أكد الدكتور عبد السلام أبوسمحة، أستاذ الحديث النبوي أن حجية السنة النبوية أمر مفروغ منه في وجه منكريها والطاعنين فيها، وأن إنكار السنة بالجملة هو هدم للدين برمته. وقال أبوسمحة أن الشبهات والطعون التي طالت سنة النبي خرجت من رحم الاستشراق، وأن النقد والرواية في الإسلام كفرسي رهان.

الدكتور عبد السلام أبوسمحة، هو أستاذ مشارك في الحديث النبوي وعلومه بكلية الشريعة الإسلامية بجامعة قطر. حاصل على درجة الدكتوراه في الحديث النبوي الشريف وعلومه من جامعة اليرموك بالأردن، مساعد الأمين العام للندوة الدولية للحديث الشريف، رئيس فريق عمل “السيرة النبوية ودورها” بالمعهد العالمي للفكر الإسلامي، ورئيس سابق لقسم الشريعة الإسلامية بكلية الآداب جامعة الإسراء الخاصة، عضو بجمعية الحديث وإحياء التراث وعضو لجنة النشر بالمعهد العالمي للفكر الإسلامي.

له عدة مقالات ودراسات وبحوث محكمة في مجال علم الحديث والروايات من بينها: “الحديث المنكر دراسة نظرية تطبيقية في علل ابن أبي حاتم الرازي” و”معرفة أصحاب الرواة وأثرها في التعليل دراسة نظرية وتطبيقية في علل أصحاب الأعمش”.

أثناء نزوله ضيفا على برنامج “الشريعة والحياة” الذي تبثه قناة “الجزيرة” تحدث الدكتور أبوسمحة عن تسارع وتيرة الطاعنين والرافضين للسيرة النبوية، الذين لا يفرقون حتى بين الصحيح وغير الصحيح في التراث وفي السنة الشريفة، بل وصل الأمر ببعضهم إلى إنكار السنة بالكامل والادعاء بالاكتفاء بالقرآن الكريم على أساس أنه المحفوظ والمضمون حفظه من قبل الله عز وجل.

وقال الدكتور أبوسمحة في تفسيره لهذه الظاهرة وشرحه للأهداف التي يرمي هؤلاء لتحقيقها من وراء التشكيك في السنة النبوية، إنه من المهم جدا أن نقف عن هذه القضية المتعلقة بإثارة مسألة حجية السنة النبوية وإثارة الطعون عليها والشبهات من حولها ونعرف مصدر هذه الشبهات.

دور المسشترق غولدزيهر

يقول أبوسمحة ان جدلية السنة النبوية والاشكاليات التي كانت تطرح حولها جدلية قديمة طرحت في أحقاب مختلفة ومتنوعة من تاريخ الأمة. لكن ما نعيشه اليوم من واقع يتناول بهض قضايا السنة، من المهم أن نقف عند أصل ومصدر مثل هذه الشبهات والطعون التي خرجت من رحم الاستشراق.

وأضاف أبوسمحة : الناظر في دراسة متأنية في المحاور التي نقد فيها المستشرقون السنة النبوية سيجد العجب، وسيكتشف أن كل الشبهات التي تثار اليوم، والادعاءات التي تدّعى، خرجت من رحم الاستشراق، وعلى الأخص من مسشترق يهودي مجري معروف لدى المفكرين وأهل الاختصاص هو غولدزيهر الذي تحدث عن قضايا كثيرة لم تكن تطرح من قبل:

  • طعن في السنة النبوية بالإنكار الكلي
  • تحدث عن شبهة كتابة السنة وعدم كتابتها
  • تحدث عن أن المحدثين توجهوا لنقد السنة دون نقد المتن
  • تحدث عن الطعن في أعلام من أعلام الحديث

هذه الطعون والشبهات بدأت تقريبا من بداية القرن العشرين، وهناك حالة من حالات إنكار السنة والتي كانت حالة بالجملة للقرآنيين ظهر بعضها عام 1902 في القارة الهندية على يد أناس كان يدعمهم الاستعمار.

واستغرب الدكتور أبوسمحة أن يتم ترديد وأحيانا تبني مثل هذه الشبهات من طرف جمهور المسلمين. مؤكدا في ذات الوقت أن الباب مفتوح أمامها أمام أي قضية نقدية في تاريخ الأمة، لكننا اليوم نتحدث عن حالة نقد للتراث بجملة واحدة، فثمة نقد الفقه ونقد في الحديث ونقد في التفسير.

وتساءل الدكتور أبوسمحة لماذا لم تثر مثل هذه القضايا التي أثارها هؤلاء المستشرقون في هذا التاريخ الممتد؟ فحالة الحراك الفكري والنقدي للعلوم الإسلامية حالة متواصلة ومتزامنة مع نشأة العلوم، ليس لدينا كهنوت في العلوم، وليس لدينا قدسية تمنع حالة النقد، لكن لدينا احترام للاختصاص والمعيارية العلمية.

وقال الدكتور أن النقد للحديث ظهر بين يدي النبي ، نقد الفهم وغيره، فالسيدة عائشة رضي الله عنها، عندما تسمع من النبي عليه الصلاة والسلام: “من حوسب فقد عُذّب” تتأمل في هذا الحديث ثم تعرضه على القرآن في ظاهرة نقدية معيارية مبكرة جدا، وتقول للنبي الكريم كيف والله يقول { فسوف يحاسب حسابا يسيرا } (الإنشقاق -8)، فهل أقرّ عليه الصلاة والسلام هذا النقاش والحراك الفكري من السيدة عائشة مع نص هو يقوله وبينه وبينها ؟

قال “يا عائشة هذا العرض وذاك الحساب، من نوقش الحساب عُذّب” فالحساب في هذه الحالة نوعان: حساب العرض، عندما يأتي الإنسان يوم القيامة يعرض عليه حسناته وسيئاته، فهذا لا يُعذّب. والحساب الثاني من يناقش في التفاصيل.

النقد والرواية في الإسلام كفرسي رهان

ويقول الدكتور أن حالة النقد حالة ممتدة تواكب مستجدات الحالة الروائية. فنحن كأمة مميزة في رواية الحديث والآثار، نحن أمة الرواية التي تتطور مع وجود الرواة، ومع تطورها يتطور النقد.

ويرى أبوسمحة أن النقد والرواية في الإسلام كفرسي رهان، لا يتأخر النقد عن الرواية ولا تتأخر الرواية عن النقد، وهما حالة متجددة في الإسلام. فأي أمة تأخر النقد فيها عن الرواية ضلت هذه الأمة وغصت بالمكذوب من الروايات. وقال في ظل انشغال الأمة بالأحداث السياسية العظيمة التي مزقت الأمة في فترة من الفترات، في ظل مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، والذي كان حدثا مفصليا في تاريخ الأمة، ثمة من كان يعمل في حالة الخصام التي طغت على الوضع العام، وثمة من كان يرصد الأحداث لمعرفة ماذا سيتبع ذلك على الحديث. يقول ابن سيرين “لما ظهرت الفتنة قلنا سموا لنا رجالكم فننظر أهل البدع فنترك روايتهم وننظر أهل السنة فنأخذ روايتهم”.

وهذا يشير كيف كان أناس منشغلون بالحرب والخصام والجمل وصفين وو.. وعلماء الحديث منشغلون بأن هذا الجو المشحون قد يتسبب في الكذب على النبي . ففي ظل الحاجة كان يظهر المعيار النقدي الذي يحمي السنة من أن تتعرض للدسائس.

“القرآنيون” حالة نشاز في تاريخ الأمة

ويقول الدكتور أبوسمحة أنه حتى نرقب تسارع وتيرة الطاعنين والرافضين للسيرة النبوية ونؤكد على حجية السنة النبوية، يجب أن نرقب من يفعل هذا ومن يقف وراء هؤلاء، هناك اتجاهات متعددة قد يكون بينها رابط أو ناظم لها يدير هذا الأمر، لكن في المحصلة لدينا مايلي:

القرآنيون:

وهم الذين ينكرون السنة بالجملة وهؤلاء حالة نشاز في تاريخ الأمة، ولكن منذ أن ظهر من يعترض على حديث للنبي لم نجد من ينكر السنة بالجملة.

العقلانيون:

فهناك المدرسة العقلية، وهي أقل من سابقتها، ومنها العقلانيون والحداثيون والإسلام/حداثيون (إذا صح التعبير) الذين جمعوا بين الطرفين ولم يتمكنوا من تمييز صفوفهم.

الطائفيون:

وهم الذين يمثلون – للأسف- الاتجاه الطائفي الذي يقوم بدس الأحاديث الطائفية على النبي .

العلمانيون الليبراليون:

وهو اتجاه سياسي علماني ليبرالي ينفذ عداءه للمشروع الإسلامي في السنة النبوية، وهذا الاتجاه أدواته كثيرة اليوم خاصة في الإعلام، حيث استثمروا السوشيال ميديا للوصول إلى أهدافهم.

وفي هذا الصدد، وردا على مسألة كيف يلقى هؤلاء كل الترحيب والدعم والمساحات الواسعة في أجهزة الإعلام، يقول الدكتور أبو سمحة أن السنة النبوية جاءت لتُبين القرآن، والهدف من عداء السنة هو الفصل بين البيان والنص، فالقرآن الكريم جاءنا بالنظرية أما تطبيقاتها ففي السنة النبوية. وفتح مساحة مساحة واسعة لهؤلاء الغرض منه هدم ركنا أساسيا من أركان الدين وهو السنة، وبالتالي يتفردوا بالقرآن الكريم فتظهر القراءات المعاصرة، التي لا شأن لها بالسنة النبوية، وهي القراءة التي يسرح ويمرح فيها المرء، فيصبح الخمر حلالا، والحجاب غير واجب، وتصبح بعض القضايا التي كان يسير عليها النبي الكريم في السياسة والدين والأخلاق والسلوك والعمل..كلها في معزل عن القرآن الكريم الذي يصبح في النهاية عرضة لتفرد بقراءات مختلفة.

بين القُصّاص ورواد التواصل الاجتماعي

السنة جاءت لتطبيق عملي للقرآن الكريم، لتبين المسلك التطبيقي الذي نسير في اتباع آيات الكتاب، فإذا فُصل القرآن عن السنة هٌدم ركن أساسي في الدين. والحقيقة أن العداء للمشروع الإسلامي ينفذ إلى هذه الأصول والأركان الأساسية للدين.

وعزى الدكتور أبوسمحة الانفجار الحاصل بشأن الطاعنين والمنكرين للسيرة النبوية إلى كثرة المنصات، حيث أن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت لكل واحد منصة خاصة به يتحدث فيها كيفما يشاء، وزادت حمى “الاعجابات” و “اللايكات” من رغبة هؤلاء في الظهور حتى وإن كان ذلك على حساب العديد من المبادئ. وأصبح عدد المتابعين مقياسا وتقييما لقيمة ودرجة علم المتحدث، والحقيقة أبعد بكثير من ذلك. وأشار الدكتور إلى أن حال هؤلاء كحال القُصّاص الذين كانوا يكذبون عن النبي ويخترعون الأحاديث..فقد كان يجتمع حولهم الآلاف من الناس، تماما كالذي يحدث في أيامنا هذه.

كما تحدث الدكتور في حلقة “الشريعة والحياة”عن مسألة التدوين، وأكد أنها تعود أيضا لمعشر المستشرقين، فهُم أول من أثار هذه الشبهة، فمنذ 1400 سنة لم تطرح هذه القضايا في تاريخ الأمة، فلم يطرحها المعتزلة، ولم يطرحها من كانوا يخالفون مدرسة أهل الحديث من أهل الرأي.

وفصّل الدكتور مسألة تدوين السنة النبوية في عدة نقاط محددة:

  • حديث النهي عن الكتابة، حيث يستدل هؤلاء بحديث صحيح عن النبي :”من كتب عنا شيئا غير القرآن فليمحه” وتشبثوا بهذا النص وأخذوا فيه أبعادا كثيرة، وقالوا لو كانت السنة حجة لأمر الرسول بكتابتها. هم يتعاملون مع الأحاديث بانتقائية ولا يرغبون في الاطلاع على أحاديث أخرى لا تخدم مسعاهم. مع أنه إذا أردنا تشكيل تصور فكري على مسألة محدةة علينا بجمع كل النصوص المتعلقة بها. فمثلا هناك حديث آخر صحيح لا يقل عن هذا، عن عمر بن العاص الذي كان يكتب كل شيء عن النبي فقال نهتني قريش أن أكتب عن النبي والنبي يتكلم في الرضا والغضب، فذهبت للنبي وقلت له إني أكتب عنك كل شيء وقريش نهتني لأنك تتحدث في الرضا والغضب، فقال النبي :”أكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج من هذا إلا حق”.أما حديث “من كتب عنا شيئا غير القرآن فليمحه” فهو ليس موجها إلى عموم الأمة، بل إلى كُتّاب الوحي الذين يكتبون القرآن. فالخطاب خاص لم نعممه، ولم نخرجه من إطار الكتابة إلى نفي حجية السنة النبوية.
  • نتيجة هذا، وُجدت لدينا مصنفات للصحابة، عبد الله بن عمر بن العاص كان لديه صحيفة اسمها “الصادقة” ورواها حفيده عمر بن شعيب عن أبيه عن جده. البعض يقول أين هذه الصحيفة وأين هذه الأوراق المكتوبة لماذا هي غير موجودة بين أيدينا!! هي أوراق خاصة صحيح، لكن الأحاديث التي بها لم يكن يكتمها أو يخفيها عن الناس، بل كان يأخذ معه صحيفته حتى يروي على الناس الأحاديث. وأيضا جابر بن عبد الله الذي كان لديه منسك اسمه “منسك جابر” تضمن أحاديث الحج، وأيضا علي بن أبي طالب الذي جمع صحفا كتب عليها “أحاديث العقل” وهي أحاديث نظام العاقلة، حينما يقتل شخصا ما قتلا خطأ فتكون الدية على العاقلة. كما هناك أيضا رسائل النبي لعماله غير رسائل الملوك.

ويؤكد الدكتور أبو سمحة أن مسألة الكتابة بدأت بين يدي النبي ويجب التفريق بين ثلاثة أمور في هذه المسألة لا يدركها كثيرون ممن يتحدثون في هذا الشأن:

  • الكتابة
  • التصنيف
  • التدوين

البعض لا يدرك الفرق بين هذه المراحل. فالكتابة والتصنيف كانتا بين يدي الرسول . الكتابة هو أن يكتب كل وحد صحفا شخصية، أما التصنيف فهو أن يختار أحاديث معينة في موضوع معين ويصنع فيها مصنفا، كما فعل جابر مثلا في أحاديث الحج. أما التدوين فهو مرحلة أخيرة، تجمع فيها أحاديث من موضوعات متعددة وتدون في مدونة واحدة، وهو الأمر الذي بدأ رسميا في عهد عمر بن عبد العزيز، عندما أمر الإمام الزهري أن يجمع ويدون السنة، فجمعها في قراطيس فُقدت مع انتقال الدولة من الأموية إلى العباسية، لكن دواوين السنة موجودة عند غيره كذلك.

توطين الرواية في دواوين السنة

ويعتبر القرن الثاني والثالث الهجري قرن توطين الرواية في دواوين السنة، وهي كثيرة جدا، فقبل البخاري كان هناك مئات الكتب، والسنة لم تبدأ مع البخاري، بل نضجت مع البخاري الذي قطف الثمرة، لكن الذين ينكرون السنة لا يعرفون إلا البخاري.

هناك موطأ الإمام مالك الذي توفي 179 ه وقضى 40 عاما في رواية الحديث، والموطأ نتداوله إلى يومنا هذا وبه 3آلاف رواية.

في إطار شرحه لمسألة حجية السنة النبوية، تحدث الدكتور عن مسألة هامة جدا، هي الرواية المكتوبة والرواية الشفوية. وتساءل: من قال أن الرواية المكتوبة هي الأكثر ثقة من الرواية الشفوية والأكثر دقة في الحفظ. قد تكون الرواية المحفوظة هي الأكثر دقة، والدليل على ذلك الشعر الجاهلي، هل هناك أي وثيقة مكتوبة عن شعراء الجاهلية إمرؤ القيس، عنترة بن شداد، طرفة بن العبد..؟ لا يوجد طبعا، بل تم حفظ هذه الأشعار شفهيا حتى وصل بعضها إلى مرحلة المعلقات، فكتبت وعلقت على جدار الكعبة.

شروط ومختبرات فحص الرواية

يؤكد الدكتور أبوسمحة أن هناك قضية لا بد من استيعابها استيعابا جيدا، وهي أن الوثيقة الأولى للأمة الإسلامية هي الرواية، فحتى القرآن الكريم الذي جُمع وحُفظ مكتوبا، لكنه لم ينقل مكتوبا، بل نقل رواية.

ولكن هل مجرد الرواية تنتج لنا حديثا صحيحا؟ طبعا لا. فالرواية يقول راويها هذا ما سمعته وهذا ما أحدث به. لكنه قد يخطيء، قد يكذب، قد ينسى..فكيف نتأكد من الحديث الصحيح؟ لذلك قلنا أن الرواية تسير مع النقد جنبا إلى جنب.

لذلك هناك ثلاثة شروط أساسية لأي رواية تقبل أو تنتقد، بعد أن تكون قد مرت عبر عدة مختبرات من مختبرات فحص الرواية، وهذه هي شروط الرواية:

شرط شخصي:

يبحث في ذات الرواة، أشخاصهم أسماؤهم أنسابهم، أين سكنوا أين تنقلوا، سنوات ولادتهم ووفاتهم، شيوخهم، تلاميذهم، سلوكهم، درجة التزامهم بالدين..فهل هذا الشخص مؤهل لرواية حديث عن النبي ؟ هل هو أمين لدرجة تسمح له بنقل الوحي؟ إذا كان الراوي عدلا (صاحب دين وخلق ومروءة لا يكذب عرف بين الناس) ينتقل إلى المختبر الثاني (الشرط الثاني)، ولكن إذا لم يحقق هذا الأمر، يفرز لنا الشرط الأول 3 أنواع من الأحاديث الضعيفة:

  • الراوي المجهول
  • الراوي صاحب البدعة
  • الراوي الكذاب

شرط نقلي:

هل هذا الراوي سمع هذا الحديث من شيخه أم لا؟ يراد للحديث أن يكون متصلا من صاحب الكتاب إلى النبي . الإمام أحمد مثلا لا يقول قال النبي ، هناك الإسناد (فلان عن فلان) وهو ما يعيبه اليوم أنصار نكران السنة دون الفهم الدقيق للإسناد (المعاصرة، اللقاء..) وعلى هذا أيضا يترتب أنواع من الأحاديث الضعيفة: المرسل والمنقل والمعضل والمدلس والمعلق..

شرط أدائي:

وهو ضابط يتعامل مع الرواة كبشر. فإذا كان الرواة عدول، وتم النقل من غير انقطاع فالحديث غير صحيح!! ما السبب ياتُرى؟ إنه الأداء. فهذا الراوي حتى وإن كان ثقة وإماما فهو بشر يصيب ويخطئ. لذلك فالمختبر الثالث هو سلامة الرواية من الخطأ في الإسناد وفي المتن على حد سواء.

من ينكر السنة يريد أن يهدم الدين

وأكد الدكتور عبد السلام أبوسمحة في نهاية حلقة “الشريعة والحياة” التي تناولت قضية حجية السنة النبوية، أن السنة النبوية إذا ما آمنّا أنها وحي الله إلى نبيه استوعبنا أنها حجة، { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} (النجم-3)، { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } (الحشر -7).

وأضاف أن الأدلة على حجية السنة النبوية في القرآن الكريم أكثر من أن تُحصى. وهؤلاء الذين يزعمون أنهم قرآنيون والقرآن منهم براء، أنا أسميهم النكرانيون، لأنهم ينكرون الشق الثاني من الوحي. الله في كتابه الكريم ذكر لنا جملة وافرة من الأدلة على حجية السنة، وليس فقط قوله “وما ينطق عن الهوى” كما يظنون، هناك آيات جاءت لتقر النبي على فعله وتقول أن فعله من الله، قال تعالى في القبلة { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ } (البقرة -143)، وكثيرة هي الآيات التي قرنت إطاعة الله بإطاعة الرسول. والتي قرنت كتاب الله بالحكمة. فما هي الحكمة في قوله عز وجل “وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا” (الأحزاب – 34) لأجل ذلك فحجية السنة أمر مفروغ منه، ومن ينكر السنة بالجملة يريد أن يهدم الدين.