هل فكرت يومًا في حجم التضحيات التي يقدمها والداك لأجلك كل يوم؟ اليوم العالمي للوالدين، الذي يُصادف الأول من يونيو من كل عام، ليس مجرد يوم في التقويم، بل لحظة عالمية اعتمدتها الأمم المتحدة منذ 2012 لتكريم أولئك الذين كانوا أول معلمينا، ومصدر أماننا، ونبع الحب الذي لا ينضب.
فالأبوان لا يقدمان فقط الرعاية والمأوى، بل يزرعان فينا القيم، ويمنحاننا الشعور بالانتماء والاستقرار. وهذا العام 2025، يأتي الاحتفال تحت شعار “تزويد الوالدين”، ليؤكد أن التربية ليست فطرة فقط، بل مهارة بحاجة للدعم والتمكين. إنها دعوة للاعتراف بدورهم المحوري وتزويدهم بالأدوات اللازمة لبناء مستقبل مشرق لأطفالهم.
يحتفل العالم في الأول من يونيو كل عام الموافق السابع والعشرين من ذو القعدة لهذا العام 2025 1باليوم العالمي للوالدين وفقا لما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012م، إيمانا من المنظمة الدولية بالقضايا المتعلقة بالأسرة.
أصبح دور الأسرة الهام موضع اهتمام المجتمع الدولي منذ ثمانينيات القرن الماضي وبشكل متزايد الى يومنا هذا. واتخذت الجمعية العامة عددا من القرارات الداعمة للأسرة. كما أعلنت إطلاق السنة الدولية للأسرة والاحتفال باليوم الدولي للأسرة للتأكيد على الدور الحاسم للوالدين في تربية الأطفال.
ولم تزل الأسرة هي المسؤول الرئيس عن رعاية الأطفال وحمايتهم. ولكي يكبر الأطفال صحيا متكاملين – يتناغم فيهم نموهم مع شخصياتهم – فإن من اللازم أن ينشئوا في بيئة أسرية ومحيط من السعادة والمحبة والتفاهم. والوالدين، في كل أنحاء العالم، هما الراعيان والمعلمان الأساسيان لأولادهما، بحيث يعدانهم لحياة منتجة ومرضية وسعيدة.
مجرد فرصة لتكريم الآباء والأمهات
تضطلع الأُسر والوالدِين ومقدمو الرعاية بأدوار رئيسة في رفاه الأطفال ونموهم. فهي جميعا عوامل تنمي الهوية في الأطفال وتزرع فيهم الحب وتتيح الرعاية والإمداد والحماية – فضلا عن الأمن والاستقرار الاقتصاديين – للأطفال والمراهقين. وتساوقا مع اتفاقية حقوق الطفل، يوجد اعتراف متزايد بأهمية دعم الأسرة والوالدِين في إطار السياسات الاجتماعية الوطنية وحزم الاستثمار الاجتماعي التي تهدف إلى الحد من الفقر والتفاوتات وتعزيز الرفاه الإيجابي للوالدِين وللأطفال.

يعتبر الوالدين هما ركنا الأسرة الرئيسيين، وأساسا مجتمعهما والمجتمع ككل. ويثمن اليوم العالمي للوالدين تثمينا عاليا لتفانيهما في التزامهما بأبنائهما والتضحيات التي يقدمانها مدى الحياة نحو تعزيز هذه العلاقة.
ويعد الاحتفال باليوم العالمي للوالدين فرصة لتكريم الآباء والأمهات. لتضحياتهم والتزامهم بنكران الذات مدى الحياة من أجل أطفالهم لتعزيز هذه العلاقة. فهما اللبنة الأساسية لأي أسرة مستقرة في أي مجتمع.
شعار 2025 : تزويد الوالدين
على حد تعبير الأمم المتحدة نفسها: يوفر اليوم العالمي للوالدين فرصة لتقدير جميع الآباء على “التزامهم المتفاني تجاه أطفالهم وتضحياتهم مدى الحياة من أجل رعاية هذه العلاقة”. مثل العديد من الأحداث، يتميز اليوم العالمي للوالدين كل عام بموضوع مختلف.
ويقام اليوم العالمي للوالدين كل عام في الأول من يونيو. وهذا يعني أنه في عام 2025، سيكون اليوم العالمي للوالدين يوم السبت.
ويحتفل العالم هذا العام باليوم العالمي للوالدين تحت شعار “تزويد الوالدين” تركيزا على حقيقة جوهرية لا تحظى بالتقدير الكافي في كثير من الأحيان وهي أن التربية مهارة مكتسبة. فالآباء ومقدمو الرعاية في حاجة إلى الوقت والموارد والدعم المناسب لتربية أطفالهم في بيئة داعمة وإيجابية.
وفي إطار احتفال هذا العام، من المنتظر أن تطلق منظمة اليونيسف شهر التربية لعام 2025 لتسليط الضوء على أهمية تزويد مقدمي الرعاية بالمعرفة والأدوات التي يحتاجونها. وستتضمن الحملة، التي تستمر شهرًا كاملًا، قصصًا مؤثرة عن الأفراح والتحديات التي يتلقاها الوالدين، إضافة إلى نصائح وموارد عملية في مجال التربية. كما تدعو إلى تقديم دعم أكبر لمقدمي الرعاية من خلال برامج التربية.
كيفية الاحتفال باليوم العالمي للوالدين
في ما يلي بعض الطرق للاحتفال باليوم العالمي للوالدين مع أطفالك أو صفك:
تقديم الهدايا:
قبل أن تبدأ في الإمساك بعملاتك المعدنية، لا داعي للذعر! إن تقديم الهدايا في اليوم العالمي للوالدين لا يعني أن عليك إنفاق أموالك. الهدايا العاطفية، والتي غالبًا ما تكون مصنوعة يدويًا، لا تقدر بثمن وستحمل أهمية كبيرة لوالدك الذي يعمل بجد!
مساعدة المحتاجين:
في حين أن كونك أحد الوالدين أمر رائع، إلا أنه مليء بالمصاعب. البعض يكافح أكثر من غيره. تساعد بعض الجمعيات الخيرية الآباء بشكل يومي وستستفيد من التبرعات، الكبيرة والصغيرة. كما يمكن أيضًا المساعدة من خلال العمل التطوعي!
إظهار الامتنان:
ليس عليك إنفاق أي أموال للاحتفال باليوم العالمي للوالدين. إن إخبار والديك بمدى تقديرك لما يفعله هو وسيلة لا تقدر بثمن ولكنها مهمة للتعبير عن امتنانك. والأفضل من ذلك، أن يكتبوه حتى يتمكنوا من قراءته وقتما يريدون.

بر الوالدين واجبٌ أخلاقي وديني
يُعدّ بر الوالدين من أعظم الأخلاق وأسمى القيم التي حثّ عليها الإسلام، فهو واجبٌ أخلاقي ودينيٌّ لا غنى عنه. فمن خلال برهما، ننالُ رضا الله وننعمُ بسعادة الدنيا والآخرة.
فضائل بر الوالدين:
- نيلُ رضا الله: فطاعةُ الوالدين وطاعتهما من أعظم أسباب نيلِ رضا الله سبحانه وتعالى.
- سعادةُ الدنيا: فبر الوالدين يُجلبُ السعادةَ والبركةَ في الحياةِ الدنيا، ويُبعدُ عنّا الحزنَ والهمّ.
- طاعةُ الله: فطاعةُ الوالدينِ من طاعةِ اللهِ، وعقوقُهما من عقوقِ اللهِ.
- صلةُ الرحم: فبرُّ الوالدينِ من صلةِ الرحم، وصلةُ الرحمِ تُقّربُ إلى اللهِ وتُنْجِي من النارِ.
طرق بر الوالدين:
- الإحسانُ إليهما: من خلال تقديمِ الطعامِ والشرابِ والملبسِ والمأوى.
- طاعتُهما واحترامُهما: وتنفيذُ أوامرهما ونواهيهما.
- الصبرُ عليهما: ومسامحتهما على أخطائهما.
- الدعاءُ لهما: في كلّ وقتٍ وحينٍ.
- زيارتهما: وقضاءُ الوقتِ معهما.
- برهما بعد موتهما: من خلالِ الدعاءِ لهما والاستغفارِ لهما، وصلةِ رحمهما وصدقاتِ الجاريةِ عنهما.
- بر الوالدين مسؤوليةٌ عظيمةٌ تقعُ على عاتقِ كلّ ابنٍ وبنتٍ، فمن خلالِ برهما نُكرمُ من كرّما علينا ونُعزّزُ قيمَ التكافلِ والتعاونِ في المجتمع.
حقوق الوالدين في القرآن والسنة
نص القرآن الكريم والسنة النبوية على حقوق الوالدين وتتجلى تلك الحقوق في وصية الله سبحانه وتعالى الأبناء في غير آية بالإحسان بالوالدين فقال تعالى: وبالوالدين إحسانا وقال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا وقال جل جلاله: أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير.
وحقوق الوالدين على الأبناء كثيرة وجماع تلك الحقوق هو برهما وطاعتهما والإحسان إليهما. وفي ما يلي ذكر حقوق الوالدين في القرآن والسنة من خلال مقتطفات من تفسير ابن كثير وتفسير الجلالين لبعض الآيات الكريمة التي تذكر حقوق الوالدين وتوصي ببرهما وقد اخترت ابن كثير لأنه من أشهر التفاسير ولكونه يفسر القرآن بالقرآن وبالسنة وبأقوال السلف ما يغني عن إفراد فقرات لذكر أحاديث عن حقوق الوالدين في السنة واخترت كذلك تفسير الجلالين لاختصاره وشهرته وسهولته.
حقوق الوالدين في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عظيمة ومؤكدة، وقد جاءت النصوص الكثيرة تحثّ على برّهما، وتنهى عن عقوقهما، وتبيّن منزلتهما العظيمة بعد حق الله تعالى.
إليك عرضًا جامعًا لأهم حقوق الوالدين في القرآن والسنة:
أولاً: حقوق الوالدين في القرآن الكريم
1. بر الوالدين بعد عبادة الله
قال الله تعالى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (الإسراء: 23). في هذه الآية قدّم الله الإحسان إلى الوالدين مباشرة بعد التوحيد، مما يدل على عظم منزلتهما.
2. التحذير من التأفف والعقوق
قال تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23)، فالآية تنهى حتى عن أدنى مظاهر الضيق، كقول “أف”، وتدعو للكلام الطيب واللين.
3. الدعاء لهما والرحمة بهما
قال تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (الإسراء: 24)
وفيها تذكير بالفضل العظيم للوالدين في التربية، وأمر بالدعاء لهما بالرحمة.
4. شكرهما مع شكر الله
قال الله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان: 14)
فشكر الوالدين مقرون بشكر الله، مما يدل على أن الإحسان إليهما من أعظم الطاعات.

ثانيًا: حقوق الوالدين في السنة النبوية
1. بر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
“سألتُ النبي ﷺ: أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلتُ: ثم أي؟ قال: برُّ الوالدين، قلتُ: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله”. (رواه البخاري ومسلم).
2. التحذير من عقوق الوالدين
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال رسول الله ﷺ:
“إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه”. (رواه البخاري ومسلم).
3. برهما سبب في دخول الجنة
قال النبي ﷺ:
“رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة”. (رواه مسلم)
4. قضاء حوائجهما من أعظم القربات
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رجلًا جاء يستأذن النبي ﷺ في الجهاد، فقال له: “أحيٌّ والدَاك؟” قال: نعم، قال: “ففيهما فجاهد. (رواه البخاري ومسلم).
5. الدعاء لهما بعد الموت برٌّ مستمر
قال رسول الله ﷺ: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث…” وذكر منها: “ولد صالح يدعو له”. (رواه مسلم).
بعد كل هذا، فلم لا تحاول أن تظهر امتنانك اليوم! اكتب رسالة، امنح وقتًا، قدّم دعاءً، أو شارك في دعم حملة التوعية. لا تفوّت الفرصة لتكريم من كرسوا حياتهم لأجلك. فبر الوالدين طريقك إلى رضا الله وسعادة الدنيا والآخرة.