تمهيد: كيف يمكن لكتاب “مريم عليها السلام بين الأناجيل والقرآن الكريم” أن يفتح أمامنا آفاقًا جديدة لفهم أعمق للأديان؟ هذا الكتاب لا يقتصر على مجرد دراسة مقارنة بين المسيحية والإسلام، بل يكتسب الكتاب أهمية خاصة بالنسبة للمهتمين بدراسات مقارنة الأديان، لا سيما من لديهم خلفية علمية أو بحثية مشابهة لما تناولته مؤلفة الكتاب الباحثة القطرية نور عبدالله الكواري مما يعزز رغبة الاطلاع على محتواه في تناول شخصية السيدة مريم عليها السلام في القرآن الكريم والمواقف الإسلامية من المسيحية.

 هذه المراجعة تسبر أعماق هذا العمل القيم وتقف على محتويات كتاب “مريم عليها السلام بين الأناجيل والقرآن الكريم” من النبذة إلى الدراسة التقويمية، لتقدم مراجعة شاملة تُبرز فيها نقاط القوة والجوانب الفريدة ثم تختتم المراجعة بتحليل نقدي يهدف إلى إثراء النقاش الأكاديمي.

لقد لفت انتباهي الكتاب من اللحظة الأولى التي وقع بصري على عنوانه، لأنه اتسم بميزة فريدة تتجلى في عنوانه المثير، الذي يجمع بين الدراسات المقارنة للأديان، مع تركيز خاص على المسيحية والإسلام.

الكتاب لا يقتصر على دراسة النصوص، بل يغوص في قضايا التفسير وعلم الكلام والأديان، ويقدّم رؤية تحليلية حول المسيحية أو رمز من رموزها، هذا الرمز الذي كان للإسلام موقفًا متميزًا عنه بنظرة فيها الاتفاق وغيره.

ونقطة إضافية حول هذا الكتاب أثارت اهتمامي بشكل خاص، هو حصول تقاطع بين عدة تخصصات ، فقد كانت رسالتي لدرجة الماجستير سنة 2010 م ترتبط ارتباطًا وثيقًا بموضوع الكتاب؛ حيث تناولت فيها موضوع “النصرانية في الخطاب القرآني: دراسة لآراء فخر الدين الرازي“. والحديث عن مريم كان من مفردات ما تطرقت رسالتي إليه، فتشترك الدراستان في أن كلا منهما تناول النصرانية وفق ما ورد في القرآن الكريم.

لذا، أجد نفسي شغوفًا لتقديم مراجعة لهذا الكتاب القيم، متناولا الجوانب التالية:

  1. نبذة مختصرة عن الكتاب
  2. تعريف تفصيلي بمحتوى الكتاب
  3.  الهدف من تأليف الكتاب
  4.  أهمية الكتاب
  5.  منهج المؤلف في التأليف
  6.  دراسة تقويمية وعلمية للكتاب

أولا: نبذة مختصرة عن كتاب “مريم عليها السلام بين الأناجيل والقرآن الكريم”

كتاب “مريم عليها السلام بين الأناجيل والقرآن الكريم” يعدّ إضافة نوعية إلى الدراسات المقارنة بين الأديان، حيث يتناول شخصية مريم عليها السلام كما وردت في القرآن الكريم، والنصوص المسيحية (الأناجيل)، وما يسمى الأناجيل الأبوكريفية (المنحولة) التي لا تعتبرها الكنيسة أناجيل معتمدة. من تأليف الأستاذة نور عبدالله الكواري التي قدمت قراءة معمقة لهذه الشخصية، مستندة إلى مصادر دينية موثوقة ومنهج تحليلي رصين. والمؤلفة تحمل درجة الماجستير في مقارنة الأديان من جامعة حمد بن خليفة، ولها خبرات تدريس وإشراف بمدارس وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي بدولة قطر.

والكتاب من إصدارات إدارة البحوث والدراسات الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر، نشر كسلسلة الأبحاث والرسائل العلمية (9). ويقع في 255 صفحة. وأصل هذا الكتاب بحث قدِّم لنيل درجة الماجستير في مقارنة الأديان، بكلية الدراسات الإسلامية، جامعة حمد بن خليفة، سنة 1438هـ، الموافق: 2017م. وقد تكونت لجنة المناقشة من الأستاذ الدكتور عبد القادر بخوش مناقشًا، والدكتور إبراهيم زين مناقشًا، والأستاذ الدكتور محمد خليفة حسن مشرفًا، والأستاذ الدكتور أحمد هويدي مشرفًا.

ويتناول الكتاب المراحل المختلفة في حياة مريم عليها السلام، بدءًا من بشارتها بالمسيح، وحملها، وولادتها، وصولاً إلى دورها كأم للمسيح. يقارن الكتاب بين الروايات الإنجيلية المختلفة ورؤية القرآن الكريم، حيث يشيد الأخير بمكانتها كأفضل نساء العالمين ويبرز طهارتها واصطفاءها. في المقابل، يشير الكتاب إلى تطور وصف مريم في المسيحية، حيث أُضيفت لها صفات الملكة والشفاعة وغيرها.

ثانيًا: تعريف تفصيلي بمحتوى الكتاب

يتكون كتاب “مريم عليها السلام بين الأناجيل والقرآن الكريم” من أربعة فصول مترابطة، يتناول فيها صورة مريم عليها السلام كما وردت في الأناجيل القانونية وغير القانونية، وكما ورد في القرآن الكريم والحديث الشريف، بالإضافة إلى استجلاء عناصر التشابه والاختلاف بين هذه النصوص. يعالج كل فصل من فصول الكتاب جانبًا محددًا من شخصية مريم عليها السلام ومكانتها في الأديان.

حيث تم تقسيم محتوى الكتاب إلى الفصول الآتية:

  1. يستعرض الفصل الأول صورة مريم في الأناجيل القانونية، من خلال تحليل إنجيل متى (Matthew)، لوقا (Luke)، مرقس (Mark)، ويوحنا (John).
  2. ثم ينتقل الفصل الثاني إلى تناول صورة مريم في الأناجيل غير القانونية (الأبوكريفية)، مثل إنجيل برنابا، وإنجيل يعقوب المنحول، وإنجيل متى المنحول، مع إجراء مقارنة بينها.
  3. أما الفصل الثالث فيركز على تصوير مريم في القرآن الكريم، قبل وبعد البشارة بميلاد المسيح، ويدعم ذلك بالأحاديث النبوية.
  4. ويخصص الكتاب الفصل الرابع لتحليل عناصر التشابه والاختلاف بين صورة مريم في الأناجيل والقرآن الكريم، مع التطرق إلى ما تفردت به كل من الأناجيل القانونية، والأبوكريفية، والقرآن، وأثر هذه القواسم المشتركة في تعزيز الحوار الإسلامي المسيحي.

يختم الكتاب بخلاصة للنتائج وقائمة المصادر والمراجع المعتمدة.

ثالثا: الهدف من تأليف الكتاب

بناء على المقدمة، ومن خلال ما اطلعت عليه من الأسطر الأولى للكتاب فإنه يهدف إلى:

  1. تقديم دراسة مقارنة حول شخصية مريم عليها السلام، كما وردت في الأناجيل الأربعة والقرآن الكريم، لتحديد نقاط الاتفاق والاختلاف بين تصويرها في النصوص الدينية.
  2. كما يسعى إلى إبراز مكانة مريم عليها السلام في الإسلام والمسيحية وتسليط الضوء على دورها في السياق الديني والثقافي.
  3. ويعكس الكتاب أهمية دراسات الأديان في الإسلام والحوار بين الأديان، إذ يسلط الضوء على نقاط الالتقاء والتمايز بين النصوص الإسلامية والمسيحية، مما يسهم في تعزيز الفهم المتبادل بين أتباع الديانتين.

رابعًا: أهمية الكتاب

تنبع أهمية كتاب “مريم عليها السلام بين الأناجيل والقرآن الكريم” من تسليطه الضوء على شخصية مريم عليها السلام كرمز مشترك بين الديانتين الإسلامية والمسيحية، مما يساهم في تعزيز الحوار بين الأديان. أما تفصيلًا فأذكر الآتي:

  1. لمكانة مريم في الديانتين: مكانة أشبه بمكانة إبراهيم عليه السلام في الديانتين. فهي أهم شخصية نسائية في العهد الجديد، وفي الحياة المسيحية بوجه عام. ولمريم العذراء مكانة خاصة في الإسلام وعند المسلمين، فهي خير نساء العالمين، ويؤمن المسلمون بأن المسيح كلمة الله ألقاها إلى مريم.
  2. الإضافة العلمية التي امتاز بها الكتاب، فهو مصدر في الباب بتركيزه على مريم عليها السلام بالمنهج المقارن بين الديانتين.
  3. الطابع الديني الإسلامي: غلبت الباحثة رؤية الدين الإسلامي في منظوره لمريم عليها السلام، نظرًا لكونه المهيمن على باقي الديانات، ولأن نبوة محمد خاتم الرسالات. وهذا يبين لنا الدور الوظيفي للكتابة في الموضوع. وهذا أمر يقف عليه الأكاديميون المعاصرون في حقل دراسات الأديان، وفق التفاصيل التي سنتحدث عنها لدى تقييم الكتاب.
  4. استمرارًا لجهود علماء المسلمين المعاصرين في دراسة الأديان: الكتاب يعدّ جزءًا من إسهامات علماء المسلمين في دراسة الأديان عامةً، المسيحية خاصةً. وذلك اقتداءً بعلماء المسلمين الأسبقين الذين اهتموا بالأديان.

خامسًا: منهج المؤلف في التأليف

اتبعت الباحثة كما هو واضح في خطة البحث وفي الكتاب ككل المناهج الآتية:

  1. المنهج الاستقرائي، بتتبع نصوص القرآن الكريم والعهد الجديد؛ المرتبطة بالموضوع.
  2. المنهج الوصفي التحليلي من حيث عرض المواد وتحليلها ومناقشتها.
  3. وسلوك المنهج المقارن بين نصوص القرآن الكريم ونصوص العهد الجديد، وذلك للوقوف على أوجه الاتفاق والاختلاف.
  4. المنهج الاستنباطي التحليلي الذي تستخلص نتائجه من المقدمات ومن المصادر الموثوقة عند أتباع الدين نفسه.
  5. بالإضافة إلى المنهج التاريخي؛ لأن سيرة مريم عليها السلام مرتبطة بشخصيات وأحداث وأماكن في الماضي.

ومن جهة أخرى فإن منهج الباحثة من حيث السمات الموضوعية ومصدر تلقي المعلومات، فإنها اعتمدت في الدراسة على:

  • النصوص الدينية – الأناجيل بالتوازي مع القرآن الكريم – كأساس للبحث، لا المصادر التاريخية؛
  • وفي إطار البحث عن أفضل ترجمة للعهد الجديد، رجعت إلى مجموعة من الكتب هي:
  1. الكتاب المقدس (دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، 2012).
  2. العهد الجديد الترجمة العربية المشتركة من اللغة الأصلية، 1997، ط2.

سادسًا: دراسة تقويمية ووقفات علمية للكتاب

واستكمالا للمراجعة الشاملة نقف هنا على نقاط القوة والجوانب المتميزة الواردة في كتاب “مريم عليها السلام بين الأناجيل والقرآن الكريم”:

نقاط القوة

  1. طبيعة الكتاب نفسه وسماته الموضوعية: حيث تناول رمزًا دينيًا “وفق مصطلحات علم الأديان” لدى أكبر ديانتين في العالم، فمريم عليها السلام من أعظم النساء في التاريخ الإنساني -إن لم أقل أعظم امرأة- في الإسلام والمسيحية.
  2. ومن أبرز نقاط قوة الكتاب دراسته الشمولية، حيث غطى الكتاب الرؤية المسيحية والموقف الإسلامي من شخصية مريم، من وجوه عدة، وقارن بين أوجه الشبه والاختلاف، بالرجوع إلى القرآن الكريم، وإلى الأناجيل المعترف بها في الكنيسة وغيرها للحصول على أكبر قدر من وضوح الصورة وبكل شمولية وتكامل.
  3. يضع الكتاب نفسه ضمن مجموعة متنامية من الكتابات العلمية حول دراسات الأديان، الإسلام والمسيحية، والحوار بين الأديان عمومًا، والحوار المسيحي الإسلامي خصوصًا. ويتفاعل مع أعمال علمية أخرى تناقش شخصية مريم عليها السلام، ما يجعله استمرارًا وتقدمًا نقديًا في هذا المجال الأكاديمي.
  4. أجد أن من أجمل موضوعات كتاب “مريم عليها السلام بين الأناجيل والقرآن الكريم” في الفصل الرابع: “عناصر التشابه والاختلاف في صورة مريم في الأناجيل والقرآن الكريم”، والذي تضمن المباحث الآتية:
  • المبحث الأول: عناصر التشابه.
  • المبحث الثاني: عناصر الاختلاف.
  • المبحث الثالث: ما تفردت به الأناجيل القانونية، وما تفرد به القرآن
  • المبحث الرابع: ما تفردت به الأناجيل غير القانونية وعلاقته بالقرآن الكريم.
  • المبحث الخامس: فائدة القواسم المشتركة في صورة مريم في الحوار المسيحي الإسلامي.

الكتاب مناسب للباحثين والطلاب في الدراسات الإسلامية والدراسات الدينية والحوار بين الأديان، كما يجذب القراء العامين الذين يرغبون في فهم تعقيدات العلاقة بين الديانتين، والسجالات التي لا تنفك تطرح دائمًا.

تحليل نقدي للكتاب

وفي إطار السعي لتعزيز المعرفة والإثراء العلمي، من الضروري تقديم تحليل نقدي موضوعي للكتاب سجلتها في نقاط:

  • الفصل الرابع الذي تناول عناصر التشابه والاختلاف في صورة مريم في الأناجيل والقرآن الكريم، وأمكنة التفرد، من أجمل ما يبين الإسهام العلمي للكتاب. لكن وددت لو أن الكتاب انطلق في تحديد ضابط التفرقة بين المتشابه وغيره والمتفرد به، لأن القارئ يشعر بالتداخل أحيانًا بين الموضوعات.
  • كان بإمكان الكتاب أن يستفيد من تناول أعمق للموضوع، بالرجوع إلى الدراسات الأولى حول المسيحية في القرآن الكريم، والتي كتبها المستشرقون وعلماء الغرب، حيث تناولت أغلب هذه الدراسات الشخصيات الدينية أو الرموز الدينية بما في ذلك مريم عليها السلام. وأذكر من هذه الدراسات والمصادر على سبيل المثال لا الحصر:
  1. دراسة آل سعود، محمد بن سعد بن عبد الرحمن، بعنوان: النصرانية في القرآن الكريم، وهي رسالة ماجستير قُدمت إلى جامعة أم القرى.
  2. كتاب Jesus in the Qur’an (عيسى في القرآن) لمؤلفه Geoffrey Parrinder (جيوفري باريندر).
  3. كتاب The Moslem Christ (المسيح المسلم)، وهو كتاب قديم أُلف في 1912، لمؤلفه المستشرق Samuel Zwemer (صموئيل زويمر).
  4. كتاب Christ in Islam and Christianity (المسيح في الإسلام والمسيحية)، ألفه Neal Robinson (نيل روبنسون).
  5. كتاب Jesus a Prophet of Islam (عيسى نبي الإسلام)، لمؤلفه محمد عطاء الرحيم.
  6. كتاب جمال سعد محمود، بعنوان: النصرانية بين نبأ القرآن المجيد والعهد الجديد تاريخًا وعقيدة.

كل هذه الكتب تناولت قصة مريم، لكن كلٌ من منظور معين.

  • يفتح لنا هذا باب إشكالية الموضوعية في دراسات الأديان، وبخاصة في نقاط الاختلاف، بمعنى: ما المنهج المتبع في حالات تضارب رواية مريم في جزئية ما بين القرآن الكريم والأناجيل، أو بين الأناجيل نفسها؟ لا شك أنه يتم الجمع بين الروايات إن أمكن، وإلا فيعمل المسلم بنور القرآن وبيانه، كما يعمل المسيحي برواية الأناجيل. وبالتالي يكذب كل صاحب دين الرواية الأخرى! فما المخرج العلمي؟ يطرح علماء دراسات الأديان مسألة الموضوعية في دراسة الأديان هنا حلًا لهذه الإشكالية، وتُطبق بالمنهج الوصفي والتاريخي لا النقدي، فيقال مثلًا: “ترى المسيحية كذا، بينما يذكر الإسلام كذا”؛ دونما حكم نقدي. وهذا بدوره قد يفتح إشكالية في كلا الديانتين لو لم يُحسن فهم هذا الكلام، وبخاصة لما نستحضر هيمنة القرآن الكريم على الكتب السابقة، وأنها تعرضت لتحريفات، وهو موقف يمثلنا نحن المسلمين، ولا نُلزم الآخرين به.
  • تخللت رؤية مريم عليها السلام من منظور القرآن الكريم الكثير من كلام المفسرين. فمن الجيد أن يكون القارئ قادرًا على أن يفرق بين موقف الإسلام من مريم عليها السلام مما عمده النص، وبين ما عمده التفسير لنص، ناهيك عن ما عمده الإسرائيليات. ويكشف لنا هذا الجانب أهمية علم دراسات الأديان وعلاقته بعلم التفسير؛ إذ المفسر المطلع على الأديان العارف فيها -مثل فخر الدين الرازي- لا يكون مثل المفسر الذي لم يقرأ عن الأديان الأخرى.
  • ويدخل في إشكالية الموضوعية في دراسات الأديان كذلك قضية تناول صورة مريم في الأناجيل غير القانونية (الأبوكريفية)، أو ما يسمى بالأناجيل الأبوكريفية (المنحولة) التي لا تعتبرها الكنيسة أناجيل معتمدة، مثل: إنجيل برنابا، وإنجيل يعقوب المنحول، وإنجيل متى المنحول. قد تعين هذه الروايات على توضيح شيء ما ورد في الأناجيل، وبخاصة إذا لم يتعارض، لكن هل روايات هذه الأناجيل تمثل موقفًا مسيحيًا لدى الكنيسة؟ الجواب: لا!
  • كل دراسة تتعارض مع موقف صاحب الدين تُعد خرقًا للموضوعية، وتمثل منهجًا نقديًا وجدليًا، لا وصفيًا أو تاريخيًا أو “فينومينولوجيًا” (ظاهراتيًا)، وبالتالي لا تُقدَّم على أنها تصور الديانة، أو ما ينبغي أن يكون عليه تصور الدين.
  • اتبع الكتاب، كما سبق أعلاه، خمسة مناهج (المنهج الاستقرائي، والمنهج الوصفي التحليلي، والمنهج المقارن، والمنهج الاستنباطي التحليلي، بالإضافة إلى المنهج التاريخي)، ولعله كان بالإمكان الاكتفاء بالمنهج الاستقرائي والتحليلي المقارن.
  • وهذا يفتح لنا إشكالية أخرى، وهي أن في البحث نقدًا أحيانًا “منهج نقدي”، بمعنى أن بعض الآراء في الكتاب تُنسب إلى المسيحية، علمًا بأنه ليس شرطًا أن يعترفوا هم بها. كما أن في الكتاب بيانًا أن الكتاب محرّف، وبالتالي فموقف الإسلام من مريم هو الموقف الصحيح. هذا الكلام يمثل نقدًا للمسيحية، ويمثل موقفنا نحن المسلمين. فحري به أن يُضاف إلى منهج الكتاب “المنهج النقدي” لا الوصفي أو التاريخي وفق منظور علم دراسات الأديان.
  • وددت أن كتاب “مريم عليها السلام بين الأناجيل والقرآن الكريم” تطرّق إلى مقارنة آراء المفسرين (سواء من فسر بالرأي أو من فسر بالأثر، وهو قليل) في مواضيع نقاط الاتفاق والاختلاف بين القرآن والإنجيل، خاصةً مكان الاختلاف. لأن ثمرة الإحاطة ستكون لها دور في التفسير. وبشكل أدق، الحديث عن كفالة زكريا عليه السلام لمريم عليها السلام كان مظنة الرجوع إلى معنى الكفالة وحقيقتها، وربطها بالعلاقة النسبية بينهما، ومن ثم الجمع بين الروايتين.

الخلاصة

يعتبر كتاب “مريم عليها السلام بين الأناجيل والقرآن الكريم” دراسة رائدة في مجال دراسات الأديان والحوار بين الأديان، حيث يعكس الاحترام العميق لشخصية مريم عليها السلام في النصوص المقدسة، ويدعو إلى مزيد من التفاهم والتعاون بين أتباع الديانتين، ويفتح بابًا لمزيد من البحث في الموضوع.


معلومات الكتاب

  •  العنوان : “مريم عليها السلام بين الأناجيل والقرآن الكريم
  • تأليف:  نور عبد الله الكواري
  • الناشر: إدارة البحوث والدراسات الإسلامية – سلسلة الأبحاث والرسائل العلمية (9) – قطر
  • تاريخ الإصدار : 1445هـ – 2023م
  • عدد الصفحات : 255 صفحة.
  • رقم الكتاب الدولي: 9789927120824