باحثة ومؤرخة مهتمة بالدراسات الإسلامية حاصلة على الدكتوراة في الآداب من قسم التاريخ بجامعة القاهرة.
لديه 168 مقالة
حظيت السيرة النبوية باهتمام الدارسين والمستشرقين الغربيين منذ وقت مبكر، فترجموا سيرة ابن هشام وعدد من كتب السير والمغازي، ووضعوا مصنفات عديدة حول سيرة نبي الإسلام، وممن أشهر من صنف في ذلك: جولدتسيهر ومونتجمري وات وجوستاف لوبون وستانلي بول وغيرهم، وبالنظر إلى غزارة ما كتبه المستشرقون وأهمية ما طرحوه في تشكيل الوعي الغربي بشأن نبي الإسلام صلوات الله عليه فإننا سنحاول في هذا المقال التركيز على نموذجين من الكتابات الاستشراقية في السيرة النبوية وهما لستانلي بول ومونتجمري، ومن خلالهما نتبين الإشكاليات المعرفية الاستشراقية في التعامل مع السيرة النبوية.
تخذ شريعتي من "قصة الخلق" مدخلا لمناقشة مسألة ماهية الإنسان ويعدها رمزا على مقام الإنسان في الإسلام، وهو يذكرنا بأن قصة الخلق قد أوردها القرآن الكريم بلغة رمزية تحمل إشارات ورموز ضمنية لأن اللغة الواضحة ذات البعد الواحد قد تكون مفيدة في التعليم لكنها لا تمكث طويلا، إذ تصبح عرضة للتجاوز بمضي الزمن، أما اللغة الرمزية فهي لغة متعددة الجوانب والأبعاد حتى يمكن استخلاص معانيها المتعددة جيلا بعد جيل، فلا تفنى معانيها ولا ينضب ما يستخلص منها، وهو ما يتلائم مع الحقيقة الدينية التي هي ثابتة ومتجددة في آن.
عرف العالم الإسلامي شيوعًا في ممارسة الإجهاض وجدلا ممتدًا بين الداعين إلى تقنين تلك الممارسة وإضفاء الشرعية الدينية والاجتماعية عليها، وبين الرافضين لها انطلاقا من الخلقية الدينية والاعتبارات الأخلاقية، وهذا الجدل ليس حديثا فقد طرحت بعض النقاشات بشأنه في مفتتح القرن الفائت وحفزتها الأجواء الليبرالية التي سادت مصر، وافتتحها مقال رمسيس جبراوي المحامي "تحديد النسل: جسمك ملكك" الذي نشر في سبتمبر 1927 وأثار عددا من الردود.
تميل معظم الدراسات الاستشراقية إلى تصوير الحضارة العربية على أنها حضارة نصية دارت حول النص وارتبطت به وأنتجت حوله علوما كثيرة، وهو ادعاء لا يخلو من صحة لكنه يغض الطرف عن الإسهامات العربية في مجالات العلوم الطبيعية والتطبيقية، وهي اسهامات لاقت اهتماما متزايدا مؤخرا كعلوم الفلك والطب والصيدلة، غير أن علوما أخرى لم تلق ذات
اتجه علم الاجتماع في العقود الأخيرة إلى التخلي عن موضوعاته التقليدية؛ التي تتمحور حول فهم الحياة الاجتماعية وتحولاتها وتحليل دوافعها وتحديد أدوار الفاعلين الاجتماعيين فيها، لصالح موضوعات جديدة تتعلق بالثقافة والهوية والعنف والجريمة، وأخيرا الجسد الذي أخذت دراساته في التمدد والنمو حتى صار فرعا من فروع علم الاجتماع (علم اجتماع الجسد)، ثم تبع ذلك ظهور
عكف المؤرخون لأزمنة طويلة على دراسة التاريخ السياسي بوصفه التاريخ الأهم للبشرية، لكن اهتمامًا متزايدًا بالتاريخ الاجتماعي والاقتصادي أخد ينمو تدريجيا منذ عقود وبات الآن يحظى بقبول الدارسين وتشجيع المؤسسات البحثية الدولية، وأسفر عن صدور مؤلفات عديدة تتناول جوانب مختلفة من التاريخ الاجتماعي منها كتاب (الزواج والمال والطلاق في المجتمع الإسلامي في العصور الوسطى) ليوسف رابوبورت الباحث والمحاضر في التاريخ الإسلامي الوسيط بجامعة لندن.
نشأت الدراسات الحديثة التي تناولت الفن الإسلامي في ظل الدراسات الاستشراقية الغربية التي لم تقصر همها على دراسة صنوف المعرفة الإسلامية وإنما امتدت إلى دراسة التجليات المادية للحضارة الإسلامية ومن بينها الفن، وقد تأثرت الدراسات الفنية بها لحقب طويلة لاحقة حيث بدت تعبيرًا عن النظرة الاستشراقية للفن الإسلامي أكثر من كونها تعبيرا حقيقة هذا الفن ومقاصده
حقق عمل توينبي الشهير (دراسة للتاريخ) شهرة فائقة لصاحبه حملته إلى مصاف المفكرين فماذا قدم توينبي في كتابه، وما هي نظريته في نشوء وانحدار الحضارات وما هي رؤيته للعلاقة بين الدين والحضارة؟
عني المسلمون عناية قصوى بكتاب الله تعالى وتعهدوه بالحفظ والتفسير والتأويل، ووضع المفسرون الأوائل الأسس النظرية لتفسير الوحي الإلهي وتبعها ظهور مدارس التفسير المختلفة، وسار المفسرون على هديها قرونا طويلة إلى أن بلغنا القرن العشرين الذي شهد ظهور ما يسمي (القراءات المعاصرة للقرآن الكريم) التي تأثرت بالحداثة الغربية ومناهجها في تأويل النصوص الدينية، وقد أخذت
نتطرق إلى رؤية المفكر الفلسطيني إسماعيل راجي الفاروقي (1921-1986) لقضية العلاقة مع الآخر ويحدونا لذلك كونه أحد المفكرين الإسلاميين الذين أقاموا بالخارج مدة طويلة ووقفوا على جوهر الحضارة الغربية، وكونه كان أستاذا لمادة تاريخ الأديان بجامعة تامبل.
شهد النصف الثاني من القرن الماضي بروز عدد من العالمات العربيات في مجالات معرفية مختلفة بعضهن حققن شهرة وتم التعريف بهن على نطاق واسع، وبعضهن لم ينلن القدر الكافي الاهتمام العلمي رغم رصانة انتاجهن المعرفي، وفي هذا المقال نحاول أن نسلط الضوء على جهود المؤرخة السورية القديرة ليلى الصباغ في مجالي التأريخ والتحقيق وذلك من
كان صدور موسوعة ” اليهود واليهودية والصهيونية” للمفكر عبد الوهاب المسيري عام 1999م حدثًا ثقافيا مدويا في حينه باعتبارها برهانا صادقا على قدرة العقل العربي على التصنيف الموسوعي ودراسة الظواهر دراسة متكاملة، لكن لم تكد تمضي سنوات قلائل حتى طواها النسيان، وفي ذكرى مضي عقدين كاملين على صدورها نسلط الضوء على دواعي صدورها وقضاياها ومنهجيتها
حظي التعليم الإسلامي باهتمام كثير من الدارسين في الحقبة الحديثة، حيث ظهرت مؤلفات عديدة حاولت تناول طبيعة هذا النظام التعليمي المغاير للنظم التعليمية الغربية الحديثة، وجلها ركز على المؤسسات التعليمية في المشرق، على حين لم تحظ المؤسسات المغربية باهتمام مماثل، وعلى هذا سنعرف بإيجاز في السطور التالية بطبيعة النظام التعليمي في جامعة القرويين العتيقة، ونبين
لما كان تعدد الأديان واختلاف العقائد سنة إلهية أشار إليها الحق سبحانه وتعالى في محكم كتابه (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) فقد تمثل المسلمون تلك الحقيقة ووعوها تطبيقا في فتوحاتهم وتعاملاتهم وتنظيرا في مؤلفاتهم، حيث نشأت لديهم حركة فكرية، إبان ازدهار الحضارة الإسلامية، يحدوها
الدين ظاهرة اجتماعية أصيلة لازمت الوجود الإنساني، فقد أيقن الإنسان منذ عصور ما قبل التاريخ أن لهذا الكون خالقا ينبغي التوجه إليه بالعبادة، ورغم ذلك فإن الدين كظاهرة اجتماعية يشغل موقعا هامشيا ضمن النظرية الاجتماعية الحديثة ولدى علماء الاجتماع، وليس أدل على ذلك من أن أنتوني غدنز في كتابه (علم الاجتماع) قد ناقش الدين في
شهدت المكتبة العربية في أوائل القرن الماضي ظهور لون جديد من التأليف الفقهي يختص بدراسة تاريخ الفقه الإسلامي نشأته وأدواره ومدارسه المختلفة، وهو لون محدث لا نجد له نظيرا لدى القدماء الذين لم يغفلوا عن التأريخ للفقه الإسلامي لكنهم لم يفردوا له مؤلفات مخصوصة، وإنما جاء منثورا في كتبهم ومصنفاتهم على اختلافها وخصوصا في كتب:
يمثل اعتناق الإسلام المنعطف الأهم في حياة محمد أسد الفكرية والإيمانية، وقد سرد في كتابه (الطريق إلى الإسلام) الدواعي التي قادته إلى ذلك.
تحظى مسألة الجرائم والعقوبات في الشريعة الإسلامية باهتمام من الدارسين الغربيين قديما وحديثا؛ مثلما يحظى القانون والتشريع الإسلامي بذلك أيضا، ويتجلى الاهتمام في صورة عدد كبير من الدراسات التي قدمها غولد تسيهر شاخت وكولسون وبرنارد لويس وكنوت فيكور وبيترز وغيرهم من المستشرقين والدارسين. يعد الباحث الهولندي رودولف بيترز[1] واحد من أهم الدارسين المعاصرين للتطور القانوني
شهدت المعرفة الدينية في كنف الدولة العثمانية تطورا ملحوظا شهدت به كل من: المدارس التي دعمها السلاطين والتي خرجت أجيالا من العلماء والمتعلمين، والمصنفات الذائعة في شتى صنوف المعرفة الدينية، والمناهج التي طورها العلماء العثمانيون والتي ربما فاقت مثيلاتها لدى غيرهم؛ ولنضرب مثالا على ذلك بعلم التفسير الذي كان في المغرب العربي يسير على منهج
كان المجتمع الإسلامي في العصر ما قبل الحديث ينقسم وفق معايير مثل المهنة والنسب والمكانة إلى قسمين: الخاصة والعامة، وكان مفهوم الخاصة يطلق على فئتين هما: أرباب السيف وأرباب القلم، واستمر هذا التقسيم التقليدي قائما حتى القرن التاسع عشر الذي شهد تغير كبير في وضعية العلماء ونفوذهم الاجتماعي بفعل مشروع التحديث، وفي السطور التالية أقدم
يعتقد الكثيرون أن الكاتبة الأمريكية أمينة ودود هي أول امرأة تقدم تفسيرا للقرآن الكريم من منظور نسوي، وذلك في كتابها (المرأة والقرآن) الصادر في خواتيم القرن الماضي، لكن هذا الكتاب الذي ذاع صيته وترجم إلى العربية في حين ورفض الأزهر تداوله لم يكن الأول في مجاله، فقد استبقه كتاب آخر أثار ضجة كبرى في حينه
الشيخ محمد مصطفى المراغي هو أحد شيوخ الجامع الأزهر وأكثرهم ذيوعا واستنارة في النصف الأول من القرن العشرين، اقترن اسمه بعدد من المشروعات الإصلاحية تعرف عليها في هذا المقال.
لم يخل المجتمع الإسلامي من غير المسلمين في أي عصر من العصور، ولا عجب فالإسلام لا يكره الناس حتى يكونوا مؤمنين، ولا ينهى أتباعه عن العيش مع مخالفيهم في العقيدة والدين، فهم جميعا عباد لله، وليس من لوازم الإيمان القطيعة مع غير المسلمين ورفض العيش المشترك. وعلى هذا بين الشارع في كتابه القواعد التي تحكم
تعريف بجملة من القواعد والمهارات الأساسية يمكن للمرء أن يتدرب عليها ويطور مهاراته الكتابية ..
إقامة العدل مقصد رئيس من مقاصد الشريعة الإسلامية أكدته الآيات القرآنية والأحاديث النبوية؛ ومنها قوله تعالى “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى” (النحل: 90) و”إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” (النساء: 58) وقول رسوله ﷺ ” إن المقسطين عند الله على منابر من نور. وعبر تاريخهم فهم المسلمون ما تأمر به النصوص
ثمة افتراض شائع أن الحراك النسوي الذي شهده العالم الإسلامي منذ أواخر القرن التاسع عشر كان بعيدا عن الصفة الإسلامية، وهو الافتراض الذي تعزز بفعل عوامل أبرزها رغبة النسوية المهيمنة في نفي الطابع الإسلامي عن التحركات النسائية الأولى، وبدورنا فإننا نسعى هاهنا إلى استعراض بعض الرموز والتنظيمات النسوية التي يستشف منها أن بعض الحراك اتسم
في السطور التالية تطرق إلى نشأة علم التاريخ لدى العرب، وخصائص الكتابة التاريخية وصورها مع ذكر المصنفات الدالة عليها.
ثمة اعتقاد شائع أن الحياة الفكرية في العالم الإسلامي قد أصيبت بالتوقف والجمود منذ قرون بعيدة، وأن الإسهامات الفكرية للعلماء المسلمين قد نضبت ولم يعد أمامهم سوى اجترار مؤلفات أسلافهم بالشرح والتحشية والاختصار، غير أن هناك من الشواهد ما يؤكد تواصل العطاء الفكري الإسلامي دون انقطاع بما في ذلك الحقبة الحديثة، وفي السطور التالية أتناول
ترددت أصداء الدعوة إلى الإصلاح في أرجاء العالم الإسلامي منذ أكثر من قرنين، وقد أسهمت الديار الشامية بنصيب وافر في تلك الدعوة بفضل عاملين: أولهما قربها الجغرافي من الدولة العثمانية التي شهدت في ذلك الوقت حراكًا إصلاحيًا كبيرًا، وثانيهما تأثرها بالمنتج الحضاري الغربي من خلال أنشطة الأقليات الدينية المدعومة من الغرب، فكانت من أوائل المناطق
منذ مطلع القرن التاسع عشر بدا واضحا أن العالم الإسلامي يعاني مأزقا حضاريا كشف عنه قدوم الاستعمار الغربي واحتلاله بلدان عديدة، الأمر الذي فرض معه تحديا أساسيا متعلقا بكيفية النهوض واللحاق بالغرب الذي سبقنا أشواطا في مضمار الحضارة، وقد اختلفت أنماط الاستجابة على هذا التحدي فتوزعت التيارات الفكرية في العالم الإسلامي إلى ثلاث تيارات: التيار
خضعت عملية كتابة التاريخ العثماني لمؤثرات عديدة أسهمت في توجيهها وتشكيلها من قبيل؛ عدم إلمام جل الدارسين باللغة العثمانية، وافتقاد المؤسسات التي تقدم خدمات تعليمها، وندرة المصادر التاريخية العثمانية المعربة، والاضطرار إلى الاعتماد على المصادر الأجنبية التي يشوبها التحيز ضد الدولة العثمانية أو الانطلاق من فرضيات مغايرة لا تستطيع معها فهم كنه حركة التاريخ العثماني
جاء طرح مسألة تطوير قوانين الأسرة على العقل الفقهي مع اتجاه بعض البلاد الإسلامية إلى اعتماد التشريعات الغربية بديلا عن الشريعة التي تقلص حضورها القانوني واقتصر على المجال الأسري، وحتى هذا المجال المحدود لم يعد خالصا للشريعة ونازعته التشريعات الغربية فأُبطلت قوانين الأسرة الشرعية كلية في عدة بلدان وتم المزج بينها وبين القوانين الوضعية في
يعد وائل حلاق واحدا من أبرز المختصين بتاريخ الشريعة وتطورها القانوني، وقد تعززت مكانته العلمية من خلال مؤلفاته التي اشتهرت منذ الثمانينات كبحثه “هل أغلق باب الاجتهاد” الذي أثار جدلا معرفيا وصار منطلقا لكثير من الدراسات حول الاجتهاد، ومنذ ذلك الحين توالت مؤلفاته حول الشريعة وترجمت إلى عدة لغات كالتركية واليابانية والإيطالية والفارسية وغيرها. تعرف
شهدت مصر مع بدايات القرن العشرين ظهور طائفة من المفكرين الذين تلقوا تعليما دينيا ولكنهم تأثروا بالفكر الغربي واصطبغ مشروعهم المعرفي به، وفيما يلي نعرض لمشروع لم ينل حظه الكافي من الدرس وهو مشروع الشيخ أمين الخولي (1895-1966).
من باب التعريف بجهود النساء في تحقيق التراث هنا تسليط على 3 باحثات محققات اشتغلن بالتراث العربي والإسلامي وهن: عائشة عبد الرحمن، سكينة الشهابي، وداد القاضي.
حين أثيرت قضية الاجتهاد في العالم الإسلامي منذ القرن الثامن عشر لم تكن تحظى بتأييد كبير خارج دائرة رجال الإصلاح الإسلامي، وكانت الغلبة للأصوات التي ترى وجوب التقليد وترتاب في دعوى الاجتهاد بل وتعدها تهمة يؤاخذ عليها القانون، كما هو الحال في منطقة الشام، التي نشط بها عدد من المفكرين الذين أسهموا بقسط بارز في إرساء دعائم الاجتهاد الإسلامي.
فرضت مسألة الاجتهاد نفسها على العقل المسلم منذ القرن الثامن عشر تقريبا مع صعود الحداثة الغربية بما تحويه من أفكار ومبادئ تناقض مثيلاتها الإسلامية وبدء الهجمات الاستعمارية على العالم الإسلامي، وكان على العلماء التصدي لهذه التحديات التي تتهدد المنظومة الدينية وتشكك في صلاحيتها وقدرتها على الاستمرار، ولم يكن أمامهم من سبيل سوى البحث عن قابليات التجدد داخل الشريعة حتى تتمكن من مواجهة هذه التحديات، ولذلك طرح سؤال الاجتهاد في البلدان التي واجهت الاستعمار الغربي باكرًا في الهند واليمن ومصر، أما الدولة العثمانية فقد طرح على خلفية التأثر بالأفكار الغربية ومحاولة الافادة منها في تجاوز مأزقها السياسي.
شغل سؤال التعلم أذهان المفكرين الإسلاميين منذ أوائل القرن الثالث الهجري تقريبا، ومن أوائل من كتب فيه محمد بن سحنون في كتابه (آداب المعلمين) وتبعه آخرون في الشرق والغرب كالإمام الغزالي في (أيها الولد)، والزرنوجي في (تعليم المتعلم طرق التعلم) وابن حزم الأندلسي في رسالته (مراتب العلوم) والتي صاغ خلالها معالم نظريته حول التعلم وكيف يكون.
المصطلح هو اللفظ الذي يتفق عليه العلماء للدلالة على شيء محدد، ولتمييز معاني الأشياء بعضها عن بعض، وهو صلب عملية المعرفة وجزء هام من أجزاء المنهج ف”العلم لغة أحكم وضعها” كما قيل قديما، وعملية وضع المصطلح قديمة قدم العلم ذاته، وأول من اعتني بها في الإسلام الفقهاء وخصوصا في مرحلة تشكل المذاهب الفقهية وبفضلها أصبح
اقترن نشوء علم الجغرافيا لدى العرب بظهور الإسلام فليس هناك دلائل على إحاطة عرب الجاهلية بهذا العلم وبخاصة أنهم كانوا يتهيبون ركوب البحر ويؤثرون التنقل برا في أسفارهم، وبصفة عامة يمكن الادعاء أنهم افتقدوا شروط النشاط الجغرافي التي أجملها جويدي في: اتساع رقعة الملك، وامتداد شبكة النشاط التجاري، والنهضة الفكرية، غير أنهم لم يكونوا وحدهم
يعد كتاب الخراج نوعا جديدا من التأليف لدى المسلمين، إذ يبين كيفية إدارة المواردها المالية ويتطرق لبعض الأمور الإدارية المتعلقة بكيفية تعيين عمال الخراج وأصحاب البريد في الولايات، كما يتناول بعض الأمور القانونية
يعتقد كثير من الدارسين أن العلاقات الدولية علم حديث النشأة ظهر في أوروبا وتطور على يد علمائها، لكن الحضارات الشرقية كما أكدت بعض الدراسات الحديثة كان لها فضل إرساء قواعد هذا العلم منذ قرون بعيدة، وسوف أعرض هنا إلى إسهام الحضارة الإسلامية من خلال كتاب "السير الكبير" لمؤلفه الإمام محمد بن حسن الشيباني (132-189هـ).
يعتبر كتاب ( كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ) واحدا من أهم الموسوعات المعرفية في تاريخ الحضارة الإسلامية
يسترعي الانتباه في تاريخ المعرفة الإسلامية أن عددًا وافرًا من المصنفين ومؤسسي العلوم والفنون ينتمون إلى الأطراف الإسلامية وليسوا من أهل الجزيرة العربية وما حولها، وهذا يؤشر أن المركز لم يمارس هيمنة وسطوة ثقافية وهو ما سمح بتعدد المراكز الثقافية في العالم الإسلامي واصطباغ الإنتاج المعرفي بطابع التنوع الفكري والمناطقي، وفيما يلي أعرض لأحد المصنفات
آمن جودت باشا بأن الإصلاح ينبغي أن يراعي هوية الدولة الدينية وخصوصيتها الحضارية، فالإسلام كما يعتقد هو سر قوة العثمانيين وهم مدينون له لأنه البوابة التي دخلوا منها إلى التاريخ ..
جه الإمام الباجي اهتماما بنقض أفكار الراهب حول المسيحية وتصويب آراءه بشأن الإسلام، لكنه لم يقتصر على ذلك وإنما اتجه كذلك إلى إبراز التناقضات التي ضمها الراهب في رسالته كقوله "وقد رأينا ما في كتابك مما خالفت به جميع أهل ملتك فإنه ليس في فرق النصارى من يقول إن المسيح لا ينبغي الإيمان بـأحد سواه"
ترك الطاهر بن عاشور في مطالع القرن الماضي وثيقة تاريخية بالغة الأهمية حول دواعي تأخر التعليم الإسلامي والعلوم الإسلامية وقدم رؤيته عملية لإصلاحهما، وهذه الرؤية تتمتع بصلاحية حتى يومنا هذا ويمكن للقائمين على إصلاح التعليم الإسلامي الإفادة منها والبناء عليها في وضع استراتيجية إسلامية للنهوض بالتعليم الديني.
غيب الموت بالأمس الباحث والمؤرخ المخضرم برنارد لويس عن عمر يناهز المائة وعاما، وهو من أبرز المفكرين الذين أسهموا في تشكيل رؤية السياسيين الغربيين بشأن الإسلام والمسلمين، وبسبب دعمه المتواصل للإمبريالية الغربية ووضعه مشروعه المعرفي في خدمة أهدافها وصفه إدوارد سعيد بأنه منظر ومدافع الامبريالية. السيرة الذاتية والأثار المعرفية ولد المؤرخ الشهير في لندن في
حظي القرآن الكريم باهتمام لم يحظ به أي كتاب وضعي أو سماوي آخر وقد تجلى ذلك في مظهرين، الأول: أن الاعتناء به لم يقتصر على المؤمنين به وإنما شمل كذلك المتشككين والجاحدين، والثاني تواصله زمانيا ومكانيا؛ إذ لم يعرف القرآن انقطاعا تاريخيا فمنذ لحظة نزوله وحتى يومنا هذا تواصلت الدراسات القرآنية واتخذ التصنيف القرآني
ليس هناك من يجادل في كون التوحيد المفهوم الرئيس في الإسلام، وأنه يقع موقع القلب من المفاهيم الإسلامية الأخرى، وعبر تاريخهم لم ينقطع المسلمون عن العناية بمقاربته وتبيينه باعتباره جوهر العقيدة وقوامها، وقد اتخذت عنايتهم به في الآونة الأخيرة منحى مغايرا إذ بينما انطلق الأولون في دراستهم من الأرضية العقدية فإن بعض الدارسين المعاصرين كالدكتور
شهد العالم الإسلامي منذ القرن التاسع عشر سلسلة من المشاريع الإصلاحية التي قدمها عدد من رجال الإصلاح الإسلامي، وفي السطور التالية أعرض لأحد المشروعات الإصلاحية التي لم تنل حظا كافيا من اهتمام الدارسين وهو مشروع الشيخ مصطفى الغلاييني المدقق والمصلح اللبناني. السيرة الذاتية والآثار الفكرية ولد الشيخ مصطفى الغلاييني في مدينة بيروت عام 1885 لأسرة
الدكتور طه العلواني (1935-2016) فقيه وأصولي عراقي جمع بين التكوين الأصولي الشرعي والعلوم الحديثة، وتمكن بفضل ذلك من صوغ مشروع معرفي امتزجت فيه الأصالة بالمعاصرة، وانحاز إليه البعض ورأوا في مشروعه تجديدا للمعرفة الإسلامية ونصابه البعض الآخر العداء بدعوى أنه يمثل تهديدا للتراث وخروجا على ثوابته. قبسات من السيرة الذاتية ولد الشيخ بمدينة الفلوجة العراقية
لم تكن العلمانية مجرد فكرة تبتغي الفصل بين المجالين الديني والسياسي ولكنها في جوهرها تستهدف تحييد الدين عن المجالين العام والخاص وحصره في الدائرة التعبدية، وإذا كان دعاتها الأوائل من المسيحيين الشوام قد روجوا لها باعتبارها فكرة سياسية بمقدورها تنظيم المجال السياسي وإداراته بكفاءة بعيدا عن الدين ورجاله، فإنها سرعان ما انتقلت إلى المجال الاجتماعي
يلفت غارودي الانتباه إلى أن أبرز سمات العلوم الإسلامية المستقاة من عقيدة التوحيد، هي اعتمادها المتبادل وترابطها بعضها ببعض؛ فليس ثمة انفصال بين علوم الطبيعة والمرئيات وعلوم الدين والفنون، وليس ثمة فاصل أين يبدأ العلم وأين ينتهي، وهو ما يفسر ظهور عدد كبير من العباقرة الموسوعيين في الثقافة العربية على نحو لا نجد له مثيلا في الحضارات الأخرى
تحل علينا هذه الأيام الذكرى المئوية لرحيل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني الذي توفي في العاشر من فبراير عام 1918 بعد عزله ووضعه تحت الإقامة الجبرية، ورغم مضي قرن على وفاته إلا أنه لم يزل حاضرا بسياساته في المشهد السياسي فمنذ أشهر قليلة رفع المحتجون الأتراك صورا ضخمة للسلطان عبد الحميد أثناء تظاهراتهم الاحتجاجية على
شرع الغربيون في الاعتناء بالإسلام وعلومه منذ أواخر عصر النهضة حين ظهرت الترجمات الأولى للقرآن الكريم وبعض دراسات في اللغة العربية، وقد أحرزت هذه الدراسات تقدما كبيرا في القرن التاسع عشر مع تأسيس أول كلية للدراسات الشرقية في باريس عام 1795- قبيل ثلاث سنوات من توجه فرنسا لغزو مصر-، وتلتها كليات أخرى في روسيا وألمانيا
عرف عن المسلمين عنايتهم ببحث الظاهرة الدينية والتأريخ لها، فقد شرعوا منذ القرن الرابع الهجري بالتصنيف في الأديان وكيفية ظهورها ومبادئها والفروق بينها، حتى ذاع واشتهر لديهم ما يعرف بعلم “الملل والنحل”، ومن أوائل مؤلفاتهم فيه كتاب “جميل المقالات” لأبي الحسن الأشعري (ت: 330ه) و”المقالات في أصول الديانات” للمسعودي (ت: 346ه) و”الفصل في الملل والنحل”
تشغل مجلة المنار مكانة متميزة بين الدوريات الإسلامية لا تدانيها في ذلك أي مجلة أخرى سابقة أو لاحقة؛ فطيلة ثمانية وثلاثون عاما (1898-1935 م) هي عمر المجلة كانت هي: الأوسع انتشارا وتأثيرا في العالم الإسلامي، والأكثر عمقا في تناول الشأن الإسلامي، والأقدر على تجديد الفكر الإسلامي وتنقيته مما لحق به، وسأعرض هنا لبعض جوانب تجديدها في الفكر الإسلامي، وعلى الأخص التجديد الفقهي من خلال تناول فتاوى المنار ومنهجها الإفتائي.
في الربع الأخير من القرن الماضي ظهرت بوادر تشكل تيار معرفي يرنو إلى تضمين المعرفة الإسلامية ضمن المناهج والأدوات الأكاديمية، وضمن هذا الإطار تبرز مدرسة المنظور الحضاري التي تشكلت نواتها الأولى على يد الدكتور حامد ربيع (1924-1989 م) الذي اتخذ من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة منطلقًا لإعادة إحياء المفاهيم والقيم الإسلامية وتضمينها ضمن حقل
في كثير من الآيات يشير القرآن إلى حقيقة التعدد الإنساني وأنه مقتضى المشيئة الإلهية، ويتخذ هذا التنوع أشكالا عدة
شكل نشوء الدولة الحديثة حدثا مفصليا في العالم الإسلامي تغيرت معه كثير من المفاهيم واختفت معه الأنظمة والأنساق التي حكمت وسادت لقرون وحلت أخرى محلها، وعلى سبيل المثال فالنظام القانوني الذي استند إلى الشريعة الإسلامية وحكم المسلمين وغيرهم لم يعد قائمًا مع التوجه صوب اقتباس القوانين الوضعية الأوروبية ووضعها موضع التطبيق في مصر والدولة العثمانية
أمضى العقل الإسلامي ما يربو عن قرن في النظر إلى المسألة الديمقراطية ومحاولة تحديد موقف منها وذلك منذ طرحت في نهايات القرن التاسع عشر كجزء من مشروع التحديث السياسي في العالم الإسلامي، وقد مر التفكير فيها بثلاث مراحل متعاقبة هي: مرحلة التوفيق والموائمة ومرحلة المفاصلة وأخيرا مرحلة التأصيل والتنظير الإسلامي، وفي السطور التالية نعرض بإيجاز
حين افتتح القرن العشرون كان علم السياسة الشرعية لم يزل على صورته الأولى التي وضعها المنظرون الأوائل الذين صاغوا أسس النظرية السياسية الإسلامية، ولم تزل مباحثه مبعثرة فمبحث الخلافة -وهو أهم مباحثه- كان مندرجا ضمن علم الكلام لا الفقه للرد على أصحاب الفرق والمذاهب الذين يعتقدون اعتقادات شاذة بشأنها ..
شهد المجتمع الإسلامي منذ تأسيسه إقبالا من النساء على تلقي العلم الشرعي وانخراطا في عملية إنتاج المعرفة وهو ما يتبين من كتب التراجم التي غصت بذكر أولئك النسوة، وفي الأزمنة الحديثة ظهرت بعض الباحثات هن امتدادا لأولئك المجتهدات الأوائل كعائشة عبد الرحمن التي حازت قصب السبق بدراساتها حول التفسير البياني للقرآني وتبعتها أخريات من تخصصات
شهد المجتمع الإسلامي منذ تأسيسه حضورا علميا للنساء وجد صداه في بروز عدد كبير من النساء المشتغلات بالعلم أثبتته كتب التاريخ والتراجم، وفي الأسطر التالية أعرض لبعض النماذج النسائية الاجتهادية وأحاول من خلالها البرهنة على انخراط النساء في عملية الاجتهاد الديني والتأكيد على أن المجال الديني كان فضاء مفتوحا ولم يكن حكرا على الرجال كما
ليست الدعوة إلى المساواة في الميراث دعوة مستحدثة ألجأت إليها التطورات الاجتماعية التي شهدها العالم العربي مؤخرا كما يظن البعض إنما هي دعوة قديمة تضرب بجذورها إلى عشرينات القرن الفائت، ويمكن القول أن هذه الفترة تحديدا قد شهدت تشكل خارطة الفكر العربي وتموضع تياراته الأيديولوجية، وفي السطور الآتية أستعرض السياق التاريخي الذي نشأت خلاله هذه
شهدت مصر منذ ثلاثينيات القرن العشرون تصاعدا في الدعوة إلى فتح باب الاجتهاد، وقد رفع لواءها طائفة من علماء الأزهر المتأثرين بالشيخ محمد عبده وفي مقدمتهم الأشياخ مصطفى المراغي شيخ الأزهر وعبد الوهاب خلاف ومحمود شلتوت وهم من الفقهاء الأعلام، ومحمد يوسف موسى (1899-1963) الذي لم يحظ مشروعه لتطوير الفقه الإسلامي بما يستحقه من العناية
منذ أقصيت الشريعة عن المجال التشريعي للدولة في القرن التاسع عشر ظل سؤال الشريعة وموقعها في المجتمعات الإسلامية حاضرا لدى كل من الإسلاميين والغربيين على حد سواء، ويتجلى اهتمام الأخيرين في صورة عدد ضخم من الدراسات التي أنتجتها مراكز البحث حول الشريعة، ومعظم هذه الدراسات تلتقي على مسألتين: الأولى التشكك في صلاحية أحكام الشريعة أو
كان تبني مؤسسة الدولة مشروع التحديث إيذانا بتغير وجه الحياة في العالم الإسلامي، فعبر قرنين تقريبا افتتحت بالقرن الثامن عشر تغيرت كافة الهياكل والبنى المؤسسية -كالجيش والمؤسسة الطبية والقانونية- وانتقلت من الشكل التقليدي إلى الشكل الحداثي، وقد ارتبط التحديث بصورة أساسية بالإخفاق الذي مُني به العالم الإسلامي في مواجهته مع الغرب، وقد شاع تفسيران له