هل تعرف السر العظيم وراء رحلة الإسراء والمعراج؟ لم تكن رحلة الإسراء والمعراج مجرد انتقال عبر الزمن والمكان، بل كانت معجزة ربانية تشكل نقطة تحول في مسيرة الدعوة الإسلامية. عندما أُسري بالنبي محمد ﷺ من مكة إلى القدس، ومن ثم عُرج به إلى السماوات، أظهر الله بذلك قوة إيمانية تكرم النبي وتشد من أزره بعد تحديات قاسية واجهته. قد تتساءل، كيف استطاعت هذه الرحلة أن تكون مصدرًا دائمًا للإلهام والقوة للمسلمين عبر الأجيال؟
فمن خلال هذه الرحلة، فرضت الصلاة، وظهرت مكانة القدس في الإسلام كرمز للوحدة والتقديس، وأكدت على وحدة الرسالات السماوية كافة.
إذا كنت ترغب بمعرفة تفاصيل أعظم حول هذه الرحلة، معجزاتها، ودروسها العميقة، فتابع القراءة واستلهم من عظمة هذا الحدث الرباني ودلالاته الخالدة.
تُعدُّ حادثة الإسراء والمعراج من أعظم الأحداث في تاريخ الإسلام، إذ تجسّد فيها الإعجاز الرباني الذي يُظهر قدرة الله المطلقة وتكريمًا خاصًا لنبي الإسلام محمد ﷺ. وقد جاء هذا الحدث الاستثنائي ليكون رسالة من الله لرسوله تثبيتًا لقلبه، وتعزيزًا لإيمانه في أصعب مراحل الدعوة، فكانت رحلة فريدة بين السماء والأرض تضمنت العديد من العجائب والدروس العميقة. وفي هذه المقالة، نتناول تعريف الإسراء والمعراج، تفاصيل الرحلة، وأهميتها في التراث الإسلامي، لنرى كيف مثّلت نقطة تحول فارقة في الدعوة الإسلامية.
تعريف الإسراء
الإسراء هو الحدث الذي ساق الله فيه النبي محمد ﷺ من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس بقدرة إلهية خارقة. وردت هذه الواقعة في سورة الإسراء، في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْأَقْصَى ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}. يُشير هذا الحدث إلى انتقال النبي ليلاً من مكة إلى القدس بفضل إرادة الله، حيث كُرِّم المسجد الأقصى باعتباره مسرحًا لهذه الرحلة العظيمة.
تعريف المعراج
أما المعراج فيُشير إلى صعود النبي محمد ﷺ من المسجد الأقصى إلى السماوات العُلى، حيث عُرج به إلى سدرة المنتهى، وهي أعلى مراتب السماء وأقربها إلى عرش الرحمن. وكان هذا الصعود جزءًا من تكريم الله لنبيه، فقد خُصّ النبي محمد برحلة روحية وجسدية لم يحظَ بها أحد من الخلق.
رحلة الإسراء
بدأت رحلة الإسراء من مكة إلى القدس، حيث أُسري بالنبي على ظهر دابة البراق، وهي دابة نورانية قادرة على قطع المسافات الطويلة بسرعة فائقة. وقد صاحب النبي في هذه الرحلة جبريل عليه السلام. عند وصوله إلى المسجد الأقصى، صلى النبي إمامًا بالأنبياء والمرسلين، مما أظهر مقامه الرفيع بين الأنبياء وتأكيده لخاتمية النبوة.
رحلة المعراج
بعد أن انتهى النبي من الصلاة بالأنبياء، بدأ رحلة المعراج، حيث صعد بقدرة الله إلى السماوات العلا. في كل سماء، التقى النبي بنبيّ من الأنبياء: آدم في السماء الأولى، عيسى ويحيى في الثانية، يوسف في الثالثة، إدريس في الرابعة، هارون في الخامسة، موسى في السادسة، وأخيرًا إبراهيم في السابعة. وصل النبي بعدها إلى سدرة المنتهى حيث تجاوز كل المقامات الكونية، وأخذ يتلقى الرسائل الإلهية، من أبرزها فرض الصلاة على المسلمين، فكانت صلاة المسلمين خمسين صلاة ثم خُففت إلى خمس صلوات.
ماذا تعرف عن الإسراء والمعراج؟ الإسراء هو الرحلة الأرضية التي هيأها الله لرسوله (ﷺ) من مكة إلى القدس.. من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.. رحلة أرضية ليلية. والمعراج رحلة من الأرض إلى السماء، من القدس إلى السموات العلا، إلى مستوى لم يصل إليه بشر من قبل، إلى سدرة المنتهى، إلى حيث يعلم الله عز وجل..
هاتان الرحلتان (الإسراء والمعراج) كانتا محطة مهمة في حياته (ﷺ) وفي مسيرة دعوته في مكة، بعد أن قاسى ما قاسى وعانى ما عانى من قريش، ثم قال: لعلي أجد أرضًا أخصب من هذه الأرض عند ثقيف، عند أهل الطائف، فوجد منهم ما لا تُحمد عقباه، ردوه أسوأ رد، سلطوا عليه عبيدهم وسفهاءهم وصبيانهم يرمونه بالحجارة حتى أدموا قدميه (ﷺ)، ومولاه زيد بن حارثة يدافع عنه ويحاول أن يتلقى عنه هذه الحجارة حتى شج عدة شجاج في رأسه.
لماذا عُرج الرسول ﷺ من القدس؟
تُعتبر رحلة الإسراء والمعراج معجزة عظيمة أكرم الله بها نبيه محمدًا ﷺ، حيث بدأت بالإسراء من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس، ثم أعقب ذلك المعراج من القدس إلى السماوات العلا. وقد جاءت هذه المعجزة محمّلة برموز ودلالات عظيمة، وكان لكون المعراج انطلق من المسجد الأقصى وليس من مكة دلالات عميقة تشمل العديد من الحكم والمعاني، منها ما يلي:
1. تأكيد قدسية المسجد الأقصى ومكانته في الإسلام
2. ربط مكة والقدس كرمزين للتوحيد والإيمان
3. تكريمًا للنبي ﷺ بالإمامة على الأنبياء في القدس
4. إبراز المكانة الروحية للأمة الإسلامية في علاقتها بالأمم السابقة
5. الإشارة إلى الأهمية التاريخية والدينية للقدس عبر الزمن
6. التأكيد على وحدة الأديان السماوية وتكاملها
7. القدس كمكان انطلاق للنور الرباني في الأرض
8. رسالة مهمة للمسلمين بحماية المقدسات والحفاظ عليها
9. التأكيد على المسؤولية الروحية والسياسية للمسلمين تجاه القدس
10. تحقيق إرادة الله بجعل المعراج من القدس كإشارة للتآخي بين الديانات
الإسراء بالروح أم الجسد
اختلف العلماء حول ما إذا كانت رحلة الإسراء والمعراج قد جرت بالروح فقط أم بالجسد والروح معًا. ويرى جمهور العلماء أنها كانت بالروح والجسد، استنادًا إلى ظاهر النصوص الشرعية التي تصف الحادثة. وفي ذلك دلالة على قدرة الله المطلقة، إذ أن الانتقال بالجسد يتضمن إعجازًا أكبر ويؤكد شمولية المعجزة.
الموضع الذي كان منه الإسراء
كان الإسراء من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس، وهما موضعان مقدسان في الإسلام. وتأتي هذه الرحلة لتؤكد قدسية المسجد الأقصى وارتباطه الوثيق بالعقيدة الإسلامية، حيث أصبح رمزًا للأمة الإسلامية.
الموضع الذي كان منه الإسراء
جاء الإسراء بالنبي محمد ﷺ من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في القدس. وقد أُشير إلى هذا الحدث بشكل واضح في القرآن الكريم في بداية سورة الإسراء، حيث قال الله تعالى:
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (سورة الإسراء: 1).
من هذا النص الكريم، يُفهم أن موضع انطلاق رحلة الإسراء كان من المسجد الحرام، حيث كان النبي في مكة. وتشير الروايات الصحيحة أن الإسراء بدأ من بيت أم هانئ بنت أبي طالب، أخت علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث كان النبي يقيم فيها تلك الليلة. وقد ذكر بعض المفسرين أن النبي ﷺ خرج من بيت أم هانئ إلى المسجد الحرام ثم أُسري به إلى المسجد الأقصى.
سبب اختيار المسجد الحرام كبداية للإسراء
يعد المسجد الحرام من أقدس المساجد في الإسلام، إذ يحتضن الكعبة المشرفة التي هي قبلة المسلمين في الصلاة وأول بيت وُضع للناس. فكان اختيار الله للمسجد الحرام بداية لرحلة الإسراء يحمل دلالات كبيرة، منها:
- مكانة مكة المكرمة في العقيدة الإسلامية: مكة هي مركز الإسلام ووجهة المسلمين، واختيار المسجد الحرام كبداية لهذه الرحلة يعزز مكانتها في قلوب المسلمين ويرسخ قدسية هذا المكان.
- تجسيد الإرتباط الروحي بين مكة والقدس: ببدء الرحلة من المسجد الحرام وانتهائها في المسجد الأقصى، يشير الله تعالى إلى ارتباط هذه الأماكن المقدسة في عقيدة المسلمين، مما يعزز الوحدة الروحية بين مكة والقدس في قلوب المسلمين.
- تأكيد على أهمية الكعبة كبيت الله الحرام: المسجد الحرام هو أول بيت لله على الأرض، ومنه كانت الانطلاقة إلى المسجد الأقصى، وكأن هذه الرحلة تشدد على أهمية الكعبة كرمز مركزي للدين الإسلامي وبيت مقدس للمسلمين في جميع أنحاء العالم.
وصول النبي الحجاب
عند وصول النبي محمد ﷺ إلى سدرة المنتهى، وهو الحجاب الأخير بين الله وخلقه، توقفت دابة البراق وتقدم جبريل عليه السلام مشيرًا للنبي بأن يتجاوز هذا المقام. يعتبر هذا الموضع الحد الذي لم يتجاوزه أي مخلوق، مما يبرز مقام النبي ومكانته عند الله.
بعد أن أُسري بالنبي ﷺ من المسجد الحرام، وصل إلى المسجد الأقصى في القدس. ويُعد هذا المسجد ثالث أقدس المساجد في الإسلام بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي. فصلى النبي ﷺ هناك إمامًا بجميع الأنبياء، مما أظهر شرفه وعلو منزلته بين الأنبياء.
وبهذا، ترسخت مكانة المسجد الأقصى كوجهة روحية للمسلمين، مما يجعل ارتباط المسلمين بهذا المسجد ارتباطًا دينيًا وعقائديًا، وهو ما يضفي عليه أهمية عظيمة في قلوبهم إلى يومنا هذا.
رؤية النبي لله
اختلف العلماء حول مسألة رؤية النبي لله في المعراج، وتعدّدت الآراء، فذهب البعض إلى أن النبي رأى الله بعينيه، بينما يرى آخرون أنه لم يره بالعين، بل كان التواصل وحيًا من دون رؤية مباشرة. وترجح الروايات أن النبي تلقى الوحي عند سدرة المنتهى دون أن يرى الله رؤية مباشرة.
وتُعَدُّ مسألة رؤية النبي محمد ﷺ لله عز وجل خلال رحلة المعراج من القضايا التي أثارت نقاشًا كبيرًا بين العلماء، واختلفت فيها آراء الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين. فقد كانت رحلة المعراج تجربة روحية عظيمة وشرفًا للنبي الكريم، حيث عُرج به إلى السموات العلا حتى بلغ سدرة المنتهى، وهو موضع لم يصل إليه أحد من البشر من قبل.
واختلفت آراء الصحابة والعلماء حول ما إذا كان النبي ﷺ قد رأى الله بعينيه خلال المعراج، ويمكن تلخيص آرائهم كالتالي:
- رأي السيدة عائشة رضي الله عنها:
- كانت السيدة عائشة رضي الله عنها ترى أن النبي ﷺ لم يرَ الله بعينيه في المعراج، وقد نُقل عنها قولها: “مَنْ حَدَّثَك أنَّ محمدًا رَأَى رَبَّهُ فقَدْ كَذَبَ”، وأكدت أنه كان وحيًا لا رؤية بصرية.
- رأي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
- بينما كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يرى أن النبي قد رأى الله، واستدل بحديث آخر حيث قال: “رآه بقلبه مرتين”، مما يعني أنه رأى الله ولكن رؤية قلبية، أي نوع من الإدراك أو المعرفة القلبية الخاصة.
- وقد ورد عن ابن عباس أيضًا قول يشير إلى أن النبي رأى الله “بالبصر والفؤاد”، مما يفسر أن الأمر ليس برؤية بصرية عادية، بل يتجاوز ذلك إلى مستوى عالٍ من الإدراك.
- رأي الإمام أحمد بن حنبل:
- وافق الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه رأي ابن عباس، حيث ذكر في أحد تفسيراته أن النبي رأى الله بعينه، لكن رؤيةً من نوع خاص لا تشبه رؤى البشر، فهو نوع من الإدراك الذي لا نستطيع تخيله أو فهمه كليًا.
دلالة انتقال النبي بين المسجدين
كان انتقال النبي بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى يحمل رمزية عميقة ودروسًا للمسلمين عبر الزمن:
- توحيد العقيدة الإبراهيمية: يمثل المسجد الحرام والمسجد الأقصى موقعين مرتبطين بالدعوة الإبراهيمية وتوحيد الله، فالمسجد الحرام بناه النبي إبراهيم عليه السلام، والمسجد الأقصى ارتبط بالعديد من الأنبياء مثل داود وسليمان وعيسى عليهم السلام.
- ترسيخ مكانة القدس في الإسلام: اختيار الله للقدس كوجهة للنبي بعد مكة يؤكد قدسية المسجد الأقصى وأهميته، مما يحث المسلمين على الاهتمام بهذه البقعة المباركة.
- التذكير بالأخوة الإيمانية: يجسد الانتقال من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى رسالة وحدوية، إذ يشير إلى أن المؤمنين متصلون برباط الإيمان، وأنهم يشاركون في إرث إيماني واحد عبر الأنبياء والمرسلين، ما يعزز وحدة الأمة الإسلامية.
تاريخ الإسراء والمعراج
لا يُعرف على وجه التحديد تاريخ الإسراء والمعراج، لكن هناك أقوال متعددة، منها أنه حدث قبل الهجرة النبوية بعام أو عامين، وفي روايات أخرى يُقال أنه كان في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب. وتبقى هذه الليلة محل احترام وتقدير بين المسلمين.
تُعدّ ليلة الإسراء والمعراج من أعظم الليالي التي مرّت في تاريخ الإسلام، وقد حظيت بمكانة خاصة لأنها تضمنت واحدة من أروع المعجزات التي أكرم الله بها نبيه محمد ﷺ، حيث أُسري به ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج به إلى السماوات العلى. وقد اختلف العلماء حول تحديد التاريخ الدقيق لهذه الرحلة العظيمة، إذ لم يرد نصٌّ صريح في القرآن الكريم أو السنة النبوية يُحدد تاريخًا ثابتًا لوقوعها.
الآراء حول توقيت الإسراء والمعراج
اجتهد العلماء في تحديد تاريخ رحلة الإسراء والمعراج، واستندوا في ذلك إلى بعض الأحاديث والروايات والمصادر التاريخية، والتي يُستدل من خلالها على أن هذه الرحلة وقعت بعد سنوات من بدء دعوة النبي محمد ﷺ في مكة. وفيما يلي أبرز الآراء التي وردت حول توقيت هذه الحادثة:
- الرأي الأول: في السنة العاشرة من البعثة
- يُعد هذا الرأي من أشهر الآراء، ويرى أصحابه أن رحلة الإسراء والمعراج وقعت في العام العاشر من بعثة النبي، أي بعد وفاة زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها وعمه أبي طالب بفترة وجيزة. كانت هذه السنة تُعرف بعام الحزن، وقد جاءت رحلة الإسراء والمعراج كنوع من التثبيت والتسرية للنبي بعد فقده لأهم داعميه في الدعوة.
- الرأي الثاني: في السنة الثانية عشرة من البعثة
- يرى بعض المؤرخين أن هذه الرحلة قد وقعت في السنة الثانية عشرة من بعثة النبي، أي قبل الهجرة بعام، مستندين إلى بعض الروايات التي تشير إلى أن الإسراء والمعراج حدث قبل الهجرة النبوية بسنة، مما يجعلها ضمن السنة الثانية عشرة.
- الرأي الثالث: في شهر رجب من السنة العاشرة أو الثانية عشرة
- يُعد هذا الرأي من أكثر الآراء شهرة في الأوساط الشعبية، حيث يرى بعض العلماء والمحدثين أن رحلة الإسراء والمعراج كانت في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، غير أن هذا التاريخ لم يثبت بدليل قاطع من الأحاديث الصحيحة. وقد أشار بعض العلماء مثل ابن كثير وابن حجر العسقلاني إلى أنه لا يوجد نصٌّ صريح يحدد ليلة معينة لهذه الحادثة.
- رأي ابن إسحاق وغيره من المؤرخين: قبل الهجرة بخمسة أعوام
- بعض المؤرخين، ومنهم ابن إسحاق، يرون أن حادثة الإسراء والمعراج وقعت في العام الخامس قبل الهجرة، أي في السنة الثامنة من بعثة النبي، وذلك اعتمادًا على سرد زمني مختلف لسير الأحداث، حيث يعتقدون أن المعراج كان حدثًا مبكرًا، مما يعني أنه وقع قبل عام الحزن.
الترجيح بين هذه الآراء
مع اختلاف الآراء حول توقيت الإسراء والمعراج، يميل جمهور العلماء والمحدثين إلى القول إن الرحلة وقعت بعد عام الحزن، وفي إحدى السنوات القريبة من الهجرة النبوية، لأن هذا التوقيت يتناسب مع الظروف الصعبة التي مر بها النبي، من وفاة أحبائه واشتداد أذى قريش له وللمسلمين، مما يجعل من رحلة الإسراء والمعراج تسرية وتثبيتًا له في مرحلة دقيقة من الدعوة.
سبب غياب تحديد دقيق لتاريخ الإسراء والمعراج
يعتقد بعض العلماء أن السبب في عدم وجود تاريخ دقيق لليلة الإسراء والمعراج يعود إلى تركيز الإسلام على أهمية الحادثة ومعانيها ودلالاتها، دون التركيز على توقيتها بشكل محدد. ويبدو أن الحكمة الإلهية قد اقتضت أن تكون تفاصيل الرحلة نفسها وما تحمله من رسائل ومعجزات هي الأهم للمسلمين، وليس التوقيت.
12 بعدا وسبب رحلة الإسراء والمعراج
تأتي رحلة الإسراء والمعراج كتكريم للنبي محمد ﷺ بعد وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها وعمه أبي طالب، وبعد الحصار الذي تعرّض له المسلمون في شعب أبي طالب. كان هذا الحدث الإلهي بمثابة تثبيت لقلب النبي وتأكيدٍ لدعمه الإلهي في وجه التحديات. هذه أبعاد متعددة لحدث الإسراء والمعراج:
- التحديات التي واجهها النبي قبل الإسراء والمعراج
– وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها: توضح كيف كانت السيدة خديجة السند الأساسي للنبي، وكيف أثر رحيلها في تلك المرحلة الحرجة من الدعوة.
– وفاة أبي طالب: تسليط الضوء على دور عمه أبي طالب في حماية النبي ومساندته، ومدى الخطر الذي أصبح يهدد الدعوة بعد وفاته.
– حصار شعب أبي طالب: توضيح تفاصيل الحصار ومصاعبه وأثره على المسلمين، وكيف زاد ذلك من المعاناة النفسية والمادية للنبي وأصحابه. - أثر الإسراء والمعراج على نفسية النبي ﷺ
– تثبيت النبي وتخفيف معاناته: يهدف هذا الجزء إلى توضيح كيف كانت الرحلة بمثابة تسكين لآلام النبي، وإبراز الرعاية الإلهية له في هذه المرحلة الحرجة.
– تعزيز الأمل في مستقبل الدعوة: كيف كانت الرحلة رسالة ضمنية بأنَّ الله لن يتخلى عن نبيه، وأن الدعوة ستنتصر مهما كانت التحديات. - البُعد الإلهي لرحلة الإسراء والمعراج
– تجلي القدرة الإلهية: عرض كيفية إبراز قدرة الله من خلال المعجزات الكبرى التي حصلت، مما يعزز إيمان النبي وأتباعه.
– تأكيد الاصطفاء النبوي: توضيح أن رحلة الإسراء والمعراج جاءت كدليل على مقام النبي ﷺ العالي بين الأنبياء. - توحيد الرسالة السماوية وربط الأماكن المقدسة
– تأكيد على قدسية المسجد الأقصى: إبراز الدور الروحي والتاريخي للمسجد الأقصى في الرسالة الإسلامية وعلاقته ببيت المقدس، حيث صلى النبي بالأئمة والأنبياء من قبله.
– توحيد الرسالة بين الأنبياء: كيف ترمز هذه الرحلة إلى وحدة الرسالة الإلهية منذ آدم إلى النبي محمد، وكيف تأتي المعراج كحلقة من حلقات التواصل بين الأنبياء. - الإسراء والمعراج كاختبار للمؤمنين
– الاستجابة لخبر الإسراء والمعراج: كيف كان الإسراء والمعراج اختبارًا إيمانيًا للمسلمين الأوائل، إذ طلب منهم الإيمان بمعجزة خارقة للعقل البشري، وتمايز المؤمنون الصادقون عن الذين شككوا في الخبر.
– دور أبي بكر الصديق: تسليط الضوء على موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه من تصديق النبي بلا تردد، وكيف نال لقب “الصديق” بسبب إيمانه المطلق. - تشريعات جديدة في المعراج وأثرها على المسلمين
– فرض الصلاة: مناقشة فرض الصلاة وكيفية نزولها من خمسين صلاة إلى خمس، وشرح أهمية هذه الفريضة في الإسلام باعتبارها عبادة مميزة فُرضت في السماء.
– أثر الصلاة كركيزة في حياة المسلمين: كيف أن الصلاة جاءت كصلة يومية للمسلمين بالله، وتأكيد على أن العبادة تنظم حياة الفرد وتقوي روحه. - الدعوة الإسلامية بعد الإسراء والمعراج
– انطلاقة جديدة للدعوة: كيف شكلت حادثة الإسراء والمعراج بداية مرحلة جديدة من الدعوة، حيث بدأت بوادر دخول قبائل أخرى في الإسلام.
– هجرة النبي إلى الطائف بعد الإسراء: محاولة النبي نشر الدعوة في الطائف وما تعرض له من عنف، مما يشير إلى استمرار العزيمة رغم الصعوبات. - الإسراء والمعراج كرمزية للصبر والثبات
– القدرة على تحمل المشاق: كيف تعتبر رحلة الإسراء والمعراج رمزًا للصبر والثبات في مواجهة الصعوبات والتحديات، ودعوة للثبات على المبدأ.
– تكريم الله للمؤمنين الصابرين: توضيح أن الله يكرم من يصبر ويثبت على دينه، كما كرم النبي بهذه الرحلة المباركة. - الإسراء والمعراج في ذاكرة المسلمين
– مكانة ليلة الإسراء والمعراج في قلوب المسلمين: شرح كيف يحتفل المسلمون بهذه الليلة ويستذكرون فضلها، من خلال القيام بالأعمال الصالحة وتدارس قصة الرحلة.
– الأثر الروحي والاعتقادي: تأثير قصة الإسراء والمعراج على إيمان المسلمين، وكيف تغذي الروح وتدعم اليقين بقدرة الله وحكمته. - مقارنة بين الإسراء والمعراج والمعجزات السابقة للأنبياء
– تشابه المعجزات وتباينها: كيف كانت لكل نبي معجزة خاصة به تتناسب مع قومه، وكيف جاءت الإسراء والمعراج كمعجزة تخاطب العالمين.
– تطور المعجزات عبر الزمن: استعراض المعجزات الربانية الأخرى وتبيان التدرج فيها وصولًا إلى معجزة الإسراء والمعراج. - الرد على الشبهات حول الإسراء والمعراج
– الشبهات العقلية حول المعجزة: الرد على التساؤلات حول إمكانية الإسراء والمعراج وفقًا للقدرات العقلية والتأكيد على قدرة الله التي تفوق التصورات العقلية.
– شبهة الإسراء والمعراج بالروح فقط: مناقشة رأي العلماء حول كون الإسراء والمعراج كانا بالروح والجسد معًا، استنادًا إلى الروايات والنصوص. - أهمية الإسراء والمعراج في العقيدة الإسلامية
– الإيمان بالمعجزات كركن إيماني: توضيح أن الإيمان بمعجزات الأنبياء جزء لا يتجزأ من عقيدة المسلم، وكيف أن الإسراء والمعراج يعزز مفهوم الإيمان بالغيب.
– الإسراء والمعراج كتذكير للمسلمين بالآخرة: كيف تذكر هذه الرحلة بعالم الغيب والآخرة، مما يحث المسلم على التقوى والالتزام بالأوامر الإلهية.
لماذا الإسراء والمعراج؟
خرج عليه الصلاة والسلام دامي القدمين من الطائف ولكن الذي آلمه ليس الحجارة التي جرحت رجليه ولكن الكلام الذي جرح قلبه؛ ولهذا ناجى ربه هذه المناجاة، وبعث الله إليه ملك الجبال يقول: إن شئت أطبق عليهم الجبلين، ولكنه (ﷺ) أبى ذلك، وقال: إني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً، اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون.
ثم هيأ الله تعالى لرسوله هذه الرحلة، الإسراء والمعراج، ليكون ذلك تسرية وتسلية له عما قاسى، تعويضاً عما أصابه ليعلمه الله عز وجل أنه إذا كان قد أعرض عنك أهل الأرض فقد أقبل عليك أهل السماء، إذا كان هؤلاء الناس قد صدّوك فإن الله يرحب بك وإن الأنبياء يقتدون بك، ويتخذونك إماماً لهم، كان هذا تعويضاً وتكريماً للرسول (ﷺ) منه عز وجل، وتهيئة له للمرحلة القادمة، فإنه بعد سنوات قيل إنها ثلاث سنوات وقيل ثمانية عشر شهراً (لا يعلم بالضبط الوقت الذي أسري فيه برسول الله ﷺ) إنما كان قبل الهجرة يقيناً.
كانت الهجرة وكان الإسراء والمعراج إعداداً لما بعد الهجرة، ما بعد الهجرة حياة جهاد ونضال مسلح، سيواجه (ﷺ) العرب جميعاً، سيرميه العرب عن قوس واحدة، ستقف الجبهات المتعددة ضد دعوته العالمية، الجبهة الوثنية في جزيرة العرب، والجبهة الوثنية المجوسية من عباد النار والجبهة اليهودية المحرفة لما أنزل الله والغادرة التي لا ترقب في مؤمن ذمة، والجبهة النصرانية التي حرفت الإنجيل والتي خلطت التوحيد بالوثنية، والتي تتمثل في دولة الروم البيزنطية.
كان لا بد أن يتهيأ (ﷺ) لهذه المرحلة الضخمة المقبلة ومواجهة كل هذه الجبهات، بهذا العدد القليل وهذه العدة الضئيلة، فأراد الله أن يريه من آياته في الأرض وآياته في السماء.. قال الله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا} حتى يرى آيات الله في هذا الكون وفي السماء أيضاً كما قال الله تعالى في سورة النجم التي أشار فيها إلى المعراج: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى ما زاغ البصر وما طغى}.
أراد الله أن يريه من هذه الآيات الكبرى حتى يقوى قلبه ويصلب عوده، وتشتد إرادته في مواجهة الكفر بأنواعه وضلالاته، كما فعل الله تعالى مع موسى عليه السلام، حينما أراد أن يبعثه إلى فرعون، هذا الطاغية الجبار المتأله في الأرض الذي قال للناس أنا ربكم الأعلى، ما علمت لكم من إله غيري.
عندما أراد الله أن يبعث موسى إلى فرعون، أراه من آياته ليقوى قلبه، فلا يخاف فرعون ولا يتزلزل أمامه، حينما ناجى الله عز وجل، وقال: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى* قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى* فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى* قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى* وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى* لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى}.
هذا هو السر، لنريك من آياتنا الكبرى، فإذا علمت أنك تركن إلى ركن ركين، وتعتصم بحصن حصين، وتتمسك بحبل متين؛ فلا تخاف عدواً هكذا فعل الله مع موسى، وهكذا فعل الله مع محمد (ﷺ)، أراه من آياته في الأرض ومن آياته في السماء، الآيات الكبرى ليستعد للمرحلة القادمة.
الصلاة .. معراج
كان الإسراء والمعراج تهيئة لرسول الله (ﷺ) وكان تكريماً لرسول الله (ﷺ)، وكان تسلية لرسول الله (ﷺ) عما أصابه من قومه في مكة وفي الطائف، وكان كذلك لشيء مهم جديد في حياة المسلمين وله أثره في حياتهم المستقبلية، هو فرض الصلاة، فرض الله في هذه الليلة الصلاة، عادة الدول حينما يكون هناك أمر مهم تستدعي سفراءها، لا تكتفي بأن ترسل إليهم رسالة إنما تستدعيهم ليمثلوا عندها شخصياً وتتشاور معهم.
وهكذا أراد الله سبحانه وتعالى أن يستدعي سفيره إلى الخلق، محمد (ﷺ) ليسري به من المسجد الحرام، ثم يعرج به إلى السموات العلا إلى سدرة المنتهى، ليفرض عليه الصلاة، إيذاناً بأهمية هذه الفريضة في حياة الإنسان المسلم والمجتمع المسلم.
هذه الفريضة التي تجعل المرء على موعد مع ربه أبداً، هذه الفريضة فرضت أول ما فرضت خمسين صلاة، ثم مازال النبي (ﷺ) يسأل ربه التخفيف بإشارة أخيه موسى حتى خفف الله عنهم هذه الصلوات إلى خمس، وقال هي في العمل خمس وفي الأجر خمسون، فهي من بقايا تلك الليلة المباركة.
هي معراج لكل مسلم، إذا كان النبي (ﷺ) قد عرج به إلى السموات العلا، فلديك يا أخي المسلم معراج روحي تستطيع أن ترقى به ما شاء الله عز وجل، بواسطة الصلاة التي يقول الله تبارك وتعالى فيها في الحديث القدسي: “قسمت الصلاة بيني وبين عبدي قسمين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال عبدي: الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي، فإذا قال الرحمن الرحيم، قال تعالى أثنى علي عبدي، فإذا قال مالك يوم الدين قال الله تعالى مجّدني عبدي، فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين، قال الله تعالى هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال اهدنا الصراط المستقيم إلى آخر الفاتحة، قال الله تعالى هذا لعبدي ولعبدي ما سأل”..
قيادة جديدة
المسلم وهو يصلي يستطيع أن يرتقي حتى يكاد يسمع هذه الكلمات من الله تبارك وتعالى، الصلاة هي معراج المسلم إلى الله تبارك وتعالى، ثم لا بد أن ننظر لماذا كان هذا الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، لماذا لم يعرج برسول الله (ﷺ) مباشرة من المسجد الحرام إلى السموات العلا؟ هذا يدلنا على أن المرور بهذه المحطة القدسية، المرور ببيت المقدس، في هذه الأرض التي بارك الله فيها للعالمين، المرور بالمسجد الأقصى كان مقصوداً، والصلاة بالأنبياء الذين استقبلوا رسول الله (ﷺ) في بيت المقدس، وأنه أمهم، هذا له معناه ودلالته، أن القيادة قد انتقلت إلى أمة جديدة وإلى نبوة جديدة، إلى نبوة عالمية ليست كالنبوات السابقة التي أرسل فيها كل نبي لقومه.
هذه نبوة عامة خالدة لكل الناس، رحمة للعالمين، ولجميع الأقاليم ولسائر الأزمان، فهي الرسالة الدائمة إلى يوم القيامة عموم هذه الرسالة وخلودها كان أمراً لا بد منه، وهذه الصلاة بالأنبياء تدل على هذا الأمر، والذهاب إلى المسجد الأقصى، وإلى أرض النبوات القديمة، التي كان فيها إبراهيم، وإسحاق وموسى وعيسى إيذان بانتقال القيادة.. القيادة انتقلت إلى الأمة الجديدة وإلى الرسالة العالمية الخالدة الجديدة..
مصير واحد
ثم أراد الله تبارك وتعالى أن يربط بين المسجدين، المسجد الذي ابتدأ منه الإسراء، والمسجد الذي انتهى إليه الإسراء، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أراد الله عز وجل لما يعلمه بعد ذلك أن يرتبط في وجدان المسلم هذان المسجدان، المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وأراد الله أن يثبت المسجد الأقصى بقوله (الذي باركنا حوله)، وصف الله هذا المسجد بالبركة، وهذا قبل أن يوجد مسجد رسول الله (ﷺ)؛ لأن المسجد النبوي لم ينشأ إلا بعد الهجرة، في المدينة فأراد الله أن يوطد هذا المعنى ويثبته في عقول الأمة وقلوبها، حتى لا يفرطوا في أحد المسجدين، من فرط في المسجد الأقصى أوشك أن يفرط في المسجد الحرام.
المسجد الذي ارتبط بالإسراء والمعراج، والذي صلى إليه المسلمون مدة طويلة من الزمن، حينما فرضت الصلاة، كان المسلمون يصلون إلى بيت المقدس، كان بيت المقدس قبلتهم، ثلاث سنين في مكة وستة عشر شهراً في المدينة، صلوا إلى هذا المسجد إلى بيت المقدس، كان قبلة المسلمين الأولى، فهو القبلة الأولى، وهو أرض الإسراء والمعراج، وهو المسجد الذي لا تشد الرحال إلا إليه وإلى المسجد الحرام والمسجد النبوي، وبهذا كانت القدس هي المدينة الثالثة المعظمة في الإسلام بعد مكة والمدينة.
بشارة للمسلمين
هكذا ينبغي أن يعي المسلمون أهمية القدس في تاريخهم وأهمية المسجد الأقصى في دينهم، وفي عقيدتهم وفي حياتهم، ومن أجل هذا حرص المسلمون طوال التاريخ أن يظل هذا المسجد بأيديهم.
وحينما احتل الصليبيون المسجد الأقصى، حينما جاءوا إلى فلسطين بقضهم وقضيضهم وثالوثهم وصليبهم، جاءوا من أوروبا، حروب الفرنجة أو كما يسمونها الحروب الصليبية، جاء هؤلاء وأقاموا لهم ممالك وإمارات، في فلسطين واحتلوا المسجد الأقصى، هيأ الله من أبناء الإسلام، ومن قادة المسلمين من نذروا حياتهم لتحرير هذا المسجد، وكان هؤلاء القادة من غير العرب، بدأ ذلك بعماد الدين زنكي القائد العظيم، وبابنه الشهيد نور الدين محمود، الذي يلقب بالشهيد مع أنه لم يستشهد، ولكنه عاش حياته تائقاً للشهادة في سبيل الله.
وكان يشبه بالخلفاء الراشدين بعدله وزهده وحسن سياسته، وتلميذ نور الدين محمود صلاح الدين الأيوبي البطل الكردي الذي حقق الله على يديه النصر، في معركة حطّين ومعركة فتح بيت المقدس.. فتح بيت المقدس ولم يرق فيها من الدماء إلا بقدر الضرورة، بينما حينما دخلها الصليبيون غاص الناس في الدماء إلى الركب، قتلت الآلاف وعشرات الآلاف، ولكن هذا هو الإسلام.
المكان لا المبنى
إن المسجد الأقصى حينما كان الإسراء لم يكن هناك مسجد مشيد، كان هناك مكان للمسجد، كما قال تعالى {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت} فقوله إلى المسجد الأقصى بشارة بأن المكان سيتحول إلى مسجد وهو أقصى بالنسبة إلى أهل الحجاز، ومعنى هذا أن الإسلام سيمتد وسيأخذ هذا المكان الذي تسيطر عليه الإمبراطورية الرومية، كان هذا بشارة للمسلمين أن دينهم سيظهر وأن دولتهم ستتسع، وأن ملكهم سيمتد وسيكون هناك مسجد أقصى، وقد كان..
دخل المسلمون القدس في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، أبى بطريرك القدس سيفرنيوس أن يسلم مفتاح المدينة إلا لخليفة المسلمين، أبى أن يسلمها للقادة العسكريين، قال: أريد الخليفة بنفسه، وجاء عمر في رحلة تاريخية شهيرة مثيرة وتسلم مفتاح المدينة، وكتب عهداً الذي يسمى “العهدة العمرية”، عهداً لهؤلاء أن يأمنوا على أنفسهم وأموالهم وذراريهم ومعابدهم وشعائرهم وكل ما يحرص الناس عليه، وشرط اشترطوه ألا يساكنهم فيها أحد من اليهود.
وحينما دخل المسلمون إلى القدس لم يكن فيها يهودي واحد فقد أزال الرومان من سنة 135 ميلادية الوجود اليهودي تماماً؛ ولذلك لم يأخذ المسلمون القدس من اليهود أو من الإسرائيليين إنما أخذوها من الرومان، وقبل ذلك زالت الدولة اليهودية على يد البابليين، وبعد ذلك زال الوجود اليهودي نفسه على يد الرومان وزالت الدولة اليهودية منذ أكثر من 25 قرناً، سنة 486 قبل الميلاد، والآن اليهود يقولون: نحن أصحاب القدس ولنا حق تاريخي.. فأين هذا الحق؟
نحن أصحاب هذا الحق، القدس سكنها العرب، من القديم، اليبوسيون والكنعانيون قبل الميلاد بثلاثين قرناً، ثم أخذها المسلمون من أربعة عشر قرناً، أو يزيد.. فأين حقكم؟ وأين ما تدعون؟ إنه لا حق لهؤلاء، ولكنه حق الحديد والنار، تكلم السيف فاسكت أيها القلم، منطق القوة وليس قوة المنطق، نحن نرفض هذا المنطق ونتمسك بحقنا، نتمسك بالمسجد الأقصى ولا نفرط فيه، إذا فرطنا فيه فقد فرطنا في قبلتنا الأولى، فرطنا في أرض الإسراء والمعراج، فرطنا في ثالث المسجدين المعظمين، فرطنا في ديننا ودنيانا وكرامتنا وحقوقنا ولن نفرط في ذلك أبداً، سنظل نقاوم ونجاهد..
إسرائيل تريد أن ترغمنا على الأمر الواقع، هي في كل يوم تفعل شيئاً تقيم مستوطنات وتزيل بيوتاً، تهدد الناس في القدس، تخرجهم ولا تسمح لهم بالعودة، لا تسمح لأحد أن يبني بيتاً.. هكذا كل يوم مستوطنة؛ ذلك لترغمنا أن نرضى بالأمر الواقع، وهم يقولون الآن خذوا حجارة المسجد الأقصى، سنرقمها لكم، انقلوها إلى المملكة السعودية، وابنوا ما شئتم من مسجد هناك، ومستعدون أن ندفع لكم النفقات، كأن الحجارة هي المقدسة، المكان هو الذي قدسه الله، وليس الحجارة، يمكن أن نأتي بأي حجارة إنما القدسية لهذا المكان الذي بارك الله حوله، في هذه الأرض التي بارك الله فيها للعالمين، لن نقبل أن يضيع المسجد الأقصى، لن نقبل أبداً ضياع المسجد الأقصى.
المسجد الأقصى ملك لجميع المسلمين
كل مسلم عليه واجب نحو هذا المسجد الأمر لا يتعلق بالفلسطينيين وحدهم، كل المسلمين مسؤولون عن القدس وعن المسجد الأقصى، أنا قلت لبعض الإخوة الفلسطينيين لو أنكم تقاعستم وتخاذلتم واستسلمتم وهزمتم نفسياً وسلمتم المسجد الأقصى، لوجب علينا أن نقاتلكم كما نقاتل اليهود، دفاعاً عن حرماتنا وعن مقدساتنا، وعن قدسنا وعن مسجدنا الأقصى، المسجد الأقصى ليس ملكاً للفلسطينيين حتى يقول بعض الناس هل أنتم ملكيون أكثر من الملك، هل أنتم فلسطينيون أكثر من الفلسطينيين؟ نعم فلسطينيون أكثر من الفلسطينيين، وقدسيون أكثر من القدسيين، وأقصويون أكثر من الأقصويين، هذا مسجدنا، هذه حرماتنا، هذه كرامة أمتنا، هذه عقيدتنا سنظل نوعي المسلمين، ونقف ضد هذا التهويد للأقصى ومقدساته.
وقد أراد الله تعالى أن يربط هذا المسجد بهذه الذكرى لنظل في كل عام كلما جاءت ذكرى الإسراء في أواخر رجب ويحتفل بها المسلمون في كل مكان ذكرتنا بهذا الأمر الجلل، هذه القضية الخطيرة، هذه القضية المقدسة..
لا يمكن أيها الإخوة أن نفرط فيها، إذا كان اليهود قد حلموا بإقامة دولة واستطاعوا أن يحققوا حلمهم، فعلينا أن نحلم نحن بأننا لا يمكن أن نفرط في مسجدنا حتى وإن رأينا الواقع المر يستسلم هذا الاستسلام، وينهزم هذا الانهزام، لا يجوز لنا أن نسير في ركابه منهزمين.
يجب أن نعتقد أن الله تبارك وتعالى معنا وأن الله ناصرنا وأنه مظهر دينه على الدين كله، وأنه ناصر الفئة المؤمنة، وكما روى الإمام أحمد والطبراني، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه ﷺ قال: “لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من جابههم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، قالوا يا رسول الله وأين هم؟ قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
دروس مستفادة من رحلة الإسراء والمعراج
تُعَدّ رحلة الإسراء والمعراج من أعظم الأحداث في سيرة النبي محمد ﷺ، وقد احتوت على دروس بليغة وعِبر خالدة للمسلمين عبر الأجيال. كانت هذه الرحلة رسالة تثبيت وتأييد من الله تعالى لنبيه، كما احتوت على الكثير من المعاني الروحية والتشريعية التي أضاءت للمسلمين طريقهم وعمّقت إيمانهم. وفيما يلي نستعرض أبرز الدروس المستفادة من هذه الرحلة المباركة:
- الإيمان بقدرة الله المطلقة
- أهمية الصلاة كركيزة للإيمان
- التوحيد بين الرسالات السماوية
- القدس والمسجد الأقصى في عقيدة المسلمين
- التثبيت والتسرية في أصعب الظروف
- الإيمان بالغيب
- التأكيد على ضرورة الطهارة والنقاء الروحي
- أهمية الصبر والثبات في مواجهة الشدائد
- تدرّج التشريع وتيسير العبادة
- تعزيز الثقة بالنبي ﷺ كرسول للعالمين
- الدعوة إلى التعلق بالله لا بالأماكن
- دور القيادة الصالحة في توحيد الأمة
- حب النبي للأمة وشفاعته لها
تمثل رحلة الإسراء والمعراج مدرسة إيمانية متكاملة مليئة بالدروس والعبر، فهي تأكيدٌ على قدرة الله، وتذكير بأهمية الصلاة، وترسيخ لمكانة المسجد الأقصى، وتعزيز للتواصل الروحي بين المؤمن وربه. تبقى هذه الرحلة معجزة خالدة في ذاكرة الأمة الإسلامية، تلهم المسلمين للتشبث بالإيمان والثبات على الدين وتذكرهم بقدرة الله ورحمته وكرمه.
معجزات ليلة الإسراء والمعراج
شهدت ليلة الإسراء والمعراج العديد من المعجزات، منها انتقال النبي في لحظات بين مكة والقدس، ولقاؤه بالأنبياء، وفرض الصلاة على الأمة الإسلامية. تعكس هذه المعجزات قدرة الله التي تتجاوز حدود العقل البشري.
ليلة الإسراء والمعراج كانت مليئة بالمعجزات التي أظهرها الله عز وجل لرسوله الكريم محمد ﷺ، وجعل منها دلالات واضحة على قدرته وعظمته. جاءت هذه المعجزات لتكون آياتٍ داعمةً لدعوة النبي، وتقويةً لقلوب المؤمنين، وتأكيدًا على مكانة الرسول واصطفائه. وفيما يلي بعض من أبرز المعجزات التي حدثت خلال هذه الليلة العظيمة:
- الإسراء من مكة إلى القدس في لحظات
كانت أولى معجزات ليلة الإسراء والمعراج هي نقل النبي ﷺ من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس في جزء من الليل، وهي مسافة تقطع في ذلك الوقت في عدة أيام. كان هذا الإسراء على ظهر دابة تدعى البراق، وهي دابة نورانية لها سرعة خارقة، إذ قيل إنها تضع قدمها عند منتهى بصرها.
وقد ورد ذكر هذه المعجزة في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى:
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} (الإسراء: 1). - الصلاة بالأنبياء في المسجد الأقصى
عند وصول النبي إلى المسجد الأقصى، جمع الله له الأنبياء والرسل السابقين، فصلى بهم إمامًا، وقد كانت هذه الصلاة رمزًا عظيمًا على مكانة النبي محمد ﷺ باعتباره خاتم الأنبياء وأعلاهم منزلة. فاجتماع الأنبياء من الأمم السابقة والصلاة خلف النبي كانت دلالة على توحيد الرسالات السماوية، وتأكيدًا على أن الإسلام متمم للرسالات السابقة. - المعراج إلى السماوات السبع
بعد صلاة النبي في المسجد الأقصى، صعد به جبريل عليه السلام إلى السماوات العلا، وهذه الرحلة تُعرف بـ”المعراج”. وقد حدث فيها لقاء النبي بعدد من الأنبياء في كل سماء، فقد التقى بآدم في السماء الأولى، وعيسى ويحيى في السماء الثانية، ويوسف في الثالثة، وإدريس في الرابعة، وهارون في الخامسة، وموسى في السادسة، وإبراهيم في السماء السابعة.
يُعد المعراج نفسه معجزةً إلهيةً، إذ وصل النبي إلى مراتب لم يصلها أحد من البشر، حتى بلغ سدرة المنتهى، وهو موضع لم يتجاوزه أحد، وقد أظهر ذلك علو مكانة النبي عند الله. - سدرة المنتهى وجنة المأوى
وصل النبي إلى سدرة المنتهى، وهي شجرة عظيمة تحيط بها الأنوار من كل جانب، وتقع عند أعلى مرتبة في السماء السابعة. ورد في وصفها أن أوراقها مثل آذان الفيلة، وثمرها كالقِلال، وهناك ظهر عجز التعبير البشري عن وصف جمال وروعة هذا المكان.
عند سدرة المنتهى، رأى النبي ﷺ جنة المأوى التي وُعد بها المؤمنون، وقد كان هذا مشهدًا لتثبيت النبي وتبشيره بما ينتظر المؤمنين من النعيم في الآخرة. - رؤية جبريل عليه السلام في صورته الحقيقية
من بين المعجزات التي حدثت في تلك الليلة أن النبي ﷺ رأى جبريل عليه السلام في صورته الحقيقية، وله ست مئة جناح يملأ الأفق. وكان جبريل يظهر للنبي عادةً على هيئة رجل، لكن في هذه الليلة رآه بخلقه الكامل، وهي رؤية عظيمة لا تتحملها الأعين العادية، مما يؤكد عظمة الحدث وقدرة الله. - فرض الصلاة مباشرةً دون واسطة
في تلك الليلة، فرض الله الصلاة على المسلمين، وكانت الفريضة الوحيدة التي نزلت من الله مباشرةً دون واسطة، مما يدل على عظمتها وأهميتها. في البداية، فُرضت خمسين صلاة في اليوم والليلة، لكن النبي استجاب لنصيحة موسى عليه السلام بمراجعة الله لتخفيفها، فخُففت إلى خمس صلوات في اليوم مع بقاء أجرها مضاعفًا كخمسين، مما يعكس رحمة الله بأمة النبي. - التخفيف من خمسين صلاة إلى خمس
تُعتبر مراجعة النبي ﷺ لله لتخفيف عدد الصلوات من خمسين إلى خمس، بناءً على نصيحة موسى عليه السلام، معجزة أخرى تُظهر رحمة الله وعنايته بعباده، حيث بقي أجر الصلاة خمسين في الميزان رغم تخفيف عددها. يُظهر هذا الموقف أن الله أراد التيسير على المسلمين، والتأكيد على أن الله يحب لهم السهولة في العبادات. - إظهار آيات من الغيب وعجائب الكون
في أثناء المعراج، كشف الله للنبي ﷺ بعض آيات الغيب وعجائب الكون، ومن ذلك اطلاعه على مصائر بعض الناس في الجنة والنار. وقد رأى ﷺ عذاب أهل الكبائر، ورأى من يُعذبون نتيجة الغيبة والنميمة والزنا، مما يبعث رسائل واضحة للمسلمين حول أهمية الابتعاد عن المعاصي والإلتزام بالطاعة. - كرامة النبي ﷺ وشفاعته لأمته
خلال المعراج، أظهر النبي ﷺ حرصه على أمته، وذلك عندما طلب من الله التخفيف عنهم في عدد الصلوات، مما يدل على رحمته وشفقته بهم. وقد أكدت هذه المعجزة مقام النبي العالي ورفيع مكانته عند الله، وأن الله قد جعل النبي شفيعًا لأمته، مما يطمئن المؤمنين بشفاعة نبيهم يوم القيامة. - الآيات الكبرى عند سدرة المنتهى
قال تعالى في وصف هذه الآيات: {لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ} (النجم: 18). كانت هذه الرؤية جزءًا من المعجزات الكبرى التي رآها النبي في تلك الليلة، وشملت مشاهد عظيمة لا يمكن للعقل البشري استيعابها بالكامل، مثل رؤية سدرة المنتهى وأنوارها الباهرة. هذه الآيات جاءت لتثبيت قلب النبي وتعميق إيمانه.
خلاصة
تجمع معجزات ليلة الإسراء والمعراج بين التأكيد على قدرة الله، وتكريم النبي محمد ﷺ، والتبشير بما ينتظر المؤمنين في الآخرة، والتحذير من عواقب المعاصي. لقد جسدت هذه الرحلة معاني عظيمة ودروسًا بليغة، وتبقى معجزة الإسراء والمعراج إحدى الركائز التي تعزز إيمان المسلمين بقدرة الله وكرمه وفضله.
ما هي أحب الأعمال في ليلة الإسراء والمعراج؟
تحظى ليلة الإسراء والمعراج بمكانة خاصة لدى المسلمين، إذ تذكّرهم بمعجزة كبرى أكرم الله بها نبيه محمدًا ﷺ، وكانت لها أثرٌ عظيم في مسار الدعوة الإسلامية. ورغم عدم ورود نص شرعي صريح في تخصيص هذه الليلة بعبادة معينة، إلا أن هناك مجموعة من الأعمال الصالحة التي يمكن للمسلم أن يقوم بها في ليلة الإسراء والمعراج، كما في غيرها من الليالي المباركة، والتي تعين على تقوية الإيمان والتقرب إلى الله. ومن أبرز هذه الأعمال:
الإكثار من الصلاة
قراءة القرآن الكريم
الدعاء
الذكر والتسبيح
التفكر في معاني الإسراء والمعراج
القيام بالصدقات
الصيام في نهارها (إن أمكن)
الصلاة على النبيﷺ
إصلاح النية وتجديد العهد مع الله
التفكر في مكانة المسجد الأقصى وأهمية القدس
خلاصة
تمثل حادثة الإسراء والمعراج أحد أعظم الأحداث والمعجزات في السيرة النبوية، إذ كرم الله سبحانه وتعالى نبيه محمدًا ﷺ بمعجزة جليلة تدل على عظمة قدرته ومكانة نبيه عنده. في هذه الرحلة الخارقة، أُسري بالنبي من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس، حيث صلى بالأنبياء إمامًا، ثم عُرج به إلى السماوات العُلى حتى سدرة المنتهى، حيث تلقى التكريم الأعظم وفرضت الصلاة على الأمة الإسلامية.
تضمنت الرحلة العديد من الدروس والمعجزات، مثل اجتماع الأنبياء، وتوحيد الرسالة السماوية، وإبراز قدسية المسجد الأقصى، ورؤية جبريل عليه السلام في هيئته الحقيقية، ومكانة الصلاة كصلة بين المسلم وربه، بالإضافة إلى دروس التثبيت والصبر على الشدائد. كما جسدت الرحلة تواصلًا بين مكة والقدس كرمزين روحيين مرتبطين عبر التاريخ الإسلامي، ودعوة للمسلمين للاهتمام بالمقدسات والحفاظ عليها.
على الرغم من عدم وجود نص شرعي يخصص ليلة الإسراء والمعراج بعبادة معينة، فإن المؤمنين يستغلونها للتقرب إلى الله من خلال الصلاة وقراءة القرآن والدعاء والصدقة، تعبيرًا عن الشكر على نعمة الإسلام. تستمر هذه الرحلة في إلهام المسلمين بقدرة الله وحكمته، وتجدد في قلوبهم معاني الإيمان والتمسك بدينهم.