وسيلة تربوية مهمة كلنا بحاجة إليها، يحتاجها المربون والمصلحون، والمعلمون، ألا وهي حسن التعليم والتوجيه واتباع أمثل الأساليب وأقومها، اتباعا لمنهج المعلم الأول الذي هو حبيبنا وقدوتنا محمد صلوات الله وسلامه عليه.
فقد كان النبي ﷺ معلماً بنص القرآن الكريم، صحيح السنة المطهرة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} (الأحزاب:45-46).
وقال سبحانه: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (الجمعة:2).
وعن جابر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “إن الله لم يبعثني معنِّتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً مُيسراً” (رواه مسلم).
وقد كان من السمات البارزة في شخصيته ﷺ كمعلم ومرب ومصلح، الرأفة والرحمة ، وترك العنت وحب اليسر، والرفق بالمتعلم ، والحرص عليه ، وبذل العلم والخير له في كل وقت ومناسبة.
أيضا من درس كتب السنة وقرأ السيرة وشمائل النبي ﷺ يجد أنه في دعوته وتعليمه ونصحه وتوجيهه كان يلون الحديث لأصحابه ألواناً كثيرة ، فيكون تارة سائلاً ، وتارة يكون مجيباً ، وتارة يجيب السائل بقدر سؤاله ، وتارة يزيد في الجواب عما سئل عنه ، وتارة يضرب المثل لما يريد تعليمه ، وتارة يصحب كلامه القسم بالله تعالى تأكيدا، وتارة يلفت السائل عن سؤاله لحكمة بالغة منه ﷺ ، وتارة يعلم بطريق الكتابة ، وتارة بطريق الرسم ، وتارة بطريق التشبيه أو التصريح ، وتارة بطريق الإبهام أو التلويح.
عن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله ﷺ، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه، ما شأنكم؟ تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله ﷺ، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله، ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.
وفي رواية أبي داود: “فما رأيت معلماً قط أرفق من رسول الله ﷺ”.
صفات المعلم
ومن أهم الصفات التي لا بد ان يتحلى بها المعلم والمربي والناصح أسوة بالنبي ﷺ:
- الحرص: قال تعالى: { حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} [التوبة:128].
- الرفق واللطف في التوجيه والتعليم: للحديث في مسلم: “إن الرفق لا يكون في شيء إلا شانه ولا ينزع من شيء إلا شانه”.
- التواضع: لمن يوجههم وينصحهم ويعلمهم، ومراعاة أحوالهم فقد يميز أو يخصص بعضهم لمقتض ما.
عن أبي رفاعة العدوي رضي الله عنه قال: انتهيت إلى النبي ﷺ وهو يخطب، فقلت: يا رسول الله، رجلٌ غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، قال: فأقبل عليَّ رسولُ الله ﷺ وترك خطبته حتى انتهى إليَّ، فأتي بكرسي حسِبتُ قوائمه حديدًا، قال: فقعد عليه رسول الله ﷺ، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها. (رواه مسلم).