- الجذور الأولى لنوعية “القصة العلمية” عربية الهوى!
- أديب الخيال العلمي لا بد أن يكتب فنًا قبل كل شيء
- الخيال العلمي يهتم بالتأثيرات الاجتماعية والبيئية للتكنولوجيا
- الأدب يمنحك الخيال والحلم.. والعلم يمنحك الآلة والدواء
- قصتي العلمية “شعاع العيون” فازت بـ”مسابقة صلاح هلال”
“الخيال” لم يعد أمرًا نراه في أحلامنا فحسب، وإنما صار له “أدب” وروايات وكُتاب ومؤسسات، بل أيضًا أصبح يتماس مع “العلم” ويسبقه، فيما يُعرف بـ”أدب الخيال العلمي”؛ والذي سنتعرف على مفهومه، ونشأته، والمواصفات الفنية لمنتجه، وحضوره بين الشرق والغرب، إلى غير ذلك مما يتعلق به، في هذا الحوار مع الأديب والناقد المصري خالد جودة.
وضيفنا هو عضو اتحاد الكتاب، وصدر له العديد من الكتب والمقالات الأدبية والنقدية، ومؤخرًا فازت قصته في “الخيال العلمي” بالمسابقة المرموقة “مسابقة صلاح هلال للقصة القصيرة”، دورة 2022م؛ فإلى الحوار:
ما مفهوم “أدب الخيال العلمي”؟
هناك مفهوم أرى أنه أكثر تمثيلاً للأدب النوعي، هو أنه أدب الممكن والمحتمل معًا. الممكن يعنى أن أدب الخيال العلمي ينطلق بداية من فكرة أو فرضية علمية أولية أو مبدأ علمي ماثل في طور التجريب، فهذه هي الركيزة التي ينطلق عنها الأدب النوعي إلى آفاق مستقبلية من خلال البناء بالخيال على المعطيات العلمية الماثلة واقعيًّا لاستكمال مسارها، واستشراف المستقبل من خلال مبدأ “ماذا لو؟”.
وعامة، النوع الأدبي هو نجل التغييرات الاجتماعية، والجيل الأدبي ليس مرحلة عمرية أو عقدًا من السنوات بل رؤية تنتمي لأحداث ومفاهيم عظمى مؤثرة. وحاليًا لا يتحقق النقاء الكامل في النوع الأدبي، حيث هناك تخصيب وتراسل منوع بين الفنون وتكافل مستدام بينها في التقنيات الفنية المنوعة. فعادة ما يكون هناك مزيج بين الخيال العلمي والخيال المحلق الفانتازي، خاصة في كتابات الجيل المعاصر بعكس جيل التأسيس الذي كان يكتب نوعًا صارمًا من أدب الخيال العلمي يلتزم شروطه كاملة.
وكيف نشأ هذا اللون من الأدب؟
أدب الخيال العلمي غصن زاهر من شجرة أدب “من فعلها؟” أو الأدب البوليسي، والتي يطلق عليه الكاتب محمود قاسم “الأدب الأمومي” باعتباره جذرًا للعديد من الأنواع الأدبية التي شاعت في القرن العشرين خاصة، منها أدب الجاسوسية والمخابرات، ورواية الخيال السياسي، ورواية التخويف “الرعب”، ورواية الفانتازيا. وأرى ضم الرواية النفسية لها أيضًا؛ حيث الطبيب النفسي بطل روائي ينقب عن الأسرار والغوامض والحقائق في أحراش الذوات الإنسانية.
وقد صاغ آباء الأدب النوعي (ويلز وفيرن خاصة) منذ السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، قصصًا مثيرة مستقاة من تطورات علمية وتقنية في ثوب المغامرات المشوقة، وبطريقة درامية ممتعة، تعد الآن من كلاسيكيات الأدب النوعي الرومانسي، حيث النزعة الإنسانية والغوص في المشكلات الاجتماعية، وتقديم الاكتشافات والتطورات العلمية واستعمالاتها الراشدة أو المضرة بالإنسانية، وإرادة تحسين الواقع وجعله أفضل.
هل هذا النوع من الأدب ضرورة أم ترف؟
لا شك أن العلم قد صار بطلاً في واقعنا المعاصر، وتسرب إلى حياتنا من كل جهة، وطرق علينا جميع الأبواب، حتى إنه تتم مراكمة المعارف الإنسانية منذ بزوغ الإنسانية حتى وقتنا الحاضر بسرعة مضاعفة كل فترة زمنية قريبة، لدرجة قول الاقتصادي الإنجليزي “كينيث بولدنج” والذي عاش 83 سنة (1910- 1993): “إن عالم اليوم يختلف عن العالم الذي ولدتُ فيه، بقدر اختلاف الأخير عن عالم يوليوس قيصر! لقد ولدت في منتصف التاريخ البشري؛ لأن ما حدث منذ ولدت حتى الآن يقارب كل ما حدث قبل ولادتي”. بمعنى تشكيل منحنى تضاعف المعرفة البشرية الذي بدأه المخترع الأمريكي “فوللر” منذ تسعينيات القرن العشرين حيث كانت المعرفة الإنسانية حتى بدايات القرن العشرين تتضاعف كل قرن ونصف تقريبًا، وبعد الحرب العالمية الثانية كل ربع قرن، أما الآن فتتضاعف كل سنة أو سنتين، وقريبًا ستتضاعف كل 12 ساعة تقريبًا.
والعلم مكون أصيل في مفهوم “الثقافة الواحدة” التي تعتمد نمطين من الثقافة العلمية والأدبية، وبتعبير كاتب الخيال العلمي السوري د. طالب عمران الموفق، فإن الأدب يمنحك الخيال والحلم المجنح، والعلم يمنحك الآلة والدواء الشافي، وكلاهما لا يمكن الاستغناء عنه. ومفهوم “الثقافة الواحدة” متجذر في ثقافتنا العربية الإسلامية عبر أعلام الفطنة والحرفة، وهم الذين برعوا في الجوانب اليدوية والفكرية معًا، أو ما يقال عنهم فرسان الثقافتين وصحتها فرسان الثقافة الواحدة. والخيال العلمي هو الوسيلة المثلى للربط بين فرعي الثقافة بجعلهما شريكين متعاونين في التأثير على الواقع.
ومن ناحية أخرى كان استشراف المستقبل هو إكسير أدب الخيال العلمي، من خلال تجميع شواهد من الواقع والبناء عليها؛ لرسم ملامح الحياة القادمة بتطورها التقني والمؤسساتي وبؤسها أيضًا. ولكي ندرك أهمية ذلك نشير للباحث د. محمد عبد العليم مرسى في أطروحته المهمة حول أكبر كوارث العالم الإسلامي قاطبة، وهي نزف عقول أبناء الأمة بهجرة العلماء وذوي الكفاءات العالية إلى الغرب؛ وهي في تقديره الصحيح من أخطر المشكلات التي واجهت الأمة على مر العصور. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه لا بد من امتزاج حدين، وبتعبير د. محمد فتحي عوض الله هما العلم بقدرته المادية الملموسة والعقلانية، والحد الثاني الفن بمقدرته الروحانية وشفافيته الوجدانية، حيث العلم قد مسته جراثيم الغرور بعدما رأى أنه يقف على قمة هرم هائل من الإنجازات وأنه اقتحم البر والبحر والجو.
فالخيال العلمي يحذر ويناقش ويستشرف ويضفي الجانب الإنساني على التقدم العلمي، ويهتم باكتشاف التأثيرات الاجتماعية والبيئية للتكنولوجيا في الإنسانية والمجتمعات، كما يؤكد على تقدير العلوم ويحفز نحو ضرورتها واكتسابها للتقدم، كما أنه تربوي في الأساس حيث يرى نقاد وعلماء كثر أن قراءة أدب الخيال العلمي تدريب أساسي وأمر لازم للمستقبل، وأذكر مقولة ذهبية في هذا الشأن: “إن أدب الخيال العلمي يصنع ما هو أكثر من المتعة، من خلال هدفه التربوي الجليل؛ حيث يجعلنا نشارك في تخيل المجهول ويعدنا للمستقبل العصيب”. وطبعًا يسهم في تقوية أفكار التقدم العلمي ويغرسها في ضمير المجتمع، ويعلم طريقة التفكير العلمية اللازمة للنجاح في الحياة.
ما الفرق بين “أدب الخيال العملي” و”القصة العلمية”؟
طبقًا للإيضاح السابق نجد أن “القصة العلمية” تقدم الظاهرة العلمية في ثوب أدبي ممتع، فهي قصة تعليمية لها بعدها التربوي، وتستعمل خاصة على سبيل التدريس وتقريب المفاهيم العليمة لشداتها المتعلمين. ولا شك أنها قصة مقدرة ولها أهميتها خاصة للطفل، فالقصة- بتعبير رائد أدب الأطفال، أحمد نجيب- عاصمة دولة أدب الطفل. وبالنسبة للكبار قد تكون رواية معلوماتية في ثوب حكائي فني.
أما “قصة الخيال العلمي” فهي تستند بداية إلى فرضية علمية متحققة في الواقع، ثم يجرى التأسيس عليها لعوالم روائية تزخر بالتفاصيل المشوقة.
هل لأديب الخيال العلمي صفات فنية وشخصية مختلفة عن سائر الأدباء أو الروائيين؟ وهل بينهما صفات مشتركة؟
أديب الخيال العلمي هو في الأساس أديب ولا بد أن يكتب فنًا قبل كل شيء، وللناقد البارع د. علي شلش مقولة مضيئة حول هذه الفكرة يقول: “القصة العلمية مهما تعلقت بالعلم أو التنبؤ، فهي لا تستطيع- أو يجب ألا تستطيع- التحررَ من كونها في الأصل قصة، بمعنى أنه لابد من توافر عناصر القصة فيها؛ ابتداءً من الحكاية والحادثة إلى الشخصية، إذ ما جدوى قصة علمية عاطلة من عناصر الفن”. وللأديب عامة طبيعة خاصة أشار إليها النقاد، بأن الاهتمام المعتاد لحياة الكاتب هو الترقب الحرج أو الخيال القلق، فهو دائم السؤال حول آثار ما يراه من توترات وتطورات حادثة في أفق المجتمعات الإنسانية.
إضافة لذلك فلابد أن يتحقق لأديب الخيال العلمي ثقافة علمية ممتازة، وكدح ثقافي مستدام. وإذا كانت القراءات علامة كبرى على خارطة طريق الإبداع عامة حول التوصية المهمة “اقرأ حول موضوع أدبك” فإنها ألزم لأديب الخيال العلمي؛ فإذا كان الأديب بعامة يقرأ قيراطًا واحدًا، فأديب الخيال العلمي عليه أن يقرأ 24 قيراطًا، كما أن عليه أن يوقد شعلة شغفه العلمي دون توقف. كما يمتاز بمعايشة الحياة العلمية ومقاربة أحدث التقارير العلمية، ويعرف مستجدات الفكر العلمي. ويكون دائم السؤال للمتخصصين وتعميق معارفه العلمية والأدبية على سواء. كما يمتاز بدقة فهمه لفكرة “الثقافة الواحدة” ودور العلم الراشد في الحياة الإنسانية، والإيمان برؤية متوازنة بين التقدم العلمي والإنسانية. كما يجب أن يكون شخصية متزنة متأملة تعشق الطبيعة وتؤيد طريقة التفكير العلمي.
وأشير لسمة خاصة بأديب أدب الخيال العلمي القيمي خاصة، وهو إيمانه بواقعية جديدة يقينية، فالواقع الثاني ليس الواقع المعيش أو “أدب النسخ”، وليس الواقع الانطباعية في ذات الأديب انعكاسًا للواقع في ذاته المفكرة؛ بل هي واقعية يقينية متحققة حتمًا، تستند لنصوص شريفة كثيرة في القرآن والسيرة نموذجًا: {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ}، {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}. فهو يقيني وليس فقط تفاؤلاً، ولكنه لا يتحقق إلا في دائرة الفعل واقتناء ثقافة “ازرع الفسيلة والقيامة قائمة”، وبالتالي الدفع لمستقبل أفضل للإنسانية تسوده القيم النبيلة.
واقع أدب الخيال العلمي، بين الغرب والشرق.. كيف هو؟ وما دلالة هذا الفارق؟
يرى نقاد كثر أن الجذور الأولى لنوعية “القصة العلمية” عربية الهوى، يقول رائد أدب الخيال العربي إن الفارابي سبق يوتوبيا سير توماس مور بكتابه الرائع (آراء أهل المدينة الفاضلة) بخمسة قرون كاملة، وسبق ابنُ طفيل بمؤلفه (حي بن يقظان) روبنسون كروز لدانيال ديفو، وطرزان لبوروز، ورحلات جلفر لسويفت، بأكثر من ستة قرون.
ورغم سبقنا فقد تأخرنا كثيرًا على مستوى رافد أدب الخيال العلمي، أي “الثقافة العلمية”؛ فهي الثقافة الغائبة عن مجتمعاتنا. ويرى باحثون أن ثقافتنا عرجاء تسير بقدم واحدة هي “الثقافة الأدبية”؛ فإذا ذُكرت كلمة الثقافة تبارد للأذهان الشعر والقصة فقط. ويشير الناقد رجب سعد السيد أنه اقترح اسم د. عبدالمحسن صالح (صاحب قصة ذرة وعشرات المؤلفات ومئات المقالات العلمية المتأدبة) للتكريم في مناسبة ثقافية ضمن قائمة رواد الثقافة في الإسكندرية، فرفض المسئول عن الفاعلية هذا التكريم المستحق، بحجة أنه عالم! وهناك إحصائية عن إصدار أكبر مؤسستين مصريتين للنشر (هيئة الكتاب ودار المعارف) على مر تاريخ نشاطهما الطويل، تبين أن نصيب “الثقافة العلمية” في هذه الإصدارات ضئيل للغاية.
أما على مستوى الأدب النوعي فكبار أدباء الخيال العلمي في الغرب يلقون رعاية فائقة وتقديرًا كبيرًا ودعمًا من المؤسسات الرسمية والعلمية، واستشارتهم والاعتداد بمنجزهم الثقافي والإبداعي والاحتفاء به. أما العرب فينفقون سنويًّا حوالى خمسة مليارات دولار سنويًا علي الشعوذة، ويمرح في مجتمعاتنا حوالى ربع مليون دجال يمارسون الشعوذة!
وفي إحصائية أن كندا تعدادها أقل من خمس تعداد العالم العربي ولديها نحو أربعين مقررًا دراسيًّا للخيال العلمي في الجامعات الكندية، بينما لا يتم تدريس أدب الخيال العلمي تقريبًّا في أي من الجامعات العربية. وفى الهند نحو 140 جمعية ورابطة كتاب للخيال العلمي، وفى توقيت نشر تلك الإحصائية كان تعداد الهند حوالى 1.35 مليار نسمة.
وقد دشّنت أمريكا أول رابطة للخيال العلمي والفانتازيا منذ ستينيات القرن العشرين؛ وتضم مئات الكتاب والنقاد والمحررين، وغيرها من روابط كثيرة من مهامها إصدار الدوريات المهنية والإشراف على الملتقيات والاحتفالات الدورية، والاستشارات والتعامل مع الميديا السينما، وحلقات دراسية حول فنون الكتابة والتسويق وقياس اتجاهات القراء ومنح الجوائز… إلى آخره.
هل هناك تأثيرات فعلية لأدب الخيال العلمي في مجال العلوم والتكنولوجيا؟
نعم هذا أمر مستقر منذ تأسيس الأدب النوعي، ففي مقولة موفقة للدكتور نبيل فاروق، أن المنجز العلمي عامة يحتاج إلى جناحين؛ هما: القدرة على التخيل، ويقوم بها أديب الخيال العلمي.. والقدرة على التنفيذ، ويقوم بها العالم.
وفي السياق التاريخي سبق كتاب الخيال العلمي الاكتشافات العلمية؛ والأمثلة زاخرة منذ اللحظة الأولى لتلك الكتابات المثيرة. فكما يقال أن الخيال هو طفولة المعرفة. وأينشتين نفسه يقول: “الخيال أحيانًا يكون أكثر أهمية من الذاكرة”. بل من العجيب أن يقول آرثر كلارك- كاتب الخيال العلمي الذي استشرف إطلاق الأقمار الصناعية قبل إطلاقها- إن نسبة عالية تحققت من صدق تنبؤات كتاب قصص الخيال العلمي؛ وأن هناك علماء قالوا باستحالة تحقيق إنجاز علمي ما، لكن أدباء الخيال العلمي قالوا بإمكانية ذلك وبالفعل تحقق قولهم. ودليلاً على ذلك واقعيا أن وكالات الفضاء تستعين بأدباء الخيال العلمي؛ فوكالة الفضاء الأوروبية كلفت دار نشر بتجميع التقنيات الجديدة التي يتخيلها كتاب الخيال العلمي في قصصهم؛ وذلك بقصد البحث عن أفكار قد تكون مهمة في علوم الفضاء. ووكالة ناسا تستعين بروايات الخيال العلمي لاستلهام التصاميم المبتكرة لأشكال المركبات الفضائية والتقنيات الوقائية لحماية رواد الفضاء. وتلك أمثلة فقط تشير إلى تقدير أدب الخيال العلمي ودوره المهم في العلوم والاكتشافات العلمية.
ما أشهر روايات الخيال العلمي، غربيًّا وعربيًّا؟
هي كثيرة ولكن هناك كلاسيكيات روائية علمية راقية لآباء أدب الخيال العلمي خاصة ويلز وفيرن، وكتبهم المعروفة لاسيما “آلة الزمن” و”عشرين ألف فرسخ تحت الماء” وغيرها، ثم أجيال لاحقة منهم راي برادبري الأمريكي عراب أدب الخيال العلمي عالَميًّا صاحب الرواية البديعة “فهرنهايت 451” وغيرها، وجورج أوريل صاحب الرواية ذائعة الصيت “1984” وغيرها، وإسحاق عظيموف الذي له أكثر من 500 كتاب، وقد تركت مؤلفاته أثرًا كبيرًا في سينما الخيال العلمي وفي علم الرجال الآليين، وأسّس ما يعرف بالقوانين الثلاثة للروبوتات. وأيضًا آرثر كلارك الكاتب البريطاني لأدويسا الفضاء وغيرها من عيون أدب الخيال العلمي العالمي.. وغيرهم كثير.
أما عربيًّا فلدينا بعض كتابات يوسف السباعي، ومصطفى محمود، وسعد مكاوي، وتوفيق الحكيم، وحسين قدري، والبارع يوسف عز الدين عيسى، وطبعًا عراب أدب الخيال العلمي ورائده الكبير نهاد شريف بمكتبته الهائلة في أدب الخيال العلمي خاصة روايته المشهورة “قاهر الزمن”، ورؤوف وصفي بمؤلفاته للكبار والشباب وترجماته، وإيهاب الأزهري، وطيبة أحمد الإبراهيم، وصبري موسى صاحب الرواية العالمية في الخيال العلمي قولاً واحدًا “السيد من حقل السبانخ”، والسوري طالب عمران، والمغربي أحمد عبد السلام البقالي صاحب رواية “الطوفان الأزرق”، وغيرهم.
بم تنصحون الشباب المقبلين على إبداع أدب الخيال العلمي؟
أنصحهم باستكمال الأدوات الضرورية لأي أديب؛ من معايشة التجارب وتدوين المذكرات والملاحظات، والاهتمام بما يعرف بعين الأديب الطوّافة، والتأمل والعزلة المنتجة، والحذر من غواية الوسائط الحديثة وتقديرها المحبط أو المبالغ فيه أحيانًا.. والعمل على الإنتاج وتجويده، والتجريب المستمر، وتنظيم الوقت، وترويض العقل الإبداعي الحرون، وصيد لحظات موافقة الكتابة، وإعادة الكتابة والتنقيح، والاستعانة بدائرة القراء الأوائل من أصحاب الذائقة الأدبية الجيدة.. وأيضًا الموازنة بين عشق الفانتازيا وأدب الخيال العلمي، والقراءة المستمرة، واستقاء مصادر ورقية ورقمية حول العلوم والفنون بعامة.. ورعاية القضايا العلمية، وتقدير رواد الأدب النوعي وقراءة منجزهم الإبداعي الهائل عربيًّا وعالميًّا، وعدم التعجل بالنشر، ومراجعة منتجهم بدأب وحرص.
نود أن نختم بالتعرف على تجربتكم في أدب الخيال العلمي، وقصة فوزكم في “مسابقة صلاح هلال”.
عشقت أدب الخيال العلمي منذ كنت صغيرا عندما قرأت “ه. ج. ويلز” في مكتبة المدرسة الإعدادية، ثم طالعت روايات وقصصًا وكتبًا كثيرة في أدب الخيال العلمي، ثم كتبت عددًا من المقالات والدراسات حول النوع الأدبي نُشرت بعدد من المواقع والصحف، وناقشت العديد من الأعمال في مجال أدب الخيال العلمي والفانتازيا في أمسيات ثقافية بـ”نادي القصة” و”ساقية الصاوي” وغيرهما.
كما أسهمت في مؤتمر الخيال العلمي واستشراف المستقبل باتحاد كتاب مصر عام 2017م برئاسة د. صلاح معاطي، ببحث معنون: “مرايا زرقاء اليمامة العاكسة- حول صلة المستقبل بالحاضر، والتاريخ بين العلم والأدب”. كما كتبت عددًا من المقدمات والدراسات التعقيبية لعدد من روايات وقصص الخيال العلمي والفانتازيا، كما أسهمت بأكثر من خمسين فاعلية منذ سنوات بـ”الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمي”، والتي أسّسها د. حسام الزمبيلي. وأسهمت بمجموعة دراسات وبحوث في “سلسلة شمس الغد” التي تصدر عن الجمعية منها “مدن الأسوار في أدب الخيال العلمي”، “تقنيات روائية تطرق باب مدينة البعث ملاذ”، “البورصة بين أدب الواقعية العربية والخيال العلمي”، ودراسة قصص عدد “المستقبليون” والموسومة “قصة الطفل العلمية وفن صناعة الأمل”، وغير ذلك.
كما كتبت بعض قصص الخيال العلمي، وشاركت بقصتي من الخيال العلمي “شعاع العيون” في “مسابقة صلاح هلال للقصة القصيرة”، دورة 2022؛ وقد حازت قصتي بفضل الله المركز الأول.. وهذه المسابقة مسابقة عريقة ضمن أهم مسابقات القصة القصيرة عربيًّا؛ وقد تقدم لهذه الدورة 169 قصة من سبع عشرة دولة.
وقصتي الفائزة سبقت تداعيات الأحداث الأخيرة في المعركة الروسية الغربية. واهتمت بفرع “حروب المستقبل” الأثير في أدب الخيال العلمي حول مصر بعد مائة سنة، والصراع التقني في حروب المستقبل حول موارد المياه الشحيحة، وأشرت للشعب المصري الكريم وفكرة عشقه للسلام مع إرادة حماية وطنه ومقدراته.