نعلم جميعا أن يوم القيامة آت لا ريب فيه، و أن لهذا اليوم علامات منها علامات الساعة الكبرى ، ومنها علامات صغرى، وذكر العلماء أن العلامات الصغرى قد حدثت بالفعل، وعلى المسلم أن يوجه نفسه للعمل الصالح، ويعمل جاهدا لإرضاء الله تعالى، فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم من سأله عن الساعة قائلا له: وماذا أعددت لها؟، فهذا توجيه من النبي عليه الصلاة والسلام بالإقبال على الله بالعمل الصالح، والاستعداد بالطاعة .

أول هذه العلامات ظهور المهدي، ومن العلماء من يعتبر خروج الدجال أول العلامات الكبرى، على خلاف بينهم، وعلامات الساعة الكبرى على نوعين: مألوفة وغير مألوفة أما العلامات المألوفة فهي: ظهور المهدى، خروج الدجال، نزول عيسى بن مريم من السماء، خروج يأجوج ومأجوج، وهذه كلها أمور اعتيادية في ظاهرها، لأنهم بشر عاديون.

أما العلامات غير المألوفة فهي : طلوع الشمس من المغرب لا من جهتها التي اعتاد الناس عليها منذ خلق البشرية، وخروج الدابة التي تكلم الناس إلى آخر ذلك من الآيات التي توحى باضطراب في الأمور مذهل للبشرية.

وهذا ملخص لأهم أشراط وعلامات الساعة الكبرى:

خروج المهدي

من علامات الساعة وأماراتها الكبرى ظهور المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، ويلي أمر هذه الأمة ويجدد لها دينها، وهو رجل يحكم بالإسلام ويملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا وظلما، تنعم الأمة في عهده بالخيرات والنعم التي لم تنعم بمثلها قط، قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله : في زمانه تكون الثمار كثيرة، والزروع غزيرة، والمال وافر، والسلطان قاهر، والدين قائم، والعدو راغم، والخير في أيامه دائم.

وقد وردت في شأن المهدي أحاديث كثيرة ما بين صحاح وحسان وضعاف .

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني – أو من أهل بيتي – يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا . وفي لفظ لا تذهب – أو لا تنقضي – الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ” (حديث حسن صحيح أخرجه أبوداود)

فتنة المسيح الدجال

لفظ الدجال على وزن فعال بفتح أوله والتشديد من الدجل وهو التغطية، وأصل الدجل معناه: الخلط، يقال: دجل إذا لبس وموه، وجمع دجال: دجالون، ودجاجلة. وسمي الدجال دجالا؛ لأنه يغطي الحق بباطله، أو لأنه يغطي على الناس كفره بكذبه وتمويهه وتلبيسه عليهم.

المراد بالدجال هنا: الدجال الأكبر الذي يخرج قبيل قيام الساعة في زمن المهدي وعيسى عليه السلام.

وخروجه من الأشراط العظيمة المؤذنة بقيام الساعة، وفتنته من أعظم الفتن والمحن التي تمر على الناس، ويسمى مسيحا؛ لأن إحدى عينيه ممسوحة أو لأنه يمسح الأرض في أربعين يوما، ولفظة المسيح تطلق على الصديق، وهو عيسى عليه السلام، وعلى الضليل الكذاب وهو الأعور الدجال .

قد تواترت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر خروج الدجال في آخر الزمان والتحذير منه، حيث وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته وصفا دقيقا لا يخفى على ذي بصيرة، كما حذر منه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبله أممهم ووصفوه لهم أوصافا ظاهرة.

ومن الأحاديث الواردة في ذلك حديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: ” إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذر قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه، إنه أعور، وإن الله ليس بأعور» (أخرجه البخاري ومسلم) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ألا أخبركم عن الدجال حديثا ما حدثه نبي قومه؟ إنه أعور، وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة هي النار، وإني أنذرتكم به كما أنذر به نوح قومه» (صحيح مسلم )

نزول عيسى ابن مريم عليه السلام

من أمارات الساعة العظام وأشراطها الكبار نزول عيسى ابن مريم عليه السلام آخر الزمان من السماء، وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أنه ينزل قبل قيام الساعة فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويحكم بالقسط ويقضي بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم، ويحيي من شأنها ما تركه الناس، ثم يمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يموت ويصلى عليه ويدفن.

ورد في القرآن الكريم ثلاث آيات تدل على نزول عيسى عليه السلام:

الآية الأولى: قوله تعالى: { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ } [الزخرف: 61] (1) . أي أن نزول عيسى عليه السلام قبل القيامة علامة على قرب الساعة، ويدل على هذا: القراءة الأخرى (وإنه لَعَلَم للساعة) بفتح العين واللام، أي خروجه علم من أعلام الساعة وشرط من شروطها وأمارة على قرب قيامها. وروى الإمام أحمد والحاكم عن ابن عباس – رضي الله عنهما – في تفسير هذه الآية {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61] قال: هو خروج عيسى ابن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة  .

وهذا المعنى مروي عن عدد من أئمة التفسير واختاره – الحافظ ابن كثير وغيره  .

الآية الثانية: قوله تعالى: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4]

والآية الثالثة: قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159] .

قرر كثير من المفسرين أن الضميرين في (به) ، و (موته) لعيسى ابن مريم عليه السلام ( تفسير الطبري (6 / 21) ، وتفسير البغوي (1 / 497) ، وتفسير ابن كثير (1 / 577))

خروج يأجوج ومأجوج

من علامات الساعة الكبرى التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم خروج يأجوج ومأجوج، وأصل يأجوج ومأجوج ونسبهم اختلف في اشتقاق الكلمتين: فقيل: هما اسمان أعجميان منعا من الصرف للعلمية والعجمة، وعلى هذا فليس لهما اشتقاق؛ لأن الأعجمية لا تشتق من العربية.

وقيل: بل هما عربيان، واختلف في اشتقاقهما، فقيل: من أجيج النار وهو التهابها، وقيل: من الأجاج وهو الماء الشديد الملوحة، وقيل: من الأج وهو سرعة العدو، وقيل: من الأجة بالتشديد وهي الاختلاط والاضطراب. وعند جمهور القراء: ياجوج وماجوج بدون همز، وأما قراءة عاصم فهي بالهمزة الساكنة فيهما.

والخلاصة من هذا: أن جميع ما ذكر في اشتقاقهما مناسب لحالهم، ويؤيد الاشتقاق من ماج قوله تعالى: { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 99] (2) . وذلك حين يخرجون من السد  .

وقد اختلف في نسبهم، فقيل: إنهم من ذرية آدم .

وقال الشيخ عطية صقر – رحمه الله تعالى – أحد كبار علماء الأزهر سابقا: هم خلق من بني آدم، قال تعالى { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون } ( الأنبياء : 96 ) حيث عاد عليهم ضمير الجمع للعاقل، ولحديث الصحيحين الذي يأمر الله فيه آدم يوم القيامة أن يخرج بعث النار، من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون. وما يقال عن أصلهم وراء ذلك فلا أصل له، وقد تحدث عنهم القرآن الكريم في سورة الكهف، حيث بنى ذو القرنين سدا لم يستطيعوا أن يظهروه ولا أن ينقبوه حتى يجيء الوعد الحق بالقيامة فيخرجوا. وتحدث عنهم النبي  صلى الله عليه وسلم  كما ورد في الصحيحين بقوله ” ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ” وحلق بإصبعيه: الإبهام والتي تليها. وفي صحيح مسلم أن الله يخبر سيدنا عيسى بخروجهم، وأنهم سيحاصرونه هو ومن آمن معه، ثم يهلكهم الله، وبعد ذلك يفيض الخير ويرسل الله ريحا تقبض أرواح المؤمنين وتترك الكافرين لتقوم عليهم الساعة.

طلوع الشمس من مغربها

طلوع الشمس من مغربها من علامات الساعة الكبرى غير المألوفة ، ولها أدلة ثابتة من الكتاب والسنة .

قال الله تعالى: { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} [الأنعام: 158] .

قال ابن جرير الطبري – رحمه الله – بعد ذكره لأقوال المفسرين في الآية: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ذلك حين تطلع الشمس من مغربها ” .

ومن الأحاديث على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمن الناس أجمعون، فذلك حيث لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ” ( أخرجه البخاري ومسلم ) .

ومنها حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها” (أخرجه مسلم) .

ومنها حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله فتح بابا قبل المغرب، عرضه سبعون عاما للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه”  ( أخرجه الإمام أحمد )

خروج الدابة

من أشراط الساعة الكبرى غير المألوفة ، خروج دابة من الأرض في آخر الزمان تكلم الناس وتسميهم مؤمنا وكافرا، وذلك عند فساد الناس وتركهم أوامر الله تعالى.

قال تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} [النمل: 82]

 وجاء في حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال: “اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: ” ما تذاكرون “؟ : قالوا: نذكر الساعة قال: ” إنها لن تقوم الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم” (أخرجه مسلم).

اقرأ أيضا :

علامات الساعة والدور المطلوب

الدخان الذي يكون في آخر الزمان

من علامات الساعة وأشراطها العظمى ظهور دخان قبل قيام الساعة.

قال تعالى: { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ – يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ – رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ – أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ } [الدخان: 10 – 13].

وورد حديث حذيفة بن أسيد الغفاري المتقدم، قال: ” اطلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر الساعة فقال: ” ما تذاكرون “؟  قلنا: نذكر الساعة، قال: ” إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آَيات فذكر الدخان والدجال والدابة. . .” (أخرجه مسلم)

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” بادروا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال. . .” (أخرجه مسلم )

الخسوفات الثلاثة

من العلامات الكبرى التي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بحدوثها في آخر الزمان الخسوفات الثلاثة، وقد دل على هذا حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه – وقد سبق ذكره – وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، وذكر منها ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب” (أخرجه مسلم) .

ومنها حديث أم سلمة – رضي الله عنها – قالت: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: “سيكون بعدي خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب “، قلت: يا رسول الله أيخسف بالأرض وفيها الصالحون؟ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا أكثر أهلها الخبث” (أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط)

النار التي تحشر الناس

آخر الآيات الكبرى والعلامات العظمى لأشراط الساعة وأول الآيات المؤذنة بقيام القيامة خروج نار تحشر الناس إلى محشرهم.

وجاءت الروايات بأن خروج هذه النار يكون من اليمن من قعرة عدن، وجاءت روايات أخرى بأنها تخرج من بحر حضرموت، ومن الأحاديث التي تبين ذلك: حديث حذيفة بن أسيد في ذكر أشراط الساعة وآخره قوله صلى الله عليه وسلم: ” وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ” ، وفي رواية: ” نار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس” (أخرجه مسلم).

قال الحافظ ابن حجر: (ووجه الجمع بين هذه الأخبار أن كون النار تخرج من قعر عدن لا ينافى حشرها من المشرق إلى المغرب، وذلك أن إبتداء خروجها من قعر عدن، فإذا خرجت انتشرت في الأرض كلها، والمقصود بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (تحشر الناس من المشرق إلى المغرب) هو إرادة تعميم الحشر، لا خصوص المشرق والمغرب، وأما الغاية إلى المغرب فلأن الشام بالنسبة للمشرق: مغرب

حديث أنس رضي الله عنه: «أن عبد الله بن سلام لما أسلم سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مسائل ومنها: ما أول أشراط الساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب” (أخرجه البخاري) .