كيف تخرج من صلاتك ؟ من أجمل ما في الإسلام أنه دين قائم على العلم والثقافة. يعرف كلُّ مسلم أهميةَ الصلاة وأنها العلامة الأولى – ظاهريا، بعد الإيمان- الفارقة بين المسلم وغيره، وهي أولى ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، وقد أجمع العلماء لذلك على أن فرضيتها تدخل في: “ما علم من الدين بالضرورة” ولا يعذر مسلم بجهلها في بيئة إسلامية.

 علمنا رسول الله الأمور المتعلقة بالصلاة؛ افتتاحها والدخول فيها واختتامها. يُلاحظ أن بعض الناس –بما في ذلك المتعلمين وبعض طلبة العلم- يسلم هكذا “سلامْ عليكم” بتسكين الميم، أو بضمه؛ “سلامُ عليكم”. أي بدون الألف واللام “السلام”، أو دون تنوين الميم “سلامٌ”. فما المجزئ شرعا، وما الصيغة التي وردت عن النبي عليه السلام في خروجه من الصلاة؟

لا يتحدث الباحث هنا عن المسائل الفقهية المعروفة، والتي ثبت فيها الخلاف:

  1. مسألة: هل يُكتفى بـــ “السلام” أو “السلام عليكم” أو يزاد على ذلك، بمثل “ورحمة الله، أو ورحمة الله وبركاته؟”
  2. ولا مسألة: “هل يسلم عن اليمين والشمال أم عن اليمين فقط؟”
  3. وهل العربية شرط في التسليمة أم تجزئ بلغة خرى؟

مسألتنا متعلقة بــ ـ:

  1. هل الألف واللام –أل- شرطٌ في التسليمة أم لا؛ سلام، أم السلام؟ التعريف مقابل التنكير
  2. وهل تنوين ميم “سلامٌ” يقوم مقام الألف واللام عند الفقهاء؟

للإجابة على ما ورد نقف على الآتي. يقول : “مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم”.[1] ومعنى الحديث أن المسلم يدخل في الصلاة بقوله: “الله أكبر” فيحرم عليه بعد ذلك كل ما ليس من الصلاة إلى أن يخرج من الصلاة ويتحلل بقوله “السلام عليكم”.

يذهب جمهور العلماء (المالكية، والشافعية، والحنابلة) إلى أن التكبيرة والتسليمة من فروض الصلاة، ولا تصح بدونها. ويذهب الحنفية إلى أنها واجبة، وليست فرضا. لكنهم جميعا اتفقوا على أن الألف واللام جزء من التسليمة. وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ويرى الحنفية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة أن تنوين ميم سلامٌ عليكم يقوم مقام الألف واللام؛ فيجوز.

وهذا يعني أن الأصل في الخروج من الصلام “السلام عليكم” بلا خلاف. وجوّز بعض الفقهاء قول: “سلامٌ عليكم”. أما ما نسمعه من قول البعض: “سلام عليكم” بدون الألف واللام، وبدون التنوين فلم يرد عن الفقهاء من أصحاب المذاهب، وفق اطلاع الباحث. فوجب التنبيه إلى المسألة علمياً لا إفتاءً لأهميتها. وعفى الله عما سلف.

من نصوص كتب الحنفية في الباب، ما يأتي:

“ذهب الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ إلَى افْتِرَاضِهِ –لفظ السلام عليكم- حتى قال النَّوَوِيُّ لو أَخَلَّ بِحَرْفٍ من حُرُوفِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ لم تَصِحَّ صلاته كما لو قال السَّلَامُ عَلَيْك أو سَلَامِي عَلَيْكُمْ.[2]

“ولفظ السلام –أن يقال- السلام عليكم أو سلام عليكم بالتنوين وبدون هذين كما يقول الجهال لا يكون سلاما.”[3]

ومن نصوص كتب المالكية في الباب، ما يأتي:

“والسلام أن يقول: السلام عليكم مرة واحدة لا يجزئه إلا هذا اللفظ”.[4]

“قال ابن القاسم قال مالك: ولا يجزئ من السلام من الصلاة إلا السلام عليكم ولا يجزئ من الإحرام في الصلاة إلا الله أكبر.[5]

ومن نصوص كتب الشافعية في الباب، ما يأتي:

“فَلَوْ نَكَّرَهُ فقال سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لم يُجْزِهِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ في التَّشَهُّدِ لِوُرُودِهِ فيه وَالْقَوْلُ بِأَنَّ التَّنْوِينَ يَقُومُ مَقَامَ أَلْ مَرْدُودٌ…. فَإِنْ قال سَلَامِي أو سَلَامٌ عَلَيْك أو عَلَيْكُمْ أو سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أو السَّلَامُ عَلَيْك أو سَلَامُ عَلَيْكُمْ بِلَا تَنْوِينٍ أو سَلَّمَ عَلَيْكُمْ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.[6]

أقلّه: “أن يقول السلام عليكم. ولابد من هذا النظم، لأن النبي صلي الله عليه وسلم كذلك كان يسلم، وهو كاف، لأنه تسليم. وقد قال صلي الله عليه وسلم (وتحليلها التسليم). ولو قال سلام عليكم فوجهان. (أحدهما) أنه لا يجزئه لأنه نقص الألف واللام، فأشبه ما لو قال: سلام عليكم من غير تنوين. و(أظهرهما) أنه يجزئه ويقوم التنوين مقام الالف واللام.”[7]

ومن نصوص كتب الحنابلة في الباب، ما يأتي:

” فإن نكره فأوجه ثالثها يجزئ مع التنوين لإقامته مقام الألف واللام”.[8] وهذه الأوجه إما بتسكين الميم “سلامْ عليكم”، أو بضمه “سلامُ عليكم”. والثالث المجزئ هو بتنوين الميم “سلامٌ عليكم”.

” والسنة أن يقول : السلام عليكم ورحمة الله..، فإن قال السلام عليكم ولم يزد فظاهر كلام أحمد أنه يجزئه..، فإن قال سلام عليكم بالتنوين فهل يجزئه ؟ فيه وجهان أحدهما يجزئه.. لأن التنوين قام مقام الألف واللام.. والآخر لا يجزئ لأنه يغير صيغته ويخل بالألف واللام المقتضية للاستغراق فلا يقوم التنوين مقامها كما في التكبير.”[9]