تعتبر الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام وفرض الله على المسلم والمسلمة خمس صلوات في اليوم والليلة هي الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، في هذه المادة نتعرف على كيفية صلاة الفجر.
وقت أداء صلاة الفجر
قبل التعرف على كيفية صلاة الفجر علينا التعرف على وقتها، فأول وقت صلاة الصبح هو طلوع الفجر الصادق، ويسمى الفجر الثاني، وسمي صادقا؛ لأنه بين وجه الصبح ووضحه، وعلامته بياض ينتشر في الأفق عرضا من جهة الشرق أما آخر الوقت فهو بطلوع الشمس، ودليل ذلك ما رواه الترمذي في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : ” إن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس” (1).
عدد ركعات صلاة الفجر
صلاة الفجر أو صلاة الصبح هي ركعتان، فريضة تؤدى جماعة في المسجد مثل بقية الصلوات ( الظهر والعصر والمغرب والعشاء) ويجب أن تؤدى في وقتها دون تأخير. والركعتان المفروضتان أطْلِق عليهما في القرآن والسُنَّة اسم ” صلاة الفجر كما أطلق عليهما في السنة اسم ” صلاة الصبح ” قال تعالى { أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيل وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كان مَشْهُودًا } ( الإسراء : 78). نتعرف في الفقرة التالية على كيفية صلاة الفجر في نقاط.
صفة وكيفية صلاة الفجر
من أراد الصلاة عليه التأكد من دخول وقت الصلاة ومراعاة أحكام الطهارة، فيتوضأ ثم يستقبل القبلة ثم يفعل ما يلي:
يكبر تكبيرة الإحرام قائلا: “الله أكبر” ناظرا ببصره إلى محل سجوده.
يرفع يديه عند التكبير إلى حذو منكبيه أو إلى حيال أذنيه.
يسن أن يقرأ بعد التكبير دعاء الاستفتاح ويقول: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك» (أخرجه أبو داود والترمذي) وإن شاء قال بدلا من ذلك: ” «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد» (متفق عليه).
ثم بعد ذلك يقول: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم” ثم يقرأ سورة الفاتحة.
ثم يقرأ ما تيسر من القرآن الكريم ويجهر الإمام بالقراءة في صلاة الفجر ومن السنة أن يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الأولى بطوال المفصل – وهي السور من ق إلى آخر المرسلات – ، وأحيانا يقرأ بأوساط المفصل – هي من النبأ إلى آخر الليل- وأحيانا يقرأ بأطول من ذلك ويطيل في الركعة الأولى ويقصر في الثانية، وأحيانا يقرأ بقصار المفصل كالضحى والزلزلة ونحوهما. ويسن أن يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة، في الركعة الأولى سورة السجدة، وفي الركعة الثانية سورة الإنسان .
ثم بعد ذلك يركع قائلا “الله أكبر” مساويا ظهره وواضعا يديه على ركبتيه ويقول: “سبحان ربي العظيم” وتكرارها ثلاث مرات أو أكثر.
ثم يرفع رأسه من الركوع قائلا “سمع الله لمن حمده ” إن كان إماما أو منفردا، ويقول بعد اعتداله قائما: «ربنا ولك الحمد، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد» . أما إن كان مأموما فإنه يقول عند الرفع: “ربنا ولك الحمد” إلى آخر ما تقدم.
ثم يسجد قائلا: “الله أكبر” مجافيا عضديه عن جنبيه وفخذيه عن ساقيه، ويكون السجود على أعضائه السبعة: الجبهة مع الأنف، وبطون الكفين، والركبتين، وباطن أصابع الرجلين، ويقول: “سبحان ربي الأعلى” ثلاثا أو أكثر، ويكثر من الدعاء بما أحب.
ثم يرفع رأسه قائلا: “الله أكبر” ويجلس على رجله اليسرى ناصبا اليمنى، ويضع يديه على فخذيه وركبتيه ويقول: «رب اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واهدني واجبرني» .
ثم يسجد السجدة الثانية قائلا: “الله أكبر” ويفعل كما فعل في السجدة الأولى، وبهذا تتم الركعة الأولى.
ثم ينهض قائما إلى الركعة الثانية قائلا: “الله أكبر” .
ثم يقرأ الفاتحة، ثم يقرأ ماتيسر من القرآن، ثم يركع ثم يرفع من الركوع، ثم يسجد سجدتين كما فعل في الركعة الأولى تماما.
بعد الرفع من السجدة الثانية يجلس مثل جلوسه بين السجدتين، ثم يقرأ التشهد وهو قوله: ” «التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» ” ثم يكمل التحيات بقوله: ” «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» . ويستعيذ من أربع فيقول: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال» ثم يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة.
ثم يسلم عن يمينه قائلا: “السلام عليكم ورحمة الله” ثم عن يساره قائلا: “السلام عليكم ورحمة الله” .
وبعد معرفة صفة وكيفية صلاة الفجر هذه نقاط تساعد المسلم على القيام لأدائها.
أحاديث نبوية شريفة تدل على فضل صلاة الفجر
دلت أحاديث نبوية كثيرة على فضل صلاة الفجر ومنها :
عن أنس بن سيرين قال: سمعت جندب بن عبد الله يقول: قال رسول الله ﷺ: “من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم”. (رواه مسلم).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة” قال: قال رسول الله ﷺ: “تامة تامة تامة. (رواه الترمذي)
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “من صلى البردين دخل الجنة”. (متفق عليه). قال ابن حجر: والمراد صلاة الفجر والعصر، ويدل على ذلك قوله في حديث جرير “صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها” زاد في رواية لمسلم “يعني العصر والفجر.
عن أبي هريرة عن النبي ﷺ، قال: “تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر، فيجتمعون في صلاة الفجر، فتصعد ملائكة الليل وتثبت ملائكة النهار. ويجتمعون في صلاة العصر، فتصعد ملائكة النهار وتثبت ملائكة الليل. فيسألهم ربهم كيف تركتم عبادي؟ فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون”(متفق عليه).
حديث عمارة بن رويبة قال: سمعت رسول الله – ﷺ – يقول: “لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها” يعني الفجر والعصر”. (رواه مسلم).
حديث جرير البجلي رضي الله عنه قال: “كنا عند النبي – ﷺ فنظر إلى القمر ليلة فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ: { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } (طه:130) (متفق عليه).
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: “يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقدة عليك ليل طويل، فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان”. (متفق عليه).
كيف تستيقظ لصلاة الفجر؟
على المسلم أن يعلم عظمة وفضل صلاة الفجر عند الله عز وجل وهناك عدة خطوات يمكن للمسلم إذا اتبعها أن يزداد اعتياداً ومواظبة على صلاة الفجر مع الجماعة منها :
التبكير في النوم : تختلف الحاجة للنوم من شخص لآخر بحسب المقدار الذي يكفيه، فلا يمكن تحديد عدد ساعات معينة لذلك على المسلم أن يحرص على النوم مبكرا حتى يستطيع الاستيقاظ لصلاة الفجر.
الحرص على الطهارة وقراءة أذكار النوم.
صدق النية والعزيمة على القيام لصلاة الفجر.
ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ مباشرة ، فإذا بادر المسلم بذكر الله أول استيقاظه انحلت عقدة من عُقد الشيطان، ويعينه الله على القيام.
الاستعانة على القيام للصلاة بالأهل بالإضافة إلى استخدام مايتوفر من أجهزة وساعات للتنبيه – خاصة إذا كان من أصحاب النوم الثقيل – وبالله التوفيق.
ساعات التنبيه تساعد على الاستيقاظ- كيفية صلاة الفجر
قضاء صلاة الفجر
يقول الدكتور حسام الدين عفانة : الأصل في المسلم أن يحافظ على أداء الصلوات في أوقاتها لقوله تعالى: { إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} أي مؤقتاً. وإن من أفضل الأعمال أداء الصلاة في وقتها المقدّر لها شرعاً فقد سئل النبي ﷺ: أي العمل أفضل؟ فقال: الصلاة على وقتها) (رواه البخاري ومسلم). ولكن قد ينام المسلم عن الصلاة أو ينساها فالواجب عليه أن يصلي الصلاة الفائتة إذا استيقظ من نومه أو تذكر.
فقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ حين قفل من غزوة خيبر سار ليله حتى إذا أدركه الكرى عرَّس – التعريس نزول المسافر آخر الليل للنوم –
وقال لبلال: إكلأ لنا الليل فصلى بلال ما قدر له ونام رسول الله وأصحابه فلما تقارب الفجر استند بلال إلى راحلته مواجه الفجر فغلبت بلالاً عيناه وهو مستند إلى راحلته فلم يستيقظ رسول الله ﷺ ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس فكان رسول الله ﷺ أولهم استيقاظاً
ففزع رسول الله ﷺ فقال: أي بلال فقال بلال: أخذ بنفسي الذي أخذ بأبي أنت وأمي يا رسول الله ﷺ بنفسك. قال: اقتادوا، فاقتادوا رواحلهم شيئاً ثم توضأ رسول الله وأمر بلالاً فأقام الصلاة فصلى بهم الصبح فلما قضى الصلاة قال: من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) (رواه مسلم).
وعن أنس أن النبي ﷺ قال: (من نسي صلاة فليصل إذا ذكر لا كفارة لها إلا ذاك) (رواه البخاري ومسلم). وفي رواية أخرى أنه ﷺ قال: (من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها) (رواه مسلم). وفي رواية ثالثة أنه ﷺ قال: (إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)) (رواه مسلم). وهذه الأحاديث تدل على وجوب قضاء الصلاة الفائتة بمجرد أن يتذكر الناسي أو يستيقظ النائم. وكثير من الفقهاء يرون أن قضاء الفائتة واجب على الفور أي أن الناسي إذا تذكر والنائم إذا استيقظ وجب ليهما قضاء ما فات ولا يجوز لهما تأخير ذلك. وقوله ﷺ في الحديث: (لا كفارة لها إلا ذاك).
الخاتمة
وبعد أن علمنا كيفية صلاة الفجر فلنحرص على عقد النية والعزيمة لأدائها في وقتها مع الجماعة.
الهوامش :
(١) أخرجه الترمذيُّ في أبواب الصلاة، باب مواقيت الصلاة، باب منه. والحديث صححه الألباني في صحيح سنن الترمذيُّ (١/ ٧١)، برقم (١٥١).
مراجع : 1- الموسوعة الفقهية الكويتية، صادر عن: وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت، الطبعة: (من ١٤٠٤ - ١٤٢٧ هـ)
2- الفقه الميسر، أ. د. عبد الله بن محمد الطيّار، أ. د. عبد الله بن محمد المطلق، د. محمّد بن إبراهيم الموسى، مدار الوطن للنشر، الرياض - السعودية
3- موسوعة الفقه الإسلامي، محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري، بيت الأفكار الدولية، الطبعة الأولى، ١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
4- الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة، حسين بن عودة العوايشة، المكتبة الإسلامية (عمان - الأردن) دار ابن حزم (بيروت - لبنان)، الطبعة: الأولى ١٤٢٣ - ١٤٢٩ هـ
5- الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام، سعيد حوّى (المتوفى ١٤٠٩ هـ)، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، الطبعة: الأولى، ١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م
6- فتاوى يسألونك، الأستاذ الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة، الطبعة الأولى، جـ ١ - ١٠/ مكتبة دنديس، الضفة الغربية - فلسطين ، جـ ١١ - ١٤/ المكتبة العلمية ودار الطيب للطباعة والنشر، القدس - أبو ديس