فضل الحج – في الكتاب والسنة – كبير يظهر في بيان حكمة المشروعية التي قال الله فيها: (وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيامٍ معلوماتٍ على ما رزقهم من بهيمة الأنعام). [الحج: من الآية 28]

والمنافع كثيرة: منافع دينية، ومنافع دنيوية تستفيد منها مكة وأهلها استجابة لدعاء إبراهيم ـ عليه السلام: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ). [إبراهيم: 37]، ويستفيد من المنافع الحجاج والمسلمون بوجه عام.

ومن هذه الفوائد: تقوية صلة العبد بربه بمثل: التلبية وذكر الله في المشاعر، والطواف حول البيت، وتقبيل الحجر الذي هو يمين الله يصافح بها خلقه، كما رواه أحمد.

وفيه التواضع الذي جاءت فيه رواية أحمد أن الله يباهي بأهل عرفات الملائكة فيقول: “انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً ضاحين من كل فجٍ عميقٍ.. أُشهدكم أني قد غفرت لهم “.

وفيه ارتباط بمهد النبوة، وتذكُّرٌ لحوادثَ ماضيةٍ قيِّمة، كما أن فيه عاملاً من عوامل الوحدة بين المسلمين، ومن أجل ذلك جاء في بيان فضل الحج في الكتاب والسنة ما يأتي:

أولا: أنه أفضل الأعمال أو من أفضل الأعمال، كما جاء في حديث أبي هريرة حينما سُئِلَ الرسول صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: “إيمانٌ بالله ورسوله، ثم الجهاد في سبيل الله، ثم الحج المبرور“، والحج جهاد، وفضل الجهاد عظيم، وهو ذروة سنام الإسلام.

وفى حديث الطبراني في شأن الرجل الضعيف الذي لا يستطيع أن يجاهد: “هلم إلى جهادٍ لا شوكة فيه: الحج”، وفى رواية النسائي: “جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج”.

وفى رواية البخاري ومسلم أن عائشة قالت للرسول صلى الله عليه وسلم: “نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: لَكُنَّ أفضل الجهاد: حجٌ مبرور”.

ثانياً: في الحج أيضا مغفرة الذنوب، لحديث البخاري ومسلم: “من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه”.

وفى رواية لمسلم،عندما أسلم عمرو بن العاص: “أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الهجرة تهدم ما قبلها، وأن الحج يهدم ما قبله؟”.

وفى حديث النسائي والترمذي وصححه: “تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، ليس للحجة المبرور ثواب إلا الجنة، الحجاج والعُمَّار وفدُ الله إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم”. كما في حديثٍ رواه ابن ماجة والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما.

أما النفقة فيه فقد جاء فيها حديث رواه أحمد، وغيره بإسناد حسن: “النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله، الدرهم بسبعمائة ضعف”.



ا
لشيخ عطية صقر -رحمه الله- رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا