يعرف التمويل الإسلامي توسعا وإنتشارا في جميع أنحاء القارة الإفريقية ، حيث زاد إهتمام المستثمرين والمؤسسات المالية والحكومات بهذا التمويل واكتشفوا إمكانات كبيرة لهذه النظام المالي قد تسهم في نجاح مساعي التنمية في هذه البلدان.

 

في عام 2014 ، تم إصدار 2.3 مليار دولار من الصكوك ، أو السندات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ، في مناطق مختلفة من القارة ، كما إهتمام وكالة التصنيف المالية العالمية المعرفة ب Moody بتطور قطاع التمويل الإسلامي في هذه المنطقة، وذلك بعد الزيادة المعتبرة في عدد المؤسسات المالية الإسلامية المرخصة ، حيث ارتفعت إلى أكثر من 80 مؤسسة في السنوات الخمس الماضية.

كما لوحظ أن المزيد من الحكومات الإفريقية تقدم خططًا جديدة لتعميم التمويل الإسلامي ، حيث لجأت البنوك التقليدية في نيجيريا وتوجو والسنغال وخارجها تقوم أيضًا بإنشاء “نوافذ” لتلبية احتياجات العملاء الباحثين عن خدمات التمويل الإسلامي. كما قدمت الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين مبادرة جديدة للتنمية المستدامة في إفريقيا والمعروفة ب الشراكة الإفريقية لمجموعة العشرين ، توفر هذه الشراكة أدوات جديدة واستراتيجيات متنوعة للتنمية في إفريقيا وأكد خبراء مجموعة العشرين أن التمويل الإسلامي في إفريقيا يوفر دعما كبيرا بل يعتبرمحركا لنجاح هذه الخطة. تسلط هذه المقالة الضوء على تنامي وصعود التمويل الإسلامي في القارة الإفريقية.

أسباب توسع التمويل الإسلامي في إفريقيا  

وصلت قيمة صناعة التمويل الإسلامي ما يقارب 1.8 ترليون دولار سنة 2015 ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم ليصل 3 ترليون دولار في أفق 2020 ، البنك الدولي الذي يراقب سياسة التوسع للمالية الإسلامية أشار في عدة تقارير له ، أن التمويل الإسلامي يشكل آلية جديدة مهمة في مكافحة الفقر وتحقيق أهداف التنمية. الحكومات الإفريقية أدركت أهمية الأداة الجديدة في المساعدة في الحصول على تمويلات مشاريع البنية التحتية والمشاريع التنموية الأخرى.

وهكذا وجدت في التمويل الإسلامي فرصة للحصول على الاستثمارات وتنويع مصادر تمويلها من دول الخليج ودول آسيا حيث يوجد فائض في رأس المال يوازي تطور وانتشار التمويل الإسلامي في هذه الدول. من أسباب التويع السريع للمالية الإسلامية في إفريقيا تزايد عدد المسلمين في هذه القارة وهو يعكس تزايد الطلب على التمويل الإسلامي ، حيث يشير تقرير أعده مركز بيو للأبحاث عام 2017 إلى أن نسبة المسلمين الذين يعيشون في إفريقيا جنوب الصحراء سيرتفع من 15.5% سنة 2010 إلى 24.3% في حلول 2050 ، وهو ما يشكل سوق مستقبلية معتبرة للتمويل الإسلامي.

في هذا الإطار قامت العديد من الحكومات الإفريقية بتشجيع الابتكار في صناعة التمويل الإسلامي حيث ظهرت مفهوم “السياحة الحلال” حيث يبحث المستثمرون في قطاع الفنادق عن تمويل يتماشي مع تعاليم الشريعة الإسلامية.

إحصاءاتمتواضعةوتوقعاتمتفائلة

على الرغم من التوقعات المتفائلة التي يبديها العديد من الخبراء والمهتمين بالتمويل الإسلامي في إفريقيا، لا يزال أمام الدول الأفريقية الكثير من العمل والجهد لتلحق بالركب العالمي ، حيث تشير الإحصائيات أن الأصول المصرفية الإسلامية تمثل حوالي من 5٪ من إجمالي الأصول المصرفية في البنوك الإفريقية ، وتعتبر هذه النسبة ضعيفة مقاربة بمنطقة الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا ، كما تشير تقارير وكالة Moody ، إلى أن الصكوك الأفريقية تمثل 0.5٪ فقط من سوق الصكوك العالمية.

تتربع كل من كوديفوار و جنوب إفريقيا و نيجيريا على سوق الصكوك الإفريقي على التوالي 501 مليون دولار ، 500 مليون دولار ، 351 مليون دولار. بينما تأتي كل من سنغال ، غامبيا وكينيا في المرتبة الأخيرة في السوق الصكوك على التوالي 205 مليون دولار ،180 مليون دولار ، 26 مليون دولار (إحصاءات بلومبرغ).

تشير هذه الإحصائيات إلى ضرورة العمل المكثف من طرف الحكومات والمؤسسات المالية الإسلامية لتطوير سوق الصكوك ،خاصة مع يشكل هذا السوق من أهمية في مجال تمويل المشاريع الكبيرة ، كمشاريع البنية التحتية وهي مشاريع تحتاجها الدول الإفريقية لتحسين قطاع الاستثمارات فيها ، وقطاع التصنيع والنقل البري والبحري والجوي والزراعة أيضا، كل قطاعات تحتاج لاستثمارات ضخمة ستكون سوق الصكوك قادرة على توفيرها مستقبلا في حال نجاح هذه السوق.

تتوسع سوق التمويل الإسلامي في إفريقيا بشكل متسارع ، و تعرف هذه السوق إقبالا كبير من المستثمرين و من الحكومات على حد سواء ، إلا أن المراقبين يرون أن نجاح هذا التوسع مرهون بتحقيق مجموعة من المتطلبات الأساسية وفي طليعتها إنشاء الإطار القانوني والتنظيمي للمعاملات المالية الإسلامية، تطوير المنظومة القضائية وزيادة كفائتها ، تطوير المنظومة المصرفية و تسهيل وصول الناس إليها ، إنشاء المراكز والمعاهد المتخصصة في تدريس المالية الإسلامية، تطوير قوانين الاستثمار ، زيادة كفاء الإدارة وتزويدها بالتقنيات الحديثة.

إن العمل على تحقيق هذه المتطلبات سيدفع بالمالية الإسلامية إلى مزيد من النجاح في السوق الإفريقية وسينعكس هذا النجاح على اقتصادات هذه الدول وسيمنحها فرص استثمارية كبيرة تساعدها في تحقيق أهداف التنمية و خاصة مجال البني التحتية ، ومشاريع مكافحة الفقر (تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة).

تجدر الإشارة إلى أن العديد من مؤسسات التمويل الإسلامي الدولية بدأت تجري دراسات معمقة بهدف اكتشاف السوق الإفريقية والإمكانات التى تتوفر عليها هذه الدول خاصة الامكانات الاستثمارية، فالقارة الإفريقية قارة غنية بالثروات فقيرة بالاستثمارات.