ملخص الدراسة : تُعَّد القدوة الحسنة الجانب العملي المجسَّد الذي يؤثر بقوة في عملية تربية النشء وتشكيل البناء الإنساني، وتُعَّد من أهم مرتكزات الأسرة السليمة التي هي اللبنة الأولى للمجتمع المتماسك، وهي بمنزلة النموذج المشاهَد للشخصية المؤثرة على أرض الواقع، التي تُجّسد القيم التربوية فعليا، وهي مناط توارث الأجيال القيم الأخلاقية الأسرية والعادات والتقاليد الحسنة، والقناة الطبيعية لنقل التجارب بين الأجيال.
وعليه، تكمن إشكالية هذه الدراسة فيما يلاحظ من غياب نموذج القدوة الحسنة في عصرنا الحاضر، أو تهميش إبراز دوره وإهماله، أو تشتت أفراد الأسرة والمجتمع في التعّرف على هذه الشخصية المحورية. وقد يتخذ النشء قدوات أخرى وأبطالاً عبر الإعلام عند فقدان ركن القدوة الحسنة في واقعهم. ويهدف البحث إلى تجلية أهمية القدوة الصالحة في تربية النشء والوقوف على صفاتها، واستعراض نماذج إيجابية تعبر عنها (أطفال غزة)؛ كما يسعى البحث إلى دراسة أثر غياب القدوة الحسنة على الفرد والأسرة والمجتمع واستعراض نماذج سلبية تؤثر فيه (مسلسل ريك أند مورتي).
ويعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي، ومن أهم نتائجه أن فكرة القدوة مبنية على مفهوم التقليد والمحاكاة المتأصلة في الطبيعة الإنسانية كبارا وصغارا، والقدوة الحسنة من أهم عوامل تكوين القيم الأسرية والاتجاهات الفكرية والتوجهات السلوكية لدى الأفراد عبر عملية المشاهدة، فالملاحظة والتقليد وتقمُّص الأدوار تبدأ منذ السنوات الأولى للطفل وتكبر معه وتحدد شخصيته وطريقة تعامله مع المواقف والأحداث والمشكلات التي تواجهه، وهي المسؤولة عن نقل الثقافة الاجتماعية وغرس الاتجاهات والقيم الدينية والسياسية والاجتماعية والعلمية للفرد في كل مراحل حياته، وهي المعلم الأول للتربية والدعوة العملية البليغة التي تبدأ منذ الطفولة لحين حملهم أمانة نشر الدين والارتقاء بالوطن وحماية المجتمع.
ومن أهم نتائج البحث أيضا، أن غياب نموذج القدوة الحسنة من أهم التحديات الأسرية المعاصرة، وينتج من ذلك انعدام نموذج الإنسان الصالح. لذلك توصي الدراسة بالاهتمام بتفعيل دور القدوة الحسنة في مؤسسات الأسرة والتعليم والإعلام بجميع وسائلها.
1- المقدمة
ينشأ الانسان في بيئة اجتماعية تعمل على تكوين مجموعة القيم والاتجاهات لديه، فالطفل يولد صفحة بيضاء ويبدأ في الملاحظة والتقليد وتقمص الأدوار في محيطه منذ سنواته الأولى، وبذلك تتشكل اتجاهاته وميوله وأفكاره وسلوكه وتكبر معه وتحدد شخصيته وطريقة تعامله مع المواقف والاحداث والمشكلات التي تواجهه. فالشخصية كما جاء عند (الفقيه، 2015) “هو تشكيل ثقافي تتحدد طبيعته بطبيعة الحاضن الثقافي، وطبيعة الشخصية الإنسانية مرهونة إلى حد كبير بطبيعة ومستوى الوسط الاجتماعي الذي ينشأ فيه”.
وتشير نظرية التعلم الاجتماعي لألبرت باندورا في كتابه (نظرية التعلم الاجتماعي، 1977) إلى أن الملاحظة والنمذجة تلعب دورًا أساسيًّا في كيفية وسبب تعلم الناس، من خلال محاكاة القيم والمواقف والمهارات والأفكار والسلوكيات، ويوضح باندورا أن معظم السلوك البشري يُكتَسب تعلّمه عن طريق الملاحظة من خلال النمذجة أي من مراقبة الآخرين، بحيث يشكل المرء فكرة عن كيفية تنفيذ السلوكيات الجديدة، وفي مناسبات لاحقة، تكون هذه المعلومات المشفرة بمنزلة دليل للعمل. (How Social Learning Theory Works)
لذلك، فإن فكرة القدوة مبنية على مفهوم التقليد والمحاكاة المتأصلة في الطبيعة الإنسانية كبارا وصغارا، وهو الجانب العملي الذي يؤثر بقوة في عملية تنشئة النشء وتكوين البناء الإنساني، ويستمر مع النشء خلال مراحل حياته المختلفة.
وقد تكون القدوة أفرادا، أو أفكارا يتم زرعها في الناس عن طريق الأسرة، والمدرسة، وعن طريق البرامج والمسلسلات والأفلام في وسائل الاعلام والتكنولوجيا والتواصل الاجتماعي المختلفة، أو بيئة اجتماعية تؤثر في افرادها فيتشاركون الأفكار والسلوك.
تعريف القدوة
- تُعَرَّفُ القدوة لغويا في معجم (الجامع، بلا تاريخ): “بأنه من يُقْتدى به أسوة، من يتّخذه الناسُ مثلاً في حياتهم”.
- وعرفها (الجیران، 2022) اصطلاحًا: “بالكسر والضمّ الاقتداء بالغیر ومتابعته والتأسي به”.
- وعرفّ (الاصفهاني، 1412ه) القدوة بأنها: “الحالة التي يكون الانسان عليها في اتباع غيره إن حسنا وإن قبيحا، وإن سارا وإن ضارا”.
- وعرفها (Georges, 2017) بأنها: ” تلك الشخصيات أو الرموز التي يقتدي بها الإنسان في جميع أمور حياته، وتثير في نفس المقتدي كثيرًا من الرضا المؤقت أو الطويل فيحاول تقليد ما استحسنه وأعجب به”.
- وتعرّف القدوة في الإسلام عند نزار العاني بأنها: ” إحداث تغيير في سلوك الفرد في الاتجاه المرغوب فيه عن طريق القدوة الصالحة، وذلك بأن يتخذ شخصا أو أكثر يتحقق فيهم الصلاح ليتشبه بهم، ويصبح ما يطلب من السلوك المثالي أمرًا واقعيًّا ممكن التطبيق”. (البكر، 2018)
فالقدوة ليست صالحة دائما بل تكون أيضا مضللة وفاسدة، لذلك قيدها الله تعالى بالحسنة، وهو ما نبه إليه الشنقيطي في تفسيره بقوله: ” الأسوة كالقدوة، وهي اتباع الغير على الحالة التي يكون عليها حسنة أو قبيحة”. (البويسفي، 2019)
والقدوة هي المسؤولة عن نقل الثقافة الاجتماعية وغرس الاتجاهات والقيم الدينية والسياسية والاجتماعية والرياضية والعلمية للفرد في كل مراحل حياته، وهي المعلم الأول للتربية والدعوة العملية البليغة التي تبدأ منذ الطفولة إلى أن يحملوا أمانة نشر الدين والارتقاء بالوطن وحماية المجتمع.
ولذلك، تكمن إشكالية هذه الدراسة فيما يلاحظ في عصرنا الحاضر من تحدي غياب نموذج القدوة الحسنة، أو تهميش دوره وإهماله، أو تشتت أفراد الأسرة والمجتمع في التعّرف على هذه الشخصية المحورية، ومحاولة الحد من الصالحين بذريعة الحرية الشخصية والتحرر تحت عناوين الليبرالية والفردانية. وقد يتخذ النشء قدوات سيئة لدى فقدان ركن القدوة الحسنة، لذا جاءت هذه الدراسة لتبحث في معرفة أهمية القدوة الصالحة في تربية النشء، وأثر غيابها على الفرد والمجتمع.
وتهدف الدراسة إلى بيان أهمية القدوة الصالحة في تربية النشء وفي تكوين جيل يحمل أمانة الدين والوطن ويخدم المجتمع، والوقوف على صفات القدوة الصالحة وأثر غيابها على الفرد والأسرة والمجتمع، واستعراض نماذج إيجابية وسلبية تعبر عنها.
2- أهمية وجود القدوة الصالحة
وتأتي أهمية وجود القدوة الصالحة في الآتي:
تأتي أهميتها من حاجة العملية التربویة إلى نموذج واضح یجسد معالم هذه التربية وبوضح تعاليمها بصورة واقعية تنقل المجرد إلى محسوس، والقول إلى عمل، والنظریة إلى تطبیق، وفي التربیة الإسلامیة لا یوجد أعظم ولا أكمل ولا أفضل من شخصیة محمد ﷺ الذي رباه الله سبحانه ليكون النموذج العملي ماثلاً أمام العين، ولا يؤثر في مكانته السامية زمان ولا مكان، فقد قال سبحانه وتعالى في (الأحزاب، 21): { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }. (الجیران، 2022)
وتمثل الأسرة الحاضنة الأولى للأبناء، ويعدّ الوالدين المدرسة الأولى التي تزود الأبناء أثناء فترات نموهم بالثقافة الاجتماعية التي تؤهلهم للنضج الاجتماعي، والقدوة الأولى للوقاية من الانحراف الفكري والسلوكي؛ ولا تقتصر أهمية وجود القدوات داخل الأسرة فقط، فهناك المؤسسات التربوية والتعليمية التي تشارك في التربية منذ السنوات الأولى للطفل، حيث تقع عليها مسؤولية تربوية وتعليمية، وتضطلع بدور كبير في صياغة الفكر وتهذيب السلوك لتعزيز القيم الدينية والأخلاق الإنسانية النبيلة وتنمية المهارات والقدرات الفكرية والبدنية. لذلك فإن التركيز على القدوات الحسنة والصالحة داخل مؤسستي الأسرة والتعليم له دور كبير في حفظ النشء وتحصينه من الانجراف وراء القدوات السيئة وتقليدها ومحاكاتها مما ينعكس سلبا في تربيتهم وفق المعايير الدينية التي تخدم شخصه ومجتمعه ووطنه.
وللإعلام ووسائل التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي في عصرنا الحالي دور كبير في تربية النشء، وتسخيرها لإبراز القدوات الدينية الصالحة، من أجل أن تتكون لديهم رؤية واضحة لمعالم الطريق الذي سيسلكونه وأهدافه وغاياته. ولدور العبادة أثر كبير للغاية، وكذلك لمجموعة الرفاق ومؤسسات المجتمع المدني دورهما المهم في صنع القدوات الصالحة لإعداد النشء للمستقبل.(البكر، 2018)، ولذلك فعلى جميع مصادر تشكيل القدوة أن يعملوا معًا وفق استراتيجية وخطة واضحة لتحقيق الهدف المنشود.
ومما سبق، يتبين لنا ما للقدوة من أهمية تربوية عظيمة في تنشئة النشء، فهي دعوة صامتة تأسر القلوب وتجبرها على الاتباع بحب واحترام، لذلك تكمن أهميتها في:
- إن وجود النموذج الحيّ الصالح يحقق الانضباط النفسي والتوازن السلوكي للطفل، ويسد احتياجاته الروحية والعقلية والنفسية، ويخرج للمجتمع الصورة التي ينبغي أن يكون عليها الفرد المسلم، المعتز بإيمانه وهويته.
- إن الجانب العملي الذي تحققه القدوة لهو أشد تأثيرا على النفس؛ فالطفل لا يدرك المعانيَ المجردة بل يحتاج إلى المثال العملي الواقعي، الذي يثير قدرا كبيرا من الإعجاب والتقدير، مما يؤثر إيجابيا على سلوكه ويسهم في تربيته من خلال تقليده ومحاكاته. (جابر، د.ت)
- القدوات الصالحة توفر الكثير من الوقت والجهد في تربية الأبناء، فالأبناء عندما يقتدون بمن هو قويم السلوك يوفر على الوالدين الكثير من الوقت والجهد لبناء السلوك الحسن.
- القدوة الصالحة مهمة وقت الأزمات، فهي تفيد الأبناء في السير على الطريق الصحيح والاستفادة من تجارب الآخرين والتعلم من أخطائهم، وتطوير النفس والارتقاء بها لمواجهة الأحداث التي تعصف بهم.
- وهي ملهمة ومحفزة وتساعد النشء في التعرف على هويته وذاته، وتوفر الفرص لتعلم مهارات وكفاءات جديدة ومن ثم يتأتّى تحقيق إنجازات وأهداف مطلوبة. (McCullough, 2013)
- كما تفيد في التقدم بسلوكيات المجتمع وأخلاقه، فالأمة التي تقتدي بقدوة صالحة تكون أمة عظيمة. (صالح، 2023)
3- صفات القدوة الصالحة
إن من طبيعة الانسان تأثره بمن حوله من البشر، لذلك كانت القدوة من أكثر الأساليب التربوية تأثيرا في السلوك كونها تطبق الجانب النظري الاعتقادي الكامن في العقول، إلى الجانب التطبيقي الممارس؛ وقد تبين أن إعطاء الأولوية من قبل القدوة للقيم الدينية والإنسانية السامية بشكل خاص يؤدي إلى التأثير بشكل أقوى على النشء. (Federation, 2019)
وعليه، وجب على المربي أن تطابق أفعالُه أقوالَه ليكون له التأثير الإيجابي الفاعل في سلوك النشء، قال تعالى في سورة ( الصف، 2): { يا أيُّها الَّذينَ آمَنوا لِمَ تَقُولُونَ مالا تَفْعَلُون } (البكر، 2018) ، لذلك يجب أن يتصف المربي بعدة صفات، منها:
- الإيمان بالفكرة والتيقن منها وترجمتها لعمل، حتى تكون الرؤية واضحة في معالمها وأساليبها وأهدافها، فيقول الشاطبي: ” إذا وقع القول بيانا فالفعل شاهد له ومصدق”. (خضر، د.ت)
- الإخلاص في العمل صفة أساسية فيمن يقتدي به الناس، ولكي يستطيع أن يؤثر حقًّا يجب أن يكون هذا الفعل صادرًا من قلبه خالصًا لوجه الله تعالى، قال تعالى في سورة (البيّنة، 5): { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ }، وقال ﷺ :” إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه“. (الألباني، د.ت).
- العلم والتفقه في أمور الدين والتربية وأساليبها مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المقتدى به، ليكون قدوة صالحة يستطيع الأبناء محاكاته وتقليده. وعنون البخاري -رحمه الله- باباً من صحيحه ب:” باب العلم قبل القول والعمل” (البخاري، 1314)
- حسن الخلق، فعلى المربي أن يكون حليمًا صبورًا محبًا وصديقا للأبناء سامعًا لهم؛ ليثقوا به ويقتدوا فيه. (صالح، 2023)
- البذل والتضحية من صفات القدوة الصالحة في سبيل دينه وعقيدته وأفكاره، وكم من إمام وقدوة تعرض للسجن والتعذيب كالإمام أحمد بن حنبل الذي سجن في عهد الخليفة المأمون بسبب تمسكه برأيه وموقفه. (البويسفي، 2019)
4- مصادر تشكيل القدوة
كما قلنا سابقا، إن الأسرة أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وإلى جانبها يأتي التعليم والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني ودور العبادة وجماعة الأصدقاء، وسنركز في دراستنا هذه على الأسرة والتعليم والإعلام كمؤسسات تقع عليها المسؤولية الأكبر في التنشئة الفكرية والاجتماعية، وفيهم تلعب القدوات دورًا تربويًّا مهمًّا.
أ- مؤسسة الأسرة
لا خلاف بأن الوالدين هما القدوة الأولى للأبناء؛ حيث يبدأ الطفل بمراقبة والديه وتقليدهما في حركاتهما وسكناتهما وكلامهما ويتأثر بتصرفاتهما، فهما النموذج الأول داخل مؤسسة الأسرة التي يكتسب النشء فيها جميع المعايير الاجتماعية والثقافية والدينية من قيم خُلُقية وفكرية قويمة واتجاهات وخبرات وعادات المجتمع الذي يعيش فيه بعيدا عن الغلو والتطرف والانحراف الفكري والسلوكي ، وتبقى معه في مراحل العمر المختلفة، لذا وجب عليهما أن يمثلا القدوة الصالحة، والنموذج الحسن، والمثال الحي للرشد والاستقامة والسلوك القويم، حتى يكونا نموذجا صالحا يقتدى به، وتتحقق الرعاية التربوية المتكاملة، فالأبناء أمانة ومسؤولية. (البكر، 2018).
كما لابد من الإشارة هنا إلى أن تنشئة الأبناء وسط أسرة ممتدة يساعد في نقل التراث والقيم وتقديم الدعم العاطفي والوجداني وتطوير المهارات الاجتماعية والمعرفية واللغوية لهم. (الفقيه، 2015) هذا إلى جانب إثراء تجربة الأطفال، وإكسابهم مهارات حياتية، وتنمية ذكائهم الاجتماعي، وتهيئتهم للتعامل مع مختلف المواقف، بالإضافة إلى أنهم قد يعوضون غياب الأب أو الأم أو كليهما في العمل أو السفر أو الانفصال والطلاق بدل تركهم عند مربيات من جنسيات أخرى، وهنا تكمن أهمية وجود القدوات داخل الأسر النووية أو الممتدة.
ب- المؤسسات التعليمية والتربوية
تُشكِّل هذه المؤسسات اللبنة النظامية الأولى التي يستقي منها النشء باكورة التلقي والمعرفة والأخلاق والسلوك وإدراك معاني الحياة بشكل عام، وتجدر الإشارة إلى أن هذه المؤسسات ينبغي أن تؤدي دورها الأساسي على هيئة منظومة متكاملة بحيث يشعر فيها الفرد بنوع من الانخراط في المجتمع الذي يعيش فيه ويبدأ يتلمس الطريق لمعرفة حقوقه وواجباته بطريقة لا شعورية تدفعه إلى الإيمان بمصداقية مبادئه وقيمه التي اكتسبها بطريقة واعية وممنهجة مدروسة؛ ومن هنا نجد أن لهذه المؤسسات دورًا كبيرًا في صياغة الفكر وتهذيب السلوك، لذلك فتركيزها على صناعة القدوة الحسنة والصالحة أمر في غاية الأهمية في عملية التنشئة الاجتماعية، وحماية النشء من طرق الغواية الفكرية والسلوكية والوجدانية والعاطفية والتي تقود إلى قاع الانحراف والتطرف والشذوذ.
ويجب على المؤسسات التربوية والتعليمية، التي أصبحت اليوم شريكا أساسيا في التربية، القيام بدورها في المحافظة على القيم المجتمعية ونقلها للأجيال، وبناء شخصية النشء، وتنمية الوعي والفكر الناقد لديه، لحمايته من اللهث وراء السراب والتفاهة التي تملأ واقعنا وخاصة في العالم الافتراضي، وليكون قادرا في مستقبل حياته على تمييز الخبيث من الطيب، في عوالم الفكر والسلوك، كما أن عليها أن تفتح أمامهم نوافذ نحو نماذج وقدوات أسهمت في بناء الحضارة الإنسانية، وعززت معارفها، وأثرت الحياة بقيم الحق والخير والجمال وفي مقدمتهم الأنبياء، والمصلحون، ثم العلماء في كل فنون المعارف والعلوم التي كان لها الفضل في تقدم البشرية وبناء حضارتها على امتداد العصور.
كما لا بد من التأكيد على قضية مهمة تغيب أحيانا في واقع مؤسساتنا التربوية والتعليمية وهي أن الأطفال يتفاعلون مع معلميهم كقيادات ونماذج مثالية، لاسيما إن كان المعلم من ذوي القدرة على التأثير، لذلك تعرّف القدوة في المؤسسات التعليمية على أنها أفراد يمكنهم تشكيل دافعية الطالب بشكل إيجابي من خلال العمل كنموذج ناجح، (GRANDE, 2023) فالمعلم قد يكون ملهمًا ومحفزًا للطالب لتحقيق أهداف العملية التعليمية، ويساعد الطلاب في التعرف على ذاتهم وهويتهم، لذلك يجب أن يتسم المعلّم بالرزانة والخلق الحميد، ويعرف بسعة العلم والمعرفة، فيتأثر الطفل به ويعمل على محاكاته واعتباره قدوته في الحياة الاجتماعية، فيزداد تبعا لذلك علما وثقافة، وتنمو شخصيته بصورة متكاملة إلى حد كبير.(أحمد، 2001)
ج- وسائل الإعلام والتكنولوجيا والتواصل الاجتماعي
الإعلام بمختلف مسمياته له دور كبير في تشكيل العقل والوجدان، وتسهم إلى جانب الأسرة والمدرسة في تنشئة الأجيال في مراحلهم المختلفة، حيث توفر فضاءات واسعة للمعرفة البشرية تتسم بالاستمرارية والنفاذ السهل والسريع والمتاح للجميع وبأقل تكلفة.
إن الإعلام المرئي والمسموع والمقروء ووسائل التواصل الحديثة بشتى أنواعها تعد منبرا عاما يستهدف جميع أطياف المجتمع، وبناء على ذلك فإن المتلقي إن لم يكن على درجة متوسطة من الوعي والحس النقدي ساغ له الانجرار والتأثر بالمحتوى الفكري الذي تلقاه بحيث يتشربه في حياته الخاصة، فلا يمكننا أن نغفل أن الإعلام له القدرة على تكوين قيم واتجاهات ومشاعر ومواقف وردود أفعال تجاه الاحداث، وصنع أفكار تحرك الإنسان تجاه قضايا معينة أو مصالح معينة حسب توجهات وسيلة الإعلام.
لذلك وجب التثبت من صحة المعروض، والتأكد من مصادر المعلومة، لأن لوسائل الاعلام والتكنولوجيا والتواصل الاجتماعي التأثير على الهوية واللغة والثقافة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد سادت وتسيدت الثقافة الغربية بخيرها وشرها وحسنها وقبيحها على ثقافات العالم، وكانت فئة الشباب الأكثر تأثرا بها وعدم القدرة على مقاومتها. (البكر، 2018)
ونتيجة لتطور التكنولوجيا والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أصبح العالم قرية صغيرة تتصف بنمط الحياة السائلة، وأسهم التغير التكنولوجي السريع في صنع منصات وتطبيقات وخلق فرص للتبادل الثقافي والمعلوماتي بشكل عام، لا تنام ولا تهدأ، حيث حلت محل التلفزيون والكتب والصحف والمطابع والتواصل مع الأسرة والأهل والأصدقاء، وغزت أفكار وثقافات العالم بعضها البعض، الضعيف منها غُزيَ ولم يغزُ، والذي ساعد على خلق القدوات وإحداث التغيير الاجتماعي كما جاء عند (كدواني، 2017) هو “انهيار فكرة الجماعة المرجعيّة بمعناها التقليدي، فالمجتمع الافتراضي حل محلها وهو يتجاوز حدود الجغرافيا، وجمع أشخاصا ليس لهم معرفة ببعض قبل التواصل الإلكتروني، كما أن مجتمعات الإنترنت تتسم بدرجة عالية من اللامركزية وتنتهي إلى تفكيك مفهوم الهوية الثقافية، وتفكيك الهوية الوطنية، ويتجاوزها إلى الهوية الشخصية”.
وقد خلصت دراسة حديثة إلى أن منصات التواصل الاجتماعي تؤثر بشكل أكبر من بقية وسائل الإعلام بما فيها الإعلام الفضائي في صناعة النماذج النخبوية، كما خلصت إلى أن تأثير الإعلام الحديث في صناعة النموذج النخبوي يأتي منسجما مع نظرية ترتيب الأولويات، وهو ما أسهم في النهاية في صناعة نماذج نخبوية جديدة. (دراغمة، 2019)
إن هذه النتيجة تقودنا إلى التأكيد على خطر هذه الوسائل في ترتيب أولويات النشء والشباب في مجتمعاتنا، إن لم توظف بطريقة سليمة وتربوية، فهي قادرة على صناعة أبطال من ورق، وبناء نماذج وقدوات لا قيمة لها ولا فائدة ترجى منها، فهم قدوات في صناعة التفاهة، وتسطيح الفكر، وتغييب العقل، هذا إن لم تقد نجوميتهم أطفالَنا وشبابنا إلى مهاوي الانحطاط الديني والأخلاقي والفكري.
5- الآثار المترتبة على غياب القدوة الصالحة
عبر التواصل التقني والشبكة العنكبوتية والأجهزة المحمولة أصبح العالم مثل قرية صغيرة، فالثقافات المختلفة أصبحت منفتحة على بعضها البعض، تتشابك وتتضافر، وأحيانا تتدابر وتتشاحن، ولا يمكن إنكار سطوة الثقافة الغربية بمميزاتها ومساوئها على الثقافات الأخرى، حيث وجدت لها مكانا في مجتمعات ضعف فيها دور القدوة التقليدية من خلال الوالدين والمعلمين ورجال الدين، وحل محلها التلفزيون والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي التي قامت بتشكيل قيم جديدة للنشء واتجاهات وميول وسلوك مستحدثة، وظهرت قدوات جديدة في حياة الأبناء باتت الحاجة ملحة إلى التعرف عليها وتصفيتها وتنقيتها وفصل الغث من السمين. (البكر، 2018)
أ- ومن الأضرار التربوية على النشء في غياب القدوة الصالحة في مؤسستي الأسرة والتعليم والإعلام ما يلي:
- تعرض النشء إلى أضرار فكرية ودينية واجتماعية بسبب متابعتهم لقدوات سيئة قد تؤدي إلى انتشار البدع والخرافات والفرق الضالة، والتشكيك في العقائد الدينية، وإثارة الشبهات، والإساءة إلى الأديان؛ كما قد تدعو إلى الإباحية والمثلية الجنسية وصناعة التفاهة، مما يؤدي إلى الانحراف السلوكي وهدم الأخلاق ونشر الفساد والتفكك الأسري والمجتمعي.(حمدان، 2015)
- كما أن متابعة القدوات السيئة قد يؤدي إلى إكسابهم طرق التزوير، وسرقة المعلومات، والتجسس والاحتيال والنصب وغيرها مما يؤدي الى زيادة نسبة العنف والجريمة في المجتمعات.
- وانشغال الأبناء الدائم بالكمبيوتر والإنترنت والهواتف المحمولة والاقتصار على التقنية في الحصول على المعلومة أدى إلى العزلة، وانخفاض مستوى الملاحظة والتقليد والمحاكاة للقدوات الصالحة مثل الوالدين والمعلمين ورجال الدين..، وفقدان الحوار المباشر والحسي بين أفراد الأسرة والمجتمع. (علاق، 2013)
- كما أن غياب القدوة الصالحة قد يؤدي إلى فقدان النشء لهويته وذاته وبالتالي فقدان التوازن النفسي واالسلوكي.
ب- وفي السطور الآتية سيتم عرض نماذج سلبية لقدوات لها تأثير سيء على أفكار وسلوك الأبناء، ونماذج إيجابية لها تأثير إيجابي ناجح على الأبناء كالآتي:
نماذج سلبية
في حالة عدم وجود قدوات صالحة تبقى المساحة خالية لتقليد ومحاكاة نماذج سلبية تؤثر في الأبناء وتنحرف بهم عن الصراط المستقيم والفطرة السليمة والضوابط الشرعية، وتأخذهم إلى الإباحية والإلحاد وإنكار الأديان، ونبذ الأخلاق والتوجه إلى العبثية والفوضوية ليكونوا عبيدا لها، وأضاف أحمد بن سيف السيد في كتابه “مقاومة التفاهة” (السيد، 2023) أن النماذج السلبية تساهم في تكوين ثقافة عامة ذات معايير خاطئة لدى شريحة واسعة من الأجيال الناشئة.
ومن الملاحظ اليوم أن الكثير من الصغار والمراهقين متأثر بالشخصيات الكرتونية وشخصيات السوشال ميديا في ظل غياب أو استحضار شخصيات صالحة تمثل القدوة الحقيقية في حياتهم، هذا ما تؤكده فاطمة أحمد العلي (متخصصة إرشاد أسري بمركز ارتقاء). (للأخبار، 2013)
وهناك الكثير من النماذج السلبية التي تؤثر في الأبناء وتكسبهم أفكارا واتجاهات سيئة ويعمل الأبناء على تبنيها وتقليدها في السلوك، يكتسبها من وسائل الإعلام على شكل مسلسلات أو أفلام أو حياة مشاهير (في الانستغرام والسناب شات والتيك توك وغيرها)، منها على سبيل المثال لا الحصر: مسلسل كرتوني أمريكي كوميدي بعنوان “ريك آند مورتي “Rick and Morty”، من تأليف وإعداد جستن رويلاند و دان هارمون لشبكة كرتون نتورك، مسلسل يستهدف الفئات العمرية المختلفة أطفالاً ومراهقين وشبابًا وكبار السن أيضا، بدأت حلقاته في 2 ديسمبر 2013، و حصل على جوائز كثيرة، وتخصص له ميزانية كبيرة.
تدور أحداثه حول “ريك سانشيز” وهو عجوز مجنون ومخمور وعبقري، يتنقل عبر الزمان والمكان في رحلاته الفضائية عبر الأكوان اللانهائية في مغامرات تسبب الفوضى والوقوع في المشاكل بشكل مضحك مع حفيده غير الذكي الذي يبلغ من العمر 14 سنة “مورتي سميث”، بعد أن توسل إليه ريك أن يصاحبه في رحلاته الاستكشافية ويساعده في مهمة لا تنتهي عبر الزمان والبعد الفضائي، ويحاول مورتي مراقبة جده الذي يسبب الفوضى في كل مكان يذهبون اليه.
ريك، أذكى رجل في الوجود كما يصفه المسلسل، يعيش حياته في ظل غياب تام لكل معنى وقيمة ومشاعر، أفعاله وقرارته لا يحركها أي دافع أخلاقي، ويسلك دائمًا الطريق الذي سيخدم مصلحته الشخصية أو يرضي نزواته المجنونة بلا اكتراث لأية اعتبارات أخلاقية.
كما أن ريك لا يؤمن بوجود إله، وأن الحياة عبث ولا معنى لها وأن هناك آلهة متعددة يكتشفها في رحلاته عبر الأكوان وعبر الزمان والمكان. (فجال، 2017)
وكل المشاعر في عالم ريك خالية من المنطق، حتى الحب نفسه. فيقول لمورتي في أحد الحلقات: “أكره أن أصدمك يا مورتي، لكن ما يطلق عليه الآخرين لفظ “حب” ليس سوى تفاعل كيميائي يجبر الحيوانات على التكاثر، يضرب بقوة يا مورتي، ثم يتلاشى ببطء، تاركًا إياك عالقًا في زيجة فاشلة؛ أنا فعلت هذا، وكذلك أبويك. اكسر تلك الدوامة يا مورتي، ترفع عن الحب، ركز على العلم”. (فجال، 2017)
فمن خلال الكوميديا والرسوم المتحركة يبث المؤلف والمنتج رسائل مبطنة تستهدف العقول لضرب الأديان والعقائد والدعوة إلى الإلحاد والفوضى والعبثية، بحجة أن الكون الذي نعيش فيه هو مجرد كون واحد من عدد لانهائي من الأكوان، فتصبح حياتنا برمتها إذن كحدث عابر جدًّا، غير ملحوظ وغير مهم قياسًا على ضخامة الوجود. ويصبح من العبث أن نهتم لأي شيء. وهذا هو عالم ريك سانشيز.
ويعد “مسلسل ريك اند مورتي” واحدًا من الكثير من المسلسلات المشهورة والأفلام العالمية التي تنتقد الأديان وتدعو للإباحية والمثلية، والخروج عن الفطرة السليمة مثل “مسلسل فريندز”، وفيلم “قيم أوف ثرونز”، و”الفايكنغ” وغيرها الكثير. كما أن هناك الكثير من الشخصيات المشهورة والمنحرفة عن الدين والأخلاق غربية وعربية، تُصَوَّر حياتها عبر القنوات الفضائية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الشبكة العنكبوتية كقدوات مؤثرة، حيث يُستهدف من خلالهم القيم والمبادئ والأخلاق للأطفال والمراهقين والشباب.
نماذج إيجابية
“بدك اتطلعنا من دارنا فشي، مش مش رح اتطلعنا، هذي أرضنا وعرضنا ودارنا، مهما تعمل وتجيب جرافات وماكينات ربنا معنا وفيش ايشي بيهزمنا، بنظل نقاوم ونكسر خشمهم، بدنا نستشهد وكلو فدا فلسطين”. (العربية، 2023)
هذه رسالة صمود من طفل فلسطيني من مدينة طولكرم بوجه الاحتلال؛ وآخر محاصر بمدرسة في طولكرم خلال اقتحام الاحتلال للمخيم، يطل برأسه من نافذة بالمدرسة ويصرخ “نحن لن نستسلم، رح نستشهد على أرض المخيم، لا تطلعوا إن الله معنا”. (العربية، رسالة طفل محاصر بمدرسة في طولكرم خلال اقتحام الاحتلال الاسرائيلي المخيم، 2024)
لقد ضرب أطفال غزة أروع الأمثلة في الشجاعة والمقاومة والصمود والقوة بوجه الاحتلال الإسرائيلي، وأصبحوا قدوات لأطفال العالم يقتدى بهم، فهذه آية عبد الرحمن شهوان كتبت على يدها “إن نجت يدي فهذا اسمي، وهذا رقم هويتي” أنا طفلة من غزة أستعدّ للموت في أي لحظة، وعلى يدي الصغيرة كتبت اسمي للتعرّف إلى جثماني بعد الهدم والإبادة.
والطفلة الصغيرة “هيا”، التي كتبت وصيتها بأربعة بنود مع رسومات صغيرة وقلوب قائلة: وزّعت نقودي الـ45 شيكلاً لأمي، وألعابي وأحذيتي لأطفال عائلتي وصديقاتي، ولم أنسَ فساتيني، فهي للفقراء والمساكين، وفي البند الأخير أوصيتهم بغسلها أولا. (طرّاف، 2023)
هذه القصص الرائعة يرويها أطفال غزة وتتناقلها وسائل الإعلام والتكنولوجيا إلى العالم، فأصبحوا قدوات رغم محاولة طمسها من قبل الإعلام المضاد.
كما تناولت المؤسسات التعليمية والإعلامية في بعض الدول العربية ومنها دولة قطر أحداث غزة بأطفالها وشبابها وشيوخها لترسيخ قيمة القدس والأقصى في نفوس النشء، وترسيخ صمودها ومقاومتها واستعانتها بالله في نفوس جيل الأطفال والمراهقين والشباب ليعتزوا بدينهم وعروبتهم وليحذوا حذوهم.
فنجد الطفلة هند من قطر ترفض الشراء من ماكدونالدز وستارباكس لتضامنها مع أطفال غزة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ونجد أطفالاً من قطر يحتفلون باليوم الوطني القطري بالزي الفلسطيني وآخرين يحتفلون بحلويات تمثل فلسطين والمقاومة.
ونجد أطفال عمان يقومون بتجميع الأموال لمناصرة غزة في مشهد جميل ينم عن التضامن والتضافر لرفع راية الإسلام وحماية المقدسات الإسلامية في فلسطين. (ونجد هذا المشهد منشور على موقع اليوتيوب)
وفي اليمن حيث يُلقي طفل يمني خطبة طويلة ملهمة ومحفزة في أحد المساجد بعنوان “طوفان الأقصى انتصار لا انكسار” يبين فيها أهمية التضامن مع أهل غزة، (ونجد هذه الخطبة منشورة على موقع اليوتيوب)، وغيرها من المشاهد العديدة.
6- الخاتمة
القدوة الحسنة من أنجع الطرق وأكثرها فاعلية في تربية النشء، فكلمات المربي تبقى كلمات مالم تترجم إلى سلوك تعبر عن قيم ومبادئ ومعايير ثابتة يتلقاها الأبناء ويكتسبها الجيل وتتحول إلى حقيقة واقعة تؤتي ثمارها. فلا تكاد أمة من الأمم تعيش وترتقي بلا قدوات أو رموز، وأكد المتخصصون في الدراسات النفسية أهمية القدوة والنموذج على الأطفال والشباب، لذلك توصي الدراسة بتفعيل دور القدوات الحسنة والصالحة في التاريخ الإسلامي والعصر الحالي في:
- المؤسسات التعليمية، وذلك بتوجيه المناهج الدراسية لإبراز القدوات الملهمة بشكل يتناسب مع الخصائص النفسية لكل فترة عمرية حتى ينشأ الجيل معتزا بنفسه وبهويته العربية والإسلامية.
- توجيه الإعلام ووسائل التكنولوجيا إلى الاهتمام بعرض الرموز التاريخية والمعاصرة كقدوات، بصفتها طرق مؤثرة لنقل المعرفة إلى أعداد كبيرة من الناس في فترة زمنية قصيرة، وحظر ما يخل بالقيم والدين والأخلاق قدر المستطاع.
- التوعية المجتمعية للوالدين والمعلمين ورجال الدين ومؤسسات المجتمع المدني بأهمية القدوة الحسنة في حياة النشء، والبدء بأنفسهم بالتحلي بالرشد والاستقامة، ثم إبراز القدوات الحسنة في المجالات المختلفة وأهميتها في تربية الأجيال ووضع اقدامهم على الطريق الصحيح وغلق الباب أمام النماذج والرموز السيئة والضارة.
- توعية المقبلين على الزواج بأهمية الأسر الممتدة في نقل الثقافة والمساهمة في النمو المعرفي والنفسي للطفل، وتعزيز دور القدوة الصالحة من خلال أفراد الأسرة.
- كما توصي الدراسة المسؤولين بوضع صور أو مجسمات للرموز الدينية والقادة والعلماء كقدوات صالحة وملهمة مع نبذه عن سيرتهم الذاتية في المحافل والاحداث الرياضية والاقتصادية والاجتماعية وفي الأعياد والمناسبات، حيث يتم وضعها في الأماكن العامة التي يتواجد بها الناس مثل أماكن التسوق، والمعارض، والحدائق والمتنزهات..الخ، ففي العالم الإسلامي يمكن عرض السيرة الذاتية للخلفاء الراشدين كقدوات ايمانية في الحكم، وقادة المسلمين مثل خالد بن الوليد، ومحمد الفاتح، وصلاح الدين الأيوبي كقدوات ايمانية في الشجاعة والتضحية ، وعلماء المسلمين مثل: الفارابي، ابن سينا، الخوارزمي، ابن القيم، البخاري .. كقدوات إيمانية في العلم، وتكرار ذلك الى أن تثبت في أذهان الناس ويتناقلونها جيل بعد جيل.
تم بحمد الله.