تعتبر مدارس الفلاح احدي التجارب الرائدة في نشر علوم اللغة العربية و الثقافة الإسلامية بإفريقيا، فقد تأسست المدارس في نهائية حقبة وجود الاستعمار الفرنسي بإفريقيا مشكلة رافدا ثقافيا مغذيا لحركة التطلع لنفخ الروح في الثقافة الإسلامية التي تأثرت كثيرا بنشاط و جهود الاستعمار لطمس الهوية الإسلامية.
تعود بداية تأسيس الحركة الي سنة 1941 حين أسس رائد الحركة العلامة الحاج محمود باه مدرسة “الفورابية” لتعليم القرآن و علوم اللغة العربية بقريته “جييويل” الواقعة في الجنوب من موريتانيا، التي اتسع نشاطها بعد ان قرر العلامة محمود توسعة نشاطه التعليمي و الدعوي بالمنطقة.
حركة إصلاحية
و تعتبر الفلاح حركة إسلامية إصلاحية تسعي لترسيخ علوم اللغة العربية و التعاليم الإسلامية بإفريقيا، و لعبت الحركة أدوارا كبيرة في نشر العلوم الإسلامية و العربية في منطقة غرب إفريقيا و كانت مصدر إزعاج و قلق لاستعمار الفرنسي، الذي رأي فيها مشروع قوة إصلاحية تغيرية محافظة على مشروع نشر قيم الإسلام.
خضعت المدارس قبل استقلال دول المنطقة عن الإدارة الفرنسية في عام 1960 لإدارة موحدة، إلا أن استقلال هذه البلدان جعل لكل مدرسة من مدارس الحركة في بلد معين نظامها الخاص بها. في عام 1974 تحول اسم المدارس الي ” حركة الفلاح للثقافة و التربية الإسلامية في السنغال”.
تُعرف “الفلاح” نفسها على أنها جمعية إسلامية تنتهج نهج السلف الصالح، و تهدف إلي تعليم الشباب المسلم و تربيته على الأخلاق الإسلامية و تنقية عقيدة المجتمع من الشوائب الفاسدة و العودة به إلي الكتاب و السنة.
و ظهرت المسحة السلفية في تعاليم الحركة و في اسمها التأسيسي الذي كان بعنوان:”حركة الفلاح للثقافة الإسلامية السلفية”.
الشيخ المؤسس
أسس مدارس الفلاح الحاج محمود باه (1905-1978)، و يعتبر العلامة محمود باه أحد أبرز أعلام الحركة. بدأ تعليمه في المدارس القرآنية بموريتانيا ثم رحل الي مناطق مختلفة من البلاد لتعميق معارفه الشرعية العلمية.
في عام 1928 سافر باه للدراسة بالمملكة العربية السعودية، و أمضي فيها قرابة 12 سنة ، و التحق هناك بعدة مؤسسات تعليمية منها جامعة “الأصولي”، و المدرسة العليا “مدرسة الفلاح”، التي تخرج منها سنة 1939 بدبلوم إجازة تدريس في الفقه و الحديث.
عاد إلي وطنه الأم موريتانيا سنة 1940 و قد لقي بعد عودته مضايقات من الاستعمار الفرنسي، الذي كان يُبدي تخوفا من نفوذه و حركته الإصلاحية. شهدت الحركة مع بداية تأسيسها توسعا إقليما حيث استطاعت تكوين مؤسسات تعليمية بالسنغال و مالي و موريتانيا و الكاميرون.
و ابتعثت مدراس الحركة أولي دفاعاتها إلي الخارج (الأزهر الشريف بشكل رئيسي) في بداية خمسينات القرن الماضي، حيث كانت الحركة تمنح لطلابها الراغبين في مواصلة دراستهم بالخارج شهادات ختم الدروس الابتدائية، التي تؤهلهم مواصلة الدراسة.
و تعتبر مدارس الحركة في السنغال من أكثر المدارس الإقليمية حيوية و تنظيما، حيث بلغت معاهدها و مؤسساتها التعليمية على عموم البلاد حوالي 52 مؤسسة سنة 2014. و عملت المؤسسة في السنوات الأخيرة على إدخال بعض المناهج التعليمية المستقاة من مواد الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
للحركة الفضل في تخريج الآلاف من حملة الثقافية العربية و الإسلامية بغرب إفريقيا، و اللذين أصبح للكثير منهم شأن في تعزيز وجود هذه الثقافة في المجتمعات الإفريقية و في حركة الصحوة الإسلامية.