تأثر الكاتب – مالك بن نبي – بما وقع للمجتمع الجزائري من استعمار فرنسي جائر فلم تكن ردة فعله عاطفية تتمثل في رثاء وأشعار ونواح بل راح يفكر في قضية المجتمعات وقضية الاستعمار ومن ثم قابلية أي مجتمع للاستعمار فانطلق فكره وقلمه بحثا ودراسة في     ” المجتمع ” ماهيته وتركيبه وأنواع المجتمعات ومايحركها وكيف تبني النهضة وتكوّن الحضارة .

المجتمع

يقسم الكاتب المجتمعات إلى قسمين : مجتمع طبيعي ( بدائي ) ومجتمع متحرك ( تاريخي ) ، فالمجتمع الطبيعي ( البدائي ) هو المجمتع الثابت الذي لايغير من خصائصه ولا يتفاعل بالمؤثرات من حوله ولا يستجيب للتحديات التي تواجهه وضرب له مثلا بالمجتمعات الإفريقية البدائية ومجتمع الاسكيمو ، أم المجتمع التاريخي فهو الذي يصنع التاريخ وميزته الحركة والتغيير والتفاعل مع المتغيرات والتحديات كالمجتمع الاسلامي والمسيحي وغيرهما .

Untitled3

فالمجتمع الحقيقي من وجهة نظره هو المتجمع المتغير في إطار زمني فالمجتمع الثابت فقط يصلح عليه مسمى ” جماعة إنسانية ”  ويخرج من إطار كونه مجتمعا وأما المجتمع بالمعنى الحضاري فهو : ” الجماعة التي تغير دائما خصائصها الاجتماعية  بإنتاج وسائل التغيير مع علمها بالهدف الذي تسعى إليه من وراء هذا التغيير” .

 وأما المجتمع بالمعنى الحضاري فهو : ” الجماعة التي تغير دائما خصائصها الاجتماعية  بإنتاج وسائل التغيير مع علمها بالهدف الذي تسعى إليه من وراء هذا التغيير” .

إذا ثمة عناصر ثلاثة للمجتمع التاريخي ( المتغير ) :

1 – حركة يتسم بها المجموع الإنساني 2- إنتاج لأسباب الحركة  3- تحديد لاتجاهها أو لنقل هدف يسعى إليه .

وقد ضرب مثلا جميلا للمجتمعين بـ “رأس المال” و ” الثروة ” فالأول هو المال المتحرك والثاني هو المال الساكن

 

 

 

العوالم الثلاثة ( عناصر الحضارة )

 

صناعة التاريخ وإنتاج الحضارة يتم تبعا لطوائف أو عناصر ثلاثة في المجتمع :

  • عالم الأفكار
  • عالم الأشخاص
  • عالم الأشياء

هذه العناصر الثلاثة لاتعمل منفردة فعالم الأفكار يحملها ويؤمن بها عالم الأشخاص وهذان العالمان يتجهان معا لإنتاج عالم الإشياء

Untitled4

مع وجود شرط مهم وهو أن عالم الأشخاص يرتبط فيما بينه بروابط إجتماعية قوية أطلق عليه مسمى ” شبكة العلاقات الاجتماعية ” ومن دون هذه العلاقات القوية لايمكن للمجتمع من إنتاج الحضارة بل لايمكنه الاستمرار ففقدان شبكة العلاقات الاجتماعية قد يؤدي إلى تحلل المجتمع ومن ثم وفاته حتى لو كان يمتلك أفكارا خلاقة وحتى لو كان في أقصى درجات النضج العقلي ، تماما كالماء الذي يتكون من عنصري الأكسجين والهيدروجين فهذه العناصر لاتكون الماء إلا إذا ارتبطت بروابط قوية ومن دون هذه الروابط تكون مجرد عناصر لاتكون مركبا ولا مادة جديدة

وضرب مثالا من التاريخ فالمجتمع الإسلامي أيام سقوط الخلافة العباسية تحت هجوم التتار كان يمتلك أفكارا وعلما وكتبا ما لا يُقارن بالتتار ولكن شبكة علاقاته الاجتماعية كان قد أصابها التحلل والتمزق أدى إلى تحلل المجتمع ككل