مشكلة “عدم الرغبة في التعليم لدى الأطفال” من المشاكل المتكررة الظهور والحق أن المشكلة تبدأ وتنتهي عند تلك (الرغبة) التي تعتبر بمثابة الوقود الدافع لإتمام عملية التعليم. والرغبة والقدرة عنصران يدوران في دائرة واحدة وكل منهما يوصل للآخر؛ ولذا الحديث سيتركز في هذا الإطار حول مسألة التعلم والتعليم على: القدرة – الرغبة – خلق العادة.

أولا: القدرة على التعليم

1- لا بد أولا من التأكد من عدم وجود مشكلة عضوية تعيق التعليم، سواء كانت (بصرية – سمعية- إدراكية)، وبالطبع لن يمكنني الجزم بوجود مثل هذه المشكلة من عدمها؛ ولذا سأتعامل مع رسالتك بعيدا عن هذه النقطة.

2- التأكد من تمكن أخيك من أساسيات التعلم: وهي: (القراءة – الكتابة – الرياضيات) فربما كانت المشكلة تكمن هنا في عدم تمكن أخيك من هذه الأساسيات التي تبنى عليها كل المواد الدراسية بعد ذلك.

ولعل مما يزيد المشكلة تعقيدا أنكم تتعاملون معه على أساس أنه متمكن من هذه الأساسيات بما يشعره بعدم الثقة بالنفس وتدني صورة الذات، وبالتالي يعزف عن التعلم.

ثانيا: الرغبة في التعليم

المقصد هنا هو التعليم بمعناه النظامي المدرسي وليس التعلم. فالتعلم فطرة في الطفل وما نعانيه اليوم من عدم الرغبة لكثير من الأطفال إنما إهمال لهذه الفطرة وعدم استغلالها الاستغلال الأمثل. وما فعلناه إنما هو تحويل للتعلم بمعناه الواسع الممتع لتعليم ضيق ممل لا يعنينا منه إلا الدرجات.

ولنتساءل عن أسباب كرة الدراسة وما الذي يمكن علاجه من هذه الأسباب:
– من هذه الأسباب (عدم القدرة على التعليم) بناء على عدم تمكن الطفل من أساسيات العلم كما سبق أن شرح لك؛ فيصبح التعليم ميدانا لا يشعر فيه الطفل بالإنجاز وبالتالي لا يحبه ولا يقبل عليه؛ ولذا قلت لك إنهما عنصران في دائرة واحدة (القدرة والرغبة).

– أيضا عدم وجود علاقة حميمة بين الطالب والمدرس. وهنا يمكننا التحدث مع المدرس وطلب المساعدة منه بمتابعة الطفل جيدًا للوقوف على نواح القوة والضعف من ناحية، ومن ناحية أخرى انتهاز أول فرصة يبدي فيها الطفل إنجازًا لو قليلا فيشجعه ويثيبه (حتى ولو كانت هذه الإثابة هدية تقدمها الأم سلفا للمدرس وتطلب منه إعطاءها للطفل عند إبداء أي تحسن)؛ فالطفل يحب التواجد في جو حميم يشعر فيه بالإنجاز والحب والتقدير والتشجيع.

– عدم كفاءة المدرس من الناحية العلمية، ويمكننا علاج هذه النقطة بأن نشرح للطفل في البيت ما لم يستوعبه جيدا في المدرسة.
– هناك نقاط أخرى بالطبع كثيرة لكره التعليم تتعلق بالمدرسة والمناهج والمعلم وبيئة الطفل وغيرها وربما استعصى علينا التدخل فيها، لكننا لن نقف أيضا عندها. فيبقى دائما مجال “لفن الممكن”، وهو المجال الذي يمكننا التدخل فيه بدرجات متفاوتة لتحسين الوضع غير المرغوب ويندرج تحت هذا الممكن:

– دعم الابن معنويا وبناء ثقته بنفسه وخلق جو محبب أثناء التعلم؛ فالمخ عضو وجداني يحفزه الأمن والتشجيع ويحجمه القلق والتوتر. فحفزي ودعمي وأوجدي الإثابة الفورية (معنوية بالتقبيل والتهليل والتصفيق وعلامات الإعجاب وكلمت الفخر والإكبار، الأنشطة المشتركة… مادية كالحلوى والهدايا…).
– التحدث عن المدرسة كمصدر من مصادر التعلم وليست المصدر الوحيد.
– دعم الابن علميا: وذلك بالمساعدة في شرح الدروس، ولكن دون القيام عنه بواجبه؛ فهذه مسؤليته التي لا بد أن نعوده تحملها كغيرها من المسئوليات.

– القراءة مع الطفل وله ، حيث إن الطفل في هذه المرحلة يتعلم القراءة كمهارة أساسية سيستخدمها في السنوات المقبلة من التعليم للفهم والتحصيل. ولذا يجب وضع الاهتمام الأكبر على الترغيب في حب المعرفة والقراءة،  والاستمتاع بهما ومشاركته فيهما.

– توفير المجلات والكتب والمستلزمات الرقمية التي تقع ضمن مجال اهتمامه، وربما أمكننا ربطها بمنهجه الدراسي. ولكن الأهم هو ترغيبه في المعرفة وشغفه بالعلم.
– إيجاد القدوة في الاهتمام بالتعليم فيشعر بقيمة ذلك. فربما كان وقت الواجب المنزلي وقت عمل لجميع أفراد الأسرة، كذلك على الوالدين إبداء الاهتمام بالمعرفة والعلم.

– كذلك يمكن قراءة قصص العلماء وحكايات الاختراعات والمخترعين، وذكر فضل العلم وحث الإسلام عليه.
– كذلك يمكن إعطاؤه بعض الألعاب التي تنمي مهاراته الرياضية.
– تكوين عادة الاستذكار: ويتضمن ذلك أين ومتى سيتم الاستذكار؟ والمهم في ذلك المكان المناسب للاستذكار(إضاءة – تهوية – بعيد عن الضوضاء – كرسي مريح…).
وفيما يتعلق بالوقت، فمن المهم وجود الأبوين أو أحدهما للمساعدة وقت الحاجة لتوفير الدعم المطلوب والإشراف على أداء الواجبات والاستذكار.
– وربما سأل الطفل عما يعرفه بالفعل؛ فيجب التحلي بالصبر وشرحه له بهدوء ومكافأة إنجازاته (ولو القليلة؛ لأنها ستأتي بما هو أكبر).
– ولا تؤدي عنه أبدا واجبه بل يتم تحفيزه على انجاوها.

– مراجعة الواجب لمعرفة الخطأ والصواب، ولكن مع عدم تغيير الإجابة، بل بالإشارة لموضع الخطأ، ومساعدته في اكتشاف الأخطاء بالأسئلة المفتوحة “كيف حصلت على هذه الإجابة؟ هل يمكنك إخباري كيف وصلت لذلك؟… وهكذا”.

– إيصال رسالة إيمانك بقدرات الطفل على التحسن والأداء الأفضل “أعرف أنك تستطيع .. وانتظر لأرى أفضل ما عندك”.
– حددي للطفل المطلوب منه بالتحديد ليتم تحقيقه.
– التأكد أن لديه كراسة متابعة يكتب فيها واجباته المطلوبة منه.

– مساعدة الطفل ليبدأ عمل جدول ينظم به وقته، وذلك باعتياده كتابة ما يرغب في إتمامه من أنشطه وما عليه من واجبات مدرسية؛ فذلك يعوده إدارة وقته وهو من المهارات الهامة للنجاح في الحياة بشكل هام؛ كذلك هذا الذي يكتبه الطفل يعتبر بمثابة أهداف يضعها لنفسه ليحققها، وفي ذلك تحفيز شديد حين يجد أنه استطاع إنجاز ما خطط له بالفعل. ولذا يجب مساعدته في البداية، وتعلميه أن يضع أهدافا ممكنة، ولكنها تزداد مع الوقت.
– تذكير :  الهدف ليس الدرجات، وإنما التدريب على العمل الجاد؛ فالعمل الجاد يأتي بالدرجات وليس العكس.

– تذكير:  الهدف هو التعلم؛ فأفساح المجال لذلك بأقصى مايمكن (قراءة – كمبيوتر – اصطحابه لمكتبة – مجلات في دائرة اهتمامه – حديث لشخص متخصص حول اهتمامه ربما كان طبيبا فيسأله عن الطب، مهندسا فيسأله عن تخصصه وهكذا…).

– تذكير :   تكوين العادة يأتي بالتدريب والمثابرة والإصرار على تكوينها، والتعلم عادة كغيرها من العادات ومفتاحها الأول هو القراءة.
–  جعل هدف الطفل التعلم بمعناه الواسع وليس التعليم المدرسي النظامي، فهو مجرد رافد من الروافد. إذا تمسكنا بهذا الهدف الذي حثنا الله عليه “العلم” أمكننا خلق الدافع الداخلي لدى الطفل. وحينها يمكننا الاستفادة من كل روافد التعلم المحيطة بالطفل بما فيها المدرسة.


نيفين عبدالله صلاح