 

كثرة الشح. 

كثرة التجارة. 

كثرة الزلازل

ظهور الخسف والمسخ والقذف. 

ذهاب الصالحين. 

ارتفاع الأسافل. 

التحية للمعرفة: أي لا يرمي المرء السلام إلا على من يعرفه. 

التماس العلم عند الأصاغر. 

ظهور الكاسيات العاريات. 

صدق رؤيا المؤمن. 

كثرة الكتابة وانتشارها. 

التهاون بالسنن التي رغب فيها الإسلام. 

انتفاخ الأهلة. 

كثرة الكذب، وعدم التثبت في نقل الأخبار. 

كثرة شهادة الزور، وكتمان شهادة الحق. 

كثرة النساء وقلة الرجال. 

كثرة موت الفجأة. 

وقوع التناكر بين الناس. 

عود أرض العرب مروجا وأنهارا. 

كثرة المطر، وقلة النبات. 

حسر الفرات عن جبل من ذهب. 

كلام السباع والجمادات للإنسان. 

تمني الموت من شدة البلاء

كثرة الروم، وقتالهم المسلمين. 

فتح قسطنطينية. 

قتال اليهود. 

نفي المدينة شرارها، ثم خرابها في آخر الزمان. 

بعث الريح الطيبة لقبض أرواح المؤمنين. 

استحلال البيت الحرام، وهدم الكعبة 

أشراط الساعة الكبرى في القرآن والسنة 

1- الدخان 

قال تعالى: ﴿فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين* يغشى الناس هذا عذاب أليم﴾ [الدخان: 10-11]. 

ومن علامات الساعة وأشراطها العظمى ظهور دخان قبل قيام الساعة، يملأ الأرض كلها، فتصبح كبيت أوقد فيه، فيأخذ بالمؤمنين كالزكمة، ويدخل في منافذ الكفار والمنافقين حتى يخرج من كل مسمع منهم. 

فعن حذيفة بن أسيد الغفاري أنه قال: اطلع رسول الله () علينا، ونحن نتذاكر فقال: «ما تذكرون؟» قلنا: نذكر الساعة، قال: «إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، فذكر: الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، و3 خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تطرد الناس إلى محشرهم». (الوابل، أشراط الساعة، ص 344). 

2- الخسوفات الثلاثة 

وهي من أشراط الساعة، جاء ذكرها في الأحاديث ضمن علامات الساعة الكبرى، فعن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن رسول الله () قال: «إن الساعة لن تقوم حتى تروا عشر آيات.. (فذكر منها) وثلاثة خسوف، خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب». 

علامات الساعة في القرآن والسنة 
علامات الساعة في القرآن والسنة 

وهذه الخسوف تكون عظيمة وعامة لأماكن كثيرة من الأرض، في مشارقها ومغاربها وفي جزيرة العرب. وقد وجد عبر التاريخ الخسف في مواضع، ولكن يحتمل أن يكون المراد بالخسوف الثلاثة قدرا زائدا على ما وجد، كأن يكون أعظم منه مكانا وقدرا. 

3- المسيح الدجال 

مسيح الضلالة يفتن الناس بما يعطاه من الآيات، كإنزال المطر، وإحياء الأرض بالنبات وغيرهما من الخوارق، وسمي الدجال مسيحا، لأن إحدى عينيه ممسوحة، ولأنه يمسح الأرض في 40 يوما، والقول الأول هو الراجح، لما جاء في الحديث النبوي: «إن الدجال ممسوح العين». (البنكاني، أشراط الساعة، ص 185). 

ومعنى الدجال: المموه الكذاب بالممخرق، وهو من أبنية المبالغة، وهو على وزن فعال، أي يكثر منه الكذب والتلبيس، وجمعه دجالون، وجمعه الإمام مالك على دجاجلة وهو جمع تكسير. 

وسمي الدجال دجالا: لأنه يغطي الحق بالباطل، أو لأنه يغطي على الناس كفره بكذبه وتمويهه وتلبيسه عليهم، وقيل لأنه يغطي الأمر بكثرة جموعه. (الوابل، أشراط الساعة، 391). 

ولفظة الدجال أصبحت علما على المسيح الأعور الكذاب، فإذا قيل الدجال، فلا يتبادر إلى الذهن غيره. 

والدجال رجل من بني آدم، له صفات كثيرة، جاءت بها الأحاديث لتعريف الناس به، وتحذيرهم من شره، حتى إذا خرج عرفه المؤمنون، فلا يفتنون به، بل يكونون على علم بصفاته، فلا يغتر به إلا الجاهل الذي سبقت عليه الشقوة، نسأل الله العافية. 

ومن هذه الصفات أنه رجل شاب، أحمر، قصير، أفحج جعد الرأس، أجلى الجبهة، عريض النحر، ممسوح العين اليمنى، وهذه العين ليست بناتئة، ولا جحراء، كأنها عنبة طافية، وعينه اليسرى عليها ظفرة غليظة، ومكتوب بين عينيه (ك ف ر) بالحروف المقطعة، أو (كافر) بدون تقطيع، يقرؤها كل مسلم كاتب وغير كاتب، ومن صفاته أنه عقيم لا يولد له. 

وهذه بعض الأحاديث الصحيحة التي جاء فيها ذكر صفاته السابقة ومنها: 

أ. قال رسول الله (): «إن المسيح الدجال رجل قصير، أفحج جعد، أعور مطموس العين، ليست بناتئة ولا حجراء». (القرطبي، التذكرة بأحوال الموتى والآخرة، 3/340). 

ب. قال رسول الله (): «الدجال أعور العين اليسرى، جفال الشعر». وقال (): «وإن بين عينيه مكتوب كافر». 

وحرم على الدجال دخول مكة والمدينة حين يخرج في آخر الزمان، لورود الأحاديث الصحيحة بذلك، وأما سوى ذلك من البلدان، فإن الدجال سيدخلها واحدا بعد الآخر، وأكثر أتباع الدجال من اليهود والعجم والترك، وأخلاط من الناس غالبهم الأعراب والنساء. 

وفتنة الدجال عظيمة، وذلك بسبب ما يخلق الله معه من الخوارق العظيمة التي تبهر العقول، وتحير الألباب. 

الوقاية من الدجال 

أرشد النبي () أمته إلى ما يعصمها من فتنة المسيح الدجال، فقد ترك أمته على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فلم يدع () خيرا إلا دل أمته عليه، ولا شرا إلا حذرها منه، ومن جملة ما حذر منه فتنة المسيح الدجال، لأنها أعظم فتنة تواجهها الأمة إلى قيام الساعة. 

وكان كل نبي ينذر أمته الأعورَ الدجال، وخص محمد () بزيادة التحذير والإنذار، وقد بين الله له كثيرا من صفات الدجال ليحذر أمته، فإنه خارج من هذه الأمة لا محالة، لأنها آخر الأمم، ومحمد () خاتم النبيين. 

ومن الإرشادات النبوية التي أرشد إليها المصطفى () لتنجو من هذه الفتنة العظيمة الآتي: 

التمسك بالإسلام، والتسلح بسلاح الإيمان، ومعرفة أسماء الله الحسنى التي لا يشاركه فيها أحد، فيعلم أن الدجال بشر يأكل ويشرب، وأن الله تعالى منزه عن ذلك، وأنه لا أحد يرى ربه حتى يموت. التعوذ من فتنة الدجال، وخاصة في الصلاة، وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة، فقد كان رسول الله () يدعو في الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، وأعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال». 

وروى مسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله (): «إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال». 

حفظ آيات من سورة الكهف: فقد أمر النبي () بقراءة فواتح سورة الكهف على الدجال، وفي بعض الروايات خواتيمها، وذلك بقراءة 10 آيات من أولها أو آخرها. 

ومن الأحاديث الواردة: 

قوله (): «من أدركه منكم، فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف». 

وقال رسول الله (): «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال» أي من فتنته، وهذا من خصوصيات سورة الكهف، فقد جاءت الأحاديث بالحث على قراءتها وخاصة يوم الجمعة. 

وروى الحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي () قال: «إن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، أضاء له من النور بين الجمعتين». 

الفرار من الدجال والابتعاد منه، قال رسول الله (): «من سمع بالدجال، فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فيتبعه مما يبعث به من الشبهات، أو لما يبعث به من الشبهات». 

وأما هلاك الدجال على يدي المسيح عيسى بن مريم رضي الله عنهما، فقد دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة. (القرطبي، التذكرة بأحوال الموتى والآخرة، 3/ 340). 

4- خروج يأجوج ومأجوج 

خروج يأجوج ومأجوج في آخر الزمان علامة من علامات الساعة الكبرى، وقد دل على ظهورهم الكتاب والسنة: 

والآيات الدالة على ظهور يأجوج ومأجوج هي: 

قال تعالى في سياقه لقصة ذي القرنين: ﴿قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا* قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما* آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا* فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا* قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا* وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا﴾ [الكهف: 94-99]. 

وقال تعالى: ﴿حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون* واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين﴾ [الأنبياء: 96-97]. 

فهذه الآيات تدل على أن الله تعالى سخر ذا القرنين الملك الصالح لبناء السد العظيم، ليحجز يأجوج ومأجوج القوم المفسدين في الأرض عن الناس، فإذا جاء الوقت المعلوم، واقتربت الساعة، اندك هذا السد، وخرج يأجوج ومأجوج بسرعة عظيمة، وجمع كبير، لا يقف أمامه أحد من البشر، فماجوا في الناس، وعاثوا في الأرض فسادا، وهذه علامة على قرب النفخ في الصور، وخراب الدنيا، وقيام الساعة. 

والأحاديث الصحيحة الدالة على ظهور يأجوج ومأجوج كثيرة منها: 

عن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش، أن رسول الله () دخل عليها يوما فزعا يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه» وحلق بأصبعي الإبهام والتي تليها. قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون، قال: «نعم، إذا كثر الخبث». (الوابل، أشراط الساعة، ص 344). 

5- خروج الدابة 

قال تعالى: ﴿وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون﴾ [النمل: 82]. 

فهذه الآية الكريمة جاء فيها ذكر خروج الدابة، وأن ذلك يكون عند فساد الناس، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق، يخرج لهم دابة من الأرض، فتكلم الناس على ذلك. قال العلماء في معنى قوله تعالى: ﴿وقع القول﴾: وجب الوعيد عليهم، لتماديهم في العصيان والفسوق والطغيان، وإعراضهم عن آيات الله، وتركهم تدبرها، والنزول على حكمها، وانتهائهم في المعاصي إلى ما لا تنجح معه فيه موعظة، ولا تصرفهم عن غيهم تذكرة، يقول عز من قائل فإذا صاروا كذلك: ﴿أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم﴾: دابة تعقل وتنطق، والدواب في العادة لا كلام لها ولا عقل، ليعلم الناس أن ذلك آية من عند الله. 

وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي () قال: «بادروا بالأعمال ستا: الدجال، والدخان، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وأمر العامة، وخويصة أحدكم». 

6- ظهور المهدي المنتظر 

جاءت الأحاديث الصحيحة الدالة على ظهور المهدي، وهذه الأحاديث منها ما جاء فيه النص على المهدي، ومنها ما جاء فيه ذكر صفته فقط، ومن هذه الأحاديث: 

قال رسول الله (): «يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطى المال صحاحا، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعا أو ثماني» يعني: حججا. (الوابل، أشراط الساعة، ص 349). 

وقال رسول الله (): «أبشركم بالمهدي، يبعث على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحا». فقال له رجل: ما صحاحا؟ قال: «بالسوية بين الناس». (البنكاني، أشراط الساعة الكبرى، ص 185). 

وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله (): «المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله عز وجل في ليلة» أي يتوب عليه، ويوفقه، ويلهمه، ويرشده، بعد أن لم يكن كذلك. 

7- نزول عيسى عليه السلام 

نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان ثابت في الكتاب والسنة الصحيحة المتواترة، وذلك علامة من علامات الساعة الكبرى

أ- الأدلة من القرآن الكريم على نزول عيسى عليه السلام: 

قال الله تعالى: ﴿ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون * وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون * إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل * ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون * وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم﴾ [الزخرف: 57-61]. 

فهذه الآيات جاءت في الكلام على عيسى عليه السلام، وجاء في آخرها قوله تعالى: أي نزول ﴿وإنه لعلم للساعة﴾ قبل يوم القيامة علامة على قرب الساعة. (الوابل، أشراط الساعة، 58). 

وقال تعالى: ﴿وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا *بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما *وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا *﴾ [النساء: 157-159] 

فهذه الآيات، كما أنها تدل على أن اليهود لم يقتلوا عيسى عليه السلام، ولم يصلبوه، بل رفعه الله إلى السماء، كما في قوله تعالى: ﴿إذ قال الله﴾ [آل عمران: 55] فإنها تدل على أن من أهل الكتاب من سيؤمن بعيسى عليه السلام في آخر الزمان، وذلك عند نزوله، وقبل موته، كما جاءت بذلك الأحاديث المتواترة الصحيحة. 

وعيسى عليه السلام حي، وقد ثبت في (الصحيحين) عن النبي () أنه قال: «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، وإماما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد». 

وثبت في (الصحيح) عنه أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق، وأنه يقتل الدجال، ومن فارقت روحه جسده، لم ينزل جسده من السماء، وإذا أحيي، فإنه يقوم من قبره. (الوابل، أشراط الساعة، ص 67). 

وأما قوله تعالى: ﴿إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا﴾ [آل عمران: 55] فهذا دليل على أنه لم يعن بذلك الموت، إذ لو أراد بذلك الموت، لكان عيسى في ذلك كسائر المؤمنين، فإن الله يقبض أرواحهم، ويعرج بها إلى السماء، فعلم أنه ليس له في ذلك خاصية، وكذلك قوله: ولو كان قد فارقت روحه ﴿ومطهرك من الذين كفروا﴾، لكان بدنه في الأرض، كبدن سائر الأنبياء، أو غيره من الأنبياء، وقد قال تعالى في الآية الأخرى ﴿وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه﴾ [النساء: 157‑158] فقوله هنا يبين أنه رفع بدنه ﴿بل رفعه الله إليه﴾، كما ثبت في (الصحيح) أنه ينزل ببدنه وروحه، إذا لو أيد موته لقال: وما قتلوه وما صلبوه بل مات. 

وفي قوله تعالى: ﴿وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته﴾ [النساء: 159] قال: قبل موت عيسى بن مريم. 

ب- والأدلة من السنة على نزول عيسى عليه السلام كثيرة ومتواترة منها: 

قال رسول الله (): «والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها». 

وقال رسول الله (): «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟». 

وقال رسول الله (): «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين، إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم فيقول له أميرهم: صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة». 

وقد جاءت الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها من دواوين السنة، وهي تدل دلالة صريحة على نزول عيسى عليه السلام، ولا حجة لمن ردها. 

8- طلوع الشمس من مغربها 

من أعظم أشراط الساعة الكبرى، وبه يغلق باب التوبة. 

الآية الدالة على ذلك: قد ذكر الله تعالى طلوع الشمس من مغربها في قوله جل وعلا: ﴿هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون﴾ [الأنعام: 158]. 

وقد دلت الأحاديث الصحيحة أن المراد ببعض الآيات المذكورة في الآية هو طلوع الشمس من مغربها، وهو قول أكثر المفسرين. 

علامات الساعة في القرآن والسنة 
علامات الساعة في القرآن والسنة 

قال الطبري بعد ذكره أقوال المفسرين في هذه الآية: “وأولى الأقوال بالصواب في ذلك ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله () أنه قال: «ذلك حين تطلع الشمس من مغربها». 

والأحاديث الدالة على طلوع الشمس من مغربها كثيرة ومنها قوله (): «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت، فراها الناس، آمنوا أجمعون، فذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا». (الطبري، التفسير، 6/8). 

9- النار التي تحشر الناس 

ومنها خروج النار العظيمة، وهي من أشراط الساعة الكبرى، وأولى الآيات المؤذنة بقيام الساعة، وجاءت الروايات بأن خروج هذه النار يكون من اليمن، من قعرة عدن، فقد جاء في حديث حذيفة بن أسيد في ذكر أشراط الساعة الكبرى قوله (): «وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم»، وفي رواية له عن حذيفة أيضا: «ونار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس». 

وكون النار تخرج من قعرة عدن لا ينافي حشرها الناس من المشرق إلى المغرب، وذلك أن ابتداء خروجها من قعرة عدن، فإذا خرجت انتشرت في الأرض كلها.. وعندما تنتشر يكون حشرها لأهل المشرق. (النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، 18/65).