أصول الفقه
نجد كثيرا من السادة الفقهاء، حين بحثِهم لحكم من الأحكام الفقهية، يجمعون له كل ما لديهم من نصوص جزئية ذات صلة، ومن أقوال السلف وآراء الخلف، ومن الأقيسة والتخريجات والتشبيهات، وقد يكون منها ما هو غير صريح، أو غير ملائم، أو ضعيف الصلة بالحالة أو النازلة موضوع البحث
ذكر الأصوليون بعض الشروط التي يجب توافرها في القائمين على أمر الاجتهاد

الهدف من هذا المقال هو النقد المنهجي للممارسة الفقهية المعاصرة، وتحويل النقاش من الأشخاص والقائلين إلى القول نفسه وحججه ومبناه وأساسه النظري.

انشغل العلماء في جائحة كورونا بالإنتاج الفقهي للآراء الفقهية في الفروع، حتى وصل إلى حد الغزارة، لكن لم يكن الانشغال بالإنتاج الأصولي على نفس الدرجة، ففي الوقت الذي شهدت فيه جائحة كورونا إنتاجا غزيرا في الفتاوى الفقهية، ندرت الكتابات الأصولية، التي هي أصل وعماد الفتاوى. استقراء الاهتمامات الأصولية فالمتتبع لاجتهادات الفقهاء في جائحة كورونا يلحظ

يعتبر الخلاف العقائدي من أخطر أنواع الخلافات التي شتت وحدة الأمة الإسلامية، وأبعدت المسلمين عن منهج القرآن والسنة، المتمثل في قوله تعالى {إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}. ورغم التطور الذي عرفته البشرية اليوم فإن النزاع العقائدي صار أكثر شحنة وتذكية من ذي قبل.. بل قامت على خلفيته حروب لا تبقي ولا تذر.

إن جوهر الفكر المقاصدي يقوم على "المصلحة"، وأن هذه الشريعة الإسلامية إنما أشيدت لتحصيل مصالح العباد في العاجل والآجل، وأن "الشارع وضعها على اعتبار المصالح باتفاق." ومن هنا فإن "كل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث: فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل،" وإنما يتم دركها بإعمال المجتهد جهده العلمي والعقلي في تعقل الأدلة الشرعية من أجل فقهها تفسيرًا وتعليلاً ثم استدلالاً، ومن هنا شكّل "التعليل" أساس الفكر المقاصدي عند الأصوليين، وهو بالضرورة مبني على أن الأحكام الشرعية -من أوامر ونواهٍ- معقولة المعنى.