نظمت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر ملتقى دوليا بعنوان “مقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات..تحديات الواقع وآفاق التطوير”. كان فرصة لتشخيص واقع تدريس الثقافة الإسلامية في الجامعات، والتأكيد على أهميــتها في بناء الهوية الإنسانية، وتعزيز الشخصية الإسلامية المتوازنة. وقد شارك في هذا الملتقى نخبة من رموز الفكر والثقافة والمهتمين بمسألة تدريس المقرر وتطويره، ونظرا لأهمية الموضوع نضع بين أيديكم ملخصات أوراق المشاركين في هذا الملتقى.

ملتقى “مقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات” شارك فيه نخبة من خبراء تدريس الثقافة الإسلامية في العالم الإسلامي، منهم الدكتور عدنان محمد زرزور ، والدكتور عبد المجيد النجار، إلى جانب مختصين من عدد من الجامعات العربية والإسلامية.  وقد أكد الأكاديميون والمختصون المشاركون في الملتقى أن هذا الأخير يهدف إلى جعل الثقافة الإسلامية مستمرة وفعالة حول العالم رغم كافة التحديات، كما أكدوا على ضرورة الاهتمام بهذه المسألة في بناء الهوية الإنسانية، وتعزيز الشــخصية الإسلامية المتوازنــة.

ولتعميم الفائدة هذه ملخصات الأوراق التي شارك بها السادة الأساتذة والمختصين في هذا الملتقى الذي عقد عبر تقنية الاتصال المرئي:

مقرر الثقافة الإسلامية؛ التاريخ ، التطوير ، الآفاق  “جامعة قطر أنموذجًا”

في ورقته التي جاءت بعنوان “مقرر الثقافة الإسلامية؛ التاريخ ، التطوير ، الآفاق  “جامعة قطر أنموذجًا” يقول د. محمد ابو بكر المصلح، جامعة قطر، أن تاريـخ مقـرر الثقافـة الإسـلامية فـي جامعـة قطـر يعود إلـى عـام 1398هـ/1978م، إذ أُقـر تدريسـه ليسـهم فـي بنـاء الهُويـة الجامعـة والمامـح المشـتركة لـكل طلبـة الجامعـة باختـاف تخصصاتهـم، فهـو ينـدرج ضمـن متطلبـات الجامعـة العامـة الإلزاميـة. ومـن ثـم فهـو مـرآة كليـة الشـريعة المطلـة علـى كل الكليـات الأخـرى. وللكليـة مسـيرة ثريـة فـي تطويـر المقـرر، وهـي ثمـرة جهـود حثيثـة ومتواصلـة متمثلـة روح العمـل المؤسسـي الجماعـي، ولا سـيما فـي السـنوات السـت الأخيـرة.

هـذه المسـيرة التطويريـة للمقـرر – بمـا فيهـا مـن خصوصيـة، وسـمات بـارزة، ومـا مـرت بـه مـن مراحـل، ومـا جنتـه مـن ثمـرات – كانـت محـور المحاضـرة الافتتاحيـة. بـدءًا بالإشـارة إلـى التأسـيس المنهجـي لهـذه المسـيرة وأهميتـه، ومـا تضمنـه مـن اعتمـاد معادلـة لمعاييـر الفاعليـة فـي التطويـر ) تحقيـق أهـداف نوعيـة، بجـودة عاليـة، واسـتثمار رشـيد للمـوارد، بمحفـز الإبداع) ، واعتمـاد مدخـل التحديـات التـي ينبغـي أن يسـتجاب لهـا فـي تطويـر المقـرر، ومـا ترتـب عليـه مـن تشـخيص أبـرز التحديـات التـي تواجـه الجيـل الصاعـد، ومـا اسـتلزمه مـن اسـتحضار السـياق التاريخـي لمقـرر الثقافـة الإسـلامية فـي الجامعـات، مـع النقـد الذاتـي المنهجـي لأبـرز التحـولات التـي مـر بهـا المقـرر فـي جامعـة قطـر، وعـرض للتصـور النظـري لتطويـر المقـرر وحيويتـه، وملامـح التطويـر فـي الواقـع وخصوصيتـه، ومراحـل رعايتـه، وانتهـاء بتشـكيل فـرق بحثيـة أربعـة، ليتنـاول كل فريـق جانبًـا مـن جوانـب هـذه المسـيرة (وتحديـدًا: الجانـب التنظيـري، والجانـب التدريسـي، والجانـب التقويمـي، والجانـب الاستشـرافي) فـي بحـث مسـتقل قابـل للنشـر بعـد تحكيمـه، بعـون الله.

فكرة الثقافة الإسلامية في الجامعات والواقع المعاصر

الفكـرة الجوهريـة التـي ناقشـتها ورقـة أ.د. عدنان زرزور، أستاذ الثقافة في عدة جامعات، هـي: أن الثقافـة الإسـلامية ليسـت علمـا خاصـا، وليسـت اختصـارات ومقدمـات للعلـوم الإسـلامية المتنوعـة، وإنمـا هـي ركـن مـن أركان هويـة الأمـة الإسـلامية. ومـن ثـم فـإن تحديـات الواقـع المعاصـر التـي تطرحهـا الورقـة،  والتـي ينبغـي أن يسـتجيب لهـا مقـرر الثقافـة الإسـلامية، إنمـا هـي تحديـات تهـدد وجـود الأمـة الإسـلامية. ذلـك أن فكـرة المقـرر، كمتطلـب عـام علـى كل الطلبـة فـي الجامعـة باختـاف تخصصاتهـم، منبثقـة عـن أن الجامعـة تسـهم فـي تحصيـن هويـة المجتمـع وتعزيزهـا. فالطالـب، مـع حاجتـه لتخصصـه العلمـي الدقيـق ،لـن يعيـش داخـل المجتمـع بتخصصـه فقـط، وإنمـا هـو بحاجـة إلـى ثقافـة تسـاعده علـى التعامـل مـع مختلـف النـاس، ومـع مختلـف التحديـات المتصلـة بهويتـه. ولـذا؛ ينبغـي أن يراعـى هـذا البعـد فـي أي مشـروع تطويـري لمقـرر الثقافـة الإسـلامية، مـع مراعـاة المرونـة فـي تنـاول مفرداتـه؛ لأن التحديـات متجـددة عبـر الزمـن.

تنـاولت الورقـة البعـد التاريخـي لنشـأة مقـرر الثقافـة الإسلامية والتحديـات التاريخيـة التـي اسـتجاب لهـا. وتشـخص المرحلـة الراهنـة، وتحديـدا المقارنـة بيـن الصحـوة الدينيـة فـي الإطـار الإسـلامي، ومـا يقابلهـا مـن صحـوات أو نزعـات دينيـة جديـدة بقيـادة الكنيسـتين الشـرقية والغربيـة. ونتيجـة لاختـلاف بيـن الصحوتيـن المسـيحية والإسـلامية، تتنبـأ الورقـة بحالـة مـن الصـدام الحضـاري بيـن الإسـلام والمسـيحية، تغذيهـا الأحقـاد التاريخيـة، مـع الشـعور بخطـر الصحـوة الإسـلامية فـي الغـرب اليـوم.

ومـع كشـفها عـن حالـة مـن التصالـح بيـن الكنيسـة والعلمانيـة، تسـلط الورقـة الضـوء علـى تحالـف الحضـارة الغربيـة اليـوم مـع الحـركات الباطنيـة الجديـدة التـي تتغطـى بعبـاءة الإسـلام، وهـي اسـتراتيجية قديمـة حديثـة، إذ إن العـدو الخارجـي تاريخيـا لـم يطمـع فـي إحـداث انتصـارات علـى الثقافـة الإسـلامية إلا عندمـا تحالـف مـع الحـركات الباطنيـة. وتحـذر الورقـة مـن هـذا التحالـف، وتدعـو إلـى أن يتضمـن مقـرر الثقافـة الإسلامية معالجـات علميـة لهـذا الواقـع الجديـد وتحدياتـه.

الهدف التوعوي لمقرر الثقافة الإسلامية

ورقة أ.د. عبدالمجيد النجار، أستاذ الثقافة في عدة جامعات، كانت بعنوان “الهدف التوعوي لمقرر الثقافة الإسلامية”، وجاء فيها أن الـذي أطلـق اسـم “الثقافـة الإسـلامية” علـى هـذا المقـرّر كان علـى درجـة عاليـة مـن الوعـي بطبيعـة هـذا المقـرّر وأهدافـه؛ ذلـك لأن الثقافـة تتجـه إلـى معنـى المنهجيـة التـي يمـارس بهـا الإنسـان حياتـه فـي الفكـر وفـي السـلوك العملـي.

ولا يبعـد مقـرّر الثقافـة الإسـلامية فـي هدفـه عـن هـذا المعنـى ،إذ هـو لا يهـدف إلـى مراكمـة اسـتيعابية للمعلومـات المتعلّقـة بأحـكام الإسـلام وقيمـه، وإنمـا يهـدف إلـى تكويـن فكـر الطالـب تكوينـا يمكّنـه مـن  فهـم الإسلام فـي أحكامـه وقيمـه ومقاصـده ،وذلـك مـن خـال جملـة مـن القضايـا التـي مـن شـأنها أن تكـوّن فكـره علـى هـذا النحـو مـن التكويـن.

إنّ الإسلام لئـن كان دينـا سـماويا يشـترك مـع ديانـات سـابقة فـي أصـول العقيـدة ومبـادئ الأخـلاق فإنـه جـاء مـن الأحـكام ومـن التعاليـم بمـا يتميّـز بـه عنهـا ليكـون دينـا قائمـا  بذاتـه متفـرّدا بجـلّ أحكامـه. وإذا جمعنـا مـا جـاء بـه الإسلام مـن الأحـكام عقيـدة وشـريعة فإننـا نجد كمّـا كبيـرا مـن الأصـول والفـروع ومـن الكليـات والتفاصيـل، وهـي جميعهـا وإن كانـت تبـدو أفـرادا متفاصلـة إلا أنّهـا فـي حقيقتهـا كلّ متكامـل يعـود إلـى مبـادئ تنطلـق منهـا وإلـى كلّيـات تجمعهـا، ولفهـم هـذا الكـمّ مـن الأصـول والفـروع ومـن الكليـات والتفاصيـل حـق الفهـم لا بـد مـن أن يتشـبع الفكـر  الـذي يـروم فهمهـا بمبادئهـا المؤسسـة وكلياتهـا الجامعـة وإلا فإنـه قـد يتيـه فـي التفاصيـل فيخطـئ فـي الفهـم. وتشـبع الفكـر بهـذه المبـادئ والكليـات التـي هـي بـاب لفهـم التفاصيـل هـي غايـة هـذا المقـرر، مقـرر الثقافـة الإسـلامية.

رؤية المفكر محمد المبارك لمقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات

ورقة د. فتيحة دوّار جامعة الجزائر، تمحورت حول “رؤية المفكر محمد المبارك لمقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات” ، وقد جاء فيها أن للمُفكّـر مُحمـد المبـارك ( 1912/1981م) إسـهام مُهـم ومُعتبـر فـي مجـال مُقـرّرات الثقافـة الإسـلامية فـي الجامعـات الإسـلامية عامـة والعربيـة خاصّـة، وتتلخّـص مُسـاهمته تخطيطـا وتنظيـرا لهـا ووضـع مؤلّفـات خاصّـة تخـدم تنظيره الذي انتهى إليه مثل مؤلّفاته في سلسلة نظام الاسلام )العقيدة و العباد والاقتصاد و الحكـم والدولـة (ومجموعـة مـن المؤلفـات خاصّـة بالمذاهـب العقديـة الغربيـة و الاسـلامية كمؤلّـف “الفكـر الإسـلامي الحديـث فـي مواجهـة الأفـكار الغربيـة” .

وعمـل المفكر محمد المبارك علـى تطبيـق رؤيتـه بالتدريـس لمفرداتهـا فـي كثيـر مـن الجامعـات العربيـة بدايـة مـن كليـة الشـريعة فـي دمشـق ثـم جامعـة أم درمـان وجامعـة الخرطـوم ثـمّ فـي كليّـة الشـريعة بمكـة المكرمـة ثـم فـي الجامعـة الأردنيـة، كمـا كان لـه إسـهام معتبـر فـي الكليـات الأزهريـة، وبمزاولتـه تدريـس مـواد العلـوم الاسـلامية فـي الجامعـة خبـر عـن كثـب واقعهـا ومـا يكتنفهـا مـن عراقيـل تحّـدُّ مـن فاعليتهـا فأوضـح أنّ أغلـب مقـررات الثقافـة الإسـلامية تشـمل فـي جوهرهـا ومضمونهـا علـى جـزء ضخـم مـن الإسلام وعقائـده ومبادئـه، وفـي الوقـت نفسـه تضـمنت علـى خطـط وطرائـق وأسـاليب جامـدة مظهـرا العيـوب التـي يحتويهـا والتـي تتجلـى خاصة فـي طريقـة التعليـم.

مناهج الثقافة الإسلامية في جامعاتنا بين التأطير والتنوير

ويقول د.سالم الرحيل، جامعة طرابلس، في ورقته التي جاءت بعنوان ” مناهج الثقافة الإسلامية في جامعاتنا بين التأطير والتنوير”، أن هذا البحث يناقـش مناهـج الثقافـة الإسلامية ومـا يتعلـق بهـا مـن طرائـق تقليديـة صبغـت طابعهـا الأول بلـون مـن الثبـات المعرفـي علـى مسـلك المـدارس الإسلامية القديمـة ، واستشـرف البحـث مناهـج التنويـر فـي مـادة الثقافـة الإسلامية؛ وطـرق تحسـين أدائهـا ،وبيـان مـا تمـر بـه هـذه المـادة وسـبل تطويـر مناهجهـا مـن معوقـات.

وحـاول البحـث أيضـاً أن يقـدم تصـوراً لحـل هـذه المعوقـات، ومنهـا التركيـز علـى شِـعاب التنويـر المنهجـي والوسـائلي والمقاصـدي واعتبارهـا أساسـاً لتصحيـح مسـار التطويـر لهـذه المـادة، واعتبـر الانفتـاح علـى الآراء المختلفـة والتفاهـم فـي قضايـا التعايـش الإنسـاني مـع أهـل الديانـات الأخـرى أحـد أهـم السـبل للتعريـف بالثقافـة الإسـلامية لـدى هـذه الشـعوب، ويمكـن مـن خـلال الانفتـاح علـى التكنولوجيـا وجعلهـا أحـد مرتكـزات الثقافـة الإسـلاميَّة أن نصـل إلـى عهـد جديـد يجعـل مـن هـذه المـادة عابـرة للمقـررات، كمـا أن إعطـاء دورات للأسـاتذة والمحاضريـن فـي كيفيـة اسـتخدام هـذه التكنولوجيـا فـي المجـالات العلميَّـة النَّافعـة، يعـزز مـن مفهـوم المشـاركة بيـن كل مـن الطالـب والأسـتاذ والمنهـج، وزيـادة الوقـت المخصـص لهـا يسـاعد فـي اسـتيعاب أكبـر قـدر ممكـن مـن الوحـدات؛ يمكـن مـن خلاله بحـث كافـة القضايـا التـي تهـم المجتمعـات الإسلامية اليـوم، ومناقشـة العلاقة التـي تربـط المسـلمين بكافـة شـعوب الأرض.

 أهم التحديات العقدية والفكرية المعاصرة لمقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات

كيلاني وجود الله

وتناول بحث أ.د. جمال أحمد الكيلاني، و د.عامر جود الله، من جامعة النجاح الوطنية – فلسطين” أهم التحديات العقدية والفكرية المعاصرة لمقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات” والتي ينبغي لمقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات الاستجابة لها لأهميتها .

وبـدأ البحـث بتبيـان مفهـوم الثقافـة الإسـلامية وأهميتهـا؛ كتمهيـد لهـذه التحديـات ،فبيـن أنَّ الثقافـة هـي الاعتقـادات، والقيـم، والعـادات التـي تحكـم السـلوك وتوجهـه، ومـن هنا تأتي أهمية الثقافة الإسـلامية التي يعد الدين أهم عناصرها، بل هو منبعها ومحورها.

 ووضـح البحـث مـن خـلال المنهجيـن الوصفـي، والتحليلـي أهـم التحديـات العقديـة المعاصـرة التـي تواجـه ثقافتـا الإسـلامية وهـي:

  • تحدي الفصل بين الاعتقاد والعمل، والإلحاد الجديد.

وبيَّن أهم التحديات الفكرية المعاصرة لها وهي:

  • التصـور الفكـري الخاطـىء للعَلاقـة بيـن الدِّيـن والدُّنيـا فـي بعـض خطابنـا الإسلامي؛ ممـا ينتـج عنـه تعطيـل الطاقـات الإنسـانية.
  • التصـور الفكـري الخاطـىء عنـد بعـض الشـباب حـول مفهـوم الحريَّـة، ممـا يتطلـب ضـرورة تعميـق هـذا المفهـوم فـي مقـرر الثقافـة الإسلامية؛ نظـرًاً لكثـرة التشويشـات الفكريـة حـول هـذا المفهـوم.

  وأكد البحـث علـى ضـرورة مواجهـة تلـك التحديـات،  خاصـة تحـدي الإلحـاد المعاصـر، مـن خـال إعـداد مـادة علميـة فـي الـرد علـى الشـبهات العقديـة المتعلقـة بذلـك ،وتضمينهـا لمقـرر الثقافـة الإسـلامية.

تنقية مقررات الثقافة الإسلامية من الأحاديث المتوهم صحتها

وقال أ.د. محمد سعيد حوى، جامعة مؤتة – الأردن في ورقته “تنقية مقررات الثقافة الإسلامية من الأحاديث المتوهم صحتها”، أنه  لا يخفـى أن كتـاب الثقافـة الإسـلامية واسـع الانتشـار، ولـه أهميتـه الخاصـة، ولوحـظ أن فـي بعضهـا روايـات لا تصـح، أو يتوهـم صحتهـا، وبعضهـا إن صـح فإنـه ممـا يشـكل فهمـه والتعامـل معـه، أو لا يُحسـن توظيفـه، أو يسـتغلّه بعـض الناس للطعـن فـي الـدرس الثقافـي الإسـلامي.

ممـا يسـتوجب مـن أهـل الاختصـاص التصـدّي لهـا، وبيـان نمـاذج منهـا، ولفـت النّظـر إلـى بعـض آثارهـا السـلبية، للضعيـف منهـا، واقتـراح ضوابـط وقواعـد يجـدر بنـا الإفـادة منهـا تدريسـاً وتأليفـاً، فـي التعامـل مـع مـا صـحّ، وكـذا بيـان الأسُـس التـي تبنـي مَلَكـةً نقديّـة عنـدَ الطالـب.

فجـاءت هـذه الدراسـة لتقـف علـى نمـاذج مـن النصـوص التـي وردت فـي بعـض تلـك المقـررات، فـي سـياق الاستشـهاد بهـا وإقرارهـا؛ ممـا لا يصـح أو يشـكل أو يختلـف فيـه، وقدّمـت جملـة مـن القضايـا، منهـا:

  • الجمـع فـي النّقـد بيـن النّظـر فـي السَّـنَد، والنّظـرِ فـي المتـن، وبيـان منهجيـة نقديـة متكاملـة.
  • تقديم ملحوظات ومقترحات للمنهج الذي يمكن أنْ نقدّمه كقواعد وضوابط عامّة تضبط التعامل مع تلك الروايات.
  • الإشارة إلى المنهج الذي ينبغي أن يتعامل به مدرّس الثقافة الإسلامية مع أسئلة الطلبة الإشكالية في ميدان الروايات الحديثية.
  • تنمية القدرات النقدية لدى الباحثين والدارسين.

المسلمات المعرفية من التخصصات الطبيعية والإنسانية وأثرها في تطوير مقرر الثقافة الإسلامية

تبحـث ورقـة “المسلمات المعرفية من التخصصات الطبيعية والانسانية وأثرها في تطوير مقرر الثقافة الإسلامية” التي قدمها أ. د. عبدالقادر جدي، جامعة قطر، سـبيلا لترقيـة مقـرر الثقافـة، يقـوم علـى أهميـة مراعـاة المسـلمات المعرفيـة التـي يتلقاهـا طلبـة العلـوم الطبيعيـة والإنسـانية وتتشـكل مـن خـلال مقرراتهـم ،فالطالـب خـلال مسـيرته العلميـة يتشـكل ذهنـه وتنبثـق رؤيتـه ومناهـج محاكماتـه للأشـياء قبـولا أو رفضـا تبعـا لمجموعـة مسـلمات تلقاهـا مـن مختلـف التخصصـات، وتـم فـي الدراسـة رصـد العديـد منهـا،  كالتطوريـة والهرمنيوطيقيـة الـتأويلية ونسـبية الحقائـق، وإحـكام الصنعـة القانونيـة الوضعيـة،  واتسـاع مفهـوم الاجتهـاد ليشـمل إلغـاء القواطـع، واقترحنـا أفـكارا منهجيـة لتكسـير أثـر هـذه المسـلمات منهـا عقلنـة المنهـج الأصولـي والسـندي الحديثـي لإفشـاء سـر الملكـة النقديـة فـي تراثنـا، والتوسـل ببعـض الآليـات المنهجيـة عنـد تدريـس مقـرر الثقافـة الإسـلامية،  منهـا إثبـات أن المعـارف الدينيـة قابلـة للاختبـار لكسـب أحقيتهـا، وأن مبناهـا الدليـل الطبيعـي والإنسـاني وليـس الإيمـان فقـط،  والاسـتفادة مـن آليـة النجـاح العملـي لمنجـزات الإسـلام التـي تعتمدهـا المـدارس النفعيـة المعاصـرة فتعـد بذلـك واقعيـة لا مثاليـة، وكـذا نظريـة ترتيـب الأولويـات التـي تسـاعدنا فـي إبـراز قضايـا تغنـي عـن غيرهـا وتسـتثمر حاسـة السـمع والبصـر حينمـا تتكـرر عليهـا أصـولا مختـارة تجعلهـا فـي المحـل الأرفـع مـن النفـس والعقـل.

تجربة التدريس عن بعد لمحور النظام الأخلاقي في مقرر الثقافة الإسلامية

وجاء في ورقة أ.سارة جول محمد عبيد الله، كلية المجتمع – قطر وهي بعنوان “تجارب في تطوير تدريس مقرر الثقافة الإسلامية عن بعد تجربة التدريس عن بعد لمحور النظام الأخلاقي في مقرر الثقافة الإسلامية”، أن التدريـس عـن بعـد يعد تحديـاً مـن تحديـات التعليـم فرضتـه جائحـة كورونـا، ومـن الأمـور التـي تفرضهـا طبيعـة التدريـس عـن بعـد : غيـاب اللقـاء المباشـر، غيـاب لغـة الجسـد، عـدم القـدرة علـى ملاحظـة ومتابعـة الطـالب بشـكل جيـد ،قلـة التفاعـل بيـن المعلـم والطالـب. ممـا يجعـل المعلـم يجتهـد فـي ابتـكار أسـاليب ووسـائل فعالـة.

وتعـد بعـض المواضيـع العلميـة فـي مقـرر الثقافـة الإسـلامية تحديـاً آخـر، مـن حيـث كونهـا عميقـة وتحتـاج إلـى تفكيـك وتركيـب وتحليـل، كمـا أن بعضهـا يتسـم بالجمـود وكـم المعلومـات النظريـة، وقـد رأيـت أن أعـرض تجربتـي فـي تدريـس موضـوع النظـام الأخلاقـي خـلال فتـرة مـا يقـارب عامين.

هـذا ويعـد النظـام الأخلاقـي فـي الإسـلام نموذجـاً لعـرض محاسـن الإسـلام وسـموه علـى الفلسـفات والمناهـج الوضعيـة، ومثـالاً علـى صـاح الإسـلام لـكل زمـان ومـكان.

كمـا أن فـي هـذه الورقـة البحثيـة اسـتعراضاً لبعـض الأسـئلة الشـائكة والشـبهات المثـارة فـي مجـال الأخـلاق فـي الإسلام ممـا يعـرض للطـلاب فـي المرحلـة الجامعيـة خاصـة، ووسـائل واسـتراتيجيات لحـث الطـلاب علـى النقـد والتفاعـل،  وإحالـة إلـى مصـادر اسـتفدت منهـا فـي تجربتـي.

مقرر الثقافة الإسلامية ومقرر الثقافة اليهودية في الجامعات: دراسة مقارنة

وفي ورقته عن “مقرر الثقافة الإسلامية ومقرر الثقافة اليهودية في الجامعات: دراسة مقارنة” قال أ.د. محمد خليفة حسن ، جامعة قطر، أن الجامعات العالمية اهتمت بإدخال مقررات الثقافة إلى برامجها الأكاديمية. وكان من بينها مقررات الثقافة المرتبطة بعلم الأنثروبولوجيا فـي أقسـام علـم الانثربولوجيـا، وأقسـام علـم الاجتمـاع. ومـن ناحيـة أخـرى اهتمـت الجامعـات الدينيـة بتطويـر مقـرر مرتبـط بالثقافـة الخاصـة بـكل ديـن علـى حـدة.

وهكـذا وجدنـا الجامعـات اليهوديـة فـي العالـم تُدخـل مقـرر الثقافـة اليهوديـة إلـى برامجهـا الأكاديميـة، وهكـذا فعلـت الجامعـات المسـيحية فـي العالـم بإدخـال مقـررات الثقافـة المسـيحية ووفقـا للمذهـب المسـيحي الـذي تنتمـي إليـه الجامعـة (الأرثوذكسـية والكاثوليكيـة والبروتسـتانتية).

وقـد فعلـت الجامعـات الإسـلامية نفـس السـيء وذلـك بإدخـال مقـررات الثقافـة الإسلامية إلـى برامجهـا الأكاديميـة. وقـد اتفقـت هـذه الجامعـات بالتقريـب، وبـدون قصـد، علـى مجموعـة مـن الأهـداف الخاصـة بهـذا المقـرر. ومـن أهـم هـذه الأهـداف المتشـابهة تثقيـف الطالـب في دينه، وأخلاقه، وسلوكه بالثقافة العامة التي نشأت عن دينه، وتطورت إلى أن أصبحت من نتائـج الديـن وأخلاقياتـه، وارتبطـت ارتباطـا عضويًـا بالديـن، والأخـلاق والحضـارة. وقـد كان لـكل جامعـة دينيـة أهدافهـا الخاصـة التـي تميـزت بهـا عـن بقيـة الجامعـات ذات الانتمـاءات الدينيـة المختلفـة. وقـد دخلـت ضمـن الأهـداف الخاصـة مـا هـو قومـي، ومـا هـو عالمـي، ومـا هـو متسـامح ، ومـا هـو عنصـري متعصـب حسـب اتجـاه الديـن، وموقفـه مـن الآخـر، وحسـب خصوصيـة الديـن ومحدوديتـه، وعالميـة الديـن وإنسـانيته .

فـي هـذا البحـث نعقـد دراسـة ومقارنـة بيـن منهـج الثقافـة اليهوديـة ومنهـج الثقافـة الإسلامية كمـا هـو مطـروح فـي البرامـج الأكاديميـة لبعـض الجامعـات اليهوديـة والجامعـات الإسـلامية للتوقـف علـى معرفـة تأثيـر طبيعـة الديـن علـى مقـرر الثقافـة، والوقـوف علـى أهـداف المقـرر واسـتراتيجيته الكبرى في كل جامعة يهودية أو إسـلامية، والتأكد من مدى اسـتفادة هذه الجامعات من هذه الاسـتراتيجيات، وإمكانية الوصول إلـى ثقافـة دينيـة مقارنـة تفيـد فـي فهـم الأديـان وثقافاتهـا وفـي تحقيـق التعايـش بينهـا وبخاصـة أن التأثيـر الثقافـي والتعـارف الثقافـي بعيـدا عـن قضايـا العقيـدة يمكـن أن يتـم فـي ضـوء حـوار الأديـان، وحـوار الثقافـات والحضـارات التـي يمكـن الوصـول إلـى المشـترك الإنسـاني فيهـا بسـهولة ليسـت متوفـرة عنـد الحـوار حـول مسـائل العقيـدة حيـث يتمسـك كل ديـن بعقائـده ويرفـض النقـاش حولهـا كمـا هـو الحـال الآن فـي حـوار الأديـان الـذي تـم الاتفـاق فيـه علـى اسـتبعاد النقـاش حـول العقائـد. ويسـتفاد مـن هـذه المقارنـة أيضًـا تحديـد مـا الـذي يمكـن أن تسـتفيد منـه الأديـان فـي هـذا الحـوار الثقافـي، ومـا هـي عناصـر التبـادل الثقافـي التـي يمكـن أن تتـم علـى مسـتوى مقـررات الثقافـة المرتبطـة بالأديـان. وقـد حددنـا المقارنـة بيـن مقـرري الثقافـة اليهوديـة والثقافـة الإسلامية فـي الجامعـات واسـتبعدنا الثقافـة المسـيحية فـي الوقـت الحالـي لأسـباب تـم شـرحها داخـل متـن البحـث.

للتذكير عقد “الملتقى الدولي لمقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات تحديات الواقع وآفاق التطوير” يوم السبت 26 جمادى الآخرة 1443 هـ الموافق 29 يناير 2022 م ، وذلك بالتعاون مع اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، وضمن فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي، وبمشاركة نخبة من المتحدثين الأكاديميين من جامعات عربية وإسلامية.