نظرات غريبة.. هل هو فصام؟
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا فتاة عمري 20 سنة، أدرس بالسنة الرابعة من المرحلة الجامعية.. أنا أعاني من مشكلة نفسية منذ سنتين تقريبا.. ولا أعرف كيف أشرحها؛ فلست أفهمها جيدا، وهذه المشكلة تحصل معي مع معظم الناس.. مع إخوتي ومع أقاربي ومع زميلاتي وزملائي.. ولكن حدوث وتكرار هذه المشكلة مع المدرسين كان هو أكثر ما يقلقني ويخيفني.. ولا أعرف كيف ومتى بدأت معي هذه المشكلة، ولكني صرت أخاف جدا مما سيحدث معي مع أي مدرس.. فما يحدث هو أنه عندما يشرح المدرس الدرس لا أستطيع أن أنتبه جيدا لما يقول؛ بل يحدث معي اضطراب لست أفهمه؛ حيث أنظر إلى المدرس، وأركز النظر فيه، وأخاف بداخلي، وأصبح غير قادرة على التنفس.. وأفكر فيما سيقوله عني؛ حيث يلاحظ نظراتي وحالتي غير الطبيعية، وألاحظ أنه قد يتضايق من نظراتي، أو قد يخجل، أو قد ينظر لي باستغراب، وذلك ليس لأني أديم النظر، ولكن لأن نظراتي غريبة.. فمن ينظر لي يفهم أني أنظر له هو وأفكر في شخصه، ولست منتبهة للشرح؛ ولهذا فالكل يتضايق مني ومن نظراتي تلك, وهذا ما يزيد حالي سوءا؛ فيحصل معي ضيق التنفس، وأحس نفسي مقيدة في حركاتي وأرتبك وأضطرب وأتضايق كثيرا، وأبقى أفكر في موقفي الصعب الذي أنا فيه حيث المدرس منتبه لي... وقد حصلت معي بسبب هذه المشكلة مواقف عديدة مع معظم المدرسين، في بعضها كدت أعتصر خجلا بسبب الارتباكات والنظرات المحرجة بيني وبين المدرس الذي يكون هو فيها ليس بأحسن حال مني؛ حيث ألاحظ مدى ضيقه وخجله وارتباكه.. وهذا ما يجعلني أمقت نفسي بشدة، وأحس بخجلي الشديد من نفسي، وبمدى ثقلي على قلوب الآخرين حين ألاحظ ضيقهم مني... ولو جاء مثلا مدرس جديد أخاف أن تحصل معه المشكلة؛ فأخاف جدا، وأرتبك فتحصل معه.. وكلما ازدادت حدة هذه المشكلة معي وأحسست بضيق الآخرين مني صار قلبي خاليا لا يحمل أي مشاعر لأي أحد، وأحسست بالنقص والكره لنفسي أكثر، ولقد صرت متبلدة المشاعر، ولا أحس حتى بالحزن، ولا أستطيع حتى أن أبكي.. أحس بالضيق فقط وبالسواد يملأ قلبي. وقد دخلت هذه السنة في اكتئاب من هذه الحالة التي تعذبني في كل مكان.. حتى أني في بعض الأحيان أحس بصعوبة في الدخول من باب الكلية إلى القاعة، وأخاف أن يصادفني شباب؛ فحتى لو لم أنظر إليهم فسيعرفون بحالتي غير الطبيعية.. حيث أكون عندها مرتبكة جدا وخجلة ومتضايقة ومضطربة جدا وخائفة، وحالتي غير طبيعية، ولا أعرف سببا لذلك الاضطراب أو الخوف.. وهذه المشكلة -كما قلت لكم- تجعل الآخرين يتضايقون مني كثيرا؛ فالمدرسون مثلا قد يتجنبون النظر إلي، وبعضهم حين يشرح قد يجلس حتى لا يراني؛ حيث أصبحت أجلس دائما بالخلف لأكون بعيدة عن المدرس.. بل إن بعض المدرسين لمحوا لي بكلام خلال الشرح يخص حالتي؛ مما جعلني أشكو حالتي لمدرس كان هو أكثر المدرسين ملاحظة لحالتي، وملمحا بأنه يود معرفة السبب، وقد أخبرته بأن ما يحصل معه يحصل مع كل المدرسين، وبأني أعرف ضيقه من ذلك، وأن ذلك ليس بإرادتي، وأني أعاني من مشكلة نفسية، وأريد أن أذهب إلى طبيب نفسي، ولكني لا أستطيع الذهاب.. كما أني لا أريد لعائلتي أن يعرفوا بحالتي.. المهم بعد فترة قررت أن أخبر أحد إخوتي الذي كان أقربهم لي، على ألا يخبر أحدا.. وذهبت إلى طبيب نفسي الصيف الماضي وقد أعطاني دواء وهو: Risperdal 4mg نصف قرص ليلا وكذلك tofranil 25mg حبة صباحا. وقال لي أن آخذه قبل أن تبدأ الدراسة بشهر.. وأن آتيه لو استمرت معي المشكلة بعد أن تبدأ الدراسة، وعندما ذهبت إليه في المرة الأخرى وأخبرته بأن حالتي كما هي أعطاني : haldol ربع حبة ليلا.. وأيضا25mg tofranil حبتين في اليوم. والآن أنا أتردد على دكتور نفسي آخر في مدينتي ولي معه اثنتى عشر جلسة تقريبا وقد أخبرني أن الأمر سيأخذ وقتا حتى يعرف السبب في حالتي، وما زلت مستمرة في الدواء الذي وصفه لي الدكتور الأول.. ولكن إلى الآن لا أعتقد أنه قد تغير بحالتي شيء؛ فما زالت المشكلة مسيطرة علي، وما زلت أتجنب النظر للمدرس لكي لا يحصل شيء بيننا، وما زلت أخاف من الكثير من المواقف والمقابلات، وما زلت متضايقة، وأحس بأني بلا مشاعر، ولا أحس برغبة في أي شيء.. والآن أحس بالفراغ الشديد، ولم يعد لدي أي صبر.. وأغصب نفسي على الدراسة حتى لا أرسب.. وأصبحت أحس بأن الحياة بلا معنى.. فهذا الاضطراب يحدث معي مع كل الناس فصرت أكره الخروج والضيوف والزيارات والمناسبات، ولكني دائما لا أسمح لنفسي أن أستسلم، وأضغط على نفسي وأخرج، وأحاول أن أتماشى مع هذه المشكلة.. فلا أحب أن يقول عني الناس بأني خجولة أو مرتبكة؛ فلم أكن كذلك قبل هذه المشكلة.. هناك أشياء كثيرة حصلت لي، أعتقد أنها السبب فيما يحدث لي الآن.. فقبل وفاة أمي لم يكن يحدث معي هذا الاضطراب، وكنت إنسانة مرحة ومعروفا عني الشجاعة الأدبية والجرأة، كما كنت متفوقة في دراستي.. فقط حدثت معي مشكلة واحدة في ذلك الوقت وأنا أدرس في الشهادة الثانوية، وهي أنني بدأت أسرح وأشرد كثيرا، ولم أعد أستطيع أن أركز في الدراسة، وسبب ذلك في هبوط مستواي الدراسي كثيرا، وخاصة فترة الامتحانات؛ فرغم خوفي الشديد من الامتحان كنت لا أستطيع أن أقطع عقلي عن التفكير والسرحان في استرجاع كل ما يحدث لي.. فكنت أدخل الامتحان، ولم أدرس من المادة حتى ربعها، فرسبت في الدور ولأول مرة في مادتين وسط دهشة الجميع؛ فقد كنت متفوقة جدا، ولكني نجحت وبتوفيق من الله في الدور الثاني.. وكان يصاحب ذلك السرحان عادة سيئة كنت أقوم بها، وهي أنني كنت أعبث بشعر رأسي، وأعقده حتى يصبح من الصعب فكه بعد ذلك، وربما سبب ذلك في الضرر لفروة شعري من الأمام.. وهذه المشكلة ما زالت مستمرة معي إلى الآن، ولكن ليس بنسبة كبيرة كما في الشهادة الثانوية.. ولكن المشكلة الكبرى التي تحدثت عنها والتي تحدث لي الآن بدأت معي بعد المشاكل التي حصلت لي في البيت بعد وفاة أمي المفاجئ.. فمنذ وفاة أمي ربما لم أعد أفهم نفسي؛ فرغم حبي لها وتعلقي بها لم أحس أنني قد حزنت على فقدانها.. رغم أني كنت جياشة العاطفة ومحبة.. فلا أعرف ماذا حصل.. وسبب وفاتها هو ما جعلني أكره إخوتي المتزوجين، وخاصة أخي الكبير؛ فقد كان السبب في وفاة أمي.. وصرت أتشاجر معهم ومع زوجاتهم، وحصلت مشاحنات كثيرة معهم، وظللت قرابة السنة لا أكلمهم، وصرت قاسية على أبنائهم الأطفال؛ حيث كنت أضربهم وأبعدهم عني.. وصار الحقد والكره يملآن قلبي وكياني تجاههم، وقد كان إخوتي يشكون لأخي القريب مني (الذي أخبرته بمشكلتي) سوء تصرفاتي لكي يلومني عليها؛ فلم أكن أتحدث معهم.. وبعض إخوتي غير المتزوجين الذين كنت أتحدث معهم كانوا يقولون لي: أنت قلبك حجر وقاسية، ويلومونني على ما أفعله مع الأطفال؛ حيث كنت أغلق عليهم الأبواب في البيت بحجة أنني أريد أن أدرس، ويلومونني أيضا على أنني لا أكلم إخوتي.. وهذا ما أحس أنه قد أثر علي كثيرا.. وصرت وكأنني المخطئة بالعائلة.. فبعدما كنت المدللة من أمي في البيت والمهمة فقدت كل ذلك بعد وفاتها، وصرت المخطئة والقاسية وقلبي أسود.. وصرت معزولة عنهم، لا أكلم أحدا، ولا أخرج من غرفة أمي التي أغلقها على نفسي بحجة الدراسة، وأقضي فيها معظم وقتي إلى الآن.. وقد تحسنت الأحوال بيني وبين عائلتي بعد حادث جرى لي بالسيارة.. فبعد وفاة أمي لم أعد أحس بالأمان ولا بالراحة في البيت، ولا أرتاح أبدا لإخوتي الذكور إلا لأخي المقرب مني (والذي أخبرته بمشكلتي). لا أعرف ماذا أضيف بعد.. بالنسبة لنومي أنام طبيعيا، ولكني أحس بالقلق وبالفراغ الآن. وبالنسبة للأكل لدي مشكلة؛ هي أنني كلما كنت متضايقة أكثر أقبلت على الطعام بشراهة أكثر.. وزني الآن جيد.. لست بدينة كثيرا؛ لأنني أمسك نفسي على الأكل، ولكني أخاف أن يزيد، وأتضايق من رغبتي الملحة في الأكل.