قال تعالى : {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} (يوسف: ٧)

بين الإمام ابن عاشور في تفسيره لهذه الآية معنى (الآيات) بقوله: “والآيات: الدلائل على ما تتطلب معرفته من الأمور الخفية.

والآيات حقيقة في آيات الطريق، وهي علامات يجعلونها في المفاوز تكون بادية لا تغمرها الرمال لتكون مرشدة للسائرين، ثم أطلقت على حجج الصدق، وأدلة المعلومات الدقيقة”.
وبين أن جمع الآيات في هذا الموضع “مراعى فيه تعددها وتعدد أنواعها”، ثم فصل ذلك بقوله: “ففي قصة يوسف – عليه السلام – دلائل على ما للصبر وحسن الطوية من عواقب الخير والنصر، أو على ما للحسد والإضرار بالناس من الخيبة والاندحار والهبوط.

وفيها من الدلائل على صدق النبي – صلى الله عليه وسلم – وأن القرآن وحي من الله، إذ جاء في هذه السورة ما لا يعلمه إلا أحبار أهل الكتاب، دون قراءة ولا كتاب، وذلك من المعجزات.
وفي بلاغة نظمها وفصاحتها من الإعجاز ما هو دليل على أن هذا الكلام من صنع الله ألقاه إلى رسوله – صلى الله عليه وسلم – معجزة له على قومه أهل الفصاحة والبلاغة.

وعن دلالة (السائلين) قال: “مراد منهم من يتوقع منه السؤال عن المواعظ والحكم، كقوله – تعالى : {في أربعة أيام سواء للسائلين}. ومثل هذا يستعمل في كلام العرب للتشويق، والحث على تطلب الخبر والقصة.

قال طرفة:

سائلوا عنا الذي يعرفنا بقوانا يوم تحلاق اللمم 

وقال السموءل أو عبد الملك الحارثي:

سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم فليس سواء عالـم وجـهـول

وأكثر استعمال ذلك في كلامهم يكون توجيهه إلى ضمير الأنثى؛ لأن النساء يعنين بالسؤال عن الأخبار التي يتحدث الناس بها، ولما جاء القرآن وكانت أخباره التي يشوق إلى معرفتها أخبار علم وحكمة صرف ذلك الاستعمال عن التوجيه إلى ضمير النسوة، ووجه إلى ضمير المذكر، كما في قوله: {سأل سائل بعذاب واقع}، وقوله: {عم يتساءلون}. وقيل المراد بـ (السائلين) اليهود إذ سأل فريق منهم النبي – صلى الله عليه وسلم – عن ذلك. وهذا لا يستقيم؛ لأن السورة مكية ولم يكن لليهود مخالطة للمسلمين بمكة”.