قومية الفولان احدى أهم القوميات تشبثا بالثقافة الإسلامية و تعلقا بعلوم اللغة العربية بإفريقيا ، و كان لهذه القومية دور محوري في نشر الإسلام و تعزيز وجوده بإفريقيا وساهمت بشكل كبير في التصدي لمخططات الاستعمار الهادفة لطمس الهوية الإسلامية بالمنطقة.
ويعتبر الفولان من القوميات الأكثر انتشارا و حضورا في مختلف مناطق القارة السمراء، و يٌقدر تعداد أفرادها بحوالي 40 مليون نسمة موزعين على 15 بلدا إفريقيا، منها حوالي 15 مليون نسمة في نيجيريا لوحدها، و التي ينحدر رئيسها الحالي محمد بخاري من هذه القومية.
و تعود أسباب هذا الانتشار و التوزع إلى ارتباط الفولان بالتنمية الحيوانية قديما وحديثا مما ساهم في تنقلهم وحركتهم عبر مناطق متعددة من إفريقيا، فتوطنوا ببعض المناطق و صاهروا أهلها دون اندماج كلي أو ذوبان، محافظين على ثقافتهم و عاداتهم.
ويشكل الفولان رغم هذا الانتشار القومية الإفريقية المسلمة ، و التي لم تتأثر هجرتها بالتلوث العقدي ولم تؤثر فيها الإرساليات الكنسية رغم تركيز الكنسية عليهم ومحاولاتها القوية لتغير عقيدتهم و تسخير كل وسائل التأثير لذلك.
وتختلف الروايات التاريخية في أصول الفولان، فالبشرة المميزة و الطباع الخاصة والحرص على التميز جعلت كثير من المؤرخين يؤكدون أن مجتمع الفولان من المجتمعات الوافدة إلى إفريقيا، ويُرجح بعض المؤرخين انتماء الفولان للمصريين القدماء، فالعالم و المؤرخ السنغالي الكبير الشيخ آنتا جوب يري أن “الفلان ينتمون لأصول مصرية و أن الشبه و مشتركات الثقافة و محطات هجرة الفولان، كلها أمور تعزز ذلك و تثبته”.
أعلام و علماء
دخل الفولان الإسلام في القرن الخامس هجري، و كان لهم دور كبير في نشر الإسلام و تعريف شعوب المنطقة به، و من ابرز أعلام و دعاة نشر الإسلام من المحسوبين على الفولان، نذكر:
–عثمان بن سعيد فوديو: تزعم حركة إصلاحية بمنطقة غرب إفريقيا أعادت المجد والعزة للإسلام بالمنطقة.
ولد الشيخ “عثمان بن محمد فودي” حوالي عام 1168، و اشتهر بإسم “فودي” الذي يعني بلغة الفولانيين الفقيه، نشأ في بيت صلاح و علم ، و كان لواديه الفضل الكبير في توجيهه إلى العلم والدين.
تأثر بالحركة السلفية أيام إقامته بالجزيرة العربية، و كان لهذا التأثير أثر بالغ في محاولته لاستنساخ التجربة السلفية في محاربة البدع ومحاربة الطرق الصوفية، فاستجاب لدعوته كثير.
أسس بعد أن نهل من المعارف و تضلع في علوم الشريعة حركة علمية لتخليص شعبه من فتن و بدع زمانه؛ فعمل بوعي وتصميم على تغيير هذا الواقع، ففتح الله على يديه بلادا واسعة وشعوبا كثيرة، و هدم أوكار الوثنية بالمنطقة.
تعتبر إمبراطورية سوكوتو الإسلامية أهم معلم تاريخي شاهد في المنطقة على الأدوار الرائدة التي قام بها الرجل.
–الحاج عمر بن سعيد تال الفوتي: من المجاهدين الذين ساهموا في الثقافة العربية الإسلامية في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي الشيخ عمر بن سعيد تال الفوتي.
ولد الشيخ عمر تال في قرية حلوار بالقرب من بلدة بودور على الحدود السنغالية الموريتانية في عام 1797م. حفظ القرآن الكريم و درس اللغة العربية وعلوم الدين على والده.
تفرغ بعد أخذ العلم لدعوة الوثنيين للإسلام و أعد لذلك عدته، فقد تسلم بالمعارف و جهز الرجال و جمع السلاح لغزو المشركين، و تذكر المصادر التاريخية أن الحاج عمر سعيد شارك في 32 معركة ضد العدو، وقد كان لفتوحاته دور كبير في دخول أفواج كثيرة من الناس للإسلام.