[وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ](إبراهيم 34)
[وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ](النحل 8)
نعم الله على عباده كثيرة ومتعددة ومتنوعة منذ خلق آدم حتى يرث الأرض ومن عليها، وقد جعل لكل زمان مستحدثاته واكتشافاته التي ربما لا تصلح لزمن سابق، ولذا قال الله تعالى [ويخلق لكم ما لا تعلمون]، فلا شك أنه توجد مخلوقات أخرى غير ما ذكر، ولا يلزم من ذلك معرفتنا بهذه المخلوقات.
والعصر الحديث الذي تميز بالتقدم الهائل في (تكنولوجيا) الاتصال، وصفحات التواصل الاجتماعيّ المتعددة الأنواع والأشكال، وقد ظهرت هذه الوسائل كمنجز حضاريّ أفرزته العقول العملاقة المبدعة، عبر (التكنولوجيا) المتطوّرة الفذّة، ووسائل الاتصال هذه لها آثار إيجابيّة عظيمة، وأخرى سلبيَّة.
إن حياة القلوب هي من أهم عوامل التربية الحقيقية للإنسان والتي من أجلها يستطيع أن يرسم الإنسان طريقه، ويحدد غايته وأهدافه، ولذا لابد من تفاعل التربية مع قلب الإنسان لتجعل منه شخصا ربانيا، حتى تستطيع أركان القلب أن تستقيم مع استقامة البيوت التي أصبحت أركانها تهتز بعنف مما يحدث فيها من غربة.
قواعد الأسرة المسلمة
الأسرة المسلمة هي المحيط الحيوي الذي يجري من خلاله توارث القيم الدينية بين الأجيال. ولذلك صارت الآن هي بؤرة الاستهداف ونقطة الاختراق، وبصورة مباشرة مؤثرة، وقد تـحول المخطط التخريبـي ذي الوجه الإصلاحي الخادع إلى تغييـر شريعة الأسرة بصكوك دولية.
فإذا صلحَت الأسرة صلح المجتمع الإسلامي؛ ولذا يجِب الاعتناء بالبيت المسلم بتهيئته لحياة سعيدة، يملؤها الإيمان والمحبَّة، وجعلها مسجدًا للعبادة، ومعهدًا للعلم، وملتقًى للفرح والسعادة
ولهذا قال الله تعالى: [وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ](الروم: 21).
فقواعد البيت المسلم التي قام عليها هي السكن والمودة والرحمة وهى نعم وهبات يهبها الله لعبادة ويثبتهم عليهم إذا أحسنوا استعمالها، وتزول عنهم إذا أساؤا التصرف فيها.
نقطة خطر
تضرب الأسرة في كل جنباتها نقاط خطر تكاد تعصف بأمنها واستقرارها، وتزحف لالتهام البقية بسبب انتشار وتوغل داء الغربة الذي انتشر في البيوت بسبب ما خلفه فضاء خيالي هو فضاء التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية.
فترى الزوج والزوجة في نفس الغرفة، ويمكن على نفس الأريكة، لكن كل منهما مشغول إما “باللاب توب” أو “الموبايل”، يتصفح الإنترنت، وينشغل بالحوارات الفضائية، فبدلا من أن تثار النقاشات والقضايا ويبدأ كل طرف في سرد تفاصيل يومه للأخر، أصبح الصمت هو سيد الموقف وتوفير الوقت والمجهود للهواتف ومواقع التواصل مع الآخرين هو الهدف الأعظم والأسمى من التواصل فيما بينهما، ويقال أن: «وسائل السمة بين الطرفين عمل بلوك.
للأسف إن الكثير من النساء بتن يكشفن أمورهن المنزلية وحياتهن الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، فتقوم بتصوير كل شيء في بيتها، ومتى غضبت من زوجها، ومتى آخر مشكلة مع حماتها أو سلفتها.
بين النافع والضار
يقول د. محمد بن عبدالعزيز الشريم الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود: هذه الوسائل والتطبيقات تحمل نذر الخلافات لمن يسمح لها بالاستحواذ على حياته، من جهة كونها تشغل الشخص عن شريك حياته، ولاسيما حينما يدمن عليها ويقضي فيها وقتًا طويلًا ينافس الوقت الذي ينبغي أن يقضيه الزوجان مع بعضهما، مضيفًا أنه قد يجد أحد الزوجين في تلك الوسائل مهربًا من إمضاء الوقت مع الطرف الآخر بسبب وجود بعض المشكلات في التحاور وتبادل الرأي، مما يوسع الهوة بينهما بدلًا من السعي للتقارب وإزالة أسباب الخلاف.
لقد ساهمت هذه الأدوات إلى زيادة الإحباط، والعزلة، وقطع الأرحام، والانعزال الشعوري عن المجتمع القريب؛ للاندماج مع المجتمع الافتراضيّ البعيد، ونشر الرذيلة بين الناس، والتشهير والفضيحة والابتزاز.
رصاصات قاتلة
هناك سلبيات خفية ربما تغزوك أو تسرقك دون أن تشعر بها وتقوم وأنت لا تدري كم مضى.
عدم شعور بعض المستخدمين بالمسؤولية.
كثرة الإشاعات والمبالغة في نقل الأحداث.
بعض النقاشات التي تبتعد عن الاحترام المتبادل وعدم تقبل الرأي الآخر.
إضاعة الوقت في التنقل بين الصفحات والملفات دون فائدة.
تصفح المواقع يؤدي إلى عزل الشباب والمراهقين عن واقعهم الأسري وعن مشاركتهم في الفعاليات التي يقيمها المجتمع.
ظهور لغة جديدة بين الشباب بين العربية والإنجليزية من شأنها أن تضعف لغتنا العربية وإضاعة هويتها.
انعدام الخصوصية الذي يؤدي إلى أضرار معنوية ونفسية ومادية
هل من سبيل؟
لكل داء دواء فهذا من نواميس الكون لكن إذا أحسنا التوكل على الله وتوفرت القناعة لدى كافة الأطراف بأن لكل استخدام إيجابيات وسلبيات.
العمل علي وضع ضوابط لاستخدام الفيس بوك وتكون متناسبة مع الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد.
توفير مساحات حوار بناء داخل الأسرة.
يجب التقليل من قضاء الأوقات في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
لابد أن يراعي كلا الزوجين شريكه، ويحرص على نزع فتيل أي شك أو استياء بإعادة بث روح الثقة.
الخوف من الله عز وجل واستحضار رقابته في كل لحظة ودقيقة.
لقد صرخ بها الدكتور فيل-الطبيب النفسي الأمريكي الشهير- حينما قال:(اعملوا على استعادة التواصل بين الأشخاص الحقيقيين). فهل من مجيب؟؟؟
محمد منير حجاب، نظريات الاتصال، ط1،القاهرة: دار الفجر للنشر والتوزيع، 2010.
أثر مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الأسرية، الباحثة أمل معروف، دمشق، 2015.
أروى الموسى، تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على المجتمع، كلية المعرفة للعلوم و التقنية، مادة مهارات الاتصال، 2013م- 1435هـ.
عماد إبراهيم ، أثر استخدام الفيس بوك على طلبة الجامعة، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية جامعة عين شمس، القاهرة، 2009م.