من المعروف لدى عامة المسلمين أن شهر رمضان هو الشهر التاسع في التقويم الهجري، وهو شهر مميز له مكانة خاصة لدى المسلمين حيث أنزل فيه القرآن على النبي محمد ﷺ في ليلة القدر، أحد ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان. ولقد اعتاد الناس على الترحيب والتهنئة بمناسبة هذا الشهر فيقولون: “رمضان كريم” فمن أين جاءت هذه العبارة؟ ولماذا يرددها الصائمون؟ وما الفرق بينها وبين عبارات أخرى تقال في هذا الشهر؟
يعتبر شهر رمضان من أهم الأشهر في التقويم الإسلامي، فهو لدى المسلمين شهر الكرم والصدقة والبر والتقوى والإيمان. إن شهر رمضان هو موسم تجديد الإيمان وتقوية العلاقة بالله والإكثار من الطاعات والزيادة في الخيرات وتزكية النفوس وسعادة الأرواح. وصوم رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة. ومعروف أن بداية ونهاية شهر رمضان يتم تحديدهما بواسطة التقويم الإسلامي القمري، من خلال تحري الهلال ورؤيته بصريا في السماء، ويستمر إما 29 أو 30 يوما، حيث يصوم المسلمون عن الطعام والشراب خلال الفترة ما بين شروق الشمس وغروبها.
في هذا الشهر يقوم المسلمون بتهنئة بعضهم بترديد عبارة “رمضان كريم” فما أصل هذه العبارة؟
ما معنى كلمة “رمضان”؟
كلمة “رمضان” ليست كلمة مرتبطة أو مقتصرة على الإسلام فقط، لأنها كانت منتشرة ومعروفة قبل الإسلام، فهي من الأسماء العربية المعلومة في الجاهلية، حيث يرجع أصلها إلى كلمة “رمض”، وتعني اشتداد الحر وارتفاع درجة حرارة الجو. وقد تطابقت تسمية الشهر مع الفريضة التي يؤديها المسلم في هذا الشهر الكريم، حيث أن الصيام يجعل جوف المسلم جاف وحار نتيجة شعوره بالعطش والجوع. كما أن شهر رمضان قد يأتي زمن من الأزمنة في فصل الصيف، أين يشتد الحر في بعض البلدان والمناطق.
ويفسر البعض أحرف كلمة رمضان الخمسة كالتالي:
- حرف الراء: رضا الله على الصائمين، المقربين.
- حرف الميم: مغفرة الله لمن يتوب إليه ويندم على ذنوبه.
- حرف الضاد: ضمان يقدمه الله للصائمين بدخول الجنة.
- حرف الألف: آلفه الله لمن يتوكل عليه.
- حرف النون: نوال الصائم تلبية لدعوته ورغباته.
كما يفسر البعض يقول رمضان من خلال كلمة رمض، والتي تعني رمض المعاصي وحرقها، وهناك من يرى أن رمضان يأتي من رميض، وهو المطر الذي يغسل الذنوب.
ما أصل عبارة “رمضان كريم”؟
كما أن هذا الشهر الكريم تأتي فيه ليلة القدر، وهي ليلة خير من ألف شهر كما ذكر الله عنها في كتابة العزيز، ويجب أن نتحرى هذه الليلة في العشر الأواخر من شهر رمضان وهي تكون ليلة فردية. وهناك عدد من العلامات التي تشير إلى ليلة القدر ولعل من أهمها هو: صفاء الجو وهدوء الرياح، سكون الأصوات وعدم سماع أي نباح الكلاب، كما تقل المشاجرات بين الناس بشكل كبير خلال تلك الليلة.
الكرم في رمضان
ماهي أوجه الكرم في رمضان؟
1- كرمه فى فرحة استقباله، فرمضان شهر الفرح فالفرح هو لذة تقع فى القلب عند إدراك المحبوب فينتج عنه حالة من السرور والفرح.
2- عظمة الصوم والجزاء، فرمضان كريم فى عطاءه، قال رسول الله من صام رمضان ثم أتبعه ستة من شوال كان كصيام الدهر.
3- رمضان كريم فيه عبادة وهى عبادة الصوم لا يعلمها أجرها إلا الله، حيث قال تعالى فى حديث قدسي كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لى وانا أجزي به.
4- رمضان كريم بالمساجد فهي عامرة بالمصلين فى رمضان
5- منزلة رمضان، فرمضان هو الشهر الذى أنزل فيه القراءن الكريم أعظم الكتب السماوية.
6- أعظم كرم من الله لهذا الشهر ليلة القدر وهي ليلة خير من ألف شهر.
7- رمضان كريم بالطاعات وكثرتها والمنح التى منحها الله للمسلمين فى هذا الشهر.
8- رمضان كريم ملايين بل مليارات من الحسنات تستطيع أن تحققها فالحسنات تتزايد وتتضاعف ولا تنسى
9- رمضان كريم بين الناس، فلا تجد فقيرا يعانى في هذا الشهر الذي تكثر فيه الصدقات ويزيد التآلف بين الناس وتكثر مساعدة الناس لبعضهم.
10- ليس من كرم هذا الشهر المعاصى، بل الطاعات والعادات التى لا تعارض الشرع. فكرمه من كرم الله لقد منح الله هذا الكرم ليصبح رمضان كريم فمن أسماء الله الحسنى الكريم.
وعموما فقد مُنح هذا الشهر صفة الكرم لأنه شهر كل الكرم والصوم والمنح و العطاء وشهر الجود والخير والصدقات.
“الكريم” في القرآن الكريم
ولعل قول “رمضان كريم” يأتي من قبيل أن الكثير يعلم جواز نسبة الشيء إلى سببه، سواء كان جمادا أو حيوانا أو إنسانا، والله سبحانه من وراء الأسباب كلها فهو مسببها، وهذه أمثلة من آيات قرآنية تدل على كلمة “كريم” :
- قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (النمل:29)
- وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (الشعراء:58)
- أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (الشعراء:7)
- وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (الواقعة:44)
- فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (الحج:50)
- إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (يّـس:11)
- مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (يوسف:31)
- وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (الدخان:17)
ويرى الكثيرون أن قول كلمة “رمضان كريم” تعني أن رمضان كريم فى كل شىء، وأنه كريم لأن عطاءه لا ينفذ، فهو منحة من الله تعالى.
هل نقول “رمضان كريم” أم “رمضان مبارك”؟
يرى الكثيرون أن هناك اختلاف طفيف في المعنى بين الجملتين: “رمضان كريم” و “رمضان مبارك”، ولكن يقال إن كلاهما يهنئ المسلمين بقدوم شهر رمضان، والفرق بينهما يبدو على النحو التالي:
رمضان كريم: تعني أن الشخص المسلم يعني هذا الشهر الكثير من الكرم من حيث الفضائل والمكافآت والمكافآت.
رمضان مبارك: عبارة عن دعاء للمسلم أن يجلب له شهر رمضان البركات والكثير من الخير في أيامه وليالي الشهر.
وقد أجمع أهل العلم على أنه يجوز قول “رمضان كريم” إذا كان القصد منها جملة خبرية يخبر بها المسلم أخاه المسلم عن صفة من صفات رمضان وهي الكرم، ويجوز قولها إذا كان القصد منها الدعاء بأن يكون رمضان كريما على المسلمين، بينما لا يجوز قولها إذا كان المسلم يعتقد بأنّها مشروعة في شهر رمضان.